السبت ٢٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
كتاب جديد يوثق تاريخ الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الصهيونية

أسرانا خلف القضبان

الأسير سعيد العتبة
أقدم أسير حتى الآن، ثلاثون عاما خلف القضبان
الأسير فخري البرغوثي
يقبع أسيرا مع أخيه منذ أكثر من ربع قرن

صدر عن دار الكلمة في القاهرة في العشرين من تشرين ثاني الحالي - نوفمبر - كتاب أسرانا خلف القضبان للكاتب عادل سالم مدير تحرير ديوان العرب، والكتاب دراسة توثيقية عن الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الأسر الصهيوني. يقع الكتاب في 220 صفحة من الحجم المتوسط،
ويتألف الكتاب من ثلاثة فصول إضافة للملاحق والمراجع. الفصل الأول عن أهم أساليب التحقيق التي تمارسها المخابرات الإسرائيلية، والفصل الثاني حول ظروف الاعتقال والأسر داخل هذه السجون والمعتقلات، والفصل الثالث (في رحاب الأسر) ينقل الكاتب فيه تجارب حية عايشها مع الأسرى خلف القضبان .

الكتاب يعتمد إضافة إلى المراجع والمصادر على اللقاءات الشخصية التي كان يجريها الكاتب مع العديد من الأسرى أثناء وجوده معهم في ثمانينات القرن الماضي.

أهدى الكاتب كتابه إلى الأسير الشهيد عمر القاسم وجاء في الإهداء

إلى روح الشهيد الأسير عمر القاسم رحمه الله

استشهد في الرابع من حزيران 1989 في مستشفى السجن بعد أن أمضى في سجون الأسر الصهيوني 21 عاما كانت حتى وفاته أكبر مدة يقضيها أسير فلسطيني خلف القضبان. هو ابن القدس البار، فيها ولد، وفيها عاش، وفيها دفن.

الأسير الشهيد عمر القاسم
استشهد في الرابع من حزيران 1989

أهملوا علاجه، عمدا فاستشهد رافعا شارة النصر. انتصروا عليه بقتله، لكنه انتصر عليهم بصموده، وعدالة قضيته.

عندما ودعته في سجن نفحة في الأول من نيسان 1985، يوم الإفراج عني، عانقني ثلاث مرات، وفي قلبه وعينيه ثلاث دمعات، كأنه كان يعلم بأحاسيسه الداخلية، أنني لن أعانقه مرة أخرى، شددت على يديه معاهدا، فقد استطاع مع بعض الأسرى الأوفياء أن يقتحم ذاكرتي، ويصنع له فيها حصنا لا تؤثر فيه الرياح.

فهل أوفيه بعض حقه عندما أهديه هذا الكتاب؟ وهل يساوي هذا الإهداء دمعة من دمعاته؟

وقد كتب المؤرخ الفلسطيني المعروف عبد القادر ياسين المقيم في مصر مقدمة الكتاب وجاء فيها:

منذ حرب 1967 وحتى اليوم، احتجز في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي ما يربو قليلاً على ثلاثة أرباع المليون فلسطيني، أي ما يوازي ربع مجموع أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، مما يعكس مدى اتساع حجم ظاهرة الرهائن الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

من اليمين الأسير سلطان العجلوني والأسير سمير قنطار

وهل هناك من يكتب عن معاناة المعتقلين الفلسطنيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي أولى ممن عانى من هذه السجون؟! وها هو عادل سالم يأخذ هذه المهمة على عاتقه، مودعاً تجربته في الأسر لدى الذاكرة الوطنية الفلسطينية، مقدماً قضية الأسرى الفلسطينيين إلى أمتهم العربية والرأي العام العالمي. وفاء لرفاقه في سجون الاحتلال، رغم مضي أكثر من عقدين على تحرر الكاتب من الأسر، ثم مغادرته الوطن إلى الولايات المتحدة، لكن الوطن استمر يسكن عادل سالم، شأن النسبة الأكبر من فلسطينيي المنافي.

صورة لسجن سري في تنكر إسرائيل وجوده

كان المؤلف وعد شيخ الأسرى عمر القاسم بأن لا ينسى قضية الأسرى، وأن يسخِّر قلمه دفاعاً عنها. لذا أهدى الكاتب مؤلفه إلى "الأسير الشهيد عمر القاسم"، الذي قضى نحبه في سجون الاحتلال (4 / 6 / 1989)، بعد 21 عاماً قضاها يرصف في أًصفاد تلك السجون.

يبدأ عادل كتابه ممهداً بفصل ضافٍ عن الأسر والتحقيق، وقد ضمَّنه كل أساليب التعذيب الوحشي "النفسي والجسدي"، التي تستخدمها سلطات الاحتلال ضد الأسير، ويحرص عادل على تعزيز معلوماته بالتوثيق.

الأسير عبد الله أبو شلبك
أمضى عامين مبكبلا بالقيود في زنزانة

في الفصل الثاني يقوم المؤلف بجولة "في سجون القمع الصهيونية"، مستعرضاً الظروف غير الإنسانية التي يعيشها الأسرى هناك. مركزاً على "البرنامج اليومي للسجين"، ومختلف الأساليب التي يتبعها الأسير في مواجهته إدارة السجن. وشأن كل حالات الأسر، فإن العدو يعمد إلى تجنيد عملاء وجواسيس له من ضعاف النفوس بين الأسرى، الذين يكتشفونهم، أولاً بأول.

لا يغمط المؤلف "دور المرأة في الكفاح الوطني"، خاصة تلك الأسيرات القاصرات، أو تلك اللواتي يلدن خلف القضبان.
من واقع تجربته الشخصية، يستعرض الكاتب أوضاع سجون الاحتلال في كفار يونا، والرملة، وبئر السبع، فيما بين سنتي 1978 و1985. راصداً من قتله المحتلون، ومن أوصلوه إلى الجنون. فيما خصص المؤلف مبحثاً لسجن نفحة سئ السمعة، وسجن المعفار، المستخدم في التنقلات (تخشيبة).

إلى ذلك يرصد عادل سالم مهمة الجواسيس في صفوف الأسرى، وكيفية اكتشافهم، قبل أن يستعرض شهادات لأسيرات فلسطينيات في سجون المحتل الإسرائيلي، فضلاً عن وليد وسناء اللذين "تزوجا داخل السجن وفصلت بينهما القضبان"، وكيف وعدا بإطلاق اسم "ميلاد" على أول أنجالهما، "لأنه سيشهد ميلاد الدولة الفلسطينية"!

الأسير وليد دقة مع زوجته التي تزوجته في السجن
تعاهدا أن يسميا أول مولود بعد التحرر ميلاد لأنه سيشهد ميلاد الدولة

معروف أن إدارة السجن لا تدع الأسرى وشأنهم، كما لا تكتفي بمصادرة حريتهم، بل إنها تتدخل حتى في مراقبة رسائلهم إلى ذويهم، ورسائل ذويهم إليهم.

يعزز عادل سالم هذا كله بباقة قوية من الملاحق، بداية من رسالة للأسير الشهير مروان البرغوتي إلى ابنه القسام، ثم "التقرير السنوي العام 2005 لجمعية الأسرى والمحررين" (حسام). أما الملحق الثالث فخصصه المؤلف لأسماء الأسرى الذين استشهدوا في الأسر. ويختتم الكاتب ملاحق كتابه بـ"قائمة الأسرى العرب"، فلسطينيين وغير فلسطينيين، ممن قضوا أكثر من عشرين عاماً ولا يزالون قيد الأسر، حتى مطلع أغسطس/ آب/ أغسطس 2006.

بالصدق والحرارة والإيمان بالتحرير وفلسطين مستقلة ديمقراطية يقدم عادل سالم كتابه هذا، الذي تتعطش لمثله المكتبة العربية.

القاهرة في 6/ 10/ 2006
عبد القادر ياسين

الأسير عمار الزبن، وصورة ابنته أعلاه

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى