السبت ٢٣ نيسان (أبريل) ٢٠١٦
أمور شخصية (14):
بقلم فاروق مواسي

مع والدي وأقوال حكيمة

كان والدي خياطًا، وفي دكانه كان يجتمع "الختيارية"، ويتداولون الأحاديث والعبر.
كنت أنصت إليهم، فيتركون في خاطري بالغ الأثر.

ما زلت أذكر بعض أقوال والدي التي كان يرددها في حديثه الطليّ، منها:

*الدهر مدرسة"، "يموت الإنسان وهو يتعلم"!

"اللي معه قرش بيسوى قرش". (من هذه الجملة كنت أتحفظ وأناقشه).

"عز نفسك تجدها"!
..
"ما حك جلدك مثل ظفرك".

ومما قيل إنه من الحديث -وليس كذلك- دعاؤه:
"يا إلهي أنت جاهي"!
وقد أعجبني هذا الدعاء، وأردده كلما نابتني نائبة، ثم قلت لاحقًا مجيزًا:

يا إلهي أنت جاهي
في الدواهي المدلَهِمّـه
خذ بأيدينا إلهي
جودك الفيّاضُ مِنّه

وكذلك ما كان أبي يظنه حديثًا: "الأقربون أولى بالمعروف"، وهو ليس حديثًا بنصه،
والصواب في الحديث "أرى أن تجعلها في الأقربين"، وذلك بعد أن سأله أبو طلحة حين تصدق ببئره -بيرحاء- القريب من مسجده واستشاره فيمن يجعلها : فقال عليه السلام: "أرى أن تجعلها في الأقربين".

والمعنى مطابق لما ورد في الذكر الحكيم:

"قل ما أنفقتم من خير فللوالدين وللأقربين"-

كما كان والدي يكرر أجزاء من آيات تجري مجرى المثل، منها:

"وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم".
"وبالوالدين إحسانًا"!
"إنما المؤمنون أخوة".
"ادفع بالتي هي أحسن"!
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟"
وغيرها كثير.

لكنني فوجئت بجملة كان يكررها وكأنها من الحديث اليومي "الغِـنى غِـنى النفس"، فإذا بي أجدها بنصّها في الحديث الشريف (صحيح البخاري – في كتاب الرقاق رقم 6081)،

كان والدي يريد التأكيد على الرضا وعدم الطمع، وأن يكون الإنسان قانعًا يكتفي بما قدّر الله له، فعندها تعزّ النفس وتعظم ويكون لها من الحظوة والنزاهة والشرف- كما ورد في تفسير الحديث.

ما زلت أسمع صوتك الودود يا أبي، بعد غيابك أكثر من ثلاثة عقود:
وأنت تقول لي:

يابا الغِنى غِنى النفس! عزّ نفسك تجدها!

عليك رحمة تترى!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى