الأربعاء ٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٥
بقلم عادل عامر

تحليل المرحلة الانتخابية للانتخابات البرلمانية

إن الانتخابات التي أجريت في ١٤ محافظة على ٢٢٦ مقعدا في النظام الفردي و٦٠ مقعدا بنظام القائمة . أن عدد الذين أدلوا بأصواتهم ٧ ملايين و٢٧٠ ألفًا و٥٩٤ ناخبًا بنسبة حضور ٢٦,٥٦٪ وهى نسبة مقبولة جداً بالمقارنة بنسب المشاركة المتعارف عليها محلياً ودولياً والتي لا تتعدى حاجز الـ 40% فئ أعتى الديمقراطيات , وأيضاً استنادا إلى حداثة تطبيق التجربة الديمقراطية بالنظام الجديد الذي جاء به القانون 46 لسنة 2014 , والذي بموجبة تم تعديل توزيع مقاعد البرلمان بين 420 مقعد للنظام الفردي و120 مقعد لنظام القوائم , هذا بالإضافة إلى توزيع المقاعد وفقاً للوزن النسبي والكثافة السكانية لكل دائرة انتخابية على حده , مما خلق نوع من تباين توزيع عدد المقاعـد بكل دائرة , ووفقاً للتعداد السكاني لكل دائرة انتخابية بما يضمن عدالة التمثيل والمشاركة المتساوية , والتي كانت في حد ذاتها أيضاً إحدى مسببات اللبس والارتباك لدى الناخب حال مشاركته في الاستحقاق الانتخابي .

أن عدد الأصوات الباطلة والتي بلغت ٦٩٤ ألفًا و٤٦٦ ناخبًا، بنسبة ٩,٥٤٪ من أصل عدد الأصوات الصحيحة والتي بلغت ٦ ملايين و٥٨٤ ألفًا و١٢٨ صوتًا بنسبة ٩٠,٤٦٪ ، تعطي مؤشر مقبول على الأقل في المرحلة الحالية , وفى ظل حالة الارتباك التي سيطرت على الناخب المصري حال ممارسته لحقه في الانتخاب , في ظل حداثة نظام توزيع المقاعد على الدوائر , وهو الآمر الذي سبق إن حداثة النظام الإنتخابي المطبق , والذي لم يعهده المواطن من قبل مما أدي إلى ارتفاع نسبة الأصوات الباطلة في المرحلة الأولي والتي نتمنى أن يتم تلافيها في المرحلة الأولى أو المرحلة الثانية من هذا الاستحقاق .

أن عدم حسم 222 مقعد من أصل الـ 226 مقعد المتنافس عليها بالجولة الأولي , هو دليل على أن المتنفسين في السباق الانتخابي فشلوا في التواصل مع القواعد الشعبية على الأرض بشكل جيد وأن دلالة فوز 4 مرشحين فقط في الجولة الأولى، من أصل عدد 2548 مرشحًا وهم ( عبد الرحيم علي محمد عن دائرة الدقي والعجوزة، ومحمد حمد دسوقي عن دائرة مدينة أسيوط، ومحمد الباشا أحمد عن دائرة ديروط بأسيوط، وجمال محمد آدم عن دائرة الواحات الخارجة ) دليل دامغ على ضرورة تخلى الساسة المصريون عن الأساليب القديمة للتواصل مع القواعد الشعبية وإقناعها بتوجيه بوصلتهم السياسية تجاه شخص بعينه , وذلك بعد أن أرتفع عدد المتنافسين على المقعد الواحد إلى حوالي أكثر من 30 مرشح في بعض الدوائر.

أن الخروقات (المحدودة) التي تمت في محافظات المرحلة الأولى الـ14 والتي تنوعت بين ( اختراق الصمت عن الدعاية الانتخابية استغلال الأطفال في أعمال الدعاية لبعض المرشحين الهداية العينية للناخبين محاولات التأثير على إرادة الناخبين محاولات شراء الأصوات المشاحنات والمشادات بين أنصار بعض المرشحين الحشد الجماعي للناخبين ونقلهم مجاناً إلى مقار اللجان) لم تكن ذات تأثير واضح على إرادة الناخب الذي سعى إلى المشاركة مطمئناً , في ظل وجود إشراف قضائي كامل على كافة مجريات العملية , وفى ظل تأمين غير مسبوق وإحترافى من القوات المسلحة بكافة أفرعتها والشرطة المدنية , كما أن تلك الخروقات (المحدودة) لم تنال من مدى جودة وسلامة العملية الانتخابية والتي جرت في أجواء ديمقراطية تمتعت بكافة ضمانات النزاهة والشفافية ووفقاً لكافة القواعد الدولية المتعارف عليها في مجال نزاهة الانتخابات .
يجب ضرورة تلافى بعض الأخطاء الغير مقصودة لعدد من المشرفين على اللجان والتي تمثلت في تأخير فتح بعض اللجان في بعض المحافظات، في مرحلة الإعادة للجولة الأولى والتي ستجرى في جميع دوائر النظام الفردي وعددها 103 دائرة انتخابية يومي 27 و 27 أكتوبر 2015 المقبل.

وباعتبار الرقابة على الانتخابات أحد الضمانات الأساسية لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة ، يأتي دور الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية في مراقبة الإنتخابات البرلمانية القادمة ، إذ تراقب كافة مراحل العملية الانتخابية بدءاُ من مرحلة فتح باب الترشيح ، مروراً بمرحلة الدعاية، ثم وقائع اليوم الانتخابي نفسه، بالإضافة إلى دراسة وتحليل البيئة التشريعية والقانونية التي تجرى في ظلها الانتخابات، وكذلك البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ومتابعة أداء كافة أطراف العملية الانتخابية ، من إعلام إلى رجال دين ومؤسسات دينية إلى جهات أمنية والمؤسسات التابعة للدولة بشكل عام، وذلك للوقوف بدقة على ما إذا كانت تلك الانتخابات قد جرت وقائعها بشكل يميل إلى الحرية ونزاهة الانتخابات، أم أنها جرت في ظل نوع من الفساد والفوضى وتزوير إرادة الناخبين. النظام الانتخابي الحالي الذي جرت بموجبه الانتخابات البرلمانية، فهناك عدة مثالب قد اعترته وتتمثل في الآتي ذكره:
أولاً: كونه نظام انتخابي يعتمد بشكل كامل على نظام الترشيح الفردي الأغلب، وما كلمة قوائم الموجودة في قانون مجلس النواب سوى كلمة "للتعمية" على الواقع العملي، إبان إجراء العملية الانتخابية. فالقائمة التي تفوز بـ51% من عدد المقاعد ستحصد كل المقاعد، وكأن القائمة هي فرد أو مرشح فاز بنسبة 51%. ويسمى هذا النظام بالقائمة المطلقة، وهو نظام هجرته كافة النظم الانتخابية في العالم الديمقراطي.

ثانياً : أضعف النظام الانتخابي الأحزاب السياسية ، وهو بذلك لا يتناقض فحسب مع المادة 5 من الدستور التي تعتبر التعددية هي المقوم الرئيس للنظام السياسي، بل وأيضًا يتناقض مع العملية السياسية برمتها من زاوية كون الأحزاب هي مربط التنمية السياسية لأي دولة ، حيث يجعلها بين شقي الرحى، رحى تجعلها تعاني في البحث عن مرشحي العائلات والقبائل في ترشيح الـ 448 مقعدًا، لتجذبهم رغم أنهم ليسوا من أعضائها، ورحى استيفاء الكوتات السبع الذي أتي بها "دستور الترضيات" في ترشيح الـ120 مقعدًا. وكل ما سبق ينذر بانشقاقات كبرى في البرلمان.

ثالثاً : جعل النظام الانتخابي الراهن الوظيفة الرئيسة للأحزاب السياسية أن تتحالف برغم كون وظيفتها التي خلقت من أجلها منذ عدة عقود هي أن تتنافس، فضلاً عن أن هذا النظام يؤدي لحالة من السيولة في التحالفات الحزبية ، وهو ما ينذر بخرائط جديدة وتحالفات غريبة أخرى ويجعل للمستقلين الغلبة تحت قبة البرلمان القادم.

ومن ناحية رابعة ، نجد أن قانون مباشرة الحقوق السياسية رفع من قيمة السقف المالي المحدد لما ينفقه كل مرشح في الدعاية الانتخابية فنجدها في النظام الفردي، خمسمائة ألف جنيه، ويكون الحد الأقصى للإنفاق في مرحلة الإعادة مائتي ألف جنيه، أما بالنسبة للقائمة، فيكون الحد الأقصى لما ينفقه المرشحون على القائمة المخصص لها (١٥) مقعدًا مليونين وخمسمائة ألف جنيه، ويكون الحد الأقصى للإنفاق في مرحلة الإعادة مليون جنيه، ويزاد الحدين المشار إليهما إلى ثلاثة أمثال للقائمة المخصص لها (٤٥) مقعدا.

وفي ضوء ذلك امتنعت شريحة كبيرة من المجتمع المصري ممثلة في الفقراء (رجالاً ونساء) والشباب من الترشح للانتخابات البرلمانية، وعليه نجد أن رجال الأعمال وأصحاب النفوذ والمال سيكون لهم الغلبة في برلمان 2015 مقابل ضعف تمثيل الشباب والفقراء


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى