الثلاثاء ٩ آب (أغسطس) ٢٠١٦
بقلم عادل عامر

تكلفة طلاق المصريين

إن التردد في الاختيار للزواج يعد عاملا مؤثرا في احتمالات حدوث الطلاق وتفكك الأسرة، لان وجود عدة مبررات تلعب الدور الفاعل في اختيار الشاب المصري لشريكة حياته التي يرتبط بها، ومنها المركز والتكافؤ الاجتماعي والثروة وتقارب العمر، والانسجام والتفاهم إضافة إلى عامل الحب كأساس للعلاقة الزوجية والواقع الآن.

إن الاختيار أصبح يرتكز بشكل أساسي على الغنى والثروة والمركز الاجتماعي أكثر من العوامل الأخرى وهذا السبب كان وراء اكتشاف الدراسة بأن 52 في المائة من المطلقات تغيرت وجهة نظرهن تجاه من طلقهن وعدم قناعتهن بمن ارتبطن به. إن الغالبية العظمى من حالات الطلاق شهدت صراعات وخلافات بين أسرتي العروسين واستمرت في ذهن الزوج والزوجة وأثرت على العلاقة الزوجية، ومهدت لحدوث النزعات الأسرية ومن ثم الطلاق، يضاف إلى هذه الصراعات التدخلات من الأقارب والجيران.

إن فترة ما قبل الزواج من أهم الفترات في تحقيق التوافق والانسجام وتقريب وجهات النظر، إلا أنه نتيجة الانفتاح الثقافي على المجتمعات الأخرى أصبحت العلاقات بين العروسين في فترة ما قبل الزواج أكثر تحررا ما يؤدي إلى نشوب الخلافات في الرأي والصراعات بين الأهل واحد العروسين ما يؤدي إلى أن تصبح هذه الخلافات عاملا فاعلا في النزاعات الزوجية بعد الزواج.

حيث تبين أن العلاقات التحررية قبل الزواج كانت عاملا من عوامل النزاع ومن ثم الطلاق نتيجة معايرة الزوجة بهذه التصرفات التحررية، والشك في سلوكها من قبل الزواج وبعد الزواج.

أن مدى استمرارية الحب بعد الزواج يلعب دورا كبيرا كعنصر وجداني قوي في دوام الأسرة والتقليل من حدوث العنف والتفكك الأسري. أن 22.5 في المائة من المطلقين والمطلقات أكدوا على عدم استمرار الحب بينهما أكثر من سنة فقط، وان 14.8 في المائة أكدوا أن الحب استمر ثلاثة شهور فقط، وان المشاجرات جرت وان الخلافات كانت دائمة وأكد 7 في المائة منهم أن الحب لم يستمر أكثر من عامين وأكد 6.5 منهم انه لم يستمر أكثر من ثلاث سنوات. أن المشاجرات والخلافات الزوجية تتوقف على مدى التفاهم والتوافق بين الزوجين، والتي تؤثر سلبا أو إيجابا، فقد يقع الطلاق بسبب الغيرة والشك والانفصال العاطفي وعدم الإنجاب أو تأخره أو تدخل الآخرين، نتيجة غياب التفاهم أصلا بين الزوجين. أن 50 في المائة من المطلقين والمطلقات انتشار الخلافات والمشاجرات الدائمة حول كل صغيرة وكبيرة بينهما ما يمهد لاحتمالات وقوع الطلاق وتفكك الأسرة، ويلي ذلك انتشار الغيرة والشك بين الزوجين بنسبة 47 في المائة ما يدعم استمرارية الخلافات والشجار بين الزوجين داخل الأسرة المصرية ومن ثم حدوث الطلاق والتفكك.

أن هناك 10.5 في المائة من المطلقين والمطلقات وقعت بينهم حالات انفصال قبل ذلك بالإضافة إلى عدم الإنجاب كعامل مساعد على زيادة التوتر والقلق وخلق الشجار بين الزوجين ومن ثم حدوث الطلاق. أن ما يقرب من نصف المطلقات أكدن أن تدخل الأهل في الحياة الزوجية كان سببا من أسباب الانفصال والطلاق بنسبة 44.6 في المائة ثم يأتي عامل الخلافات الدائمة والخصام بين أسرتي الزوجين بنسبة 21.9 في المائة ما يؤدي إلى زيادة اضطراد التوتر في العلاقة الزوجية.

كما تلعب عملية إفشاء الإسرار الزوجية للأهل والأصدقاء دورا فاعلا في تفاقم الخلافات والشجار داخل الأسرة بنسبة 10.7 في المائة ومن ثم الطلاق. إن هناك أسبابا أخرى ترتبط بالزوج وتكون وراء الطلاق وأهمها إهمال الزوج لحقوق الزوجة وهجرها بنسبة 24 في المائة وتأتي بعدها عوامل أخرى هي: عدم تحمل الزوج للمسؤولية والتقليل من شأن الزوجة والسخرية منها وعدم احترام أرائها وإحراجها أمام الآخرين بالإضافة إلى العنف والضرب والاهانة ثم تأتي بعد ذلك العوامل الاقتصادية وبالتحديد الوضع الاقتصادي للزوج ثم علاقات الزوج المشبوهة وتعدد الزوجات وزواجه عرفيا من أخريات.
تتحمل الزوجة مسؤولية الطلاق في بعض الحالات لوجود عدة عوامل ترتبط بالزوجة وراء الطلاق وهي: عصبية الزوجة وضعف قدرتها على تحمل الزوج وتصرفاته وهذا يمثل 42.3 في المائة من أسباب الطلاق ويأتي بعد ذلك عدم طاعة الزوجة لأوامر زوجها وعدم احترامها له والاعتراض على توجيهاتهالمصرية.، ثم الإهمال وعدم تحمل المسؤولية ثم ضعف مشاركتها في تحمل أعباء الأسرة والشؤون الأسرية مع التشاجر مع أهل الزوج وعدم التجاوب العاطفي. من الأسباب وراء الأزمة، منها "عمل الأب في مهنتين لتوفير احتياجات الأسرة المالية إلى جانب عمل الأم، وحتى الأم غير العاملة تعاني كربة منزل وحدها بغير أب متفرغ، فيجري تفريغ شحنة التوتر في الأطفال".

أن الدولة تتحمل سبعة مليارات و950 مليون جنيه تقريبا سنويا من خلال مصروفات التقاضي ومرتبات القضاة والنيابة العامة والخبراء والمستشارين والعاملين في النيابة العامة من سكرتارية وموظفين وإداريين، هذا فضلا عن تكلفة الحراسات الأمنية الضرورية للمحاكم أثناء نظر هذه القضايا وأثناء تنفيذ الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية، خاصة في قضايا قائمة المنقولات والنفقة ومصروفات المحاكم. القوانين الموجودة أفسدت الأسرة المصرية يجب تغيرها لأنها تتصف بالفساد التشريعي والمطالبة بوجود المودة والرحمة بها

أن قوانين الأسرة الموجودة بالطلاق والخلع والحضانة والرؤية واثبات الزواج والنسب دخل عليها تشريعات أفسدت الأسرة المصرية . أن قانون الخلع الذي دعمته سوزان مبارك زوجة الرئيس المخلوع حسني مبارك ومجموعتها من سيدات المجلس القومي للمرأة، هو أخطر وأهم أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في مصر. أن "هذا القانون لم يؤد فقط لارتفاع مفزع في نسب الطلاق، بل أدى كذلك لوصول نسبة العنوسة إلى مستوى مخيف".

أن هذا القانون يعطى المرأة حقوقا تفوق كل ما كفلته لها الأديان السماوية، ويتجاهل المودة والمعروف والإحسان حين يفترق الوالدان، فتستطيع بموجبه الأم التي تختار الخلع أن تحرم الأب من رؤية أطفاله وكذلك كل أهله لإذلال الزوج والانتقام منه. ومن ثم تتجاوز مصيبة الطلاق الزوجين إلى تنشئة أبناء كلهم عقد نفسية واختلال عاطفي ونقص بشع في المبادئ والأخلاق، وهو ما حدث لمجتمعنا وتراكم على امتداد أكثر من ربع قرن الآن".

أن منظومة الزواج في مصر تحتاج لإصلاح جذري، وليست فقط القوانين المنظمة التي أرادت الإصلاح فضاعفت من الأزمة. أن مكاتب حل النزاعات مجرد لافتات دون تأثير، وثقافة هذه المكاتب "كما كل مكان في البلاد هي عبارة عن قليل من العمل كثير من الكلام"، فكان من المنطقي أن تأتي النتيجة متمثلة في 14 مليون قضية طلاق متداولة في المحاكم في عام 2015، أطرافها 28 مليون شخص، بما يعادل أكثر من ربع المجتمع، وهو ما يعني أن مؤسسة الأسرة المنتجة للبشر في خطر.

أن الطلاق يترتب عليه بعض المشكلات والآثار السلبية على الأسرة والمجتمع، وتنعكس على الأطفال الذي يربون من أب وأم مطلقين من الناحية النفسية والاجتماعية والتربوية، بدءا من الاضطرابات النفسية إلى التشرد والانحراف والجريمة وغيرها، لان المشكلة تكمن في تغيير معايير اختيار الأزواج فأصبح الزواج مشروع استهلاكي، وسيطرت الماديات بشكل كبير وتراجعت القيم والمبادئ التي يجب أن تقوم عليها الزوجية.

إن الطلاق في الإسلام له أحكام وشروط وآداب، وليس مجالاً للعبث، بل تشريع حكيم وحكمة بالغة، واعتباره محطة لإطلاق الاتهامات والكوارث الاجتماعية، مفهوم خاطئ. فقد حث الإسلام على عدم الإسراف في الطلاق، وطالب المسلمين على اتقائه ما استطاعوا إليه سبيلا”، مع ضرورة بناء صرح الحياة الزوجية على أُسس قوية ودعائم ثابتة، على الدين والأخلاق ومراعاة مبدأ التكافؤ بين الطرفين والعائلتين، فالزواج السليم أساس الأُسرة الصالحة، التي هي أساس المجتمع الصالح، فإن صلحت الأسرة صلُح المجتمع كله. أن حل مشكلة الطلاق يتخلص في أمور بسيطة، أهمها التمسك بالقيم والأخلاق، ويكون أساس الاختيار السليم الدين والخلق، مناشدة وسائل الإعلام بضرورة تخصيص مادة إعلامية للشباب المقبلين على الزواج تكون تحت إشراف مختصين في المجال النفسي والديني


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى