الثلاثاء ١٠ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم صبيحة شبر

لست أنت

تصل هذا اليوم، بعد انتظار طويل مدة خمس سنوات، مرت علي كدهر بتعاستها وشدتها، نسيت كل الامي ووحدتي وشدة غربتي، طوال سفرك، وفرحت من كل قلبي، لأنك قادم بعد السفر والبعاد، أجهز نفسي وأبدد مخاوفا انطلقت بعد كلام أخي

 أأنت مطمئنة إليه؟ وقد نسي عائلته، وعذب أباه؟

اسكت شكوكي التي أطلقها سؤال أخي، وأنت تعلم مدى العلاقة القوية التي تربطني بأسرتي، ابحث عن علل لك، تمنعك من الاتصال بوالديك، قد تكون مضطرا، حائرا، تعاني الغربة والتشتت، وينطلق إلى ذهني سؤال

 الغريب يذكر أهله، ويحن إلى أصدقائه وأحبابه

وأنت تمضي بلا وداع، أعلل النفس انك لم تجد فرصة مناسبة، للاتصال بي وتوديعي، ولكن عائلتك التي تركتها وحيدة مريضة، كيف طاوعك قلبك على نسيانها طوال خمس سنوات، هل كنت تسهد الليل والنهار؟

احضر نفسي لاستقبال عزيز على قلبي، جاء بعد انتظار، ترى كيف أصبحت؟ وكنت الرقيق المحب، وهل الرقيق الحنون يتناسى أباه الضعيف وأمه المعذبة، ويتركهم لعذاب الوحدة وبرودة الشيخوخة دون استفسار؟

اقمع أسئلة عديدة يطرحها عقل ما زال يعمل، قد أجد لك عذرا انك لم تتصل بي، ولكن ما علتك للانقطاع عن شخصين تعبا من أجلك؟

لكل غائب حجته، سوف تهل علي بعد غياب طويل، وتشرح لي ما تعسر علي فهمه، كنت تعاني في بلاد الغربة، تدرس وتعمل كما يعمل الذاهبون الى هناك، والطامحون إلى إحراز الدرجات الرفيعة والعلم الغزير.

أتناسى كل إساءاتك لوالديك العزيزين، لقد حملتهما ما لاطاقة لهما به من عناء الحاجة، باع والدك منزله ليبعث لك النقود، وأنت تتمتع ببلاد بعيدة، ولا تبالي بما عانى ابوك الشيخ.

مالي ابعث اسئلة راقدة من عقالها؟ لماذا تنهال على العديد من الاستفسارات عما فعلته في ديار الغربة؟ هل تكون معذورا، ولم تجد عملا يكفيك مؤونة السؤال فطلبت المال من أبيك، وأنت تعلم انه لايملك منه شيئا.

انتظرت هذه اللحظة خمسا من السنين، وها اني راغبة باستقبالك، بما أنت أهل له من فرح ومسرة، فكيف أضحيت بعد هذه الفترة الطويلة من الزمن؟

هل بقيت ذلك الانسان الحنون الذي يصفه أبواك؟

طلبت أن استقبلك في منزلي، ليكون أخي الوحيد حاضرا، لأنه أراد أن يثير خوفي منك

 هل تطمئنين إليه؟ لقد باع ابوه المنزل البسيط الذي يسكن فيه من اجل ان يبعث له النقود.

 سآتي الى منزل اخيك غدا، واليوم نلتقي في احد المقاهي القريبة.

قد تكون تغيرت الى الأفضل، من يدري؟ خمس من السنوات ليس بالامر الهين، كيف يمكن ان تكون؟ بعد هذا الغياب؟

ألا تزال تؤمن بنفس الرأي القديم؟ ان مضمون الشخص وجوهره أفضل من الشكل؟ كنت أحاورك في هذا المفهوم، لم تكن تريدني ان ارتدي الملابس الانيقة وان اضع الماكياج، تقول إن طبيعة الإنسان احلى، لهذا سوف اعمل بنصيحتك، ولن أغير بشكلي، فانا طبيعية لااميل الى التزويق والظهور بنقيض حقيقتي، سأغير لباس العمل واتي إليك.

 أبوه الآن يسكن في غرفة بائسة، بعد أن توفيت أمه، يغسل ملابسه، ويطهو طعامه، وصحته ساءت، ولا يملك اجرة الطبيب، هل يمكنك ان تطمئني إليه؟

استقبال بارد، لم أجدك انت بدفئك القديم، مخلوق آخر يشبهك، أناقة مفرطة، تبدو عليك الوجاهة والغنى، لم اشعر انني خطيبتك، وكيف لي بهذا الشعور وانت لم تتصل بي أبدا.

تجلس صامتا يظهر عليك الانقباض، وأنا أجد الأعذار لك، قد تكون متعبا من نضال طويل استمر خمسة أعوام، لكن الذي فجر بركانا من الاسئلة في داخلي، أن سائلا يقترب منك

 من مال الله

تصرخ بوجهه صافعا اياه بقوة، أمن أجل هذا سافرت؟ وباع أبوك منزلا يأويه

26 حزيران/ يونيو 2007


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى