الخميس ٢١ تموز (يوليو) ٢٠١٦
بقلم عادل عامر

أسباب أزمة القمح في مصر

إن مصر بحاجة إلى ثورة زراعية شاملة تُحررها من قيود المستعمرين فتُغير أساليب العمل الزراعي فيها بصورة جذرية بحيث يتم التركيز فيها أولاً على زراعة السلع الإستراتيجية التي تفي بضرورات الأمن الغذائي المصري.

فيعيد لمصر هيبتها وكرامتها وثرواتها وقمحها ويضع الأمور في نصابها الصحيح لتفيض مصر مجدداً بالخير العميم الذي لا يقتصر على أهلها وإنما يصيب سائر الشعوب المفتقرة إليه.لان سياسة الوزارة غير مفهومة وإلى أي شيء تهدف، ففي الوقت الذي كان إنتاج القمح وصل إلى 8 ملايين طن على مستوى الجمهورية العام الماضي ووصل سعر توريده الإردب إلى 420، أصدرت الوزارة منذ أيام قرارا بتخفيض سعر التوريد إلى نحو 300 جنيه، مما سيكون له أثر سلبي كبير على زراعة القمح في جميع أنحاء الجمهورية ما ينذر بتدميرها. أن الحكومة تتذرع بأن هذا هو السعر العالمي وبالطبع هي مستفيدة من ذلك لكن هذا له نتائج إيجابية على المدى القصير جدا تماما "كأنها بتبص تحت رجليها"، لأن الموسم القادم وقد حددت سعر التوريد بهذا المبلغ يؤدي إلى أن الفلاح المصري سيفقد الثقة في الحكومة لأنها لا تراعي ظروفه على الإطلاق في ضوء زيادة التكلفة عليه من كل الجهات،

إن المصريين يستهلكون نحو 15 مليون طن من القمح سنويًا ، يتم استيراد حوالي 60% من إجمالي هذه الكمية، أي حوالي 8 إلى 9 ملايين طن، يأتي أغلبيتها من دول آسيا وروسيا وأوكرانيا فضلًا عن دول أوروبا كفرنسا، وبالطبع الولايات المتحدة. وفى ظل افتراض سعر 300 دولار للطن – حسب متوسط الأسعار العالمية – فإن فاتورة استهلاك المصريين “للقمح فقط ” تصل إلى نحو 4,5 مليار دولار أي أكثر من 25 مليار جنيه، وهذا يعنى أن الحكومة المصرية ملزمة بتوفير نحو 3,5 مليار دولار سنوياً من أجل فاتورة واردات القمح فقط.

و إلى متى سيظل الفلاح يعانى حتى في توريد محصوله وخصوصًا القمح الذي يمثل الغذاء الأساسي للمصريين وكان يجب على الوزير إيجاد حلول سريعة لحل أزمة توريد القمح من الفلاحين وتوفير مكان لتخزين قمح المزارعين المصريين في الصوامع بدلًا من تخزين القمح المستورد، لان 20 في المائة من القمح المخزن في الصوامع يتعرض للتلف خصوصاً أنها مكشوفة، ولابد من مراعاة طرق التخزين السليمة.

أن السياسة الزراعية تراجعت في الفترة الأخيرة وهذا يأتي نتيجة إلي أن كل وزير يأتي بفلسفته الخاصة ولا وجود للفلسفة العامة، مضيفًا أن أصحاب المصلحة من التجار والوسطاء وراء هذا التأخير، وطالب “عباس” بضرورة تسهيل عملية توريد المحصول بعيد عن الإجراءات الروتينية التي قد تخلق أزمة ليس لها أي مبرر بالإضافة إلى فرض رقابة على ما يتم استيراده من القمح

.إن أزمة القمح تتمثل في ندرة الأراضي الزراعية ومحدودية المياه. فحصة مصر من الأخيرة 55.5بليون متر مكعب تتأمن من خارج أراضيها، فهي دولة مصب، وليس دولة منبع، إلى جانب تفتيت المساحة المزروعة، ما يضع البلد في مواجهة أزمة إستراتيجية. تقدر احتياجاتنا السنوية من القمح بحوالي 11 مليون طن نستورد منها ما بين 5 إلى 6 مليون طن سنويا من هنا تتكشف لنا خطورة موضوع القمح وانه لا بد من الوقوف جماعة وليس أفراداً في وجه هذا الموضوع والذي لم نستطع السيطرة عليه حتى الأن رغم إن مفتاحه الاكتفاء الذاتي الذي إن ملكناه ملكنا حريتنا .. و لعلنا نستعير التعبير الذي استخدمه الإمام الشعراوى رحمه الله عليه ( لما تبقى اللقمة من الفاس تبقى الكلمة من الراس ) .

لان أهم أسباب مشكلة توريد القمح التي تتكرر كل عام، هو انتشار الفساد الذي يضيِّع على الفلاحين مبالغ بالمليارات، إذ لا يستطيعون توريد القمح نظرًا للعقبات الكثيرة التي تواجههم من فساد وبطء ومحسوبية في عمليات التوريد. إن من أسباب أزمة القمح في مصر، تفتيت المساحات الزراعية وعدم القدرة على استخدام الآلات الزراعية فيها وتآكل الأراضي الزراعية بسبب الزحف العمراني أو عن طريق التجريف، التعدي على الأراضي الزراعية وتجريفها جريمة في حق البلد وينبغي على الحكومة ألا تتهاون مع مرتكبيها وأبرز الحلول هو نقل الناس إلى أراضي جديدة ونوسع الرقعة العمرانية في الصحراء.
ـ المزارع المصري محروم حتى من الدعم البسيط الذي كان يحصل عليه ولا وجه للمقارنة بينه وبين المزارع الأمريكي أو الأوروبي لأن هذه الدول تدعم المزارع في كل الاتجاهات سواء في الإنتاج المباشر أو في التصدير أو عن طريق شراء المنتجات.

يجب أن توفر الدولة للفلاح كل ما يلزمه من مبيدات جيدة وصالحة وتقاوي وبأسعار معقولة ويجب أن تحل الدولة محل الوسيط أو التاجر الذي يستغل الفلاح ويأخذ نتيجة عمل الفلاح لنفسه وأن تحول الدولة دون وجود حلقات وسط بينها وبين الفلاح وتشتري من الفلاح مباشرة.

 عجز سياسات التصنيع عن المساهمة الجادة في تطوير الزراعة وتحديثها، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي بكلفة مناسبة، فهي لا تزال تمثل عبئاً ثقيلاً على الإنتاج من ناحية وانخفاض إيراد المزارع من ناحية أخرى. التصنيع الزراعي هو الملجأ الوحيد لرفع القيمة المضافة للإنتاج الزراعي.

 السياسة الزراعية تراجعت في الفترة الأخيرة شأن الاقتصاد وهذا يأتي نتيجة إلي أن كل وزير يأتي بفلسفته الخاصة ولا وجود للفلسفة العامة.

 يتعرض حوالي 20 في المائة من القمح المخزن في الصوامع، للتلف خصوصاً أنها مكشوفة، ولا بد من مراعاة طرق التخزين السليمة.

وميكنة زراعية فالدولة المصرية تتعامل مع فلاحيها بمنطق التاجر تبيعه احتياجاته بأسعار السوق وليس بمنطق الداعم له لذا ترتفع أسعار القمح لدى الفلاحين ولهذا أيضا ارتفعت كميات ما استوردته مصر من قمح بنسبة 100% بين عامي 2005 و2010 رغم أن نوعية القمح المصري حسب تصنيفات الجودة العالمية تعد أفضل من نظيره الروسي مثلا، ومع الأزمة المناخية الأخيرة التي منعت موسكو من تصدير قمحها زادت الأسعار العالمية حسب تقدير منظمة الأغذية العالمية الفاو بنسبة 50%، تندر أحد مسئولي الزراعة المصريين بأن الفلاح المصري مستفيد من ارتفاع أسعار القمح العالمية لأنه سيبيع قمحه لحكومته بسعر أعلى، طرفة تدعو إذاً للبكاء أن نقول إنه أصبح من الضروري تغيير منظومة دعم القمح وليس إلغاءها بما يضمن وصول الدعم لمستحقيه من الفلاحين، حيث إن الدعم بهذه الطريقة لم يصل لمستحقيه ولم يحقق الهدف منه، حيث قررت الحكومة دعم القمح المحلى حتى يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، فضلاً عن توفير العملة الصعب من خلال تقليل استيراده

إلا أن ما حدث هو استمرار استيراد القمح من الخارج والاستيلاء على الدعم أيضا، وإرهاق ميزانية الدولة. ولعدم تكرار الأزمة مستقبلاً، يجب قصر استيراد القمح على جهات حكومية معينة، فضلاً عن وضع قواعد صارمة تمنع التلاعب في توريد الأقماح، وسن تشريعات تُغلظ عقوبة الاستيلاء على المال العام، بالإضافة "ميكنة" العمل بالجمعيات الزراعية والشون حتى يتم استلام الأقماح من الفلاحين بسهولة، ومنع التكدس الموسم المقبل، فضلاً عن الاستمرار في خطط الدولة لبناء صوامع حديثة تقلل الفاقد من مخزون القمح، وتشديد إجراءات الحكومة الرقابية لمنع التلاعب مستقبلاً.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى