الأحد ١٥ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧
بقلم يحيى السماوي

مذكرات الجندي المرقم 195635

"2"

لم يصدّق مظلوم عينيه حين رأى نفسه داخل سيارة لاندكروز وقد اجتازت بوابة رئاسة الاستخبارات العسكرية متجهة به نحو الشارع العام ... تساءل في سره : هل حقا كان المحقق صادقا عندما أخبرني انه متزوج من إحدى عوائل مدينة السماوة ـ وتحديدا من عائلة جارنا القديم " أبو شاكر " ؟ وهل حقا كانت رأفته بي ، إكراما لعائلة زوجته ؟ وإذا كان ذلك صحيحا فلماذا ترك مستخدميه يتدربون بجسدي على لعبتي الملاكمة وكرة القدم ، متخذين من وجهي سطلا للبصاق ومشجبا للصفعات ؟ لا ... لا يامظلوم، لا تصير غشيم ـ قال في نفسه ـ اليوم يشوون البصل على اذنك ... إي والله ... هو المحقق نفسه كاللي إعترف كبل ما ياخذونك ويشوون البصل على إذانك ... طيب ، بس ليش انطاني ورقة رابوط طبي بيها إجازة لمدة اسبوعين ؟ مو بس الإجازة ، لا ... فوكاها باكيت جكاير سومر أصلي ، وسيارة لاندكروز توصلني لكراج علاوي الحلة ّّّ؟؟؟ صحيح آني ما أكدر أمشي من الرضوض .. وصحيح خشمي مورم وأحس فد شي مثل القطار داخل إذني ، بس ليش ما تركني اطلع وحدي وأني آخذ تاكسي .. شنو يعني ما عندي فلوس ؟ لا عندي ... لا يامظلوم ، المسألة بيها سر .. إي والله بيها سر ... إلهي دخيلك .. انقذني هالمرّه ، وأعاهدك راح أصوم وأصلي وأترك كل السوالف المكسرة

والموزينه .. انته ومروتك إلهي بس خلصني هالمره ، وشوفني شلون راح أصير .. آني دخيل عندك .. وانته تعرف هذوله اشلون سرسريه واولاد كلب .. !!! معقووووولة...

المحقق بعد كل ذاك الدك والكتل والطحلات والراجديات والرفس والكيبل والتفال ، ينطيني إجازة لمدة اسبوعين وباكيت جكاير سومر أصلي ـ وفوكاها سيارة لاندكروز توصلني لباب كراج علاوي الحلة ؟ والله العظيم بس المطي يصدك ... لا يابا لا ..
المسأله بيها سر ...

استمر مظلوم في هذيانه وذهوله الصامتين ... وفكر مع نفسه بالقفز من السيارة حالما

تسنح الفرصة المناسبة ... لكنه تذكر أن قدميه المتورمتين لن تساعدانه ... وحتى لو تساعدانه ، وبحسب خبرته ـ فالتعذيب سيكون أكثر قسوة في حال الإمساك بالهارب ..

" لم يستبعد مظلوم احتمال أن يتعمد السائق توفير فرصة الهروب له كي يقتله برصاصة من مسدسه الواضح للعيان .. "
حين عبرت السيارة جسر الاعظمية ، قال مظلوم للسائق :
ـ
من فضلك ، نزّلني قرب الجامع ... اريد أزور الإمام وأصلي صلاة المغرب ، وبعدين آني آخذ تاكسي للمحطة .. آني أرتاح للسفر بالقطار ...شكرا أغاتي ... نزّلني بباب الجامع .. جزاك الله ألف خير وكثّرْ امثالك .. يمّك عيوني يمّك ..
ـ هاي شلك بيها يابه ؟ بيع شلغم على غيري ... ليش الشيوعيين يصلون ؟ بعدين إنته شيعي ، شنو علاقتك بالامام المعظم ؟ تبيع كلاوات علينه
ـ
يا أخي صدّكني .. والله العظيم آني أدوخ من السيارة ... وأريد أسافر بالقطار و..
ـ
تريد أرجع بيك للمخبز ؟ إكرمنه بسكوتك وانجب ...
ـ
العفو أغاتي ... آسف ... ليش انتم تسمون رئاسة الاستخبارات المخبز ؟

ـ إكرمنه بسكوتك وإنجب ... كافي لغوة ... بعدين مو تنسى وصية السيد المقدم ... انطاك إجازة اسبوعين ، تكظيها بالبيت ، اسبوعين ما يبقى بيك أي ورم ... خشمك يطيب .. والجرح اللي بكصتك يشفى .. بعدين تلتحق بوحدتك ... دير بالك تحجي زايد ناكص ..

ـ واذا سألتني مرتي ؟

ـ مو مشكلة .. تكدر تكول سكران وطحت ... سيارة دعمتني ... تعاركت بالكراج وبسطوني .. هذي مو صعبة عليك ... بس تعرف تصفط شعر خريطي .. ما لازم تكول سكران وطحت ... كول لعبت قمار وبسطوني
ـ هاي العايزة ... انعم لله عليك .. تريد المره تطلب طلاقها مني .. لا أخي .. خليها سكران وطحت ، لو جماعة سرسرية دارو عليّ وبسطوني بالكراج.. هذا العذر أحسن .. وأشرف ... جانت عايزه والتمّت ْ .. قمرجي ..

" وكمن ينتبه بعد غفلة ، سأل مظلوم السائق باستغراب :

ـ العفو أخي ، يعني المحقق يحمل رتبة مقدم ؟
ـ
...............

ـ مقدم مقدم ؟ زين ليش ما لابس الرتبة ؟

" لم ينبس السائق بكلمة ، لكنه نظر بضجر الى مظلوم الذي استدرك قائلا :

ـ والله ابن أوادم ...رؤوف ومتواضع ... ما كنت اتصور مقدم ... تواضعه مدهش ...

تفضل سيكارة ... تفضل ارجوك ... شنو انته كاطع التدخين ؟ آني اتمنى أكطعه ... بس منين أجيب الإرادة ..ألعن اليوم اللي تعلمت بيه التدخين ..إي والله .. ما وراه غير الأذية وطياح الحظ

ـ ليش طياح الحظ بس بالجكاير ؟ انته من زمان طايح حظك ... لو بيك خير جان بقيت مدرس ... قشمر ... حزب البعث سوّاكم أوادم ... خصوصا إنتم الشراكوة ... ربكم ودينكم الخميني ... ما تصير الكم جارة...إنزلْ.. هذا كراج السماوة ...
ـ شكرا جدا ...آني هواية ممنون إلك ... ارجوك بلغ شكري للسيد المقدم ...

ـ اطيني عرض اجتافك ... لا تطولها ... دير بالك زين ، تره هالمرة خلصت ، المرة الثانية إقرأ على نفسك الفاتحة ... وتذكر زين ، مانريد أي كلام زايد ناكص

ـ اطمئن ... ثقة .. جماعة سرسرية بسطوني بالكراج ..

...........................................................

...............................................................

..................................................................

السائق الحاج كاظم وزير ،وقد رأى مظلوم كمن يمشي على مسامير، متورم الوجه :

ـ استاذ ابو شيماء ؟ خير ما كو شي ؟ هاي شبيك ابني ؟

ـ لا ما كو شي ... خبزوني الكواويد السرسرية السفلة بالاستخبارات العسكرية ـشششش ... دير بالك وليدي ... كفيلك الله والعباس ، نص سواق السيارات وكلاء أمن ومخابرات ... إصعد ونسولف بالطريق ... ليش أكو واحد ما يعرف هذولة الناقصين الذمة والضمير....سفلة مناو .......

**

"2"

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى