الثلاثاء ١٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٤
بقلم أشرف شهاب

رجال يغتصبون زوجاتهم !!!

جسد المرأة معبدها الخاص، عالمها الذى لا تحب أن يقتحمه أحد إلا بإرادتها، لا تمنحه إلا لمن يعرف الطريق إلى قلبها أولا. فالقلب عند بعض النساء هو المعبر، هو السلطة الأعلى التى تمنح تأشيرات الدخول إلى جنتها. القليل من الرجال من يفهمون فك رموز هذه اللغة، ويجيدون فن التعامل مع تلك الشفرة التى حيرتهم منذ أيام أبيهم الأول آدم. وهكذا، يصبح فن التعامل مع المرأة لغة تزداد مفرداتها تعقيدا يوما بعد يوم. "فلسطين" تصحبكم فى جولة مثيرة يقودكم فيها مراسلنا فى القاهرة: أشرف محمود للتعرف على بعض مفردات هذا العالم، وقصص فشل العديد من الرجال فى العثور على مفتاح تلك الشفرة..

لم كن أتصور ونحن لم نكد نخطو عامين فقط داخل القرن الواحد والعشرين أننى يمكن أن أواجه مثل تلك الحكايات. مجموعة غريبة، ومثيرة من قصص الحب والعشق التى عاشها أصحابها شهورا، وسنينا، ما بين زفرات الشوق وآهات الغرام، قصص بنوها بالدموع، والسهر. وبنوا بها قصورا فى الأحلام.. وفجأة.. تتهدم تك الأحلام وتنهار، وكأنها لم تكن سوى قصور من رمال.

والسبب غريب.. فى مجتمع شرقى تعتبر فيه فحولة الرجل رمزا لرجولته، وتعتبر فيه القوة الجنسية رمزا للكرامة.. نكتشف أن بعض الرجال ما زالوا يصرون على معاملة المرأة ككائن لا كيان له.. يعتبرونها مجرد جارية فى بلاط ذكورتهم، وكأن المرأة لا يهمها منهم سوى قدرتهم على إشباع رغباتها الجنسية وليس قدرتهم على إشباعها الروحى.. اشباع حاجتها للحنان، ورغبتها فى الدفء، وافتقادها للأمان..

البعض من الرجال ما زالوا يعتبرون أن من حقهم أن يقتحموا جسد المرأة فى أى وقت، وبأى شكل.. حسب رغبتهم، ووفقا لقوانينهم الخاصة، ودون أدنى إعتبار لمشاعر الحبيبة أو الزوجة أو الصديقة، أوالعشيقة.. فقد اختزلوا كل تلك المعانى فى رغبتهم فى ممارسة الجنس مهما كان الثمن..

ولهذا، فمن الطبيعى أن تشهد ساحات المحاكم مجموعات كبيرة من القضايا التى رفعتها زوجات ضد أزواجهن.. ليس بسبب عجز الرجل عن توفير الحياة لملائمة للزوجة، أو بسبب عدم طاعة الزوجة لزوجها، وإنما لسبب أغرب..

القضايا أبطالها سيدات ينتمين إلى مستويات اجتماعية مختلفة.. سيدات ينتمين إلى أسر ثرية، ونساء ينتمين إلى طبقات وسطى، ونساء يعشن تحت حزام الفقر.. ولكن ما يربط بينهن جميعا شىء واحد هو أنهن ضحايا الاغتصاب الجنسى.. ضحايا لأزواجهن الذين دأبوا على اهانتهن وضربهن والاعتداء عليها، واجبارهن على ممارسة الجنس حتى لو لم يكن فى حالة نفسية أو معنوية أو جسدية تسمح بذلك.

الجريمة غريبة.. فما معنى أن يغتصب الزوج زوجته، وهى حلال له يأتيها وقتما يشاء؟ وما وجه الاغتصاب فى هذه الحالة؟ وكيف يسمح رجل لنفسه أن يعتدى على زوجته من أجل إجبارها على ممارسة الجنس معه؟

تؤكد تقارير مصلحة الطب الشرعى المصرية وقوع حالات عنف متكررة، وبأساليب متنوعة، لدرجة أن عدد القضايا التى تحتاج لتقارير من الأطباء الشرعيين للبت فيها يقارب المائة قضية، وصلت درجة الإصابة فيها لحد إحداث عاهات مستديمة فى الزوجة.. هذا بالطبع فضلا عن ما يقدره الخبراء بمئات أخرى من القضايا التى لا تلجأ فيها الزوجات إلى المحاكم خوفا من أزواجهن أو بسب خصوصية تلك القضايا، والخجل الذى يسيطر على الزوجات المصريات مما يمنعن من كشف تفاصيل العلاقات الجنسية بينهن وبين أزواجهن. ولهذا تقدرالاحصائيات والأبحاث التى أجراها المجلس القومى للسكان على سبعة آلاف زوجة فى الريف والحضر أن 69.1% من الزوجات المصريات يتعرضن للضرب فى حالة رفضهن معاشرة الزوج فور طلبه ذلك. ويبين البحث ان المرأة الريفية تتعرض للضرب اكثر من المرأة الحضرية.

وتؤكد الدراسات التى أجراها "مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى" أن 28% من السيدات المتزوجات المصريات يعترفن بتعرضهن لأشكال مختلفة من العنف تصل الى 32 نوعا، يبدأ بمنع المصروف وينتهى بالضرب لرفض المعاشرة، وبالعنف أثناء المعاشرة الجنسية، لدرجة أن 16% من هؤلاء السيدات تعرضن للضرب المبرح الذى استدعى الذهاب إلى الطبيب.

ويؤكد أساتذة علم النفس والاجتماع أن ما يأتى إليهم من حالات يتعدى فيها الزوج على زوجته بالضرب لرفضها معاشرته ليس إلا نسبة ضئيلة جدا لا تمثل حقيقة ما يحدث داخل البيوت.

د. فخرى صالح مدير مصلحة الطب الشرعى يعتقد أن عدد قضايا سوء معاملة الأزواج للزوجات فى مصر لا يتعدى 100 قضية سنويا من إجمالى 33 ألف قضية تنظرها المصلحة سنويا، 30% من هذه القضايا المائة سوء استخدام جنسى، و60% منها قضايا ضرب أزواج لزوجاتهم لأسباب مختلفة، ورغم تعدد حالات الزوجات المضروبات فإن عدد الزوجات المضروبات بسبب رفض المعاشرة الزوجية لا يشكل سوى نسبة ضئيلة. ويعتقد د. فخرى أن ضآلة العدد ترجع لقلة حالات الضرب، أو ترجع لحساسية الموضوع، خاصة ونحن نعيش فى مجتمع شرقى تؤمن فيه الزوجة بأن طاعة الزوج من طاعة الرب، إضافة الى الإعتبارات الاجتماعية الأخرى.

وتعتبر قضية الطبيبة الثرية التى قدمت بلاغا ضد زوجها تتهمه فيه بأنه اعتاد عضها فى كتفها وذراعيها لإجبارها على المعاشرة الزوجية واستخدام العنف اثناء المعاشرة من أشهر القضايا التى شهدها المجتمع المصرى. وقد تقدمت الزوجة ببلاغ لنيابة النزهة مدعما بسلسلة من التقارير الطبية من مستشفيات حكومية، وخاصة تفيد بحدوث عض غائر. وطلبت الزوجة فى دعواها الطلاق لاستحالة العشرة الزوجية.

أما نتائج البحث الميدانى الذى قدمته "جمعية المرأة الجديدة" لتقديمة فى مؤتمر المرأة الرابع فى بكين فأكدت أن 93 % من الأزواج يعاشرون زوجاتهم بالإكراه. طبعا الرقم خطير، ولو صح، فإن هذا يعنى أن المجتمع المصرى يعانى أزمة خطيرة تهدد العلاقة بين رجاله ونسائه، ويمكن أن تترك أثارا سلبية على أجيال عديدة قادمة.

ومابين الأرقام الرسمية والأرقام التى تصدرها منظمات المجتمع المدنى، فإن الحقيقة الواضحة تؤكد أن معدلات إغتصاب الزوجات من قبل أزواجهن تتجاوز الاحصائيات الرسمية التى تستند إلى محاضر أقسام الشرطة، وذلك لأن النساء – فى الغالب- لا يتحدثن عما أصابهن من عنف إما خوفا، أو خجلا من إفتضاح تلك العلاقات الخاصة، التى يترتب عليها آثار اجتماعية سيئة.

الغريب أن د. أحمد المجدوب مستشار الجريمة بالمركز القومى للبحوث يؤكد أن الدين الإسلامى أمر المرأة أن تكون لزوجها وقتما يريدها، بل، والكلام على لسان د.المجدوب إنها إذا رفضت معاشرة زوجها باتت ليلتها ملعونة من الملائكة!!

ويواصل د. المجدوب عرض وجهة نظره بالقول: "واذا كانت النساء المصريات يتهمن أزواجهن بإغتصابهن فلينظرن الى نساء الغرب فى دولة مثل المانيا، والتى يوجد بها قانون يعاقب الزوج على معاشرة زوجته دون رغبة منها بالحبس عامين، واعتبر هذا بمثابة اغتصاب للزوجة".

وبخلاف كل هذه الآثار السلبية التى تصيب المرأة هناك مشكلات إجتماعية أخرى نتجت عن هذا القانون ومنها انصراف الشباب عن الزواج لتجنب المشاكل النفسية الناتجة عن امتناع زوجته عن اشباع رغبته اذن لماذا يتزوج وبالتالى قد يلجأ الى ممارسة البغاء لاشباع رغباته الجنسية مما يشيع حالة من الفساد فى المجتمع .

ويضيف د. المجدوب إن تشريع قانون لاغتصاب الزوجات سيجعل المرأة تستغله لإذلال زوجها، كأن تتمنع عنه لإجباره على تنفيذ مطلب لها، فإذا رفض اتهمته باغتصابها أو أن تتجه لتلفيق تهمة له باغتصابها لتصفية خلافات شخصية بينهما. ولو نظرنا بشئ من الدقة إلى حال مجتمعنا المصرى الآن، سنجد أنه مصاب بـ "هوجة جنس"!!! فكيف سيصبح حال هذا المجتمع فى حالة تشريع قانون اغتصاب الزوجات؟

الإجابة غاية فى البساطة.. فالقانون المصرى لا يعرف اغتصاب الزوج لزوجته ومن ثم فلا مجال للشكوى منه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى