لغة طيّـعة
من ظواهر لغتنا العربية انتقال الصيغة لتظهر في صورة مختلفة، وإليكم نماذج منها، فهي كثيرة ومتنوعة:
المشتق يتحول إلى المصدر، وذلك فيه نوع من المبالغة:
الليلة المُقّدّرَة تحولت إلى: ليلة القدر- إنا أنزلناه في ليلة القدر- القدر، 1.
الجزاء المضاعَف هو في الذكر الحكيم- جزاء الضعف- فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا- سبأ، 37.
الروح المقدّسة غدت- روح القُدُس – وأيدناه بروح القُدُس- البقرة، 87.
المتاع الغرّار إلى: متاع الغُرور- وما الحياة الدنيا إلا متاعُ الغُرور- الحديد، 20.
الساعة العسيرة- ساعة العُسرة- الذين اتّبعوه ساعة العُسرة- التوبة، 117.
العذاب الخالد – عذاب الخُلد- فذوقوا عذاب الخُلد- السجدة، 14.
وهكذا تجري لغتنا في تعابيرها المعاصرة، فالشاطئ الأمين نقول عنه- شاطئ الأمان، واليوم السعيد، نسميه يوم السعد، والرجل العالم نقول عنه رجل العلم ...إلخ
تقديم الصفة:
من الظواهر اللغوية نجد تقديم الصفة وتحويلها إلى مصدر:
السبيل السويّ – هي في القرآن سواء السبيل ومن يفعلْه منكم فقد ضلّ سواء السبيل- الممتحنة 1.
العذاب السيئ هو - سوء العذاب يسومونكم سوء العذاب- البقرة، 49
الخيل المربوطة نجدها- رباط الخيل وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رِباط الخيل- الأنفال، 60.
وفي اللغة المعاصرة نجد التعابير: فضيلة القاضي، سيادة الرئيس، جلالة الملك، عطوفة المدير العام، سمو الأمير، سعادة السفير، وحضرة الأستاذ...
ونلاحظ أننا إذا قدمنا الصفة فإنها تبقى في صيغة (المفرد المذكر) وهي نكرة:
في العصور القديمة- في قديم العصور،طعنة عاجلة- جادت له كفّي بعاجل طعنة،البرق الساري- يا ساري البرق غادِ القصر،الهمّ العازب- وصدرٍ أراح الليل عازب همّه،الوشم الباقي- تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد.
في لغتنا المعاصرة يكثر مثل ذلك: لكم جزيل الشكر، وفائق الاحترام، وأنا شديد الأسف أو عظيم الامتنان ولديّ كامل الاستعداد، مع بالغ المحبة...
حذف ياء النسبة من الصفة في نحو:
خاتم فضّيّ- نجعل التعبير إضافة- خاتم فضّة، خاتم ذهب، عقد ماس،
ثوب حريريّ- ثوب حريرٍ
نجم إعلاميّ- نجم إعلام
عنترة العبسي- عنترة عبس
في إقامة الواحد مقام الجمع:
نقول "قررنا به عينًا"، بدل عيون-
وفي القرآن فإن طِـبْن لكم عن شيء منه نفسًا- النساء، 4 أي نفوسًا،
ثم نخرجكم طِفلاً- الحج، 5 أي أطفالاً،
قال إن هؤلاء ضيفي- الحِجر، 68 أي ضيوفي.
المفعول يأتي بلفظ الفاعل:
تقول العرب: سر كاتم، ومكان عامر أي مكتوم ومعمور، وفي القرآن:
لا عاصم اليوم من أمر الله- هود، 43،
عيشة راضية- الحاقة، 21، حرمًا آمنًا- العنكبوت، 67 والمقصود: مَرْضية، ومأمون.
الفاعل يأتي بلفظ المفعول:
إنه كان وعده مأتيًّا- مريم، 61 أي آتيًا
حجابًا مستورًا- الإسراء 45 أي ساترًا.
وغير ذلك، فهذه من أسرار العربية الكثيرة.
من المراجع:
ابن فارس- الصاحبي في فقه اللغة.
الثعالبي- فقه اللغة وأسرار العربية.
السيوطي- المزهر.
د. عبد الرحمن دركزللي- الظواهر اللغوية الكبرى في العربية.
نايف معروف: خصائص العربية.