الثلاثاء ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم هيثم جبار الشويلي

وسط تجمعٌ نسائي

بعد غياب ٍ طويل.. محاولة جاهدة في تثقيف معاشر النساء حتى يصلّن الى حالة من الرقيّ والثقافة كانت اغلب النساء متعطشة لهكذا ندوات واجتماعات لانك حين ترى القاعة تراها تضج وتعج بالكثير من النساء اللواتي جئن للحضور، كنت كلما استقلُ صعود المنصة اتذكر كيف وصلت لاول وهلة الى تلك المنصات وكيف عانيت من الوصول الى هذه المنابر في بداية الأمر..انظر إلى طرف القاعة ومن ثم اوسعُ نظري حثيثاً الى نهاية القاعة المترهلة ببقايا الكراسي التي اتخذت منها أكوام التراب مكاناً للجلوس عليها، الهواء الممزوج بالتراب مع الضوء المنبعث من الزاويا العليا للنافذة التي تخترق الجدار في اعلى القاعة يتشابك مع الضجيج الصادر من النساء المتجمعات في القاعة.. يبدأ الضجيج بالصعود شيئاً فشيئاً في ظل صمت ٍ كبير لتلك الجدران التي ترى وتشاهد وتسمعُ كل شيء وكل ما يدور في القاعة، أوسعت الخطى في القاعة لأرتقي المنصة، وكعادتهن في كل مرة الضجيج والكلام يعم المكان أمسكت بنظارتي أخرجتها من حدقات عيوني، نظرت الى نهاية القاعة لم أر تماماً ما كان يدور في نهاية القاعة بسبب رداءة نظري.. حركة ُ اللاقطة وبدأت اضربها بأصبعي لتصدر أصواتاً متقطعة كمن يبدأ بمناغاة ومداعبة أوتار عوده ليصدر اجمل النغمات ايذاناً مني ببدأ مراسيم الهدوء الذي يدبُ تدريجياً كتساقط الثلوج في بداية الشتاء.. رتبت أوراقي وبدأت القي عليهن كل ما يتعلق بالندوة التي أردت ايصال الفكرة لهن.. وفي نهاية الندوة نفترق وسط دهشتي للجموع المكتظة بالنساء التي تحملت المخاطر للوصول والحضور الى هذه الندوة والندوات السابقة، هذه المرة كنتُ مختلفة ٌ تماماً وعلى غير عادتي.. كان المشهد مختلفاً عما كان عليه سابقا، مشنقة الاحلام تتأرجح هذه المرة لتغتال الحلم الجميل، لن احتاج المنصة هذه المرة لانني سأكون بالقرب منهن كي احدثهن عن الندوة الجديدة، كان الفضاء واسعاً جداً، في هذه المرة كان الهدوء يدبُ في أوصال المكان كما يخيم ُ فوق المكان.. تخلع نظارتها كعادتها تلك النظارة التي تجمعت فوق زجاجها أكوام من حبات الرمل المتطايرة مع هدير الريح صوبها، الريح تداعب ثوبها، يرفرف ثوبها الاسود كأعلام الحزن والحداد في البلاد ممزوجاً ببقايا الغبار المتصاعد تدريجياً ليحول ثوبها الى كتلة رمادية.. في طرف القاعة لا ترى سوى كتلة من السراب المتلاشي ببقايا الغيم المتشح بالسواد.. الهواء يحمل معه ترانيم الحزن، والقاعة فارغة تماماً سوى بقايا من التماثيل الساكنة وأنا أقف أمام تلك التماثيل بإنحناءٍ كبير، غابت تلك الجدران التي كان يلفها الصمت الكبير عن حضور هذه الندوة، لم أر سوى أرواحهن ترفرف فوقي وتحوم حولي، آلمني ذلك المشهد وسط تدافع الارواح حولي، أقْتصر مضمون الندوة هذه المرة على قراءة سورة الفاتحة من دون الولوج في بقايا الحديث المتبقي الذي اعددته لهن مسبقاً.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى