السبت ١٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
انطباعات
بقلم ريمون جرجي

معرض " حلب المحروسة بين الجامع الأموي الكبير والمدرسة الحلوية "

بعد أيام ثمانية من عرض مسرحية النبي لجبران خليل جبران أقام السيدان الباحثان القنصل حسين المدرس والأستاذ أوليفيه سالمون أيضاً معرضاً بعنوان " حلب المحروسة بين الجامع الأموي الكبير والمدرسة الحلوية " تحت رعاية مطران السريان الأرثوذكس في حلب وتوابعها مارغريغوريوس يوحنا ابراهيم الذي افتتح المعرض يوم الأحد 10 أيلول 2006 في صالة بلاد الشام بفندق الشام بحلب وهو المعرض رقم 200 التي تنظمه السيدة أمية الزعيم صاحبة صالة بلاد الشام ، وقد تضمن المعرض صوراً ورسوماً مميزة ونادرة لحلب والجامع الأموي والمدرسة الحلوية يعود أقدمها إلى القرن السابع عشر.

الذين حضروا افتتاح المعرض عاشوا لحظاتً جميلة من البساطة والرقي مع الكثير من التواضع وحسن الاستقبال التي أضفاها صاحبي المعرض على الحضور الكريم الذي جال في المعرض وشاهد الصور والوثائق النادرة المعروضة بشكل انيق رافقها عزف رائع لموسيقى مميزة قدمها فنانان هما السيد أسعد إدلبي على آلة الكمان والسيد بشار شريفة على آلة التشيلو، وحين تجتمع الفنون معاً تنحني الهامات إجلالاً وإكباراً للحظات تؤرخ وقد لاتتكرر فاللوحات والصور النادرة والموسيقى الرائعة مع العزف المميز والحضور الكريم ساهموا جميعاً في تسليط الضوء على حلب وتراثها.

عودنا القنصل حسين المدرس على نشاطاته الرائعة حتى أصابنا إدمان هذه المعارض الراقية التي يقوم بتنظيمها وتقديمها إلى أهالي وضيوف حلب وسوريا من رسميين وسياح ، والذي عبروا عن إعجابهم بحلب عاصمة للثقافة الإسلامية وعن هذا النبع الذي لا ينضب منه العطاء .

كعادته يقدم السيد حسين صوراً نادرة وتحفاً منسية مسلطاً الضوء على نواح تاريخية خافية عن الكثيرين لأماكن عديدة يزخر بها وطننا الحبيب وكأنه يعبرعن حبه للوطن ووفائه لحلب بتسليط الأضواء وعرض اللوحات والكنوز للعموم باذلاً الكثير من الجهود والإمكانيات التي حباه الله بها ، والمفاجأة الرائعة أنه ليس من هواة جمع الصور والكتب فقط ! ، فهو يذوب كالشمع حين يمعن في الشرح والتوضيح بإسهاب واسع عن كل لوحة وصورة من لوحات المعرض وهذا ما يدل على دراية و ثقافة اكتسبها من خلال جمعه للوحات معرضه أو أن ثافته العالية هي التي دفعته لإقامة المعرض.

أما السيد أوليفيه سالمون الشاب الفرنسي الجنسية الذي يتقن العربية الفصحى فقد كانت تعابير وجهه الظاهرة على محياه تدل على سروره وسعادته، وهو الذي سيقدم رسالة الدكتوراه في الآداب عن مدينة حلب في كتب المفكرين والرحالة الأوروبين خلال فترة الحكم العثماني ، فقد كان يشرح ويوضح الصور المعروضة للسادة الحضور مبدياً اهتماماً زائداً لإيصال أفكاره بالطريقة التي يريدها مستعملاً العربية والانكليزية و الفرنسية أحياناً بحسب لغات السائلين وجنسياتهم .

لوحات معروضة كانت من أعمال الخطاط السيد وسيم الحمدو ابن مدينة منبج التابعة لمحافظة حلب الذي أعاد رسم الكتابات الجدارية المتواجدة على جدران الجامع الأموي والمدرسة الحلوية وحولها إلى لوحات وكتابات فنية رائعة مضفياً عليها أسلوبه المميز في الخط العربي

صور القلعة والأماكن المحيطة بها وبالجامع الأموي التي تعود للقرن السابع عشر وما بعد كانت بدون صحون فضائية أو كابلات هاتفية و أوكهربائية كما هي الآن في هذه الأيام ، فتلك الصورة التي أخذت في عشرينيات القرن الماضي من مئذنة الجامع الأموي لمدينة حلب كانت واضحة ورائعة دون أي منظر شاذ أو متطفل .

تساؤلي هو أن تلك الأجواء قد دفعت الناس في ذلك الزمان لتكوين شعب محب معطاء مفكر منتج يحب الثقافة والأدب ترك لنا من الإرث والتراث مايكفي لاعتبار حلب عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2006. أما الآن فمع كل هذه التكنولوجيا والصحون اللاقطة ووسائل الإتصال الحديثة تٌرى ماذا نحن بفاعلين ؟ ماذا أضفنا لهذا التراث ؟ وإن لم نزد عليه فعلى الأقل فلنحافظ عليه ؟ فبلداننا الشرقية مليئة بالكنائس والجوامع والأديرة والمدارس الدينية ، والتراث هو دين استلفناه من أجيالنا القادمة وعلينا تسديده لهم في النهاية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى