السبت ٢٨ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧
بقلم صباح الشرقي

جرائم قتل الأزواج أسباب وحلول

أصبحنا نرصد كل يوم العديد من حالات القتل العمد بين الأزواج، كنتيجة للخلافات المنزلية والأسرية، خصوصا حين يشتد الخلاف وتتعثر العشرة بين هما ويصبح عش الزوجية مهدد بالخراب والانهيار، بالرغم من أن تلك الخلافات مهما بلغت ذروتها فإنها تبقى جانبية مقارنة بالحدث نفسه فيما بعد والذي لابد له من حل معين وبالحسنى عاجل أم آجل، و إيجاد علاج بديل لتلك الخلافات الداخلية ذات الخصوصية البحتة.

نسمع أو نقرأ يوميا مجموعة من الأخبار مفادها أن بعض النساء تخلصن من أزواجهن بطريقة القتل العمد كذلك الحال بالنسبة للرجل، قصد الابتعاد كليا عن شبح الكابوس المرعب الذي وصل له حال الزوجين، متجاهلين أن شراكتهما تضفي على الأسرة هالة من القداسة والأصالة والأهمية، ورغم إدراك هما المسبق أن الحياة لا تدوم على حالة واحدة، كذلك تدخل الشيطان الرجيم الذي هو العدو الأول للإنسان منذ يوم الخلق الأول، يضلله ويضعه أمام العقبات والمغريات بأشكالها وأنواعها المتعددة والمختلفة، بالإضافة إلى تجسيده لمظاهر تتكيف مع البيئة والعصر والظروف سواء على صعيد الفكر أو النفس، أو المشاعر والسلوك أو الأعمال، فإذا فتحت أمامه الأبواب كي ينصب شباكه فلن يتردد لوهلة كي يبني لهما قصرا من الأوهام والتخيلات، إذ يمكن آنذاك فعل أي شيء حتى القتل والتنكيل بالجثة دون رحمة ولا شفقة أو خوف من عقاب الله حيث لا شفاعة لقاتل العمد يوم القيامة أو من عواقب القانون والذي في أخف حالاته السجن المؤبد،فهل غفل الاثنان على أن الزواج نظام عظيم ، عظمه الله تعالى في كتابه الكريم، فجعله سكن ورحمة ومودة وألفة ومحبة، إلا أن هذه الصفات لا يفسدها إلا المتزوجون ، فالعدل في المعاملة يورث الحب ويجمع الشمل ويقوي الأواصر ويبني علاقات متينة وقوية بين الأفراد ، أما العكس فيولد الحقد والشقاق والضغينة والكراهية، وهو ما يشتت الأزواج ويفكك الأسر الذي هم الدعامة الأولى والأساس القوي لمجتمع سليم وفاضل.

لقد اتفقت الشرائع السماوية كلها، كذلك القوانين والتشريعات الوضعية في كل بقاع المعمور على حرمة قتل النفس أو الإنسان إلا بالحق، وعلى تجريم كل من حاول النيل من الروح الطاهرة بفرض العقاب والقصاص، فقد لا ترتكز جرائم الإنسان فقط في قتل النفس بل كذلك في تعذيبها والاعتداء عليها، تلك المظاهر المعيبة والغريبة على المجتمع الإسلامي تجعل العديد من التساؤلات تبرز في الواجهة أهمها البحث عن حلول مجدية ومعمقة لجذور المشكلة للحد من هذا المسلسل الدموي البشع الذي يندى له الجبين، فكيف لنا إنقاذ تلك الأرواح الطاهرة من تلك النهاية البشعة وبتلك الصورة المخجلة والتي تغيب عنها صفات الرحمة والإنسانية التي تميز بنى البشر عن سواهم ؟.

قد تكون بعض الأمثال والقصص الشعبية القديمة الزاخرة بالتوكيد على أن كل ماله علاقة بالمرأة من قريب أو بعيد لا بد أن ينطوي على الشر والفاحشة، فقد ذهبت المجتمعات البدائية (اليونانية والرومانية والصينية والهندية والجاهلية/ العربية ) حدا بعيدا في العداء وظلم المرأة فوصفتها على أنها شر بطبيعتها لأن بيولوجية وفسيولوجية النساء تختلف عن الرجل، فكونها أحد الشرور والعار على الرجل فينبغي أن تقيد وتراقب، وانتقلت تلك الأفكار المتحجرة عبر الأجيال والتقاليد مع اختلافها وتنوعها من حيث الحدة والقسوة من مجتمع إلى آخر، وهنا يكمن سر تهميش المرأة خصوصا العربية، من حيث التجاهل لها في كثير من الجوانب الحساسة في كيانها وإنسانيتها، فالمرأة في نظرهم قاصر وعورة وفتنة يجب أن تستر وتتابع وترشد وتراقب، بالمقابل فالصورة النقيض هو استسلامها نتيجة الضعف والخنوع لذلك الموروث المشوه من العادات والتقاليد البعيدة عن تعاليم الإسلام السمح وهنا نتطرق لأهم الأسباب والمسببات التي تترك غصة وحقد وكراهية في النفس مما تدفع الطرف الضعيف لارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة أهمها الآتي:

* العديد من الرجال لا يفهمون منهج الله في معاملة الزوجات، لأنه تعالى رسم سبيل الإصلاح بين هما وأساسيات العقيدة الإسلامية حريصة كل الحرص على إنقاذ الحياة الأسرية وعدم تعريضها للانهيار.

* بعض أنواع الرجال نجدهم يحاولون الإساءة للزوجة بسبب أو بدون، كالاعتداء عليها على مرأى من الأقارب والأهل والجيران والأطفال أو حتى في الأماكن العامة.

* اتهامها من البعض بالتبذير وعدم حسن التصرف، أو العجز أو المرض أو أشياء أخرى.

* تفكير البعض أن الحياة الزوجية مجرد مشروع تجاري مشجع فيخوض غماره من اجل الربح السريع خاصة من اللواتي يمتلكن المال أو من الوارثات له أو الاستيلاء على أجرة الزوجة العاملة وهذا يحدث من اجل الاستمتاع والإنفاق على شهواته وملذاته الخاصة والبعيدة عن الأسرة بشكل أناني مقيت.

* هناك نوع آخر يتزوج المرأة من اجل المصلحة الشخصية قصد الوصول بسرعة إلى مركز وظيفي أو غرض فردى.

* الغيرة الجامحة والغير مبررة إلا بكونها شاذة سواء من منصب أو ثراء أو ثقافة أو جمال الزوجة ( مرض الشك والغيرة
القاتلة ).

* الشذوذ الجنسي على الزوجة وخاصة المرأة المحافظة مما يسبب لها نفور وارتباك وشعورها بالمهانة وضياع كرامتها لتصورها بأنها مخلوق غير بشرى.

* الخيانة الزوجية أو العلاقات الغير شرعية أو حتى الشرعية بالزواج من أخرى فلا يعدل بينهما مما يجعل الرجل يعرض عن أنوثة زوجته ويهملها مما يبشر بالشقاق والبغضاء.

* ممارسة السادية على الزوجة من شتى أنواع القسوة والقهر والاضطهاد والتلذذ بذلك.

* التباعد النفسي والاجتماعي سواء بالتأثير الطبقي أو الثقافي الذي ينعكس سلبا على سير العلاقة الزوجية ويطفو على السطح في أغلب الأحيان.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، وحسب إحصاء مصري أعدته وزارة العدل انه في سنة 2003 صدر 11728 حكم بالأشغال الشاقة منها 891 حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة منه 21 حكم بالإعدام على نساء اغلبهن ارتكبن جرائم قتل كذلك سجلت نفس الأحكام بسنة 2005 حيث ارتفعت إلى 29500 منها 1100 حكم بالأشغال المؤبدة و 21 حكم بالإعدام.

الأمثلة عديدة لا تحصى عبر هذا الموضوع، وأسبابها في الغالب اضطرا بات نفسية لا يمكن للمرأة تحملها بحكم طبيعتها كانسان حساس وضعيف على الرغم من أن أي شيء قليل من حنان أو رحمة يرضيها، كذلك أي شيء من الظلم والقسوة الغير مبررة قد يجرح شعورها وكرامتها ويدمر طاقتها الفكرية وقدرتها على التميز والتحكم، فيدفعها لارتكاب أبشع الجرائم في حق نفسها وزوجها وأطفالها ومن حولها، فتلك الإنسانية تتحمل كل ما يقع عليها من أعباء وحيف وظلم لكن قد تنقلب في أي لحظة حين يتراكم الظلم عليها وتتخمر فكرة الانتقام أو رد الاعتبار كانفعال سافر متهور من إنسان ضعيف بالفطرة بتنفيذ فكرة القتل أو أي أسلوب آخر في رأسها، فمثل هذه الجرائم تعكس غالبا خلل في المجتمع وضعف في العقيدة والدين والاضطراب النفسي في سلوك الفرد نتيجة حيثيات وظروف خاصة يمر بها وهذا ليس تبريرا وإنما تحليلا.

بعد الإطلاع على عدة مقابلات لمرشدات اجتماعيات للسجون النسائية وخاصة ممن ارتكبن جرائم القتل وجد بأن تسلط الرجل هو السبب الأول والمثير لدوافع الكراهية والغضب ونفور الزوجة، لأنه يكون مقرونا بالقسوة اللفظية و الجسدية أو المعاملة السيئة والمهينة أو الإهمال وهو سلوك لا يتفق أبدا مع شراكة الزواج انطلاقا من الرحمة والمودة والعطف والحنان والرأفة. وعليه يجب على الأزواج:

* أن يتمتعوا بشخصية متوازنة عمليا وعاطفيا واجتماعيا، وبطريقة علمية لبقة يحاولون أن تكون لهم علاقات حميمة مع الزوجة والأطفال والأهل والأصدقاء، وعليهم أن يتحلوا بالصبر وسعة الصدر.

* أن يطهروا قلوبهم من الطمع والكره والقسوة ببث الأمل في شعاب نفس الزوجة بالحب والألفة والرحمة التي هي أعلى مثل يدين به الناس أفراد وجماعات وأمم، في كل زمان ومكان، بل هو الأمل الكبير الذي يمكن أن تتقدم به البشرية وتصلح المجتمعات.

* الاستمتاع بالزوجة وما يمكن في حدود البنود التي رسمتها الشريعة الإسلامية، وهذا بحد ذاته يثاب عليه إذا صلحت التصرفات والنوايا، كذلك الكتاب الكريم يقر بان الزوجة سكن للزوج المؤمن التقي العاقل.

وختاما إن جريمة القتل لا يمكن أن يرتكبها إنسان طبيعي وسوي، وسلاح المؤمن الصبر الذي يجتاز به كل بلاء وينجح به كل اختيار، للزوج حقوق على زوجته وعليه واجبات حيالها، كذلك الزوجة عليها نفس الحقوق على زوجها ونفس الواجبات حياله، لذا يجب تحكيم العقل، وتوطين النفس على الصبر ومسايرة الخلافات أيا كانت والبحث المشترك ولو بإدخال وسيط من ذوى القربى للطرفين من أجل إيجاد حلول لما قد يقع بين هما إن عجزا على الحل بمفرديهما وبهذا ينجحا في كسب وتحقيق الكثير من رضا الله والمجتمع وحياة هانئة كريمة في ظل أسرة مترابطة سعيدة حالمة بحاضر جميل ومستقبل أجمل تبشر بصلاح المجتمع كله وتقدمه، فينعكس أمنا وحبا وسلاما على الجميع.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى