الأربعاء ٢٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٩
بقلم عمرو صابح

قراءة مختصرة فى أسباب سقوط دولة المماليك

 المماليك وهم أوليجاركية عسكرية تمصرت لأن المماليك لم يعرفوا وطناً لهم غير مصر، وان حافظوا على عدم الاختلاط بالمصريين اجتماعياً، كانوا عباقرة فى الحرب، هم من هزموا الصليبيين وقضوا على أخر معاقلهم، وهم أول من هزموا المغول فى العالم.

 دولة المماليك فى مصر والشام لم تغرب شمسها إلا مع اكتشاف واستخدام طريق رأس الرجاء الصالح فى عام 1488على يد البرتغاليين، اكتشاف هذا الطريق البحري إلى الهند جعل أوروبا تستغني عن عبور سفنها المحملة ببضائع الشرق عبر البحر الأحمر حتى ميناء القلزم”السويس الأن”ومنه براً حتى ميناء الإسكندرية ومنه لأوروبا.

 فرض المماليك رسوم وضرائب باهظة على تلك البضائع جعلتهم من أغنى دول العالم فى زمانهم.

 كانت خزائن دولة المماليك ممتلئة دوماً بالأموال قبل اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، فقد كانوا هم المتحكمون فى التجارة العالمية بين الشرق والغرب.

 المماليك فى الفترة ما بين عامي 1486 و1490 وخلال حكم السلطان العظيم”الأشرف قايتباي”خاضوا عدة معارك برية وبحرية ضد العثمانيين تحت حكم السلطان بايزيد الثانى، انتهت كل تلك المعارك بهزائم ساحقة للعثمانيين وانتصارات مدوية للمماليك، بدأت المعارك بغارات عثمانية على حدود الدولة المملوكية فى سوريا، وانتهت بهزيمة للعثمانيين ووصول جيوش المماليك لأسيا الصغرى ثم توقيع اتفاقية هدنة.

 فى عهد قنصوه الغوري (1501-1517) تفاقمت الأزمة الاقتصادية للدولة المملوكية خاصة بعد هزيمة المماليك أمام البرتغاليين فى موقعة ديو البحرية عام 1509، وتسببت الأزمة الاقتصادية فى إضعاف الجيش المملوكي.

 رغم هذا لم ينجح الجيش العثمانى بقيادة سليم الأول فى الانتصار على المماليك إلا بالخيانة، فى معركة مرج دابق التى أدت لسقوط الشام فى أيدي العثمانيين، رغم تفوق العثمانيين فى التسليح، ورغم خيانة خاير بك حاكم حلب وقائد الميسرة فى جيش الغوري بمعركة مرج دابق، والذى انسحب بقواته خلال المعركة وكشف موقع السلطان الغوري، ورغم خيانة جان بردي الغزالي حاكم حماة، كاد الغورى أن ينتصر لدرجة ان سليم الأول فكر فى التقهقر لكثرة خسائره.

 فى معركة الريدانية “العباسية الأن “التى أدت لسقوط مصر فى أيدي العثمانيين، ونهاية الدولة المملوكية، انتصر العثمانيون على المماليك بسبب خيانة جان بردي الغزالي الذى عاد للقاهرة بعد أن أسهم فى تسليم دمشق وغزة للغزاة العثمانيين، وللأسف لم يكتشف السلطان طومان باي -الذي خلف السلطان قنصوه الغوري- تواطؤ جان بردي الغزالى مع الغزاة.
 وضع السلطان طومان باي خطة عسكرية للتصدى للجيش العثمانى فى الصالحية ولكن جان بردي الغزالي أقنع باقي الأمراء أن يتصدى جيش المماليك للعثمانيين فى الريدانية، ورغم معارضة طومان باي إلا أنه أذعن لرأى أغلبية قواده.

 بدأ طومان باي تحصين الريدانية عبر حفر خندق طويل على امتداد جبهة القتال، وصنع من تراب الخندق ساتراً مرتفعاً، أمر الرماة بالبنادق بالوقوف خلفه بينما وضع المدفعية الثقيلة فوق الجبل الأحمر لتحمي ظهر الجيش المملوكي وتمنع العثمانيين من الالتفاف عليه.

 اعترض جان بردي الغزالى على الخطة وترتيب القوات، وأصر على أن العثمانيين سوف يركزون هجومهم على الريدانية ويضريوها بمدفعيتهم الثقيلة، ولن يفكروا فى الالتفاف حول الجيش المملوكي لذا من الأصوب أن يتم وضع مدفعية المماليك الثقيلة خلف الساتر الترابي بينما يكون رماة البنادق فوق الجبل الأحمر، عارض طومان باي خطة الغزالى لأنها سوف تجعل جيشه محاصر من جيوش العثمانيين من الأمام ومن الخلف، ولكن فى النهاية تم الأخذ بخطة جان بردي الغزالي!!

 ثبت ان خطة طومان باي كانت هى الصحيحة فقد وصل الجيش العثمانى للصالحية منهكاً، ولو هاجمه المماليك فيها لانتصروا عليه، ولكنه لم يجد أحد هناك فواصل طريقه إلى بلبيس ثم الخانكة التى استراح فيها استعداداً لمعركته الفاصلة مع المماليك.

 أرسل جان بردي الغزالى تفاصيل خطة الجيش المملوكي وتوزيع قواته وأماكن مدافعه إلى خاير بك الذى سلمها للسلطان العثماني.

 حدث ما توقعه السلطان طومان باي فقد انقسمت القوات العثمانية إلى فرقتين، زحفت الأولى عبر الجبل الأحمر وأمطرت ظهر الجيش المملوكي بقذائفها، بينما تقدمت الثانية إلى الريدانية مما أدى لحصار جيش المماليك بين جيوش العدو.

 رغم كل هذا، قاتل المماليك قتالاً ضارياً، وقتلوا عدد كبير من جنود العثمانيين، وقتلوا رئيس الوزراء العثماني سنان باشا الأب الروحى لسليم الأول، بل ان السلطان سليم ذاته كاد أن يموت أكثر من مرة خلال المعركة.

 رغم هزيمة الجيش المملوكي، استمرت المقاومة بزعامة السلطان طومان باي حتى وقع طومان باي أسيراً فى يد سليم الأول بسبب خيانة حسن بن مرعي شيخ عربان الغربية له.
 كان حسن بن مرعي سجيناً فى عهد السلطان الغوري الذى أمر أن يُكتب على قيده “لا يخرج من السجن إلا إلى القبر"، تشفع فيه طومان باي وضمنه لدى الغوري، ودفع عنه كل الغرامات التى قررها الغوري عليه، فأمر الغوري بالإفراج عنه.

 بعد استيلاء العثمانيين على القاهرة، سيلجأ طومان باي إلى حسن بن مرعي وبعد أن يحلف له حسن بن مرعي سبع مرات انه سيحميه من سيوف العثمانيين، سوف يقوم بتسليمه لخاير بك وجان بردي الغزالي مقابل أن يمنحه السلطان سليم الأول مضارب قبيلته كإقطاع له مدى الحياة، وأن يكون هو كبير شيوخ العربان فى مصر.

 فى الأيام الأولى لدخول الأتراك للقاهرة قتلوا عشرات الألاف من المصريين، ونهبوا الأسواق والبيوت، واعتدوا على الحرمات، وباعوا أطفال مصر فى أسواق العبيد، وأحرقوا المساجد وفسقوا فيها، بل انهم سرقوا أضرحة آل البيت الموجودة بالقاهرة، ولم يكتف سلطانهم سليم بذلك بل جمع كل أرباب الحرف والمهن والطوائف والصناع المهرة والعلماء المصريين وأخذهم معه إلى تركيا وهو عائد إليها فى أكبر عملية تجريف للنخبة المصرية فى التاريخ.

 سليم الأول ليس هو السلطان التركي الدموي الوحيد بين سلاطين بني عثمان،فالأتراك منذ إنشاء دولتهم وهم أمة محاربة وعدوانية وأعظم ما تجيده من فنون هو القتال فقط، وعلى الجانب الأخر يفتقر الأتراك لأى مقومات لصنع الحضارة.

 قبل الغزو التركى كان الفارق الحضارى بيننا وبين أوروبا لا يكاد يذكر.
 بعد 400 سنة من احتلال الأتراك لمصر وللعالم العربى، انهارت الدولة العثمانية تاركة مصر متخلفة ومحتلة ومعها كل الأقطار العربية الأخرى.

 أصبح الفارق الحضارى بين العرب والغرب شاسعاً لصالح الغرب الذى خاض عصور النهضة والتنوير والثورة الصناعية بينما الاحتلال العثمانى جاثم فى العالمين العربي والإسلامى ينشر الجهل والفقر والمرض.

 الاقتصاد كان أهم سبب لسقوط دولة المماليك.

المصادر:

 بدائع الزهور في وقائع الدهور- الجزء الخامس: ابن إياس الحنفي.
 تاريخ دولة المماليك فى مصر: وليم موير.
 رجال مرج دابق: صلاح عيسى.
 فى أصول التاريخ العثماني: د.أحمد عبد الرحيم مصطفى.
 تاريخ سلاطين بني عثمان: يوسف بك آصاف.


مشاركة منتدى

  • هههه
    يا مصر كم فيك من المضحكات و لكنه ضحك كالبكاء
    طيب..
    المماليك كانوا شديدي الباس على العثمانيون، لكن الموضوعية التايخية تقتضي تجنب الذاتية .. اخر مقالكم يوحي يايديولجيا و ليس بتاريخ

  • مقال ليس له علاقة بالتاريخ كله زيف وتدليس
    أين الأمانة في النقل والسرد جعلت من الفاسق
    الغادر طومان باي بطلا وجعلت السلطان الصالح سليم الأول مجرما وهو الذي اعدم أحد جنوده في وسط السوف حين اعتدى على امرأة مصرية أعدمه أمام الجميع وأمنهم على نفوسهم وأموالهم فاعلم أنه عند الله تجتمع الخصوم

  • للأسف ، كتابتك أخي الكريم لا ترقى لتكون من بين كتابات هذا المجتمع المحترم . فليس فيها من الحق والعلم شيء . فشنك الهجوم تلوا الهجوم على افراد مروا في التاريخ وكأنك تحاكمهم يفقدك المصداقية، عذرا . لضياع الوقت في قراءة سطورك التي لم تنفعني بجديد .لكن على كل حال شكرا لك على لاشيء.

  • المقالة شديدة الاختصار لأحداث جد خطيرة غيرت مسار تاريخ أمم و شعوب فقد أسس الفتح العثماني لمصر و بلاد الشام إعادة تلك المنطقة لمحور اقتصادي علي البحر المتوسط و طريق الحرير و مضيق البسفور الي البلقان و عاد من جديد ميزان التجارة الدولية لمصلحة المسلمين.... و هذه نقطة تأخذ الكثير من الجهد قد تعزل الكاتب عن مواقفه

  • لازال الكاتب المجهول و الكاذب
    يسعى بكل أساليب الكذب التي تربى عليها
    محاولاً طمس حقائق أقوى دولة إسلامية
    ولايعادي الدول الإسلامية إلا كل يهودي أو نصراني أو بوذي غير مسلم.
    فمهما يحاول الجهلة الكاذبون تزييف حقائق التاريخ فلن يستطيعوا، ومن ينشر لهم سيكون في موضع ناشر الكذب وستزول مصداقيتهم.

  • للوهلة الأولى ظننت أن كاتب المقال عنصر استخباراتي، وليس كما يدعي كاتبا، ديوان العرب موقع محترم ونستعين ببعض مقالاته أحيانا، لكن هذه التفاهات في هذا المقال جعلتني أعيد التفكير مرة أخرى في هذا الموقع.

  • مقال مؤدلج يبتعد كثيرا عن التاريخ..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى