الخميس ٢ شباط (فبراير) ٢٠١٧
بقلم جورج سلوم

ليلة سقوط فاطمة

هل سيكون الأمر صعبا؟

لا ...إنها قضية قفل ومفتاح.

يا إلهي خُلقت الأنثى للعذاب...تتلوّث بالدّم كلّ شهرٍ ..ويخضّبون بنانها بالحنّاء ليلة عرسها ....و..
لا تنظري إلى النصف الفارغ من الكأس...لم لا نقول خُلقنا للسّعادة...نتجدّد كل شهر...ونزدان بالحنّاء ..ويركع الرجال عند قدمينا صاغرين...

إفّ...وثوب العرس هذا ثقيل ....ومعقودٌ إزاره من الخلف ...وقد أتعذّب كثيرا عند خلعِه..

لن تكونَ هذه مهمّتك..سيتكفّل هو بذلك ...وسيجدُ متعة كبيرة في تقشيرك كقطعة شوكولا
سأغمضُ عينيّ وأستسلم لقدري

لماذا الخوفُ يا فاطمة.....لقد أثرتِ ريبتي ...هل سبق أن فعلتِ شيئاً – لا قدّر الله – فيما مضى ...وتخشين افتضاح أمرٍ ما...؟

على العكس ...خائفة لأني لم أفعل شيئا في الماضي ممّا تظنين ..أنا مرتبكة وكأني سأواجهُ امتحاناً عسيراً ولم أدرسْ مقرّره ولم أحضّر نفسي جيداً...

فعلاً لم يسبق أن رأيتكِ بهذا القدر من الخوف لا في البكالوريا ..ولا حتى في الجامعة ...

لم أحلُم بحياتي أني سأتزوج...لم أتخيّل نفسي يوماً تحت رجلٍ ما...وهذه القطعة من جسدي كنت أهملها..أكرهها ...أتركها في الظل وأزيح عنها الضوء..

إذا كنت أنت الطبيبة خرّيجة الجامعة تقولين ذلك فلا بأس مهما فعلت المقمّطات وربّات الخدور اللواتي يرفعن السّجف من فوق الهودج ليرين ظلال الرجال..

الرجال؟! ..تعاملت معهم كزملاء وموظفين ومراجعين للدائرة التي أشغلها ...كنت أذلّهم من وراء طاولتي وأسعد لعذابهم...أكره رائحتهم وتبغهم وعرقهم...لم أتخيّل نفسي يوماً ككتابٍ مفتوحْ...تحت رجلٍ ما .. يتصفّحني..يقرأني..يمزّق صوري ..يقلّب صفحاتي بأصابعه المبلّلة بريقه القذر....كنت أحيط ُ نفسي بسورٍ له بابٌ يتعذّر فتحه..

آلاف الأبواب تفتح كلّ يوم ...الأمر أقلّ من عادي.... تذكّري كلامي (قفلٌ ومفتاحْ)

هذا ما يثيرني ....هل نسيتي أنّ القفلَ له مفتاحٌ واحد ...واحد فقط......ورجائي أن أكون قد أحسنتُ الاختيار...

سخريتك مقبولة بدافع القلق...سأتحمّل ذلك فأنا صديقتك ..وسأفتح صدري لوساوسك المريضة ..رحم الله أمّك فلو كانت بيننا لوجب عليها تحضيرك للدّخلة ...أسرعي فالقومُ بانتظارنا ....سأزورك صباحاً وسنتذكّر هذا الكلام ونضحك....المهمّ هذه ليلتكِ وحلمُ حياتكِ..كما قالت أم كلثوم..

فاطمة تتعثّر إذا سارتْ ....

فاطمة تتلعثم إذا تكلّمتْ.....

فاطمة تتداخل في بعضها ...تنوءُ بحملِ ثوبها الثقيل متعدّد الطبقات ..وطرْحتها المنسدلة فوق وجهها الشاحب المقنّع بالمساحيقْ...

فاطمة ترى نفسها شاة تساقُ للذبحْ....

فاطمة تتراقص على الإيقاعاتِ البربرية بين الصّبايا....وتصمّ أذنيها عن أزيزِ الزغاريدْ ....

فاطمة مطلوبٌ منها أن تبتسم أمام العدسات...

فاطمة تتمايل على صوت المزاهرْ..

فاطمة ترى نفسها مكبّلة بالأساور والقيود الذهبية تتدلّى من عنقها ومعصميها ....

فاطمة تتلوى ..تتكوى .. تتزوى..تتحوى....

حواءُ –الأنثى-...كلّ النساءِ سواءْ..

طبيبة النهارالآمرة غدتْ جاريةً في الليل ...

كانت تشمئزّ من هذه الفقرة في برامجِ الحيوان....وتعتبر الغريزة ضعفاً...واليوم يُفرض عليها أن تمثّل هذه الدورفي مسلسلٍ يمتدّ ما قُدّر لها من العيش...

ليس هذا فحسبْ ..بل المطلوب أن تحسنَ التمثيل لتسعدَ ذلك الذّكر الذي رمته الطبيعة فوقها كل يوم ما كُتب لها من الحياة...

هي تمثّل لتسعده وهو سيمثّل بها ...

فاطمة تستسلمْ....تتعرّى...تتمزق...تطير...تمسك أذيال السريرْ..

زنوبيا وكليوباترا وشجرة الدر وأنديرا غاندي كنّ في النهاية قواريرْ....

نحن -أوعية الصّديد- كما قال نزار...

يملؤوننا بمفرزاتهم المقرفة......

قفلٌ ومفتاح يبدأ بالصّريرْ...

وتنام الأنثى على صوتِ الشخيرْ ....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى