السبت ٢٠ أيار (مايو) ٢٠٠٦
قصة قصيرة
بقلم خالد اليزيدي

الموقف

<<..أخشى عليك من نفسك يا صديقي... لقد رأيتك البارحة في الهجيع الأخير من الليل تهرول كالمجنون مع أناس ملثمين في زقاق الحي...لست أدري كيف تنتهي بك عشرون سنة من الدراسة والتعلم إلى هذا الموقف...لا شك أننا فقدناك إلى الأبد ولن نراك بعد اليوم ...ما كنا نحسبك جريئا مغامراً إلى هذا الحد..!>>

هكذا وصفني صديقي. ولقد صدق.
نعم لقد أصبحت جريئا ومغامراً لأول مرة في الحياة بموقفي الجديد.
سأظل مستمسكا بهذا الموقف أعض عليه بالنواجد ما حييت بعد أن أدركت يقينا بأن موقفي هو سيد المواقف. لمَ أتركُ الحياة تنساب بين أصابعي والعالم من حولي لا يستقر على حال ؟!.. أليس من حقي أن أتخذ القرار في هذه البقية المتبقاة من حياتي فأنضم إلى قافلة النضال ضد ألاعيب السياسة و الاقتصاد والاحتكار..؟

لا ..! لن أغير موقفي..وسأبقى دائما واقفا ً في موقفي ..مستمسكا بموقفي..وليكن ما يكون.!
أنا سعيد في موقفي . تصوروا....! حتى أبي كف عني ـ بفضل موقفي ـ نظراته الساخرة ورفع عني لسانه البتار. لقد ابتسم البارحة في وجهي لأول مرة عند غروب الشمس حينما عُدتُ إلى البيت وعلامات الموقف بارزة على يداي ..
استقبلتني أمي استقبال الأبطال بزغرودة لا تطلقها إلا في أعراس أعز الأقرباء.

يا لسعادتي ...! يا لسعادتي بموقفي الذي رماني فجأة كالسهم إلى ساحة المعركة وألبسني شهامة الرجال..أنا على كل حال عندي موقف.والويل لمن ليس له موقف في عالم كثرت فيه المواقف وأصبح فيه الموقف سيد الموقف..

استيقظت قبل صيحة ديك الجيران.أدخلت رأسي كاملا في قبعة الصوف التي اشتريتها من السوق السوداء. وخرجت من البيت مهرولا في جنح الظلام..

...لم أكن وحيدا في الانتظار .. لقد كنت وسط جمع غفير من شيوخ ونساء وأطفال، ننتظر وصول الرجل البدين الذي يفتح باب شاحنته فيصيح كالمعتاد:
ــ هيا...! اليوم ستقومون بغرس البطاطس...هيا..! يا أصحاب << الموقف>>.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى