السبت ٥ حزيران (يونيو) ٢٠٢١

إضاءةٌ: «نورٌ ونارٌ»

نورٌ ونارٌ- الجزءُ الأوّلُ: للكاتبِ السُّوريّ رامز محيي الدّين عليّ

يصْدرُ قريباً عنِ الدّارِ المصريَّةِ السُّودانيَّةِ الإماراتيَّةِ كِتابي الأوَّلُ، وهوَ مجموعةٌ منَ الأعمالِ النَّثريّةِ، تتناولُ الحياةَ في شتَّى وجوهِها وبراقِعِها وعباءاتِها الّتي تعكسُ تَجَاربي في الحَياةِ وتطلُّعَاتي ونظَرَاتي الأدبيَّةَ والفلسفيَّةَ والفكريَّةَ إلى الحياةِ بعيداً عنِ التَّشويهِ والتَّخريبِ اللّذينِ تَجنيهمِا أَيدي الطُّغاةِ والمتَغطرسينَ أفراداً أو أُمَماً.. وفي مَنأىً عنْ فنِّ التَّجميلِ المزيَّفِ الّذي تُتْقنُه وسائلُ الدِّعايةِ العالميَّةِ المهيْمِنةِ..

تظلُّ كتاباتُ فلسفةِ التَّنويرِ غربيَّةً أو شرقيَّةً، شماليَّةً أوجنوبيَّةً مشاعلَ تبُثُّ النُّورَ في حَنايا الكونِ المدْلهِمَّةِ، وتُوقِدُ نيرانَ الحقائقَ تحتَ رمادَ الحياةِ؛ لعلَّها تُولِّدُ منْ أنينِ البؤساءِ وأجِنّةِ الضّمائرِ الحيّةِ نَعِيماً طالمَا حلَمَ بهِ المعذَّبونَ في الأرضِ، وجمهُوريّةً أفلاطونيّةً طالمَا كانتْ ملاذاً للمفكِّرينَ..

الحياةُ صراعٌ بينَ الخيرِ والشَّرِّ .. بينَ النُّور والدَّيجُورِ.. بينَ العدلِ والظُّلمِ.. بينَ الجَمالِ والبشاعةِ.. بينَ الحضارةِ والهمجيَّةِ.. بينَ الكلمةِ والسِّلاحِ.. والغلَبةُ -كمَا تَبْدو للعَيانِ- للقَويِّ لا للضَّعيفِ، للشِّرِّيرِ لا للخَيِّرِ، للباطلِ لا للحقِّ، للطُّغاةِ والمجرمينَ لا للشُّعوبِ المقهُورةِ، للفسَادِ لا للصَّلاحِ، لتدميرِ العالمِ والكوكبِ الأرضيِّ لا لتَعميرِه وتحقيقِ رقيِّ الإنسانِ وحرّيّتِه وكرامتِه وسعادتِه.
كلَّما تقدَّمَتْ حضارةُ العالمِ، زادَ شقاءُ الإنسانِ.. وكلَّما تطوَّرَ العالمُ تكنولُوجيَّاً ازدادَتْ وحشيَّةُ الإنسانِ وهمجيَّتُه.. وكلّما اتَّسعَتْ آفاقُ الفكرِ والثَّقافةِ والعلومِ تسَطَّحَ فكرُ الإنسانِ وصارَ أقربَ إلى البلاهةِ.. وكلَّما نمَتْ ثرواتُ العالمِ وخيراتُه تنامَتْ سطْوةُ الإنسانِ وطُغيانُه واستِعلاؤُهُ وطمَعُهُ بالآخرينَ، فاتّسعَتْ مساحاتُ الفقراءِ والجائعينَ والمشرَّدينَ..

تحرَّرَتِ البشريَّةُ في -سعيِها الدَّؤوبِ لمعرفةِ خالقِ هَذا الكونِ- منْ عبادةِ قِوى الطَّبيعةِ الّتي كانَتْ تَقهرُها.. فصارَتْ تتعبَّدُ في مِحرابِ عناصرِ الطَّبيعةِ الّتي تَخدعُها ببريقِها: من ألماسٍ أو ذهبٍ أومالٍ!!

وتحرَّرَتِ الآدميَّةُ من عبادةِ الأصنامِ والأنْصابِ والأوثانِ الّتي كانتْ ترمزُ لقِوى الطَّبيعةِ والكونِ.. وباتَتْ تركعُ بنُفوسِها وأموالِها أمامَ آلهةٍ منَ البشرِ تحتَ الثَّرى وفوقَ أديمِ الأرضِ!

عاشَ الإنسانُ إنسانيَّتَهُ في المغاورِ والكُهوفِ والأكْواخِ.. ولمّا ناطَحَ السَّحابَ بأبراجِهِ، وشقَّ رحِمَ الفضاءِ بسُفُنِه وأقمارِه.. فقَدَ كلَّ شيءٍ منْ معالمِ وخصائصِ إنسانيَّتِه!

ألَا ليتَ البشريَّةَ تعودُ إلى بدائيَّتِها، فرُبَّما تُدرِكُ أنّها الحِقبةُ الوحيدةُ الأجملُ الّتي أحبَّ فيها الإنسانُ أخاهُ الإنسانَ في صراعِه ضدَّ قِوى الطَّبيعةِ!! ويا ليتَ الكِبارَ يَعُودون إلى طُفولتِهم؛ ليُدركُوا حجمَ الدَّمارِ الّذي لحِقَ بخَلْقِهم وخُلُقِهم


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى