الأحد ٢٣ آب (أغسطس) ٢٠١٥
بقلم جميل السلحوت

رواية «فتاة الكرمل» وحق العودة‎

صدرت رواية "فتاة الكرمل للكاتب الرّاحل محمد جوهر عام 1994 عن دار الكرمل في عمّان، وصدرت طبعتها الثّانية عام 2015 عن مركز محمد جوهر الثقافي في جبل المكبر – القدس.

يعتبر محمّد جوهر واحدا من الرّواد الأوائل في جبل المكبّر- القدس، وشكّل هو والمرحوم داود علي احمد عبده والدّكتور داود عطيّة عبده ثالوثا رياديّا بتشجيع التعليم في بلدتهم، ويعود لهم الفضل في تأسيس مدرسة بنات السّواحرة الغربيّة للبنات عام 1954، عدا عن فضائل أخرى لسنا في مجال ذكرها.

عاصر محمّد جوهر النّكبة الفلسطينيّة في العام 1948 وشارك في الدّفاع عن بلدته لحمايتها من الغزاة الذين هاجموها أكثر من مرّة، وتحطمت هجماتهم أمام بسالة المدافعين عن البلدة.

ومحمّد جوهر واحد من روّاد العمل النّقابيّ في فلسطين والأردن، وشغل منصب الأمين العام لاتّحاد النّقابات لأكثر من عشرين عاما.

وواضح أنّ النّكبة ومآسي ضياع الوطن، وتشتّت الشعب الفلسطينيّ، وحقوق اللاجئين لم تغب له عن بال، وتأتي روايته" فتاة الكرمل" ضمن هذا السّياق، فغادة ابنة مدينة حيفا لم تتنازل عن وليدها الرّضيع نضال الذي تركته في البيت تحت وطأة الحرب غير المتكافئة عام 1948، فعادت إلى فلسطين صحبة طفلتها متخفيّة كمهاجرة يهوديّة تحت اسم "سارة مزراحي" لتبحث عن رضيعها. وبقيت تتجوّل في محيط البيت إلى أن جمعتها الصّدفة بابنها نضال الذي تبنّته وربّته امرأة يهوديّة في نفس بيت والديه، وأطلقت عليه اسم عزرا، وعرفته من خلال علامات فارقة على جسده، وبالتّدريج كسبت ودّ ابنها وأبلغته بحقيقته، وعاشت معه هي وطفلتها في نفس البيت الذي أنجبته فيه، والذي استشهد زوجها والد نضال فيه أيضا وهو يدافع عنه.

وقد روى فلسطينيّون أكثر من مرّة أنّهم تركوا أطفالا لهم في بيوتهم أثناء نجاتهم بأنفسهم تحت ويلات الحرب التي خسر الفلسطينيّون فيها وطنهم. لكنّ حلم العودة إلى الفردوس المفقود لم يفارق عقول ووجدان من تشتّتوا وشرّدوا من ديارهم، وهذه "غادة" تعود إلى بيتها ووليدها بطريقتها الخاصّة.

وتتقاطع رواية "فتاة الكرمل" مع رواية "عائد إلى حيفا" للأديب الشّهيد غسّان كنفاني، فكلا الرّوايتين تدور أحداثهما في حيفا، وتتمحوران حول طفل تركه والداه في البيت أثناء الحرب الكارثيّة، وإن اختلفتا في تطوّر الأحداث والنّتائج.
اللغة والأسلوب: استعمل الأديب جوهر اللغة الفصحى في روايته، واعتمد السّرد الروائي الذي ارتكز على أسلوب الحكاية ذي اللغة الانسيابيّة، الذي يطغى عليه عنصر التّشويق.

"ورقة مقدّمة لندوة اليوم السّابع الثّقافيّة في المسرح الوطنيّ الفلسطينيّ في القدس"


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى