الأحد ٢ آب (أغسطس) ٢٠١٥
بقلم سلوى أبو مدين

تأملات في ليليت

تمزق الشاعرة جمانة حداد ذاك الحجب لتعلن بصدى الصوت المرتفع عن عودة ليليت، وهي إحدى الأساطير التي نكاد نشم رائحة عبق بخورها تفوح فتملأ المكان.

تلك الأنثى التي تمردت بقوتها وصراحتها على الطاعة العمياء.
لتبرهن بعلو الصوت أنها هي، أو أن جميع النساء هن ليليت
والتي حبست نفسها في شرنقتها لتجيب بالتعليمات لا الخصوصيات أنها فرد واحد.
. بوح قلمها أضاء تلك العتمات ليفصح ما خبأته النفس في باطنها
ولتكشف حقيقة لزمتها، ولتفك ذاك القيد الذي كبلها به الرجل، وتحرر رغبات البوح المكتوم.

أيقظت جمانة ليليت من سباتها الطويل وأعطتها سلطتها في الرفض والرد، والثورة على عدم الطاعة.
في تجريد الأشياء ثمة صور تظهر بوضوح تام، ربما لتطمس حقيقة واحدة صيغت حولها أنها عادت أقوى من ذي قبل بثوب يزفها إلى تأثيث الذات لتصل إلى نقطة لا رجعة فيها، ولتفض ذاك السور الشائك من حولها وتعود من منفاها لتدحض الادعاءات حولها وتعلن بصريح العبارة أنها أصبحت حرة.

وليس غريباً أن تكتب حداد هذه العلاقة بأدواتها ورغباتها ودافعها الملح، ولعل عودة ليليت يقف على حدود دعوة الرجل للعودة عن خطئه، وتحريره من مفاهيمه المغلوطة التي سكنته، وترسم خريطة الحرية لتجاهر بها، ولتسقط وصمة العار التي ألحقت بها!

عادت ليليت لتغير الضمائر المشوهة ولتفك ذاك السجن، الذي حاصرها فيه آدم بتسلطه وجعل بينهما سداً منيعاً .
تصرح جمانة في إحدى حواراتها الصحفية قائلة: (إن ليليت هي ليست أسطورة بالمعنى المتعارف عليه، بل حقيقة لأنها (أنا)، وكل امرأة تفكر وتعيش مثلي وهي بالتأكيد ليس قناعاً لي.
وليس عندي مشكلة في التعبير عن أفكاري واقتناعاتي بصدق، بل أردت استخدام اسمها ورمزها أن أجمع تحت جنحها كل النساء اللواتي ينتمين إلى جوهرها، كي لا تقتصر عليّ وحدي، ولمن يتوهم أنها ستارة اختبئ وراءها.
ها إنني أعلن بصوت عالٍ وقوي: ليليت هي أنا، أفكارها أفكاري خطابها خطابي، قصتها قصتي، وجسدها جسدي، متلذذة بالتهام أيامها ولياليها كما تلتهم النيران وليمة الغابة)

وتضيف: (هي المرأة القوية المستقلة، الصريحة، النهمة المتمردة على الطاعة العمياء وعلى حلم الكمال المضجر).
والشاعرة اللبنانية جمانة تقدم نسيجاً من الشعر الحر النابض في فكرته من الأساطير البابلية القديمة، ولعل اسم ليليت يرمز إلى كلمة سومرية.

كما أن جرأتها تتعدى حدود ما تكتبه فلديها من القوة والتحدي ما لا يعرف حدوداً ولا يرى الخجل وأنه وحده يوحد العالم.
وجمانة متواجدة في قصائدها ولا تنفرد بالخصوصية بل تتحرر من الخوف وتؤمن بالتجارب الفردية والمعارك الصغيرة.
كم من قارئ وجد نفسه بين شعرها سواء في ليليت أو غيره، وربما دفعته مشاعر خفية بأنه يحيا في سطور قصائدها ولمست كلماتها جراحه لأنها تحمل في قصائدها هموم عامة وخاصة(الأرض والناس).
وبقدر النقد الذي يرسم تعاريجه النص الحقيقي فلابد أن يقف فوق شفا صخرة ممسكاً بيده قنديلاً، أو شمعة، ويبحث في أغوار ليليت التي تمتد به الأسطورة ولن تنتهي!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى