الأربعاء ٢ آذار (مارس) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

مأثورات صاحب يوم الشهيد

يعد البطل الفريق أول عبد المنعم رياض واحداً من أشهر العسكريين العرب فى النصف الثانى من القرن العشرين وتخرج في الكلية الحربية عام 1938م برتبة ملازم ثان ونال شهادة الماجستير فى العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز فى إنجلترا عامى 1945 و1946 وقد أطلق عليه السوفيت (الجنرال الذهبى ) برغم انه كان برتبة عميد وقتئذ .

شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية وفى عام 1961 كان نائباً لرئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشئون الدفاع الجوي وفى عامى 1962 و1963 اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات وحصل فى نهايتها على تقدير الامتياز وفى عام 1964 عين رئيساً لأركان القيادة العربية الموحدة وفي عام 1966 تمت ترقيته إلى رتبة فريق وأتم في السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وحصل على زمالة كلية الحرب العليا وفى مايو 1967 وبعد سفر الملك حسين للقاهرة للتوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك عين البطل عبد المنعم رياض قائداً لمركز القيادة المتقدم في عمان .. وصل إليها في الأول من يونيو 1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق عبد المنعم رياض قائداً عاماً للجبهة الأردنية وفى 11 يونيو 1967 أُختير رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها وفي عام 1968 عين أميناً عاماً مساعداً لجامعة الدول العربية.

حقق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي جرت بين مجموعة من أبطال الصاعقة ضد القوات الإسرائيلية ومنعتها من احتلال مدينة بور فؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس وهذه المعركة جرت بعد عشرين يوماً فقط من نكسة يونيو 1967م كما شارك فى تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968.

أشرف البطل الفريق أول عبد المنعم رياض على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف خلال حرب الاستنزاف ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم السبت الثامن من شهر مارس عام 1969 م موعداً لبدء تنفيذ الخطة .. وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973.
قبل أسبوعين من قيام البطل عبد المنعم رياض بزيارته إلى جبهة القتال طلب من سكرتيره استمارة المعاش الخاصة به من شئون الضباط التى بمقتضاها يصرف الورثة المعاش ومنحة الثلاثة شهور بالإضافة إلى مصاريف الجنازة فقد تذكر أنه لم يملأ الاستمارة فى ملفه العسكرى وبالطبع الدهشة عقدت لسان سكرتيره وتسائل : أبعد 31 سنة خدمة فى القوات المسلحة هل يعقل أن سيادة الفريق قد نسى أن يملأ استمارة معاشه؟ فالضابط عادة يملأ هذه الاستمارة فور تثبيته فى رتبة الملازم .. ثم لماذا لم تخطر مسألة الاستمارة فى باله إلا الآن

ذهب السكرتير والحيرة والتشاؤم يتملكانه إلى شئون الضباط لتنفيذ الأوامر ويندهش الضابط المسئول عندما يكتشف أثناء مراجعته لملف رئيس الأركان أنه لم يملأ استمارة معاشه بالفعل وتملأ الاستمارة ويحدد فيها اسم شقيقته وريثاً لكل مستحقاته حال استشهاده وذلك قبيل استشهاده بحوالى 72 ساعة أى : يوم الخميس السادس من شهر مارس .
في صبيحة يوم الأحد التاسع من شهر مارس 1969 قرر أن يتوجه البطل عبد المنعم رياض بنفسه إلى الجبهة ليرى عن كثب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف .. كما قرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 متراً ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق.

ويشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة البطل الفريق أول عبد المنعم رياض حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها البطل الفريق أول عبد المنعم بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء أستشهد متأثراً بجراحه وفى جنازة عسكرية مهيبة خرجت جموع الشعب المصرى لتودع بطلها إلى مثواه الأخير وقالت عنه وكالة اليونايتدبرس : (إن الفريق عبد المنعم رياض ختم حياته على العهد به رجلاً مخلصاً لجنديته فى الخطوط الأمامية .. إن الفريق عبد المنعم رياض شارك فى عمل بدا شبه مستحيل وهو إعادة بناء القوات المسلحة المصرية) وقالت صحيفة الجرديان البريطانية : (إن وفاة عبد المنعم رياض قد رفعت الروح المعنوية للشعب المصرى حيث عبر حادث استشهاده بين جنوده عن الروح المعنوية الجديدة التى سادت القوات المسلحة المصرية بعد عام 1967) .

وقد نعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر وأعتبر يوم التاسع من شهر مارس من كل عام هو يوم الشهيد تخليداً لذكراه .

من أقوال وآراء ومأثورات البطل الشهيد الفريق أول عبد المنعم رياض نذكر قوله: (إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه) وفوله : ( لن نستطيع أن نحفظ شرف هذا البلد بغير معركة .. عندما أقول شرف البلد فلا اعني التجريد وإنما أعني شرف كل فرد .. شرف كل رجل وكل امرأة) وقوله : (أنا لست أقل من أي جندي يدافع عن الجبهة ولابد أن أكون بينهم في كل لحظة من لحظات البطولة) وقوله : (إذا حاربنا حرب القادة في المكاتب بالقاهرة فالهزيمة تصبح لنا محققة.. إن مكان القادة الصحيح هو وسط جنودهم وفي مقدمة الصفوف الأمامية ) وقوله : (لا أصدق أن القادة يولدون ، إن الذي يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التي لا يقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا ، ولكن العسكريين يصنعون ، يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم ، والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب وليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار ) وقوله : (أن بترول أمريكا سوف يبدأ في النفاذ وستطوق إلى بترول العراق خلال 30 عام تقريبا) وقوله : (أن تبين أوجه النقص لديك، تلك هي الأمانة وأن تجاهد أقصى ما يكون الجهد بما هو متوفر لديك ، تلك هي المهارة) وقوله : (كن دائما بين جنودك في السلم ومعهم في الصفوف الأمامية في الحرب) وقوله : (أخطاء الصغار صغيرة ويمكن معالجتها مادامت بغير قصد وحتى في حدود ممارستهم لحق التجربة والخطأ أما أخطاء الكبار فإنها دائما كبيرة) .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى