السبت ٢٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٥
من الواقع:
بقلم فاروق مواسي

تعلمت ألا أجادل وبحدّة

لا أجادل اليميني المتطرف من هو على قناعة لا يتزحزح قِـيد أنملة، يدور في الحلْقة نفسها، ويسأل الأسئلة عينها، ولا يتقبل لك أي رأي.
...
لا أجادل المتزمت من أية طائفة أو عقيدة أو رأي سياسي، فالجدال هنا يجر إلى صراخ، وقد ينتهي بعداء في غنى عنه.
...
لا أجادل من يضع الماضي بكلّيته أساسًا لينطلق منه، وينسى أننا نعيش عصرًا آخر، وثقافتنا هي أخرى، وكل يوم نحن في شأن.
..
لا أجادل المدعي الذي يطلع علينا كل يوم بفلسفة جديدة يخرجها من تحت إبطه، ولا يلجأ إلى مصدر أو ثقافة أو متابعة علمية، حتى بلغ بأحدهم القول:
" تقولون قال المعري وقال هيجل وقال طه حسين، فلماذا لا تقولون قال فلان (وذكر اسمه)".
...
لا أجادل من ليس منفتحًا لتقبل الرأي الآخر، بل يحادّك، ولا يسمعك، بل يسمع نفسه، ويهيئ لك الرد قبل أن تبدأ بجملتك.
...
هناك من لا يهمه في الجدال ماذا يقال، بل يهمه أولاً من الذي يقول، فيخاطبه تبعًا لمكانته الاجتماعية!!!
هل أبحث عن التعب ووجع الرأس؟
..
سألني أحدهم مسألة لغوية، فإذا به يجادل بحدة دون دراية، فقلت له:
يا عزيزي: هل أنت تسأل، أم تناكف؟
أمامنا المصادر -يا رعاك الله- فأرح أعصابي!
يقول الأديب أمين نخلة: "ما رأيت شيئًا ككثرة الجدل يحبط الأمل ويهلك العمل."
ويقول ميخائيل نعيمة: كثير المعرفة قليل الجدال، وكثير الجدال قليل المعرفة".
...
*لاحظ أن معنى الجدال فيه خصومة ما أو على الأقل يحمل معنى غير حيادي (كالنقاش أو الحوار)، فقال تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن"-العنكبوت، 46.، "وكان الإنسان أكثر شيء جدلا" (الكهف 54)، "قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا" (هود 32).
يقول الأب هنريكوس لامنس اليسوعي في كتابه "فرائد اللغة في الفروق" إن (الجدل ) عند المنطقيين هو دفع المرء خصمه عن فساد بقوله بحجة أو بشبهة، ولا يكون (الجدل) إلا بمنازعة غيره) – ص 414.


مشاركة منتدى

  • تحية طيبة طيبوبة أهل فلسطين الحبيبة الجريحة...
    مقالك جميل جمال الفكر و الحوار و النقاش و كذا الجدال...
    إذا قال الحق جل و علا: و جادلهم بالتي هي أحسن...و أكد جل و علا في آية أخرى "و كان الإنسان أكثر شيء جدلا" فهذا يدل على حقيقة تابتة في سلوك الإنسان..."كونه مجادل / يجادل/...الجميل في الآية الكريمة و قول الله جل و علا و هو العليم بما خلق...بالتي هي أحسن...فالإنسان كيفما كان علا شأنه أو قل وضعه...لا يقتنع بسهولة...لأن الاقتناع يتولد عن الفهم و الدراية و البصيرة ...فحتى العلم قد لا يكون سببا في الاقتناع بل قد يكون سببا في تأجج الجدال و ارتفاع حدته من مستوى أدنى إلى آخر أعلى...و ما من شخص إلا و لديه نصيب من المعرفة يعتقد في صحتها و في صدقها...قد يقول قائل ان العلم هو بيت القصيد في فضاء الاقتناع...أقول و العلم لله أن ما تناع ابن آدم قط إلا بسبب العلم...خاصة إذا كان منطلق كل فرد أو فئة أو جماعة مختلف عن منطلق الآخر...و الواقع يعكس هذا القول و التاريخ كذلك...
    الجال هو بوابة يطل منها الكل...لكن من الذي يدرك كيف يطل من هذا الباب..."بالتي هي أحسن..." و هل يرغب الإنسان الصادق مع نفسه و ربه إلا في الأحسن...
    فخاصية الجهل و الظلم من طبيعة الإنسان إلا من أحسن التعامل مع نفسه بالعلم الحق و صان نفسه بمبدأ العدل مع نفسه قبل غيره...
    ربما جالدتك فيما أنت أعلم به مني و لكن هي كلمة أحببت أن ألقيها بين يديك عسى أن تكون فيها نسمة أو بذرة لتحديد قواعد و مناهج لبناء نظرية جديدة في الجدل...
    تحيتي و تقديري...

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى