الخميس ٢١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم ريمون جرجي

حين يخذلك حرف الـ C!!

وأنت في خضم عملك اليومي أمام جهاز يدعى "كومبيوتر" تتنافس أصابع يديك في الضغط على لوحة المفاتيح "الكي بورد Key Board", متأملاً إنجاز العمل في أسرع وقت ممكن.

فجأة! تكتشف مشكلة كبيرة، عصية على الحل، تدفعك إلى التوقف عن العمل بعد أن تستشيط غضباً لتفاهة السبب وضخامة الضرر.

هل تخيلتَ يوماً ماذا ستفعل حين يخزلك حرف / السي C /؟ وأنت تطبع باللغة الأجنبية أو حرف / ؤ / باللغة العربية؟

حين يُعصي هذا الحرف أوامركَ و"يحرن"!! رافضاً الانصياع لك مسبباً خللاً كبيراً في سياق عملك، لا تستهن أبداً بحجم المشكلة فتعطل زر واحد من أزرار "الكي بورد" البالغة 101 زر وأكثر، أو حرف واحد من الحروف العربية، فلا فرق أياً كانت اللغة التي تستعملها فلابد لك من استعمال حرف C حين تحتاج إلى اختصارات النسخ واللصق Copy، Paste التي تُعتبر كالماء والهواء في حياة الكومبيوتر.

تفشل جميع محاولات الضغط والرج والهز والضرب على المدعو " كيبورد "، وكأنك تنهر طفلاً صغيراً تُريد توبيخه لا إيذائه..(بينما تترجاه في سرك كي يتوقف عن الشقاوة وينصاع إلى توجيهاتك)، ويزداد غضبك وتتساقط قطرات العرق على وجنتيك، ماذا تفعل؟ وبمن تستنجد؟ فليس لديك وقت كافٍ تتعطلُ لأجله، تشعر كم أنت صغير ووضيع عندما يهمشك حرف مثل حرف ال C اللعين الذي أراد إغضابك وإبلاغك رسالةً بضرورة تخفيف وتيرة ضغطك الدائم عليه وعلى زملائه من أحرف "الكيبورد"، وهي رسالة واضحة لك على أنك قد أدمنت إفراغ شحنات ضغط الأعصاب التي تشحنك بها الضغوط اليومية فتختزنها بداخلك لتترجمها إلى الضغط على لوحة مفاتيح جهازك.

بدهاءٍ ونباهة، تبدأ بالبحث عن مواضيع وملفات قديمة لك، لتبحث عن ملفات قد تتضمن حرف ال ؤ أو حرف C لتأخذها نَسْخاً (بواسطة الماوس) وتلصقها في مكان جديد ضمن موضوعك، أو تلجأ إلى خيار إدراج الحرف باستخدام ال Symbol (الرموز) من ضمن خيارات برنامج Word" "، تَشعر أن تحايلك قد أتى بنتيجة وأنك قد قهرت عناد الكومبيوتر، لكنك ستشتعل غَضباً كلما وصلت إلى كلمة أخرى فيها حرف ال/ؤ/، تبدأ بعصر مخيلتك للبحث عن كلمات مرادفة ليس فيها حرف ال / ؤ / لتفي بالمعنى كي تتجاوز المشكلة، قد تخونك الذاكرة وقد تُسعفك، لكن المرادفات الجديدة قد تنقل موضوعك إلى نواح بعيدة عن أفكارك الأساسية.

لكن لا عليك يا مستر "كي بورد"، فقد وصلت الفكرة، لقد أصبحنا تابعين للتكنولوجيا، لا بل مستَعمرين من قبلها، استعماراَ لا جلاءَ منه ولا اندحاراً له، دون أن يُلفتَ ذلك هيئة الأمم المتحدة أو لجان الدفاع عن حقوق الإنسان، وكلما زاد من استعماره لنا قلنا: أما من مزيد؟

فمن يتجرأ على المطالبة بجلاء هذه التكنولوجيا عنا، كأنه يحكم على نفسه وعلينا بالتخلف والتأخر.

كل هذا يحصل حين يخزلك حرف ال C، فتذهب لشراء "كي بورد" جديد أنيق (لاعناً "الكي بورد" القديم والتكنولوجيا معاً!!)، لتدفع ثمن لعبةً لطفل صغير للحصول على لعبةٍ لطفلٍ كبير وتعود من البداية... مطلقاً العنان لأصابعك لتمارس حريتها دون أية ضوابط أو حدود، ولكن على "الكي بورد" فقط.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى