الجمعة ١٥ نيسان (أبريل) ٢٠١٦
قراءة في قصة علبة حلاوة
بقلم سهيل عيساوى

للأديب سهيل كيوان

قصة علبة حلاوة، للكاتب المعروف سهيل كيوان، القصة معدة للأطفال، رسومات جميلة ودقيقة للفنانة منار نعيرات، تقع القصة في 24 صفحة، (غير مرقمة)، غلاف سميك مقوى، اصدار دار الاسوار – مركز ثقافة الطفل، سنة الإصدار 2015.

القصة: تتحدث القصة عن قصة يرويها الطفل نقلا عن عمه (أبو نايف) الذي يحفظ القصص الشعبية ويسردها بطريقة يصعب تقليدها، تتحدث القصة عن امرأة أرملة،اسمها رسمية،من الشام،تنوي زيارة بيت الله، والحج الى مكة المكرمة، من أجل صيانة ذهبها، خوفا من اقتحام لص لبيتها وضعته عند العطار " أبو الزهورات "،، الذي يسمعها الكلام المعسول، تضع بنفسها الذهب بعد وضعته في علبة حلاوة، بعد ان وثقت به، شكرته على شهامته، عندما ادن فريضة الحج، اخضرت له ولزوجته الهدايا الرمزية من مكة المكرمة، لم يكترث للهدية مع انه طلبها بلسانه، ناولها المفتاح لتخرج أمانتها، لم تجد سوى علبة حلاوة، عندها دار الجدال والصراخ بين الاثنين، ادعى أنها تركت علبة حلاوة، والناس بعضهم مصدق لروايتها واخرين غير مصدقين، اتهمها العطار بالكذب والاحتيال، وكان هذا الذهب عبارة عن مهرها وتعب المرحوم زوجها، الى ان التقت بطريقها بصفية التي البست ابنتها أروع والملابس وبدت أجمل العرائس وذهبوا الى العطار قالت المرأة للعطار اني مسافرة وأريد ان ابقي ابنتي أمانة عندك فانت رجل أمين وصاحب سمعة حسنة وأمانة،قال العطار في نفسه" كم أنا محظوظ، سأبقى أنا وهذه الحسناء وحدنا، سأقول للناس أن صفية زوجتني ابنتها مقابل المال وقد صارت من حقي"، في هذه اللحظات دخلت رسمية، فرحب بها العطار أجمل ترحيب،قالت له ناولني أمانتي، عندها قال العطار في نفسه اذا أنكرت الذهب سوف تضيع مني الصبية وسوف تفضحني، واذا اعترفت لها سوف أفوز بالصبية الحسناء، عندها ناولها علبة الذهب وهي غير مصدقة، التفتت صفية الى العطار وقالت له " لقد الغيت سفري، لأنه ليس لي شقيقة في حلب، ولست مجنونة بأن اترك ابنتي ونور عيني عند طماع مثلك، الا تخجل بان تحتال على هذه المسكينة! فهم العطار لعبتها لكن بعد فوات الأوان ".

عنوان القصة: العنوان هو عتبة النص، ومفتاح حل الشيفرة الأولى للقصة، وقد أفلح الكاتب سهيل كيوان في اختبار العنوان المناسب للقصة، حيث يشد القارئ الى نهاية القصة لمعرفة لماذا اختار الكاتب "علبة حلاوة"، رغم انها ترمز الى الخير وتذكرنا بصوم شهر رمضان فالحلاوة أحد أسس المائدة خلال الشهر الفضيل، الا أن علبة الحلاوة ترمز الى اللسان المعسول للعطار، العلبة التي أخفت بها رسمية ذهبها، في النهاية استبدل العطار الذهب بعلبة حلاوة،فكان طعمها مرا.

رسالة الكاتب:

عدم الثقة بصاحب اللسان المعسول ثقة عمياء فالعطار لسانه ناعم لكن أفعاله قذرة، أراد أن يسرق ثروة المرأة، وأراد أن يتزوج من الفتاة الحسناء دون علم أمها، يكذب على الناس، لم يكترث لكونها ارملة، وعائدة للتو من الحج وقد صرفت الكثير في سبيل تحقيق حلمها بالحج الى بيت الله الحرام.

يحارب سذاجة، رسمية وضعت الأمانة عند رجل محتال، لم يكن معها أي شاهد أو دليل أو وثيقة تأكد وضعها للأمانة
الطمع يعمي الأبصار، التاجر طمع بالفتاة الحسناء، اذا اعترف بالذهب.

شجاعة المرأة صفية وابنتها، يصور المرأة سهيل كوان بعدة صور: المرأة الأولى رسمية: ساذجة ومغفلة تصدق كل ما يقال لها، المرأة الثانية صفية، داهية وذكية وجريئة وناصرة للحق وصريحة ولا تحب الظلم، المرأة الثالثة الفتاة الحسناء: مطيعة لامها، داعمة للحق أداة لاسترجاع الحق، ساحرة بجمالها، مطموع بحسنها.

الظلم لا يدوم وحبل الكذب قصير في النهاية عاد الحق الى صاحبته، كذلك كشف اللثام عن العطار الذي كان يتخفى خلف الكلام المعسول.

القصة تدور رحاها في الشام الذي تمزقه الحرب الأهلية والتناحر الطائفي ما احوج الشام الى الصدق وكشف من يسوق الكذب، ما احوج رجوع الحق الى أصحابه.

أهمية الغذاء السليم للجسم، جاء في القصة "ملأت الفضاء برائجة خبز القمح والمسخن بالبصل والمناقيش بالزعتر"، كما ذكر العديد من المواد المفيدة التي يبيعها العطار مثل: البهارات، الزيت، الزعفران، الكسبرة، الفلفل الأسمر والأبيض، الكمون، الزنجبيل اليابس، ماء الزهر، اليانسون، الحلبة، الحلاوة، الكاري، أوراق الغار، القرنفل، السماق والكركم، جوز الطيب، المكسرات، الحبوب، الحبة السوداء، القهوة والبخور والزهورات، وكأن لكاتب اعد لنا قائمة بأهم مبيعات العطار.
أهمية الروايات الشعبية وما فيها من حكم وعبر لما جميعا، تنفع كل زمان ومكان.

أهمية تواجد الصغار برفقة الكبار لتقوية شخصيتهم والاستفادة من الحوار، القصة وصلتنا من خلال طفل يجالس والده وعمه.

ضرورة دعم المرأة لأختها المرأة، في نهاية القصة توطدت العلاقة الأخوية بين رسمية وصفية
ملاحظات حول القصة:

الصفحات غير مرقمة

لم يمنح الكاتب الطفل الذي ذكر في بداية القصة اسما، كما لم يذكر في نهايتها، حبذا لم انهى الطفل القصة كما بدأها.
الفتاة الحسناء لم يمنحها الكاتب اسما، كما لم تنبس ببنت شفة، حبذا لو شاركت في النقاش وأثبتت انها ليس سلعة للبيع مطموع بجمالها الفاتن.

يختم الكاتب القصة ببعض المواعظ، التي وصلت الى القارئ ولا حاجة لتكرارها، جاء في نهاية القصة " فانت يا رسمية، بعد اليوم لا تغرنك المظاهر ولا حلاوة اللسان"

خلاصة قصة علبة حلاوة للأديب سهيل كيوان قصة جميلة تترك تحت لسانك حلاوة القراءة ولذة الكلمات، وقد وفق الكاتب في اختيار العنوان والمضمون وأسماء الشخصيات، بناء الحبكة النهاية واستعمال مفردات جميلة واحيانا يستعمل بعض الجمل العامية لكتها تخدم النص مثل في قوله " لعبت عين العطار على الفتاة"، و "روح يا يوم وتعال يا يوم"، "الله يعوض عليك " وتعابير جميلة مثل "يسرق الذهب ويذهب"، "علبة الحلاوة الصفراء "، لسان ينقط عسلا" وموضوع القيم الاجتماعية يلازم قصص سهيل كيوان كما لاحظنا في قصة "زفاف حليب وشوكلاطه "، وقصة " أغلى من الذهب بكثير "، وما أحوج الانسان الى معاودة تقيم للقيم التي تحركه، وهذه القصة تضاف الى القصص المحلية المعدة للأطفال الناجحة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى