الجمعة ٢٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٥
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

الشاعر صلاح فتح الباب ونبض الألم

الشعر موهبة وعطية من الله تعالى والشاعر ضمير الأمة وصاحب مشاعر راقية وأحاسيس مرهفة وهنا نتوقف مع الشاعر صلاح فتح الباب الذي اشتد عليه الألم فدخل على إثره العناية المركز بمستشفى النيل بالمؤسسة الكائنة بشبرا الخيمة التي ولد وعاش في بيت من بيوتها .

ودع القلم الشاعر صلاح فتح الباب قبل أن يودعنا هو فعندما أشتد عليه الألم أراد أن يكتب لتوعية الناس بشأن الانتخابات البرلمانية ولكن لم يتمكن من الإمساك بالقلم ولذا هطلت دموعه في مشهد مؤثر وهنا قال محمد ابنه : قل ماتريده وأنا سوف أكتب .. وماهى إلا أيام قليلة وصعدت روح الشاعر صلاح فتح الباب إلى بارئها وكانت نتيجة الحائط تشير إلى صباح يوم الجمعة 20 نوفمبر 2015 م .

عرفت الشاعر صلاح فتح الباب منذ أكثر من 35 سنة وكان قريب المسكن والقلب والعقل ، كان يحرص على أداء الصلوات في مواقيتها ويفرح لكل نجاح ويعشق الوطن .. يفرح لأفراحه ويحزن لأحزانه ونظرا لقربي منه كان يبوح في جلساته معي بمكنون ذاته فعندما توفى ابنه كتب قصيدة بعنوان ( ذكرى الأربعين ) وعندما قرأها أثناء جلسته معي بكى .. وتقول كلمات القصيدة :

مبقتش
أحب الدنيا بعد رحيلك
والعين بتبكي بس مش ناسياك
لو كان بإيدي كنت رحت معاك
لكن إرادة ربنا فوق كل شىء
والسهم ياابني ..
صفى دمي على الطريق
خبر الوفاة كان صعب
خلى العقل طار
من يومها تاهت بسمتي
والهم لافف مشنقته
حوالين رقبتي ليل نهار
معرفتش أمتى ..
لحظة التنفيذ هتيجي ؟
اللى اعرفه إني ..
سجين الصبر من لحظة وفاتك
واللي اجهله ..
هوه السؤال المشكلة
ياهل ترى ...
أنت اللي ميت ولا أنا؟
أنت اللي عايش ولا أنا ؟
نفس السؤال ..
اللى بيعمل في المشاعر بلبله
إزاي هاأعيش ؟
واللي انتهى مبيبتديش
يافجر نايم جوه بحر من الدموع
النجم راح من غير رجوع
وأنا جوه ليل الصبر ميت بالحيا
عايش بموت
تلفحني نار الذكريات
أشفي غليلي بالصور
يتفجر البركان في قلبي
يعصر الهم اللى غارز في الضلوع
ياحلم أبعد م الرجوع
عمال تراوض في ليه ؟
دنا ناسي نفسي كنت إيه ؟
أنا كنت عايزك في المحن
ستري وغطايا
أنا كنت شايلك للزمن
رمز لصبايا
أنا كنت بنسج لك علم من دم قلبي
ساعة ماأناضل ترفعه وتمشي ورايا
كنت بدمع لما تفرح
كنت برجف لما تنجح
كان تمللي رد فعلي
لغز يعكس كل آية
ياربيع العمر .. ضاع العمر
من ساعة غيابك
فوق جبال الصبر ماشي
ابكي وأتمنى ترابك
بلقى نفسي جوه نفسي
بنسى نفسي ويا نفسي
وأما بتغرب يرجعني الآدان
ترتجف روحي وبشعر بالآمان
وافتكر كل اللي قلته
وإحنا ماشيين في الجنازة
الدوام لله وحده
والخلود لله وحده
تبرد النار اللي قايده بين وريدي
وأمسك المصحف في إيدي
بعد ماأتوضأ وأمسك سبحتي .

أذكر أيضا أن الشاعر صلاح فتح الباب أرتبط بصداقة مخلصة مع الكاتب الصحفي محمد عمر الشطبي رئيس تحرير جريدة الحياة بل وتزوج عصام شقيقه من ابنة الشاعر صلاح فتح الباب وكان أيضا من اعز أصدقائي وتوفى في ريعان شبابه وعندما توفى الكاتب الصحفي محمد عمر الشطبي يوم الثلاثاء 5 مارس 2013 كتب الشاعر صلاح فتح الباب :

شمس الخميلة انطفت ولا عدش فيها ورود
والبهجة فيها اختفت ولا عمرهاش هتعود
من فوق جبال الأسى أنا والألم واقفين
ترسم تاريخك هرم ياأبو الكرم والجود
سهم الفراق انطلق صابني بدون ماأوعى
وسقاني مر الأسى .. دمعة ورا دمعة
وقفت تايه وأنا بدفن أعز الناس
والشمس مستغربة بتبص لي بلوعة
شفت الغروب وقتها واقف على الأبواب
والليل بيغزل لنا على قدنا أتواب
ياصبر اللى ابتدى مرك يدويني
الشوك تعبني ولاكنتش عامل له حساب
مين اللي هيوديني بعدك وأنا مجروح
يانبع كله صفا ياكنز كان مفتوح
أنا كنت لما اشتكي ألقاك تواسيني
وزاي هطيق الألم بعدك ياروح الروح
مش كل من يعرفك كان للجميل فاكر
ولا كل من تعرفه بعدك هيتعاشر
لو كان بإيدي أرجع عشرتك تاني
وافديك بعمري ياصاحبي ده الفراق غادر
جسر الحياة اتبنى واللى بناه صاحبي
همشي عليه للأبد وهخلد الشطبي
بالفكر .. بالمعرفة .. بالفلسفة هبنيه
وهطفي نارك بولادك كل مايفيض بي
بدعي لإله السما والعرش ليل ونهار
تنزل عليك رحمته وتكون مع الأبرار
من يوم فراقك وأنا طيفك مفارقنيش
وكل ماأتذكرك تجري الدموع أنهار
ياللي الفؤاد انطوى بعدك ومش هلقاه
قلبي عليك انكوى وإزاي ماضيك أنساه
أنا مهما طال الزمن هفضل على عهدك
وأما يحين الأجل .. يبقى الدوام لله .

الشاعر صلاح فتح الباب برغم أشعاره الكثيرة إلا إن شعره لم يأخذ حقه في النشر من قبل الجهات المعنية ولأنه كان عفيف النفس لم يطرق الأبواب ولذا طالت غيبوبة من بيدهم قرار الطبع والنشر ولذلك قمت مع أخي وصديقي العزيز الشاعر والناقد رفعت المرصفي في عام 2010 بمبادرة طبع أول ديوان للشاعر صلاح فتح الباب وهو أحضان الصمت ضمن سلسلة كتاب صالون رفعت المرصفي الذي تأسس في شهر يناير عام 2003 ويعقد ندوته في الخميس الأول من كل شهر ومن خلال الصالون تعرف الشاعر على رواده وارتبط بهم وارتبطوا به ونجد ذلك في القصيدة التي كتبها الزجال عبد الشكور ضرار عمدة رواد الصالون عندما علم بنبأ وفاة الشاعر صلاح فتح الباب حيث قال :

بكي
في أيدي القلم مارضيش يطاوعني
يكتب سطور العزا ـ ولا حتي يسمعني
"صلاح يا فتح الباب" آهين وآه ياللي
من كتر حزني عليك قلبي بيوجعني
 
شغلتني بصُحْبِتَك وتركتني يا صلاح
أبكي علي فرقتك والقلب كله جراح
بكيت عليك بالدّما ياصاحبي يا فنان
لكن فراقك قدر ـ في الجنه عيش وارتاح
 
صلاح يافتح الباب , ياريتني ما قابلْتك
ولا كنت يوم شوفْتِني ولا كنت انا شُوفْتك
تَرَك رحيلك أثرفي النفس ــ والأحزان
حاوطتني من فُرْقتك ـ ياريتني ماعرفتك
 
لآهو كان لقانا وداع ياصحبي م الأوِّل
والودّ بيننا انقطع ـــ ياريته كان طوِّل
لكن ده حكم القدر ومالهشي طبعا ردّ
معقوله عقل النفر ينساك ويتحوِّل؟؟
 
صلاح يافتح الباب ـ فيك العزا ـ ح يْطُول
وآهو " رفعت المرصفي" صاحب الصالون بيقول
إنك يافتح الباب راح تبقي ويانا
ومحال في يوم تتنسي ؟ آهو ده اللي مش معقول؟؟

يا صلاح يافتح الباب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى