الخميس ١٢ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧

نظام الحكم العسكري الإسرائيلي في الأراضي المحتلة ـ الحلقة الثالثة

في كثير من البلدان يتاح للمعتقلين أن يطعنوا في أي وقت أمام أحد القضاة في مشروعية اعتقالهم وضرورته وفي هذه البلدان يمارس هذا الحق – الذي تحميه المعايير الدولية – عن طريق التقدم بطلب لاستصدار أمر قضائي بإحضار المعتقل للنظر في شرعية اعتقاله أو استصدار أمر حماية قضائية .

وتخول المادة 78 (ط)(1) من الأمر العسكري رقم 378 أي محكمة عسكرية وكذلك أي ضابط شرطة أن يأمر بالإفراج عمن اعتقل بموجب أحكام هذا الأمر العسكري ومن حيث المبدأ يسمح الإجراء المذكور المتعارف عليه باسم "بت شن " ( من بكاشوت شونوت بمعنى " طلبات متنوعة " ) بالتقدم بطلبات الإفراج إلى محكمة عسكرية في أي وقت وبالرغم من أن الأمر في ظاهره يتيح أن تتم مثل هذه الطلبات لمجرد أن القبض كان غير مشروع أو كان غير ضروري فيبدو أن الطلبات التي تقدم بموجب هذا الإجراء تعاملها المحاكم العسكرية دائما في على أنها طلبات للإفراج بكفالة .

ومن ثم فليس هناك في الواقع العملي سبيل انتصاف قائم على " الأمر بإحضار المعتقل " يتاح للمعتقلين في الأراضي المحتلة وفي إسرائيل-على النقيض من ذلك-يمكن إيداع طلب للإفراج على أساس أن القبض غير مشروع لدى إحدى محاكم الصلح حتى قبل نفاذ مدة ألـ 48 ساعة التي يتعين عرض المعتقل على أحد القضاة في غضونها .

المعايير ذات الصلة

تمنع المعايير الدولية لحقوق الإنسان القبض او الاعتقال التعسفي وتتطلب عرض جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بما في ذلك أي شخص متهم بجريمة جنائية-على أحد القضاة فورا .

فتنص المادة 9 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على انه " لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا " وتنص المادة 9 (3) على أن " يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية سريعا إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية " ويقرر المبدأ 11-1 من مجموعة المبادئ الصادرة عن الأمم المتحدة انه " لا يجوز استبقاء شخص محتجزا دون أن تتاح له فرصة حقيقية للإدلاء بأقوالهم في اقرب وقت أمام سلطة قضائية او سلطة أخرى " تتمتع بأقوى ما يمكن من ضمانات الأهلية والحيدة والاستقلال .

وقد أعربت اللجنة المعنية لحقوق الإنسان عن وجهة نظرها في تعليقها العام رقم 8 على المادة 9 بان فترات التأخير في إحضار المعتقل أمام أحد القضاة يجب ألا يتجاوز بضعة أيام .

كما تقتضي المعايير الدولية أن يكون لأي شخص رهن الاعتقال الحق في أي وقت من الأوقات أن يلجا إلى القضاء للحصول على حكم بشان مشروعية الاعتقال وفي أن يخلى سبيله إذا كان الاعتقال غير شرعي (حق استصدار أمر بإحضار المعتقل ) وتقرر المادة 9(4) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية " لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني "

ويتطلب المبدأ 37 من مجموعة المبادئ الصادرة عن الأمم المتحدة أن " يحضر الشخص المحتجز المتهم بتهمة جنائية أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى ينص عليها القانون وذلك على وجه السرعة عقب القبض عليه وتبت هذه السلطة دون تأخير في قانونية وضرورة الاحتجاز "

ويقرر المبدأ 33-1 انه "يحق للشخص المحتجز أو محاميه في أي وقت أن يقيم وفقا للقانون المحلي دعوى أمام سلطة قضائية او سلطة أخرى " تتمتع بأقوى ما يمكن من ضمانات الأهلية والحيدة والاستقلال " وللطعن في قانونية احتجازه غير قانوني "

وقد أكد مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب ( وهو خبير معين من قبل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ) في تقريره لعام 1991 أن الأحكام المنصوص عليها في المادة 9(4) والمبدأ 32 تنطبق أيضا في ظل حالة الحصار أو الطوارئ .

توصيات منظمة العفو الدولية

توصي منظمة العفو الدولية بان تضع الحكومة الإسرائيلية موضع التنفيذ نظاما بمقتضاه أولئك الذين يعتقلون في الأراضي المحتلة-مثلهم مثل المعتقلين في إسرائيل – أمام قاض في غضون 48 ساعة وعلى القاضي أن يقدر مشروعية الاعتقال وضرورته وكذلك المعاملة التي يتلقاها المعتقل ويصدر تفويضا بأي تمديد للاعتقال .

كما ينبغي على الحكومة الإسرائيلية أن تكفل لأي معتقل يواجه-أو من الممكن أن يواجه- تهما أمام محكمة عسكرية حق المثول في أي وقت أمام قاض مخول لان يبت دون إبطاء في مشروعية الاعتقال وضرورته لان يصدر حكما بإطلاق سراح المعتقل متى ذلك ملائما .

ج- إخطار عائلات المعتقلين

لكي يتاح للمعتقل حق الحصول على المشورة والمعونة القانونية فان ذلك بصفة عامة يتطلب أن يخطر أعضاء أسرة المعتقل أو أصدقاؤه بتوقيف المعتقل ومكان وجوده بحيث يمكن توكيل أحد المحامين .

 
التشريع

إن المادة 78 أ (ب) من الأمر العسكري رقم 378 ( في صورتها المعدلة بالأمر العسكري رقم 1220 الصادر في آذار /مارس 1988 تحمي هذا الحق فيما يبدو وتقرر المادة 78 أ (ج) انه يجب إعطاء مثل هذا الإخطار أيضا إلى محام بعينه بناء على الطلب .

" (ب) إذا قبض على شخص يجب إخطار أحد أقاربه دون إبطاء بالقبض عليه ومكان اعتقاله ما لم يكن المعتقل قد طلب غير ذلك .

(ج) بناء على طلب المعتقل يخطر أيضا بالحقائق المذكورة في الفقرة (ب) المحامي الذي يذكره المعتقل بالاسم "

ومع ذلك فان المادة 78 د (ب)(6) تتيح للقاضي أن يسمح بعدم تبليغ خبر اعتقال المعتقل لمدة أقصاها 12 يوما إذا اقتنع " بأن ذلك ضروري لأمن المنطقة أو لأغراض التحقيق " .

أما في إسرائيل والقدس الشرقية، فوفقا للمادة 28 (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، يجب إرسال لإخطار بالقبض ومكان الاعتقال أيضا إلى الأقارب ما لم يطلب الشخص المقبوض عليه غير ذلك والى أحد المحامين إذا طلب الشخص المقبوض عليه ذلك " دون إبطاء " إلا أن المادة 30 (أ) و (ج) تخول القاضي بأحد محاكم الاختصاص المحلي أن يجيز الاحتفاظ بسرية القبض على شخص متهم بجرائم أمنية معينة لمدة أقصاها 15 يوما إذا شهد وزير الدفاع كتابة بان دواعي أمن الدولة تتطلب ذلك .

توصيات محكمة العدل العليا

في تشرين الثاني/نوفمبر 1989، لراجعت محكمة العدل العليا في القرار 670/89 التزام السلطات بالأحكام ذات الصلة المتضمنة في الأوامر العسكرية في الأراضي المحتلة، وأقرت بان هذه الأحكام تحمي حقا طبيعيا أساسيا :

" (1) أن الالتزام بالإخطار وفقا للمادة 78 أ(ب) .... ينبع من الحق الأساسي – بعد أن ألقت السلطات ذات الصلاحية القبض عليه بصورة شرعية – في أن تخطر تلك السلطات ذويه بالقبض عليه، ومكان وجوده بحيث يعلمون ماذا حدث لقريبهم المقبوض عليه، وكيف يقدمون له المعاونة الضرورية لكي يحموا حريته .

(2) إن هذا حق طبيعي قائم على الكرامة الإنسانية والمبادئ العامة للعدل، ويمنح للشخص المقبوض عليه ولاقاربه على السواء "

هذا الرأي عبرت عنه محكمة العدل العليا في قرار بشأن التماس من موسى يونس محمد عودة واحمد جابر يوسف شاهين، وعزيزة جمعة سليمان أبو شقرة، وهم أقارب شبان فلسطينيين قبض عليهم في 5،6،13 تموز /يوليو 1989، فبعد شهر قضوه في محاولات فاشلة للعثور على المعتقلين، ورفعوا قضيتهم إلى محكمة العدل العليا في 10أب/أغسطس 1989 . ومع ذلك فلم يخطر الممثل القانوني للأقارب بمكان وجود المعتقلين إلا في أب/أغسطس 1989 . وعلى حد قول أحد المستشارين فإن " من المرجح أن الاستئناف في هذه القضية قد لعب دوره في إخطار الأقارب في آخر الأمر " وقد تقدم بالالتماس أيضا رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل لاستصدار قرار يلزم السلطات الإسرائيلية بالامتثال للأحكام ذات الصلة بشأن إخطار الأقارب .

وفي النهاية أصدرت المحكمة قرارا في قضية الفلسطينيين الثلاثة، وأمرت السلطات بدفع نفقات المحكمة ومع ذلك فقد رفضت الالتماس المقدم من رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل لان مكتب المدعي العام اخطر المحكمة قبل يومين من الموعد الذي من المقرر أن تنظر فيه في الالتماس في أيلول/سبتمبر 1989، بأنه يجري إصدار تعليمات جديدة تتعلق بإخطار العائلات بشان عمليات القبض على أقاربهم وأماكن اعتقالهم .

وقد تضمنت هذه التعليمات الجديدة نصوصا بإعطاء بطاقات بريدية خاصة للمعتقلين لملئها ثم إرسالها بالبريد يوميا إلى أقاربهم لابلاغهم بأماكن وجود المعتقلين . كما نصت على تعليق قوائم – من بينها قوائم باللغة العربية – على لوحات الإعلانات في مكتب الإدارة المدنية بكل منطقة وان يجري تحديثها يوميا لبيان السجناء المحتجزين في مواقع الاعتقال بالمنطقة، ولتوفير المعلومات الخاصة بعمليات رحيل المعتقلين خلال الأسبوع السابق، وكذلك نصت هذه التعليمات على إخطار عائلة المعتقل عن طريق الهاتف في " حالات غير عادية " ( على سبيل المثال عندما يكون المعتقل في احتياج إلى دواء خاص ) وعلى مركز المراقبة، الذي يكون قد ا
أنشئ قبل ذلك، أن يستمر في جمع البيانات عن المعتقلين المحتجزين في شتى مواقع قوات جيش الدفاع الإسرائيلي او مصلحة السجون من اجل تيسير عملية الإخطار .

ومن المهم في هذا السياق ملاحظة أن مستشاري المحكمة العليا – بالرغم من رفضهم التماس رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل – أبدوا تحفظات بشان مدى كفاية الترتيبات بالنسبة لإخطار العائلات .

وقد كتب تيودور اور رأيا منفصلا تطابق مع ما انتهى إليه المستشار مناحم أيلون، نائب رئيس المحكمة من أن الاستئناف ينبغي رفضه على ضوء مقترحات المدعي العام إلا انه حذر من احتمال عدم كفاية هذه المقترحات وقد سانده في ذلك رأي ثان متطابق مع رأيه عبر عنه المستشار " الياهو مازا " الذي دعا السلطات لإعارة الانتباه على نحو جدي لملاحظات المستشار أورد في إطار جهود السلطات " لتحسين الإجراءات السابقة بقدر المستطاع "

وقد شدد المستشار أور في رأيه انه بموجب المادة 78 أ(ب) فان مسؤولية إخطار الأقارب فورا تقع على عاتق السلطات وانتهى إلى أن هذه المسؤولية ليس من الراجح الوفاء بها بصورة كافية عن طريق نظام قائم على البطاقات البريدية فحسب واقترح وجوب إبلاغ الأقارب عن طريق الهاتف حيثما كان ذلك مستطاعا .

" لقد رأيت من الملائم التأكيد على ذلك ( أي انه من واجب السلطة القائمة بالاعتقال أن تكفل إخطار الأقارب ) على الرغم من أن المعتقل نفسه في معظم الحالات سوف يستفيد من البطاقة البريدية التي يزود بها وسوف يملؤها، وإذا أرسلت بواسطة السلطات القائمة بالاعتقال فان القبض عليه ومكان وجوده سيصيران معلومين لقريبه وهذا لا يتم في بعض الأحيان على هذا النحو فالمعتقل يكون أحيانا في حالة بدنية أو نفسية لا يمكن معها التعويل على انه واع كما ينبغي بحقه وبالتالي فقد لا يتصرف بحيث يمارس هذا الحق وقد يحدث أحيانا ألا تصل بطاقته البريدية إلى جهتها المقصودة لاسباب خارجة عن إرادته ولذلك فان سلطات الاعتقال يجب عليها ليس فقط ضمان تزويد المعتقل ببطاقة بريدية بل ينبغي أن تتخذ أيضا الخطوات المعقولة اللازمة لكي تضمن انه في تلك الحالات التي توجد فيها دواع للاعتقاد بان البطاقة البريدية لا تكفي لضمان تسلم الإخطار فان قريب المعتقل يتم إخطاره فعلا .

" ... يجب القيام بواجب إخطار قريب المعتقل دون إبطاء كما هو مقرر في المادة 78 أ(ب)، السابق ذكرها، ويبدو لي أنه في ظل الظروف العادية، وحينما يكون ذلك ممكنا ولا يؤدي إلى مصاعب – ذات طبيعة فنية او أمنية – فان من اللائق الوفاء بالواجب من خلال اتصال هاتفي لابلاغ قريب المعتقل، وبذلك يحال تأخير لا موجب له في الإخطار "

وقد استشهد المستشار اور في رأيه بعبارة ذكرها وزير الدفاع اسحق رابين في 29 حزيران/يونيو 1989 لرئيس الكنيست ( البرلمان الإسرائيلي ) قال فيها : " أن إمكانية إخطار العائلات عن طريق الهاتف تجري دراستها " وقد انتهى المستشار اور إلى انه : " .... قد يكون من الواجب توسيع نطاق البسيطة والسريعة للإخطار بالنسبة لجميع الحالات التي يكون من الممكن فيها استعمال مثل هذه الطريقة وحيثما لا توجد القيود والمصاعب السابق ذكرها وليس قط في ظل الظروف الاستثنائية "

 
الممارسة

تشير المعلومات التي جمعتها منظمة العفو الدولية إلى أن هذه التعليمات غير معمول بها على نحو فعال فقد أوضح أقارب المعتقلين الذين أجرت معهم منظمة العفو الدولية مقابلات انهم تلقوا بطاقات بريدية من المعتقلين إلا أن هذه البطاقات وصلت بعد القاء القبض بمدة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين على الأقل وبصفة عامة يبدو انه لم يكن يجري تعليق قوائم بأسماء المحتجزين باللغة العربية في مكاتب الإدارة المدنية وفي أماكن مثل بيت لحم حيث كان يجري إعداد القوائم كان الإخطار يتم عن أن هذه القوائم لا يمكن الاعتماد عليها وفي جميع الحالات لم يكن من المتيسر دائما بالنسبة لاقارب المعتقلين السفر إلى المراكز الإدارية لكي يفحصوا مثل هذه القوائم .

وكانت النتيجة هي انه في الغالبية العظمى من الحالات استمر اعتماد العائلات على الشائعات والمعلومات غير المباشرة فيما يتعلق بأماكن وجود أقاربهم المعتقلين والمصادر الرئيسية لاستقاء المعلومات عن المحتجزين هي المحتجزون المفرج عنهم وأولئك الذين يمثلون أمام المحكمة والمحامون الذين يزورون مواقع الاحتجاز لرؤية محتجزين آخرين واللجنة الدولية للصليب الأحمر .

إن فترات التأخير المترتبة بالضرورة على مثل هذا النظام المعيب الخاص بالإخطار تجعل اكثر عرضة للخطر ومهما حاول الأقارب والمحامون حماية حقوق المعتقلين بان الفترة الحرجة التي تعقب اعتقالهم مباشرة فان محاولاتهم ستبوء حتما بالفشل حيثما يكون من المستحيل تحديد مكان المعتقل .

وتتطلب مهمة جمع ونشر المعلومات عن العدد الكبير من الأفراد المعتقلين في الأراضي قدرا عظيما من الإمكانيات ولا سيما الكثير من الأسر الفلسطينية ليس لديها هواتف ومع ذلك فمن الواضح أن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي العاملة في الأراضي المحتلة لديها هذه الإمكانيات .

وحينما أثار مبعوث منظمة العفو الدولي مع المستشار القانوني لقوات الدفاع الإسرائيلية لقطاع غزة عددا من الحالات الفردية للمعتقلين بما فيها بعض الأفراد بالضفة الغربية الذين لم يكن لهم اتصال بغزة استطاع المستشار القانوني بقدر نسبي من اليسر أن يجيب على الاستفسارات مستخدما الهاتف وبيانات الحاسب الآلي أن ما هو متاح لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي في الأراضي المحتلة من نظام فني متطور لحفظ السجلات ونظم الاتصالات والموارد البشرية الضخمة يجعل الاقتراح الخاص بضرورة إخطار عائلات المعتقلين فورا بأماكن وجودهم اقتراحا معقولا تماما .

المعايير الدولية ذات الصلة

تتطلب المعايير الدولية أن تخطر عائلات المعتقلين وأصدقائهم على وجه السرعة بالقبض عليهم وبمكان تواجدهم فالمبدأ 16-1 من مجموعة المبادئ الصادرة عن الأمم المتحدة ينص على ما يلي :

" يكون للشخص المحتجز أو المسجون بعد القاء القبض عليه مباشرة وبعد كل مرة ينقل فيها من مكان احتجاز أو مكان سجن إلى آخر، الحق في أن يخطر أو أن يطلب من السلطة المختصة أن تخطر أفرادا من أسرته أو أشخاصا آخرين يختارهم بالقبض عليه أو احتجازه أو سجنه أو بنقله وبالمكان الذي هو محتجز فيه " ويتضمن المبدأ 16-2 أحكاما خاصة لإخطار البعثات الدبلوماسية في حالة المعتقلين الأجانب وللإخطار التلقائي بواسطة السلطات نفسها لوالدين او الأوصياء حيثما ينطوي الأمر على إحداث او معتقلين آخرين لهم احتياجات خاصة ويسمح المبدأ 16-3 بإرجاء الإخطار فقط لفترة معقولة عندما تقتضي ذلك ضرورات استثنائية في التحقيق "

وتتطلب القاعدة 92 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الصادرة عن الأمم المتحدة الإخطار الفوري للعائلات والأصدقاء :

" يرخص للمتهم بان يقوم فورا بإبلاغ أسرته نبأ احتجازه ويعطى كل التسهيلات المعقولة للاتصال بأسرته وأصدقائه وباستقبالهم دون ان يكون ذلك مرهونا الا بالقيود والرقابة الضرورية لصالح إقامة العدل وامن السجن وانتظام إدارته " وقد نص مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب في تقريره لعام 1989، وفي سياق اعترافه بأهمية الإخطار الفوري للعائلات كضمانة من الضمانات الواقية من التعذيب على أن أقارب أي شخص مقبوض عليه ينبغي إبلاغهم فورا بالقبض عليه وبالمكان المحتجز فيه .

توصيات منظمة العفو الدولية

توصي منظمة العفو الدولية الحكومة الإسرائيلية بان تضع موضع التنفيذ نظاما تخطر بموجيه عائلات أو أصدقاء المعتقلين بالقبض عليهم وأماكن اعتقالهم ويجب عليها على نحو خاص أن تسعى لتنفيذ الاقتراح بان يتم مثل هذا الإخطار عن طريق الهاتف-متى كان ذلك متيسرا- أو بوسيلة أخرى ملائمة حيثما كانت الهواتف غير متاحة . وينبغي النظر فر وسائل سريعة بديلة لتقديم هذه المعلومات مثل إنشاء مكتب استعلامات هاتفي مركزي .

د. حق الاتصال بالمحامين بانتظام

إن حق الاتصال الفوري والمنتظم بالمحامين هو ضمانة مهمة من الممكن أن تحمي المعتقلين بصورة فعالة من الانتهاكات إبان المراحل الأولية الحرجة لاعتقالهم فالمحامون يقدمون إلى المعتقلين النصائح القانونية الضرورية التي تتعلق بأي تحقيق يكون جاريا وأية تهمة توجه في نهاية الأمر كما يوفر حق الاتصال بالمحامين درجة من الحماية من الإيذاء البدني والنفسي للمعتقلين أو إساءة معاملتهم بأي طريقة أخرى يكون اقل احتمالا إذا علمت أن محامي المعتقلين لديهم حق الاتصال الفوري بهم والاستماع إلى شكواهم وملاحظة أية إصابات واتخاذ الإجراء المناسب .

ومع ذلك فان الأوامر العسكرية ذات الصلة في الأراضي المحتلة تسمح بحرمان المعتقل من الحق في الاتصال بحام لمدة تنص على أن سلطات الاستجواب ذاتها من سلطتها أن تمنع هذا الحق خلال الثلاثين يوما الأولى من الاحتجاز .

وهكذا فان الهيئات ذاتها التي قد تقدم ضدها في نهاية الأمر أية ادعاءات بالتعذيب أو إساءة المعاملة لديها السلطة لحرمان المعتقلين من ضمانة من الضمانات الأساسية الواقية من مثل هذه المعاملة .

 
التشريع

تتصدر المادة 78 (ج) من الأمر ا لعسكري رقم 378 في صورته المعدلة مقدمة تقول انه " إذا طلب معتقل مقابلة محام أو إذا طلب مقابلة المعتقل محام وكله أحد أقاربه يجب على المسؤول عن التحقيق السماح بالمقابلة " ومع ذلك فان المادة 78 (ج) تقرر أيضا أن نفس هذا الشخص المسؤول عن التحقيق يحق له بقرار خطي أن يأمر بعدم تمكين المعتقل من ممارسة هذا الحق لمدة أقصاها 15 يوما، " إذا رأى أن الأمر ضروري لامن المنطقة أو صالح التحقيق " وتعريف الشخص المسؤول عن التحقيق هو أن يكون ضابط الشرطة من رتبة معينة أو رئيس طاقم محققين في خدمة الأمن العام أو ضابطا بجيش الدفاع الإسرائيلي يعينه قائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي بالمنطقة ويمكن لضابط شرطة او ضابط تابع لجهاز الأمن العام أو ضابط بجيش الدفاع الإسرائيلي من رتبة أعلى من الشخص المسؤول عن التحقيق أن يحول دون حق مقابلة محام لاسباب مشابهة لمدة 15 يوما أخرى على الأكثر .

وبمقتضى المادة 78 (د) يجوز لقاض قانوني في محكمة عسكرية أن يأمر بفترة إضافية مقدارها 30 يوما من الحرمان من هذا الحق لنفس الأسباب ويجوز لرئيس المحكمة أو للقائم بأعمال الرئيس أن يمد هذا الحرمان لفترة إضافية ونهائية مقدارها 30 يوما إذا شهد قائد المنطقة بجيش الدفاع الإسرائيلي كتابة أن "هناك أسبابا خاصة لامن المنطقة تتطلب مثل هذا الإجراء .

أما في إسرائيل والقدس الشرقية فوفقا للمادة 29 (و) من قانون الإجراءات الجنائية يجوز لشخص المسؤول عن التحقيق منع مقابلة بين فرد مشتبه في ارتكابه جرائم أمنية معينة واحد المحامين لفترة 15 يوما على الأكثر وطبقا للمادة 30 (ج) يمكن مد هذه الفترة لمدة 15 يوما أخرى بتفويض من أحد قضاة محكمة الاختصاص المحلي إذا اقر وزير الدفاع كتابة أن دواعي أمن الدولة تتطلب ذلك ويبدو انه من النادر ممارسة هذه الصلاحيات .

-
الممارسة

يبدو أن سلطات الاستجواب في الأراضي المحتلة تمارس تلك الصلاحيات الشديدة الاتساع فيما يتعلق بزيارات المحامين باعتبارها من المسائل الروتينية فالمعتقلون – فيما يبدو – يحرمون من حق الاتصال بالمحامين خلال فترة الاستجواب بكاملها وبصفة عامة يكتمل الاستجواب في غضون فترة الثلاثين يوما الأولية بالرغم مما يذكره المحامون من انه حتى في الحالات التي ينتهي فيها الاستجواب بعد بضعة أيام قد يبقى حق الاتصال ممنوعا لمدة قد تصل إلى 30 يوما .

وقد اخبر المحامون في غزة على سبيل المثال منظمة العفو الدولية انهم اعتادوا أن يحال بينهم وبين الاتصال بموكليهم فترة تتراوح بين 20 و 30 يوما تقريبا بعد القبض حتى في الحالات التي يكون فيها الاستجواب قد اكتمل قبل ذلك بكثير وفي كثير من الأحيان - فيما يبدو – يظل المحتجزون في الحبس الانعزالي في جناح الاستجواب بالسجن المركزي في غزة لمدد كبيرة بعد اكتمال الاستجواب . وفي الواقع الفعلي فان المحامين لا يعرض عليهم مطلقا أي تفويض مكتوب بفضي بالحرمان من هذا الحق كما أن هناك حالات يمنع فيها حق الاتصال بالمحامين لفترات تزيد كثيرا على 30 يوما .

إن حرمان المعتقل من أحد حقوق الإنسان الأساسية ألا وهو الحق في مقابلة محام أمر ينبغي النظر فيه على ضوء الادعاءات المستمرة بان سلطات الاستجواب في الأراضي المحتلة تنخرط في أعمال خطيرة من سوء معاملة المعتقلين نفسيا وبدنيا بما في ذلك التعذيب من اجل الحصول على الاعترافات وعندما يتم على نحو منتظم تجاهل مثل هذه الضمانة الرئيسية التي أوجبها القانون الدولي ضد تعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم فان نزاهة النظام القضائي برمته تتقوض .

وعلاوة على هذه المحظورات المفروضة بحكم القانون على زيارة المحامين لموكليهم فان محامين كثيرين تواجههم عراقيل عملية عديدة حينما يسعون للاتصال بموكليهم ففي بعض مراكز الاعتقال كمركز اعتقال الظاهرية في الضفة الغربية لا بد من حجز الزيارات بالهاتف قبل الموعد بأسابيع علما بان هاتف المركز يكون مشغولا في العادة وساعات الزيارة محدودة إلى أقصى درجة والمعتقلون يرحلون مرارا مما يجعل من الصعب تحديد أماكنهم وبالتالي زيارتهم ولا يسمح بزيارة المعتقلين المحتجزين مؤقتا في مواقع احتجاز انتظارا لنقلهم إلى واقع الاعتقال لفترات أطول .

ومن الأمور الأخرى التي تبعث على القلق أن حق مقابلة المحامين للمعتقلين عندما يمنح في نهاية المطاف يكتنفه القصور في كثير من الأحيان من حيث الزمن والظروف فمن الممكن أن يترك المحامون في حالة انتظار معرضين لقسوة العوامل الطبيعية ساعة أو اكثر من اجل إتمام زيارة سبق ترتيبها وحينما تتم الزيارة فعلا كثيرا ما يكون الزمن غير كاف للتشاور السليم فضلا عن اخذ إفادات كتابية مفصلة مشفوعة بيمين ولا سيما إذا زعم المعتقل حدوث تعذيب أو سوء معاملة .

وفي سجن غزة المركزي ورد آن المحامين يرون موكليهم عادة لمدة 10 دقائق وفي مواقع اعتقال أخرى قد يؤتى بالمعتقلين إلى الخارج معا في مجموعات متتالية من خمسة أشخاص أو ستة من اجل مقابلة مشتركة مع محاميهم ولا يؤتى بمجموعة جديدة حتى يكون كل من في المجموعة السابقة قد اكملوا مشاورتهم ومن الواضح أن هذا يحدث ضغطا على المحامين لكي يتعجلوا في مقابلتهم وعلاوة على ذلك فان الظروف اللازمة لتوفر السرية ليست مكفولة دائما على سبيل المثال أثناء المقابلات المشتركة عندما يتكدس فيها المحامون والمعتقلون جنبا إلى جنب مما يجعل مهمة المحامي اكثر صعوبة .

وعلى خلاف ذلك يلحظ المحامون أوضاعا افضل بكثير عند زيارة السجون الإسرائيلية التي يحتجز فيها موكلوهم أحيانا مثل سجن عسقلان وكذلك بعض مراكز الاعتقال في الأراضي المحتلة مثلما في الخليل بالضفة الغربية إذ يمكن حجز موعد الزيارات بسهولة عن طريق الهاتف وفي حالة الضرورة تتاح الزيارة بعد تحديد الموعد بوقت قصير كما يمكن إجراء مشاورات فردية سرية وافية مع الموكلين .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى