الأربعاء ٧ حزيران (يونيو) ٢٠١٧
بقلم فاروق مواسي

لغة طيّـعة

من ظواهر لغتنا العربية انتقال الصيغة لتظهر في صورة مختلفة، وإليكم نماذج منها، فهي كثيرة ومتنوعة:

المشتق يتحول إلى المصدر، وذلك فيه نوع من المبالغة:

الليلة المُقّدّرَة تحولت إلى: ليلة القدر- إنا أنزلناه في ليلة القدر- القدر، 1.

الجزاء المضاعَف هو في الذكر الحكيم- جزاء الضعف- فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا- سبأ، 37.

الروح المقدّسة غدت- روح القُدُس – وأيدناه بروح القُدُس- البقرة، 87.

المتاع الغرّار إلى: متاع الغُرور- وما الحياة الدنيا إلا متاعُ الغُرور- الحديد، 20.

الساعة العسيرة- ساعة العُسرة- الذين اتّبعوه ساعة العُسرة- التوبة، 117.

العذاب الخالد – عذاب الخُلد- فذوقوا عذاب الخُلد- السجدة، 14.

وهكذا تجري لغتنا في تعابيرها المعاصرة، فالشاطئ الأمين نقول عنه- شاطئ الأمان، واليوم السعيد، نسميه يوم السعد، والرجل العالم نقول عنه رجل العلم ...إلخ

تقديم الصفة:

من الظواهر اللغوية نجد تقديم الصفة وتحويلها إلى مصدر:

السبيل السويّ – هي في القرآن سواء السبيل ومن يفعلْه منكم فقد ضلّ سواء السبيل- الممتحنة 1.

العذاب السيئ هو - سوء العذاب يسومونكم سوء العذاب- البقرة، 49

الخيل المربوطة نجدها- رباط الخيل وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رِباط الخيل- الأنفال، 60.

وفي اللغة المعاصرة نجد التعابير: فضيلة القاضي، سيادة الرئيس، جلالة الملك، عطوفة المدير العام، سمو الأمير، سعادة السفير، وحضرة الأستاذ...

ونلاحظ أننا إذا قدمنا الصفة فإنها تبقى في صيغة (المفرد المذكر) وهي نكرة:

في العصور القديمة- في قديم العصور،
طعنة عاجلة- جادت له كفّي بعاجل طعنة،
البرق الساري- يا ساري البرق غادِ القصر،
الهمّ العازب- وصدرٍ أراح الليل عازب همّه،
الوشم الباقي- تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد.

في لغتنا المعاصرة يكثر مثل ذلك: لكم جزيل الشكر، وفائق الاحترام، وأنا شديد الأسف أو عظيم الامتنان ولديّ كامل الاستعداد، مع بالغ المحبة...

حذف ياء النسبة من الصفة في نحو:

خاتم فضّيّ- نجعل التعبير إضافة- خاتم فضّة، خاتم ذهب، عقد ماس،

ثوب حريريّ- ثوب حريرٍ

نجم إعلاميّ- نجم إعلام

عنترة العبسي- عنترة عبس

في إقامة الواحد مقام الجمع:

نقول "قررنا به عينًا"، بدل عيون-

وفي القرآن فإن طِـبْن لكم عن شيء منه نفسًا- النساء، 4 أي نفوسًا،

ثم نخرجكم طِفلاً- الحج، 5 أي أطفالاً،

قال إن هؤلاء ضيفي- الحِجر، 68 أي ضيوفي.

المفعول يأتي بلفظ الفاعل:

تقول العرب: سر كاتم، ومكان عامر أي مكتوم ومعمور، وفي القرآن:

لا عاصم اليوم من أمر الله- هود، 43،

عيشة راضية- الحاقة، 21، حرمًا آمنًا- العنكبوت، 67 والمقصود: مَرْضية، ومأمون.

الفاعل يأتي بلفظ المفعول:

إنه كان وعده مأتيًّا- مريم، 61 أي آتيًا

حجابًا مستورًا- الإسراء 45 أي ساترًا.

وغير ذلك، فهذه من أسرار العربية الكثيرة.

من المراجع:

ابن فارس- الصاحبي في فقه اللغة.

الثعالبي- فقه اللغة وأسرار العربية.

السيوطي- المزهر.

د. عبد الرحمن دركزللي- الظواهر اللغوية الكبرى في العربية.

نايف معروف: خصائص العربية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى