الأربعاء ٢١ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
بقلم رمضان الصباغ

الراحل بين المداخل المزدوجة

خرجت من مدينتى المنتحبة
أبحث عن خميلة وفيرة العطاء
عن منجم الطفولة
وعن بلابل تغنى فى انتشاء
ركبت فى تلهفى جوادى الأصيل
سخرت من ظواهر القنوط والأفول
لأننى أردت أن أكون فاتحا
أردت أن أعود
وفى يدى باقة الورود
أردت أن أكون مانحا
فأحمل البشارة
أكون بادئا أفجر الشرارة
فيخرج النيام من وكورهم وترجع الطهارة
***
دخلت فى المدينة الجديدة
وفى دمى ترقص رغبتى الوليدة
وفى عظامى
تراشقت مقاطع القصيدة
***
الصخرة السوداء فوق الدرب، والدرب لهيب.
والعاشق المهموم يركب الرياح، يعزف النشيد.
والقمر الأسود فى عينيه قد نَمَتْ بثور.
تآكلت بوجهه البراءة
نامت بجسمه العليل ديدان الهزيمة
فأكلتْ إيقاعه المعجون بالنيران والحليب
وتركت فؤاده بلا وجيب
واستخلصت من دمه رائحة الحناء.
والعاشق المهموم.. يركب الرياح.. يعزف النشيد.
والصخرة السوداء.. تحجب الضياء.. توصد الطريق
والأمل الأخضر فى جريدة المساء نَعيهُ، وفى جريدة الشروق.
والفارس المغوار
بسيفه البتار
يعبر الفلاة
والشبح الضائع فى عينيه تورق الدماء
تحبل غيلانا، وغربانا، وبومْ
والعاشق المهموم..
لا يسقط أو يقومْ
***
صوت:
- لا تعصر الأحزان
فى زمن الجدب الكئيب والكهولة
لا تحفر الجدران
تبحث عن براءة، وعن طفولة
فالزيف فى الدماء
***
أجوب فى شوارع المدينة
معبأً فى علب التأنيب، مربوطا بأذيال الضياع
وراكعا أمام أصنام البشاعة
من رئتىينضح الصديد- فيهما تحتبس الأنفاس
أجول فى شوارع المدينة
أمضغ طين الأرض، أشرب النزيف.
أبكى على الرصيف.
والنار فى الضلوع، والأسفلت يقطر الدماء.
أضيع فى مداخل الليل، وفى مخارج النهار
يرسم وجهى العار.
يصرخ فى صمتى البريء
كيف قبلت أيها المجرح المجيء
***
الشارع المضاء.
يخنق أنفاسى يشلنى فى الزحمة الأجيرة
سمرنى تحت الزخارف العتيقة
ألقى رماح الداء
فى دمى، سقانى الجرعة الممروره
***
أدور فى تشابك الحروف
أبحث عن حدائق بلا خريف
والليل يلقى بالجدار فوق صدرى المحطم الصديع
يزرع فى محاجرى الدموع
خناجر..
سيوف..
وينشر الدماء.
يدخلنى فى كوكب بلا مدار.
***
صوت:
- لا تحزنوا
فالحب قد يجيء للمدينة المحترقة
غدا
يمد للجوعى اليدا
ويطلق الزفير من رئاتنا المختنقة
***
أعود يا رفاقى
وفى دمى مزارع الأسى
وفى عيونى خنجر انسحاقى
أعود للتلاقى
إلى رصيف الخوف والبكاء
أعود مرغما
معلقا فى ذنب الأفاعى
مضيعا.. محطما
وسلة الحرمان فى ذراعى
أعود
بكلمة مهزومة
ونغمة مهمومة
وطعنة اندفاعى
لأننى.. بلا طريق

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى