الأربعاء ٢٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢٠
عَلى دُرُوبِ الصَّفَاء

«هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ» للكاتبة مروة كريدية

هذا الكتاب علامة فارقة في إصدارات الكاتبة مروة كريدية لما تحتويه من إشارات تدعو للتحرر من يقينيات المجتمع وتأويلاته المعهودة للنصوص الدينية والقوانين الوضعية، وتكشف في الوقت عينه عن مساررات حياتية تمهّد لحساسية الروح و تفتح البصيرة بخلفية "صوفية حديثة" ذاخرة بالعشق و التسليم التام لناموس الوجود.

هذه الرواية الصادرة عن دار كُتبنا للنشر في مصر وتزامن إطلاقها مع معرض القاهرة الدولي للكتاب وتتناول حكاية السيدة "صفاء" التي تقرر إنهاء روتين حياتها المعهودة، من خلال خوض مغامرة العيش بمفردها في الولايات المتحدة عند بحيرة نائية بعيدة عن كل البشر، حيث تلتقي على متن الطائرة بشاب سوري "أحمد" مهاجر الى بريطانية وتدور بينهما حوارات فكرية وسياسية عميقة ليفترقا ويتابع كل منهما طريقه.

في الفصل الثاني المعنون: "دوائر الخوف ومتاهات الاغتراب"، يتعرّف "أحمد" بالصدفة على محامية بريطانية "صوفيا" في إحدى الحدائق العامة في لندن، بعد أن استبدَّ به اليأس في الحصول على عمل و تعسّر طلب لجوءه. و تتناول الكاتبة في هذا الفصل الصعوبات التي تواجه اللاجئين في دول الاغتراب في إطار سردي رائع.

وتتشابك أحداث الرواية في الفصل الأخير حيث يتعرف ابن صفاء "آدم" على إبنة صوفيا"إيفا" في دبي عن طريق الصدفة، وتنشأ علاقة حب بينهما فيقررا الزواج ليكتشفا في نهاية الرواية مفاجأة صادمة.

وتخوض الكاتبة من خلال هذا الكتاب في خفايا النفس و العلاقات الحميمة، وتواجه كافة المفاهيم الرسمية لتخرج بنتيجةٍ مفادها: أن الله عصي عن الإدراك، وان الإله الذي يعبده البشر على اختلاف مللهم هو من نسج خيالهم. وأن الشرائع يتحكّم بها تجار الأديان للحفاظ على السلطة ، وأن ثالوث السياسة والدين والمال هو الذي يتحكم بمصائر الشعوب، وأن رجالته هم صُنّاع الحروب والخراب. حيث تنتقد نفاق الانظمة العالمية في إحلال السلام، ناهيك عن معاناة البشر في ظل الديكتاتوريات، ودور الطائفية كعنصرية مدمرة.

وترى أن الأوطان هي كيانات وهمية رسمها الغابرون ويموت من أجلها الحمقى، و أنّ الوطنية هي مجرد خدعة لإبقاء الناس تحت السيطرة. وأنه لا عبرة للعقود في ميزان العلاقات الانسانية، فالمساكنة الصادقة أفضل من زواج كاذب. مؤكدة على ضرورة إحلال العلمانية والقوانين المدنية، والعبور بالانسان من إطاره الوطني الضيق إلى الإطار الكوني العام.

حوارات عميقة تدور خلال الأحداث، تشتمل على تجليات اساطير الحضارات في يوميات البشر، كما تدور جدليات السرد في أوج تفتح "صفاء" الروحي، حيث ترى منامًا، كان إرهاصًا لما سيحدث لها في ما بعد. و قد تهز هذه الرواية أعماق الروح هزًّا عنيفًا حتى أن القارئ يشعر كأنه لم يعد الذي كان قبل القراءة!

الجدير ذكره أن مروة كريدية هي كاتبَة لبنانيّة مقيمَة في الولايات المتّحدة الأميركية، تُقدِّم من خلال أعمالها الأدبيّة والفكريّة، رؤيةً كونيّةً للقضايا الإنسانيّة المعاصرة. تفرّغت لدراسة ظواهر العنف في المجتمعات البشريّة، والبنى الإيديولوجيّة المؤسِّسَة لها، وعلاقة ذلك بالحقوق والمدنيّة والأنظمة السياسيّة. عملت في ميادين ثقافية وأكاديميّة متنوعة، وشاركت في أعمال حوار الأديان واللاهوت المقارن، كما نَشطت في ميدان الإعلام الثقافي. حازت على عديد من شهادات التقدير لجهودها، كان آخرها إدراج إسمها على نُصب التسامح في ولاية ألاباما الأمريكية، الذي يكرم المدافعين عن القيم الإنسانية والسلام ويشرف عليه مركز الحقوق المدافع عن الحريات ومكافحة العنصرية وخطابات الكراهية. لها العديد من الإصدارات الفكرية منها: حوارات وآفاق، رهانات السلام، استراتيجيات الأمل في عصر العنف، عواصف النسيان، لوامع من بقايا الذاكرة .

الكتاب: على دروب الصَّفاء ( هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ) - رواية.

المؤلفة: د. مروة كريدية

الناشر: دار كُتبْنا

الطبعة الأولى : القاهرة – مصر

تاريخ النشر : 2020

عدد الصفحات : 312 صفحة.

حجم الكتاب : القطع المتوسط 20.5cm X 14.5cm

الترقيم الدولي : ISBN: 978-977-6767-78-2

رقم الإيداع: 2019/27819


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى