الأحد ١٨ آب (أغسطس) ٢٠١٩
بقلم سلوى أبو مدين

حكايا الذاكرة

كنت يومها صغيرة لا أتجاوز الخمس سنوات ، أخشى كلّ شيء الصوت المرتفع ، جرس المدرسة ، أشياء كثيرة تخيفني .
ذات يوم ...
سمعت صوت أبي ينادي بأعلى صوته احضري كتبك وتعالي !
تجمد الدم في عروقي وارتعد جسدي النحيل ، تباطأت كثيراً وأنا أفتح حقيبة المدرسة الصغيرة ، أخرجت منها كتاب الرياضياااات ، وعلبة صغيرة ربطتها بمنديل منمنم .
ارتديت معطف الخوف والرجفة .. كأنني في مكان آخر ، كم تبدو اللحظات خانقة ، كيف لي بنفض هذا الخوف الذي يرزح على عتبة صدري .
مضت بخطوات حثيثة حيث يجلس أبي ، وحيدة بكتاب ودفتر صغير
وقفت عند باب الغرفة ، بقامة صغيرة أحمل الخوف وانتظر ...
مشيت بخطوات وئيدة اقتربت منه كان يتحدث إلى أمي . أخذت مقعدي بجانبه وضعت كتاب الرياضات فوق الطاولة المستديرة .
قال : بلهجة يعلوها الغضب اسرعي !
وبهدوء أمسكت بالعلبة الصغيرة التي ربطت بمنديل ناعم عقدته فوقها فتحتها كان بداخلها قلم رصاص بحجم عقلة الإصبع وممحاة اصغر منه !
كان ينتظرني والغضب يبدو على ملامحه ، طلب مني فتح صفحة الكتاب ارتعشت أناملي النحيلة ، قلبت صفحات الورق خوفاً الصفحات غيم مليء بالغيم والمطر .
فجأة ...
وجدت يده تهوي بقوة فوق ساقي ، سقطت دمعة على فراغ الورق بللته تلعثمت في الإجابة .
ــ تساءلت أمي حينها ؟
ــ كم بقي لها كي تدرس في الجامعة ؟
ــ أجاب : بغضب لازال الطريق طويلاً .
ارتفع صوته مرة أخرى هيا أسرعي أجيبي ؟
ذاك اليوم نلت ما يكفي الخيبة والعتمة غطت جدار روحي .
ما تبقى في ذاكرة الطفولة وحتى كبرت وأنا أمقت مادة الرياضيات ، وأصبحت أخفق فيها في جميع مراحل التعليم .

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى