الأحد ٢٩ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم رأفت دعسان

خداع

كنا نهمس للعاصفير عن حبنا، كنا نرسم على صفحات الأيام قصتنا، كنا نسابق النسائم، كنا نعانق الثواني لنخبرها عن حلمنا، كنا، وكنا...

لا زلت أذكر – آه لو أنسى ـ لا زلت اذكر ذلك الكرسي الشيخ الذي حضن أسطورة عشقنا، لا زلت أذكر تلك اللحظات الغارقة في بحر السعادة، لا زلت أذكر عينيك يا حبيبتي وكم كنت أتوه في زرقتهما جالساً على شاطىء بحرهما المجهول.

أحبك يا حبيبتي، أحبك، أحبك يا تمام روحي أحبك، وكأن الأرواح قد فصلت يوم الخلق كي تزيد في معاناة المخلوق؛ ففي كل منا نداء خفي للبحث عن الروح الأخرى بين ملايين الأرواح فبها تكتمل الحياة وترنو الى الجنة فهناك كانتا وهنا افترقتا....

أنت روحي الأخرى يا محبوبتي، أنت التي بحثت عنك بين ملايين الوجوه، أنت التي حلمت بها منذ رأت عيناي النور، أنت حبيبتي....

أرجوك، أتوسل بين يديك أنت تبحثي بين خفايا عينيك عني لتري أني هناك على تلك الصخرة عند الشاطىء الأزرق أرقب عودتك، أبحثي في خفايا قلبك عني لتدركي أني الساكن الوحيد الذي يجوب الحجيرات الأربع ؛ غذاؤه العشق وشرابه الشوق، إبحثي في خفايا عقلك عني لتعرفي أني جزء من الذكريات السابحة في مخيلتك كنت هناك منذ القدم منذ كنت كلمة لم تولد بعد....

يصعب علي، نعم يصعب علي أنسى كل هذا، يصعب علي أن أتحدى ذاتي وأقطع من أوردتي ما شربته طول حياتي، يصعب علي أن أمحو تلك اللحظات من كتاب تاريخي وأسطر فيها أكاذيب لم تكن يوما جزءاً من تطلعاتي.....

عقلي حائر فيك يا حبيبتي أتكونين بهذا القلب الطفل تعبثين، وبهذه النظرات تستعمرين إرادتي وتحفرين قبري لتئدي ما بقي لدي من قطرات سعادة. أيعقل أن العيون البريئة التي تشم منها رائحة السعادة والحياة هي نفسها العيون المخادعة الناشرة سموم الشقاء والموت، لا يعقل!!! لا يعقل!!!

أحسب أن الكلمات بدأت تخونني وأن اللغة قد أصابها الشلل فلست لمعاناتي وحزني وصفا، أنا حزين....أنا حزين بكل ما في الدنيا من حروف، بكل ما في الدنيا من كلمات، بكل ما في الدنيا من لغات، أنا حزين.... دموعي تنفر من عيني فزعاً من هول الحزن الذي يجتاحني، نظراتي تسابق الأفق ترقب سفينة كانت هنا وصارت هناك في النسيان.

دعوني.... دعوني.... فليس من مصاب في الدنا مثلي، وليس من حزن يفوق حزني، وليس من مقتول يمشي مثلي، وليس من ميت يعيش الحياة مثلي!!!

دعوني.... دعوني أنا وحزني نمشي في هذه الصحراء نسكن الوهم والوجنون، نشرب خمرة المعاناة، ونلمس الموت في الأشياء.

دعوني.... دعوني......


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى