الأحد ١٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٧
بقلم
أحدثك عن وجع الحقيبة
لم أكن أحب معلم الرياضياتلأنه يكْسر صور الأحبةويعادل أجنحة المراكب بأشرعة البجعيدسّ جذر الريح الشاردثم يضع أسماء الموتى في جداوليبتدع نظريات بفوهات صمّاءتضيق على عيون الصغارويحمل مسطرة طويلةتصل إلى رؤوس التلاميذيشرح لنا عن مثلثاتبرؤوس متجردة من حقولهاأضلاعها مثل شجرة هرمةوفمها طوابير من الجرادكان يقيس المسافة بين الكرّاسة وتعب القلمبوتد من رحم كسيحولا أحب أستاذ الجغرافيايرسم بحوراً لا ماء فيهاولا أغصان حانيةيخبرنا عن مدن تعوم فوق شقائق النعمانوعن فصول ممزقة الأسمالتستجدي حزمة من مطريقول لنا حين تسقط أوراق النهريجن الخريف ويموت الخبزحينها يقضم الغيم وجه النهارلا تخافوا إن ألقت العاصفة في صلب الكثبانقمحاً بلا قوافلولا مدرس العلوم العجوزيخلط بالقارورة صوت الضوء المتربّص بالنهربرائحة التوت المثقوبوفي كل مرة تختنق شرنقة الماءكانت يده مبتورةقال مرة لا داع للعجلةالطحلب الأصفر سيزاحم الشمس البكرإذا ما نضج السوروغفى النور على كفّ الأفقأكثر ما كرهت معلم الرسموهو يصوّر في الأعشاش أسماك بأجنحةويرسم ستائر بلا نوافذحين رسمت عربة نقل الموتىوضعت فيها صناديق من التفاح الأبيضصفعني على مؤخرة رأسيشاهدني مرة أرسم رجلاً يصلّيعارياً بلا ملامحصاح يا عبد السوءوطردني من الحصةأستاذ اللغة العربية كان يخيفنايصرخ دون مقدماتلم يكن من حاجة لهذا المعولهذا الحطّاب لا اسم لهورأسه سادر بلا حولمعتقلين كنّا لا طلّاب ولا أطفاللم يكن أبي يصدّق إني كسولوإني لا أحب المدرسةحين يسألني عن أسماء الأولياءأعدّد له أغصان المدينةأقول الحروف مصابة بنضح من وجعهاأصبحتم تعلمون ما كان يفعلوأنت لا تطلب مني كتابة قصائد عن الحبولا عن الحبيبة الوفيّةلم أكن أبداً أتحدث عن المدرسةولا عن أبيكنت أحدثك هنا فقط عن وجع الحقيبة