السبت ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٧
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

رجال الشرطة

الأمن هو سياج الحماية للفرد والمجتمع والدولة.. والعدل هو منطلق الأمن والأمان ومن ثم تحقيق التقدم والتعاون والحب والإخاء.. والقرآن الكريم أورد الكثير من الآيات عن الأمن والأمان ونذكر منها.. قول الله تعالى فى سورة قريش: [1] الآية4

وقوله تعالى فى سورة البقرة: [2] الآية 126ِ

وقوله تعالى فى سورة آل عمران: [3] الآية 97

وقوله تعالى فى سورة الأنعام: [4] الآية 82

وقوله تعالى فى سورة النحل: [5] الآية 112

وأكدت السنة النبوية المطهرة على الأمن وأهميته للإنسان والوطن.. ومن الأحاديث الشريفة نذكر.. قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بات آمنا فى سربه معافاً فى بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها) متفق عليه.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم عمل على توفير الأمن والأمان للمسلمين والدولة الإسلامية وصار على نهجه الطيب صحابته الكرام والسلف الصالح.. ويذكر التاريخ أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أول من عس فى عمله فكان يسير فى طرقات المدينة ليلاً يتفقد أحوال الناس.
ومن الرجالات الموكل لهم بحفظ الأمن.. رجال الشرطة.. وقد سجل التاريخ العديد من الصفحات المشرفة لهم ونذكر منها يوم الجمعة الموافق للخامس والعشرين من يناير عام 1952 ففى ذلك اليوم أقدم الاستعمار البريطانى على ارتكاب مجزرة وحشية حيث تحركت قوات بريطانية تعززها الدبابات والمدرعات والمدافع إلى شوارع الإسماعيلية وتحركت قوات أخرى إلى بعض قرى الإسماعيلية التي كانت تعتقد القوات البريطانية أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين وقامت بقتل وجرح مجموعة من المدنيين أثناء عمليات التفتيش القوات البريطانية.

وصلت القوات البريطانية إلى مبنى محافظة الإسماعيلية للهجوم على أكثر من 850 من الجنود والضباط المصريين بثكناتهم المجاورة لمبنى محافظة الإسماعيلية.. وتمت محاصرة هؤلاء الأبطال ووجه إكسهام قائد القوات البريطانية إنذاراً إلى البطل المقدم شريف العبد ضابط الاتصال المصرى ثم طلب منه تسليم الأسلحة إلى القوات البريطانية والرحيل فوراً عن المنطقة وإلا فسوف تستخدم القوات البريطانية القوة.

على الفور قام البطل اللواء أحمد رائف قائد البلوكات والبطل على حلمى وكيل المحافظة بالإتصال هاتفيا بوزير الداخلية البطل فؤاد سراج الدين وعرضا عليه الموقف فرفض الإنذار البريطانى وطالب بدفع القوة بالقوة والدفاع حتى آخر طلقة وآخر رجل وبدأت المجزرة الوحشية حيث انطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلاً ومدافع السنتوريون الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى محافظة الإسماعيلية والثكنات والبلوكات وتهدمت الأبنية وسالت الدماء الطاهرة كالأنهار فأصدر إكسهام أوامره بوقف الضرب لمدة قصيرة ثم أعلن لرجال الشرطة الأبطال المحاصرين بتسليم أنفسهم وأسلحتهم وإلا سوف يستأنف الضرب.. وهنا قال له البطل نقيب شرطة مصطفى رفعت: ( لن تتسلموا منا إلا جثثاً هامدة ) فاندهش إكسهام ثم واصلت القوات البريطانية المذبحة وظل أبطال الشرطة صامدين حتى نفذت ذخيرتهم واستشهد 56 شهيداً هم: أستشهد على أثر هذه المعركة 56 شهيداً هم: أبو المجد محمد مصطفى وأبو الفتوح أحمد أبو الفتوح وأحمد مراد احم وأحمد أبو زيد منياوى وأحمد محمد فريد وأمين عبد المنعم السيد والسيد محمد الفحل والسيد مجاهد على الزيات واليمانى إسماعيل إبراهيم وعلى السيد على وعبد الحكيم أحمد جاد وثابت مصطفى وعبد ربه عبد الجليل عامر ومحمد أحمد إبراهيم المنشاوى وفتحى بدوى أحمد الحليوى وعبد الله عبد المنعم فرج ومصطفى عبد الوهاب محمود ومحمد الطوخى رمضان وسيد على حسين وحسين عبد السلام قرنى وعبد النبى سالم جمعه ومحمد أحمد حمدى وعبد الحميد عبد الرازق وعبد السلام سليم صالح ورضوان أحمد محمد حيدر وكامل مازن حسين وفؤاد عبد الرازق على وعبد الحميد معوض حشيش وعبد الفتاح شاهين وعبد الله مرزوق عبد الله ومحمد إبراهيم أحمد ومحمد محمود بدوى وفرج السيد إسماعيل وعبد الحميد مسلمى احمد وعبد السلام أحمد إبراهيم ومحمد الجندى إبراهيم وفتحى أمين جمعة ورياض عبود أسعد وعبد الغنى محمد خليفة وعبد الفتاح عبد الحميد وبسيونى على الشرقاوى ومحمد محمد البياعة ومحمد حسن محمود حسن ومحمد المليجى أحمد مصيلحى وبهى الدين على حجازى وعبد الفتاح عبد النبى العطار وعبد المنعم بيومى على البنا ومحمد عبد المعطى حسن عيد ومحمود محمد عبد الرحمن فوده وحسن عبد السلام عبد المنعم ومحمود حسن عفيفي عماره ومحمد عبد الغنى السيد الفيشاوى ومحمد أحمد على زايد وعلى محمد منصور الطبال وعبد الحميد إبراهيم على منصور وسعد على السايس كما جرح 80 جريحاً.. وسقط من البريطانيين 13 قتيلاً وجرح 12 جريحاً.. هذا وقد تم أسر من بقى على قيد الحياة من رجال الشرطة ومنهم اللواء أحمد رائف.

انتشرت الأخبار في مصر كلها واستقبل الشعب المصري تلك الأنباء بالغضب والسخط وخرجت مظاهرات عارمة في القاهرة واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة في المظاهرات صباح يوم السبت 26 يناير عام 1952 وطالب الشعب بحمل السلاح ومحاربة الإنجليز.

في اليوم التالي نشرت جريدة الأهرام وكان ثمنها 15 مليما مايلي: الانجليز يهدمون محافظة الإسماعيلية ويعزلون المدينة.

مجلس الوزراء يتخذ قرارا خطيرا بشان العلاقات بين مصر وانجلترا.

استشهاد 64 ضابطا وجنديا مصريا وإصابة 200 واسر 1000 من رجال البوليس.

أيضا نشرت جريدة المصري: رجال البوليس البواسل يخوضون أعنف معركة في الإسماعيلية.
ضابط مصري يصيح في وجه الإنجليز " لن نسلم إلا جثثا ".

القيادة البريطانية تعترف بأنها لم تكن تتوقع مثل هذه المقاومة الجبارة.

فى شهر فبراير تم الإفراج عنهم وأثناء مرورهم أمام الجنرال إكسهام أمر فصيلة بريطانية بأداء التحية العسكرية (سلام سلاح) لرجال الشرطة البواسل إعجاباً وتقديراً لبسالتهم.. ثم قال للمقدم شريف العبد: (لقد قاتل رجال الشرطة بشرف واستسلموا بشرف ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعاً ضباطاً وجنوداً )

وتقديراً لرجال الشرطة اتخذت الشرطة المصرية من يوم الخامس والعشرين من شهر يناير من كل عام عيداً لها تحتفل به ويشاركها الشعب والقيادات السياسية والشعبية.

هذه المجزرة البريطانية كانت من مقدمات ثورة 23 يوليو عام 1952 م.

نحن نعتز بعطاءات رجال الشرطة ونقدر دورهم وجهودهم فى الدفاع عن أمن وأمان الوطن فرجال الشرطة هم السند لمسيرة الوطن الحبيب فى أوقات الحرب والسلام فمن منا ينسى مشاركتهم الفعالة فى مقاومة الاحتلال قبل ثورة 23 يوليو 1952 وأيضاً الدفاع عن الثورة بعد قيامها ؟ من منا ينسى أن رجال الشرطة حماة الجبهة الداخلية فى حرب السويس وسنوات النكسة ومعارك أكتوبر 1973 ؟؟.


[1الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ

[2وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً

[3فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً

[4الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ

[5وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى