الاثنين ١ آذار (مارس) ٢٠٠٤
بقلم ريما سعد الجرف

اتجاهات الشباب نحو استخدام اللغتين العربية والإنجليزية في التعليم

ملخص الدراسة

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على اتجاهات طلاب الجامعة نحو تعليم وتعلم اللغة العربية، والتعرف على آراء الطلاب في مدى صلاحية اللغة العربية للتعليم الجامعي، وتحديد أولويات التربية (الإصلاحات التربوية) اللازم إجراؤها في ضوء آراء الطلاب حول استخدام اللغة العربية في التعليم. وأظهرت نتائج تطبيق مقابلات شخصية واستبانات على عينتين من الطلاب في الجامعة الأردنية وجامعة الملك سعود أن 45% من طلاب الجامعتين يرغبون في وضع أبنائهم في مدارس دولية تعلمهم جميع المقررات باللغة الإنجليزية. ويعتقد 96% من طلاب الكليات العلمية في الجامعة الأردنية و82% من طالبات كلية اللغات أن اللغة العربية تصلح للعلوم الدينية وللتخصصات الأدبية مثل التاريخ والأدب العربي والتربية، وأن اللغة الإنجليزية هي اللغة التي تصلح لتدريس الطب والهندسة والحاسب وغيرها. واتضح من استجابات الطلاب في الجامعتين، حرص شبابنا الشديد على تعلم اللغة الإنجليزية وتعليمها لأبنائهم، ونظرة الإجلال والانبهار باللغة الإنجليزية، والنظرة الدونية للغة العربية، والشعور نحوها بالعجز والحيلة، والفجوة بين اللغتين العربية والإنجليزية من حيث المصطلحات والأبحاث والمصادر وقواعد المعلومات والقواميس وطرق تدريس اللغة العربية وغيرها في المدارس، والأسباب التربوية والعلمية والتكنولوجية والمهنية والاجتماعية التي أدت إلى تفوق اللغة الإنجليزية على اللغة العربية. ونخشى أن يأتي يوم تصبح فيه اللغة العربية غريبة على أبنائها، ويأتي يوم يطالب فيه أبناء العربية بإلغاء التدريس باللغة العربية، والخطر الذي تواجهه اللغة العربية من غزو اللغة الإنجليزية وتغلغلها في جميع مناحي الحياة، ونواحي القصور في الاهتمام باللغة العربية في السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي والتعريب والتأليف ومجالات العمل، والأفكار الخاطئة لدى الشباب عن طرق تعلم اللغتين العربية والإنجليزية في الصغر والكبر، والمفاهيم الخاطئة لدى الشباب عن اللغة التي تجرى بها الأبحاث ويدرس بها الطب والتخصصات العلمية الأخرى في دول العالم الأخرى. وقدمت الدراسة بعض التوصيات لمواجهة تيار العولمة اللغوية.

مقدمة

لا شك أن اللغة الإنجليزية هي أكثر اللغات انتشارا في العالم. حيث إن شخصا من بين كل أربعة أشخاص في العالم يستطيع التواصل باللغة الإنجليزية. فاللغة الإنجليزية هي اللغة الرئيسة في التجمعات السياسية الدولية في جميع أنحاء العالم مثل رابطة دول شرق آسيا ASEAN، ودول الكومنويلث، والمجلس الأوروبي Council of Europe، والاتحاد الأوروبي EU وحلف الناتو NATO ومنظمة الدول المصدرة للنفط OPEC، وهي اللغة الرسمية لـ 85% من المنظمات العالمية، وهي لغة الكثير من المنظمات العلمية الطبية وغيرها، وهي لغة التداول الأولى لكل من يعمل في المجال التكنولوجي أو التجاري أو السياحي، وهي لغة غالبية الأبحاث العلمية والمراجع والمصطلحات والمال والأعمال، ولغة المؤتمرات الدولية، وقواعد المعلومات الالكترونية، وغالبية الصحف المشهورة وبرامج التلفزيون والأفلام، ولغة شركات الطيران والشركات المتعددة الجنسيات، والعمالة الأجنبية، ولغة 90% من المادة الموجودة على الانترنت.

ونظرا لهيمنة اللغة الإنجليزية على جميع المجالات، يزداد عدد الراغبين في تعلمها في جميع أنحاء العالم يوما بعد يوم. إذ يبلغ عدد الطلاب الذين يتعلمون اللغة الإنجليزية في جميع أنحاء العالم نحو بليون طالب (كريستال Chrystal 2003). ولا يوجد دولة في العالم لا تدرس اللغة الإنجليزية في مدارسها وجامعاتها. فاللغة الإنجليزية هي لغة تدريس الطب والهندسة والصيدلة والحاسب في جامعاتنا العربية (ما عدا الجامعات السورية) منذ أمد بعيد. واعتبارا من عام 2001م، انخفض عدد الساعات المخصصة لمقررات اللغة العربية المطروحة لجميع طلاب الجامعة ضمن متطلبات الإعداد العام بجامعة الإمارات العربية المتحدة إلى مقررين دراسيين بساعتين معتمدتين (32 ساعة في الفصل الدراسي لكل مقرر). وصاحب هذا الانخفاض ارتفاع في عدد مقررات اللغة الإنجليزية المطروحة ضمن متطلبات الإعداد العام إلى أربعة مستويات بواقع 300 ساعة تدريسية للمقرر الأول، و204 ساعات لكل من المقرر الثاني والثالث والرابع. إضافة إلى طرح 12 مقررا في اللغة الإنجليزية للأغراض الخاصة لعموم طلاب الجامعة كل حسب تخصصه بواقع ثلاث ساعات معتمدة في الأسبوع (أي ما مجموعه 48 ساعة معتمدة في الفصل الدراسي). وازداد عدد المعاهد الخاصة التي تقدم دورات مكثفة في اللغة الإنجليزية في جميع الدول العربية، إضافة إلى تلك التي يفتتحها المركز الثقافي البريطاني. وازداد عدد المدارس الخاصة التي تدرس اللغة الإنجليزية بصورة مكثفة في أقسامها العربية اعتبارا من الروضة، وتلك التي افتتحت أقساما دولية تدرس جميع المقررات من تاريخ وجغرافيا وعلوم ورياضيات باللغة الإنجليزية منذ الصف الأول الابتدائي مع مادة واحدة للغة العربية (5 ساعات في الأسبوع)، وبين ساعة واحدة وساعتين للدين الإسلامي في الأسبوع في الدول العربية بعامة والمملكة بخاصة. ففي الدول العربية الأخرى مثل جمهورية مصر العربية، بلغ عدد مدارس اللغات 557 مدرسة في حين لم يتجاوز عددها قبل عشر سنوات 195 مدرسة. وعلى مستوى المدارس الحكومية بالمملكة العربية السعودية، صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تدريس اللغة الإنجليزية في الصف السادس من المرحلة الابتدائية (بنين وبنات) كمادة أساسية اعتبارا من العام الدراسي (1425/1426هـ)، على أن يكون المدرسون من المؤهلين لتدريس اللغة الإنجليزية، كما لو كانت لغتهم الأم. والتأكد من ذلك عن طريق لجنة تكون من مختصين في وزارة التربية والتعليم، وأشخاص متمكنين من اللغة الإنجليزية في الجهات المعنية. ونص القرار على ضرورة تحسين فعالية تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية من خلال تطوير المناهج ورفع كفاية معلمي اللغة الإنجليزية وتوظيف التقنيات الحديثة في طرق تدريسها.

وفي عصر أصبح فيه العالم قرية صغيرة، وأصبحت اللغة الإنجليزية فيه هي اللغة المهيمنة على بقية اللغات، صاحب تغلغل اللغة الإنجليزية وانتشارها في جميع مناحي الحياة في الدول العربية تراجع في استخدام اللغة العربية يتمثل في الازدواجية اللغوية في وسائل الإعلام، ورغبة الكثير من الآباء العرب في تعليم أبنائهم اللغة الإنجليزية منذ نعومة أظفارهم، وشعورهم بالفخر والاعتزاز إذا كان أبناؤهم يتواصلون باللغة الإنجليزية أكثر من اللغة العربية، ويقلقون إذا كان أبناؤهم لا يستطيعون قراءة اللغة الإنجليزية أو يخطئون في تهجئة الكلمات الإنجليزية، ويضحكون ويهزون أكتافهم غير عابئين إذا كان أبناؤهم ضعافا في اللغة العربية، ولا يستطيعون قراءتها أو تهجئتها. وأصبح الشغل الشاغل لبعضهم هو في أي سن يبدءون تعليم أطفالهم اللغة الإنجليزية (الرابعة أو الخامسة). وأصبح الكثير من الشباب يشعر بتفوق اللغة الإنجليزية على اللغة العربية مما يحتم عليهم ضرورة تعلمها وإتقانها.

هدف الدراسة

هدفت هذه الدراسة إلى ما يلي: (1) التعرف على اتجاهات طلاب الجامعة نحو تعليم وتعلم اللغة العربية للأبناء منذ الصغر كلغة لجميع المقررات المدرسية باستثناء مقرر واحد للغة الإنجليزية (2) التعرف على اتجاهات طلاب الجامعة نحو تعليم وتعلم اللغة الإنجليزية للأبناء منذ الصغر كلغة لجميع المقررات المدرسية باستثناء مقرر واحد للغة العربية (3) التعرف على آراء الطلاب في مدى صلاحية اللغة العربية للتعليم الجامعي في التخصصات المختلفة خاصة التخصصات العلمية كالطب والصيدلة والحاسب والعلوم والرياضيات (4) التعرف على آراء الطلاب في مدى صلاحية اللغة الإنجليزية للتعليم الجامعي خاصة التخصصات العلمية كالطب والصيدلة والحاسب والعلوم والرياضيات (5) تحديد أولويات التربية (الإصلاحات التربوية) اللازم إجراؤها في ضوء آراء الطلاب حول استخدام اللغتين العربية والإنجليزية في التعليم.

أسئلة الدراسة

حاولت هذه الدراسة أن تجيب عن الأسئلة التالية:

ما اتجاهات طلاب الجامعة نحو تعليم اللغتين العربية والإنجليزية للأبناء في المدارس منذ الصغر كلغة لجميع المقررات؟
ما آراء الطلاب في مدى صلاحية اللغة العربية للتعليم الجامعي خاصة لتدريس التخصصات العلمية والتكنولوجية، وما أسباب ذلك؟
ما أولويات التربية (الإصلاحات التربوية) اللازم إجراؤها في ضوء آراء الطلاب حول استخدام اللغتين العربية والإنجليزية في التعليم؟

الدراسات السابقة

هناك عدد من الدراسات العربية التي حاولت استطلاع آراء أساتذة وطلاب الجامعات العربية في استخدام اللغة العربية في التعليم الجامعي منها دراسة المهندس وبكر (1998) التي قاما فيها باستقصاء آراء عينتين من الأساتذة والطلاب من جميع الكليات بجامعة الملك سعود بشأن قضية الترجمة واستخدام اللغة العربية في العملية التعليمية. حيث أظهرت نتائج الدراسة أن 66% من الطلاب يفضلون استخدام اللغة العربية إلى جانب الإنجليزية في إلقاء المحاضرات، ويفضل 57% منهم استخدامها في الكتب المقررة، ويفضل 53% استخدامها في كتابة المشاريع، و39% في تقديم الاختبارات. في حين يفضل 22% منهم استخدام اللغة الإنجليزية في إلقاء المحاضرات، و32% يفضلون استخدامها في الكتب المقررة، و33% في كتابة المشاريع، و44% في الاختبارات. وفي دراسة أجراها المهيدب (1998) على 77 عضو هيئة التدريس و300 طالب بكلية الهندسة بجامعة الملك سعود للتعرف على موقفهم من تعريب التعليم الهندسي، كشفت نتائج الدراسة أن 75% من أعضاء هيئة التدريس و73.7% من الطلاب يفضلون تدريس العلوم الهندسية باللغة العربية. ويعتقد 49.4% من الأساتذة و62.7% من الطلاب أن تدريس الهندسة باللغة العربية في الوقت الحاضر ممكن. كما يرى 85.7% من الأساتذة و81.1% من الطلاب أن تدريس الهندسة باللغة العربية ممكن إذا توفرت المراجع العربية.

وهناك دراسات تجريبية أجريت للمقارنة بين نتائج تعليم المقرر نفسه باللغة العربية وباللغة الإنجليزية منها دراستان أجريتا في الجامعة الأمريكية ببيروت والجامعة الأردنية على مجوعتين من الطلاب درست إحداهما منهجا طبيا باللغة العربية ودرست الأخرى المنهج نفسه باللغة الإنجليزية. حيث أظهرت نتائج التجربة أن درجة الاستيعاب لدى المجموعة الأولى كانت أفضل من المجموعة الثانية (السباعي 1995م). وأظهرت دراسة تقويمية أجراها مجموعة من المتخصصين بتكليف من مجمع اللغة الأردني بعنوان "تقويم المرحلة الأولى في تعريب التعليم العلمي الجامعي التي تبناها مجمع اللغة العربية الأردني"، نتائج باهرة. إذ انخفضت نسبة الرسوب من 30% عندما كان التدريس باللغة الإنجليزية إلى 3% فقط عندما درس الطلاب باللغة العربية. ودرس الطلاب باللغة العربية مادة أوسع وبصورة أعمق وأدق، ووفروا كثيرا من الوقت والجهد في دراسة المادة (أبو حلو ولطفية 1984م).

وأظهرت نتائج عدد من الدراسات ايجابيات استخدام اللغة العربية في التعليم الجامعي منها دراسة الجار الله والأنصاري (1998) التي أجرياها على 516 من طلاب وطالبات الطب بجامعة الملك سعود. حيث أفاد 49% من الطلاب أنهم يستوعبون أكثر من 75% من المحاضرة عندما تلقى باللغة الإنجليزية، بينما أكد 45% أنهم يستوعبون ما بين 25-75% من المحاضرة. وتزيد نسبة استيعاب المحاضرة إذا استخدمت اللغة العربية مع الإنجليزية عند حوالي 90% من الطلاب. أما إذا كانت كلها باللغة العربية فقد أفاد حوالي 60% منهم أن نسبة الاستيعاب تزيد. وأفاد 40.4% بأنها لا تزيد. وأفاد 46% من الطلاب أنهم يحتاجون إلى نصف الزمن لقراءة مادة مكتوبة باللغة الإنجليزية لو كتبت بالعربية، كما أفاد 30% منهم أنهم يحتاجون إلى ثلث الوقت، و17.7% أنهم يحتاجون إلى نفس الوقت، بينما يحتاج 6.3% منهم إلى ثلاثة أضعاف الوقت. ووجد الجار الله والأنصاري أن 27.6% من الطلاب يحتاجون إلى ثلث الزمن لكتابة مادة باللغة العربية كانت أصلا باللغة الإنجليزية، كما يحتاج 36.9% منهم إلى نصف الزمن، و27% إلى الزمن نفسه. ويفضل 45% من الطلاب الإجابة على ورقة الامتحان باللغة العربية، و36.9% الإجابة عليها باللغة الإنجليزية، بينما يفضل 15.1% الإجابة باللغة العربية مع كتابة المصطلحات باللغة الإنجليزية، وفضل 3% الخلط بين اللغتين دون ترتيب. ويرى 50.7% أن التدريس باللغة الإنجليزية يقلل من فرصة المشاركة أثناء المحاضرات. ويؤيد 60% من الطلاب التدريس باللغة العربية، ويرى 8.7% منهم أن لا فرق بين التدريس بأي اللغتين. وأفاد 92.9% من الطلاب بأنه يمكن البدء في تطبيق التعريب فورا. وتبين من نتائج دراسة استطلاعية أجريت في كلية الطب بجامعة الملك فيصل عن موقف طلاب الطب من تعريب العلم الطبي أن 80% من الطلاب يوفرون ثلث الزمن أو أكثر عند القراءة باللغة العربية مقارنة باللغة الإنجليزية، وأن 72% من الطلاب يوفرون ثلث الزمن أو أكثر عند الكتابة باللغة العربية مقارنة بالكتابة باللغة الإنجليزية. ويفضل 23% فقط من الطلاب الإجابة على أسئلة الامتحان باللغة الإنجليزية. ويرى 75% أن مقدرتهم على الإجابة الشفوية والنقاش أفضل باللغة العربية (السحيمي والبار 1992). ودلت دراسة أجراها السباعي (1995م) على مجموعة من طلاب الطب وأطباء الامتياز والأطباء المقيمين عن متوسط سرعة القراءة باللغتين العربية والإنجليزية ونسبة التحسن إذا تمت قراءة النص باللغة العربية على أن سرعة القراءة باللغة العربية هي 109.8 كلمات في الدقيقة، بينما هي 76.7 كلمة في الدقيقة باللغة الإنجليزية، أي بفارق 23.1 كلمة في الدقيقة لصالح اللغة العربية. أي أن سرعة القراءة باللغة العربية تزيد 43% على سرعة القراءة باللغة الإنجليزية. وتبين أن استيعاب النص باللغة العربية أفضل من استيعاب النص نفسه باللغة الإنجليزية بزيادة 15%. أي أن نسبة التحصيل العلمي ستزداد 66.4% لو كان التعليم باللغة العربية، وأن طلبة الطب سوف يوفرون 50% من وقتهم لو قرأوا أو كتبوا باللغة العربية.

ولتقويم تجربة التعريب في الكليات التقنية بالمملكة، قام أبو عرفة والتهامي وحسن (1998م) باستطلاع أراء بعض الأساتذة والطلاب في تخصصي تقنية الإنتاج والالكترونيات الصناعية حول التجربة فوجدوا أن 52% من المدرسين يرون أن تجربة التدريس باللغة العربية تجربة ناجحة وتستحق التشجيع والدعم. ويرى 52% ضرورة استخدام اللغة العربية في التدريس. وأفاد 25% من المدرسين أن لديهم مساهمات في مجال التعريب والترجمة. ويرغب 71% في التعليم باللغة الإنجليزية.ويرى 84.5% أن التعليم باللغة الإنجليزية ضروري ويساعدهم في الحصول على وظيفة. وجاء في تقرير إدارة تطوير المناهج بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بالمملكة (1998) أن 48.37% من المسئولين في قطاع العمل يرون أن مستوى العاملين من خريجي الكليات جيد بشكل عام، بينما يرى 44.74% أن مستواهم مقبول (أبو عرفة والتهامي وحسن، 1998م).

أما فيما يتعلق بسلبيات استخدام اللغة الإنجليزية في التدريس، فقد أجرت الحاج عيسى والمطوع (1988م دراسة علمية في جامعة الكويت تبين فيها أن استخدام اللغة الإنجليزية كوسيلة اتصال تعليمية مشكلة لدى عدد كبير من الطلبة. حيث أشار 64% من أعضاء هيئة التدريس بكلية العلوم بجامعة الكويت أن مستوى الطلاب في اللغة الإنجليزية متدن. وأفاد 66% منهم أن ضعف طلبة كلية العلوم في اللغة الإنجليزية هو السبب في ضعف استيعابهم للمفاهيم العلمية. وذكر 76% أن ضعف الطلاب في اللغة الإنجليزية يقلل من دافعيتهم للتعلم. وأشار 48% أن الطلاب يعانون من صعوبة فهم الكتاب المقرر باللغة الإنجليزية. ورأى 54% أن الطلاب يواجهون صعوبة في فهم المحاضرات التي تقدم لهم باللغة الإنجليزية. إضافة إلى ضعف الطلاب الشديد في الكتابة والإملاء باللغة الإنجليزية وصعوبات في التحدث شفهيا بلغة سليمة ومتابعة وتلخيص ما يقال في المحاضرة، وافتقار الطلاب إلى حصيلة من المصطلحات العلمية باللغة الإنجليزية. بالنسبة للطلاب المشتركين في الدراسة، فقد أفاد 84% أن الطلاب المستجدين يواجهون صعوبة في استيعاب المفاهيم العلمية التي تدرس باللغة الإنجليزية، ويرى 80% أن الطلاب الذين يتعلمون باللغة الإنجليزية يبذلون جهدا أكبر مما يتطلبه ذلك لو كانت باللغة العربية، وذكر 50% أن الطلاب يعانون من مشكلة عدم فهم الكتاب المقرر باللغة الإنجليزية، وأن 42% يجدون صعوبة في استيعاب توضيحات الأستاذ باللغة الإنجليزية. ويؤيد 54% من الطلاب تدريس العلوم باللغة العربية لأن ذلك سيحقق لهم فهما أفضل للمادة العلمية التي يدرسونها. وفي دراسة أجريت على طلاب كلية الطب بجامعة الزقازيق، اتضح من تصحيح أوراق الإجابة التي كتبت باللغة الإنجليزية أن 10% فقط من الطلاب استطاعوا التعبير عن أنفسهم بشكل جيد و65% سردوا المعلومات المطلوبة ولكنهم لم يحسنوا التعبير و25% لم يفهموا المعلومات (السباعي 1995).

وكشفت نتائج بعض الدراسات عن أسباب التردد والتأخر في تدريس العلوم الطبية والهندسية باللغة العربية منها دراسة المهيدب (1998) التي أظهرت نتائجها أن 30.3% من الأساتذة و51.9% من الطلاب يرون أن لتعريب التعليم الهندسي آثار سلبية تتمثل في ضعف مستوى خريجي كليات الهندسة وعزل المهندس عن الإطلاع على التطور العلمي في المجالات الهندسية (51% و64% على التوالي).

بالنسبة لكفاية المراجع الطبية والهندسية، ويرى 8% من الأساتذة و22% من الطلاب أن الكتب والمراجع العربية للمقررات الهندسية كافية ومتوافرة في الوقت الحاضر. ويرى 5% من الأساتذة و13% من الطلاب ضرورة التروي والتحفظ في البدء بتدريس الهندسة باللغة العربية. ويرى 48% من الأساتذة ضرورة تأخير التطبيق حتى يتم توفير الكتب والمراجع الهندسية باللغة العربية. ويرى 20% من الأساتذة و11% من الطلاب أن يؤخر حتى يتم إعداد أعضاء هيئة التدريس لهذا الغرض (المهيدب 1998). ويرى 76% أن مستوى المراجع العربية في مجال تخصصهم جيد. أما الطلاب فيرى 71% منهم أن المراجع باللغة العربية متوافرة. ويستخدم 44% من الطلاب مراجع باللغة الإنجليزية (وأبو عرفة والتهامي وحسن، 1998). وأشار 92% من أعضاء هيئة التدريس بكلية العلوم بجامعة الكويت إلى النقص الشديد في الكتب العلمية العربية في المكتبة العربية (الحاج عيسى والمطوع، 1988م ).

يتضح من الدراسات السابقة أهمية استخدام اللغة العربية في التعليم الجامعي، ورغبة نسبة كبيرة من الطلاب والأساتذة في استخدامها في العملية التعليمية، والعوائق التي تحول دون استخدامها، مع تفاوت في نسب الطلاب والأساتذة المؤيدين لاستخدام اللغة العربية في التعليم من دراسة لأخرى، ومن حقبة زمنية لأخرى. إضافة إلى أن التعريب سيؤدي إلى زيادة استيعاب الطلاب للمفاهيم العلمية وسيؤدي إلى تحسن في مقدار تحصيلهم العلمي.

عينة الدراسة الاستطلاعية

تكونت عينة الدراسة من عينة عشوائية مكونة من 272 طالبا وطالبة بكليات الطب والصيدلة والهندسة والعلوم والحاسب الآلي بالجامعة الأردنية في مختلف المراحل (دراسات عليا وبكالوريوس) وعينة عشوائية مكونة من 470 طالبة في المستويات الأول وحتى الثامن بكلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود للتعرف على تصورات الطالبات غير المتخصصات في المجالات العلمية عن اللغة الأكثر صلاحية لتعليم العلوم والتكنولوجيا. كما تكونت من عينة من عشر آباء وأمهات هم إما أطباء أو أعضاء هيئة تدريس يحملون درجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه يدرس أبناؤهم في مدارس دولية.

أداة الدراسة الاستطلاعية

استخدمت الباحثة مقابلة شخصية مع طلاب الجامعة الأردنية تكونت من سؤالين مفتوحين هما: (1) عندما ترزق بأطفال هل تود وضعهم في مدرسة عربية تعلمهم جميع المقررات باللغة العربية ومادة واحدة فقط باللغة الإنجليزية أم تود وضعهم في مدرسة دولية تعلمهم جميع المقررات باللغة الإنجليزية مع مادة فقط مخصصة للغة العربية؟ علل لذلك؟ (2) أيهما أكثر صلاحية لتعليم الطب والهندسة والعلوم والصيدلة... الخ اللغة العربية أم اللغة الإنجليزية؟ علل لذلك؟ كما استخدمت الباحثة استبانة مفتوحة مع طالبات جامعة الملك سعود تكونت من نفس السؤالين المفتوحين اللذين طرحا على طلاب الجامعة الأردنية. واستخدمت مقابلة شخصية مع الآباء والأمهات هدفت إلى التحقق من بعض استجابات الطلاب. حيث طرحت على الآباء والأمهات أسئلة تدور حول السن الذي التحق به الطالب أو الطالبة بالمدرسة الدولية، ولماذا وضع الآباء والأمهات أبناءهم في المدرسة الدولية، وعدد الساعات المخصصة للغة العربية والدين، ومستوى الأبناء في اللغة العربية والدين مقارنة باللغة الإنجليزية، واللغة التي يستخدمها الأبناء في المنزل.

التطبيق والتحليل

قامت الباحثة بمقابلة طلاب الجامعة الأردنية كل على حدة وسجلت استجابات كل منهم على نموذج استبانة ثم فرغت الاستجابات وصنفتها. كما قامت بتفريغ استجابات طالبات جامعة الملك سعود وصنفتها. وللتعرف على آراء الطلاب نحو استخدام اللغتين العربية والإنجليزية في التعليم بمراحل التعليم العام والمرحلة الجامعية، قامت الباحثة بحساب النسب المئوية، واستخدمت التحليل النوعي بصفة رئيسة في حصر الأسباب التي قدمها طلاب الجامعتين لتعليم أبنائهم اللغة الإنجليزية منذ الصغر، ومناسبة اللغة الإنجليزية للتعليم الجامعي. إذ ما يهم هنا هو نوعية الاستجابات التي قدمها الطلاب وليس النسب المئوية لعدد الطلاب الذين قدموا الاستجابة نفسها. كما قامت بمقابلة الآباء والأمهات كل على حدة، وطرحت الأسئلة، وسجلت الاستجابات على نموذج خاص بكل منهم.

نتائج الدراسة

 
أولا: اللغة المفضلة لتعليم الأبناء:
أظهرت نتائج الدراسة أن 45% من طلاب الجامعة الأردنية وجامعة الملك سعود يرغبون في وضع أبنائهم في مدارس دولية تعلمهم جميع المقررات باللغة الإنجليزية منذ الصغر وأعطوا الكثير من الأسباب صنفت في المحاور التالية:

أسباب خاصة باكتساب اللغة:

ذكر أفراد العينة في الجامعتين أن اللغة العربية سهلة التعلم، والأبناء يعرفونها ولن ينسوها أبدا، لأنها لغتهم ولغة القرآن الكريم، وهي سهلة التعلم، ويمكن أن يتعلموها في المنزل من العائلة ومن البيئة المحيطة بهم، وإذا اقتضى الأمر سيقومون هم بتعليمها لأبنائهم في المنزل. وأضافوا أن الطفل إذا تعلم في مدرسة عربية لن يتمكن من تقوية لغته الإنجليزية أبدا، لان اللغة العربية هي اللغة المتداولة في المنزل والمدرسة. ويعتقد أفراد العينتين أن اللغة الإنجليزية تحتاج إلى تعليم ودراسة لأننا لا نمارسها في المنزل، وإذا لم يتعلمها الأطفال منذ الصغر سيصعب تعلمها في الكبر. لذا يجب أن يعتاد عليها الأطفال منذ الصغر، حتى يكتسبوا المعلومات باللغة الإنجليزية. وإذا لم تكن اللغة الإنجليزية محور دراستهم، لن تتاح لهم فرصة إتقانها بشكل جيد. كما أن اللغة الإنجليزية ستجعل لديهم معلومات كثيرة وثقافة واسعة. وإذا لم يتعلموها منذ الصغر، سيصعب تعلمها في الكبر، ويمكن أن ينسوها. وما يتعلمونه باللغة الإنجليزية سوف يستوعبونه باللغة العربية، وبذلك يستفيدون من اللغتين في آن واحد. والكثير منهم يحب أن يتقن أولادهم اللكنة الإنجليزية ويتعلموا أصول اللغة الإنجليزية، ويعرفوا أسرارها، ويتأسسوا فيها جيدا، حتى تكون لغتهم قوية منذ الصغر، وحتى لا يواجهوا صعوبات في تعلمها، ولصقل مهاراتهم في اللغة الإنجليزية واكتساب القدرة على تطبيقها في جميع المجالات.

أسباب علمية وتكنولوجية:

يعتقد طلاب الجامعة الأردنية وجامعة الملك سعود أن اللغة الإنجليزية أصبحت من ضروريات الحياة، لأنها هي لغة العصر، وهي مفيدة أكثر من اللغة العربية، لأننا في عصر أصبح العالم فيه قرية صغيرة، واللغة السائدة هي اللغة الإنجليزية. فهي تستخدم في جميع أنحاء العالم مثل شرق آسيا وأوروبا، بعكس اللغة العربية التي تستخدم في أماكن محدودة. وذكر الطلاب أن من لا يعرف اللغة الإنجليزية لا يستطيع أن يتقدم في تعليمه ويتطور. فاللغة الإنجليزية هي لغة الكمبيوتر والتلفاز ووسائل الاتصال، وكل شيء نرغب الإطلاع عليه مكتوب باللغة الإنجليزية. المواقع العلمية المتطورة على الانترنت باللغة الإنجليزية. جميع التخصصات مثل الكمبيوتر ولغات البرمجة والكتالوجات والأدوية والمصطلحات والمؤتمرات والأبحاث والمصادر تتطلب اللغة الإنجليزية. واللغة الإنجليزية هي لغة التواصل في الطب والصيدلة، ولا يمكنهم التواصل في هذه المجالات باللغة العربية. واللغة الإنجليزية أساس مهنة الطب والهندسة. ومن المستحيل تدريس تقنية المعلومات باللغة الإنجليزية. ومن الصعب التعامل مع الحاسب الشخصي باللغة العربية. ولان الطب والهندسة لا يستفاد منهما داخل البلاد العربية فقط، وإنما يحتاجون إليهما في الخارج، لذلك يجب الإلمام بأصول اللغة الإنجليزية في هذه المجالات، حتى يستطيع الطالب بعد التخرج التواصل مع المتخصصين الأجانب في العالم والإطلاع على ما لديهم من أفكار وخبرات ومهارات، سواء عن طريق الاتصال المباشر، أو عن طريق الانترنت، وحتى يستطيعوا مواكبة التطور السريع لهذه العلوم الجديدة واغلبها مكتوب باللغة الإنجليزية. وأفادوا أن الدراسة باللغة الإنجليزية أقوى من الدراسة باللغة العربية. والتكنولوجيا مرتبطة باللغة العربية أكثر من اللغة الإنجليزية. ويفضل الطلاب أن يأخذوا العلوم من مصادرها. وأشاروا إلى أن اللغة الإنجليزية تعد الطالب إعدادا جيدا للدراسة وتعلمه لغة أجنبية جديدة عليه، أما اللغة العربية، فقد تعلموها بصورة جيدة في المراحل السابقة، ولا شيء جديد يضاف إليها في المرحلة الجامعية.

أسباب مهنية:

يرى أفراد العينتين أن اللغة الإنجليزية من متطلبات النجاح في الحياة. فالطالب الذي يتقن اللغة الإنجليزية مستقبله أفضل من الطالب الذي لا يتقنها، وتكون الحياة عليه أسهل. ويعتقدون أن معرفة اللغة العربية فقط ستجعلهم محدودين في العمل. أما اللغة الإنجليزية فتتيح لمن يعرفها فرصة الحصول على وظيفة أفضل، لأن جميع الوظائف المتاحة في المستشفيات والشركات تحتاج إلى لغة إنجليزية قوية. وفي مجال العمل يحتاج الموظف إلى التواصل باللغة الإنجليزية، لأنها اللغة المستخدمة في مجال العمل لتنوع الجنسيات. وعندما يتخرج الطالب ويعمل، ترسله جهة عمله بعد اشهر إلى الخارج للتدريب، والتدريب يتطلب معرفة جيدة باللغة الإنجليزية.

أسباب خاصة بالنظام التعليمي العربي:

يرى أفراد العينتين أن التعليم في المدارس الإنجليزية متطور أكثر من المدارس العربية. والطلاب الذين يدرسون باللغة الإنجليزية متفوقون على أقرانهم في المدارس العربية، ولديهم معلومات أكثر وثقافة أوسع. ويرون أن مناهج المدرسة الإنجليزية تلبي رغبة الطالب وتشبع حاجاته، وتعلمه النظام واحترام الوقت، والتمييز بين وقت اللعب ووقت الجد، وتعلمه ما هو مهم في الحياة، خلافا للمدارس العربية التي تعتمد على الإلقاء والحفظ والتلقين. وهم لا يريدون لأبنائهم أن يواجهوا الحياة بقلة انضباط ولغة معدومة وعلوم قديمة لم تتطور منذ الأزل. وأضافوا أن المدارس العالمية تعلم أصول اللباقة وعلوما أخرى لا توجد في المدارس العربية، مما يساعد الطلاب على مواجهة مواقف الحياة الواقعية داخل السعودية والأردن وخارجها. ويرى الطلاب أن المدارس الإنجليزية تراعي قدرات الطالب وذكاءه وتراعي الفروق الفردية بين الطلاب، بخلاف المدارس العربية التي تعامل جميع الطلاب على أنهم متماثلين في القدرات. وذكر الطلاب أنه ما دامت الجامعات العربية تدرس المقررات باللغة الإنجليزية، لماذا يتعبون أنفسهم ويتعبون أبناءهم بالدراسة باللغة العربية. وأضافوا أن الطالب عندما يدخل الجامعة لا يستفيد مما درسه في المدرسة باللغة العربية. فالطالب يدرس العلوم والرياضيات باللغة العربية مدة 12 سنة، وعندما يدخل الجامعة يدرس باللغة الإنجليزية. وعندما يتخرج الطلاب من المرحلة الثانوية، تكون خلفيتهم في اللغة الإنجليزية بسيطة، لذلك يواجهون صعوبات في الدراسة الجامعية. وحيث إن بعضهم واجه صعوبات في تعلم اللغة الإنجليزية، لذا فإنهم لا يريدون لأطفالهم أن يتعبوا مثلهم.

النظرة الاجتماعية:

يعتقد أفراد العينة من الطلاب في الجامعتين - مثل الكثير من أفراد المجتمع- أن من يدرس باللغة الإنجليزية مستواه أفضل ممن يدرس باللغة العربية. ويعتقدون أن الطلاب السوريين أقل مستوى لأنهم يدرسون باللغة العربية. وذكروا أن بعض الطلاب ينجحون، ويحصلون على شهادة، ولكن مستواهم العلمي ضعيف، لان لغتهم الإنجليزية ضعيفة. ويرى الطلاب أن مجتمعاتنا العربية أصبحت تهتم بالمحادثة باللغة الإنجليزية، ومن يعرف اللغة الإنجليزية يحصل على مكانة مرموقة في المجتمع، وينظر إليه الناس نظرة إجلال وإكبار. ويود الطلاب تعليم أبناءهم اللغة الإنجليزية لتعزيز ثقتهم في أنفسهم منذ الصغر. فالطالب الضعيف في اللغة الإنجليزية يكون أقل ثقافة، وأقل تفوقا من الآخرين. ويرى الطلاب أن اللغة الإنجليزية شغلت حيزا كبيرا في جميع الدول، ومن لا يعرف اللغة الإنجليزية لن يكون له مكانة مرموقة.
 
ثانيا: مدى صلاحية اللغتين العربية والإنجليزية للتعليم الجامعي:
بالنسبة لمدى صلاحية اللغة العربية للتعليم الجامعي، يعتقد 96% من طلاب الكليات العلمية في الجامعة الأردنية و82% من طالبات كلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود أن اللغة العربية تصلح للعلوم الدينية وللتخصصات الأدبية مثل التاريخ والأدب العربي والتربية. وذكروا أن اللغة العربية لغة شعر وعواطف. أما اللغة الإنجليزية فهي الأصلح لتدريس التخصصات العلمية كالطب والهندسة والصيدلة والحاسب (على الرغم من أن طلاب الجامعة الأردنية أبدوا آراءهم عن تجربة ودراية بالدراسة العلمية، أما طالبات كلية اللغات والترجمة فلم يدرسن الطب أو الهندسة). وأعطى الطلاب الكثير من الأسباب صنفت في المحاور التالية:

قصور التعريب:

أشار الطلاب إلى أن التخصصات العلمية كالطب والهندسة والصيدلة والحاسب هي علوم غير مترجمة، وترجمتها إلى اللغة العربية تتطلب وقتا طويلا. كما أن تداول المصطلحات باللغة الإنجليزية سيجعلنا ننقلها نقلا صوتيا عند تعريبها، وهذا سيؤدي إلى الخلط. ويرى الطلاب أن تعريب المصطلحات غير مجد، لوجود مفاهيم انجليزية ليس لها ترجمة عربية، ولا يمكن إيصال معناها باللغة العربية. والعديد من المصطلحات ليس لها مقابل باللغة العربية. فالطب والعلوم تستخدم المصطلحات اللاتينية، واللغة العربية لا تفيد في هذا المجال. ويعتقد الكثيرون أن تعريب المصطلحات سيصعب العملية التعليمية. فهم لا يعرفون معاني بعض المصطلحات الطبية العربية مثل "كعبرة، والعمر الحيوي، وخزعة، والحمض النووي". ويرى الطلاب أن التقدم والتطور والمصطلحات الطبية والهندسية مرتبطة باللغة الإنجليزية أكثر من اللغة العربية. واغلب المصطلحات عالمية، لذلك من الأفضل دراستها باللغة الإنجليزية، لأن اللغة الإنجليزية تربط بين كل اللغات، ومعرفتها باللغة الإنجليزية سيسهل نقل المعرفة.

قصور التأليف والبحث العلمي باللغة العربية

يرى أفراد العينة أن اللغة العربية لا تصلح للتعليم الجامعي لعدم وجود مصادر معتمدة باللغة العربية يستطيع الطالب أو الطبيب دراستها والرجوع إليها، أو الدكتور المحاضر استخدامها في العملية التعليمية. فعلى سبيل المثال ليس هناك أبحاث في الرياضيات باللغة العربية، وليس هناك كتاب واحد عن التوحد باللغة العربية. جميع المصادر والأبحاث باللغة الإنجليزية، ولا يمكن قراءة الأبحاث من الانترنت إلا باللغة الإنجليزية. وأضافوا أن معظم المؤلفات العلمية تصدر أولا باللغة الإنجليزية، وهذا يساعد في الحصول على أحدث المعلومات، ويساعد على الانفتاح والتواصل مع العالم. ويرون أنه حتى لو قمنا بترجمة بعض المراجع، فحين ننتهي من ترجمتها ستكون هذه الكتب المترجمة قديمة بسبب سرعة تطور العلوم. ويرى الطلاب أن الدراسة وقراءة المراجع والأبحاث باللغة الإنجليزية أسهل، والمصطلحات أوضح، وطريقة طرح الأفكار في الكتب الإنجليزية أفضل. وذكروا أن كتب الرياضيات والعلوم في المرحلتين المتوسطة والثانوية لم تكن مفهومة، لأنها كانت مترجمة حرفيا.

سياسة القطاع الخاص نحو استخدام اللغة العربية:

أفاد الطلاب أن سوق العمل لا يعترف باللغة العربية، ويفضل من يعرف الإنجليزية. وفي مجال العمل، يتعامل جميع الموظفين باللغة الإنجليزية، وتتم المراسلات وتكتب التقارير باللغة الإنجليزية.

سياسة الجامعات نحو تدريس اللغة الإنجليزية:

ذكر الطلاب أن لغة التدريس في الجامعات عندنا هي اللغة الإنجليزية، فلماذا يتعبون أنفسهم بدراسة اللغة العربية. وذكروا أن سياسة الدراسات العليا بالجامعات العربية تفرض علىالطالب كتابة رسالة الماجستير باللغة الإنجليزية وتمنع كتابة الرسالة باللغة العربية إذا أراد الطالب ذلك. وهم يحتاجون إلى اللغة الإنجليزية لمواصلة الدراسات العليا في الخارج أو الداخل.

أسباب سياسية:

يرى الطلاب أن اللغة الإنجليزية هي لغة القوي. والقوي هو من يفرض لغته. عندما نصبح أقوياء نفرض لغتنا. وذكروا أن جميع التطورات العلمية والتكنولوجية التي حدثت وتحدث في العالم هي باللغة الإنجليزية وتأتي من الخارج، أي أن الأجانب هم الذين يطورون ويؤلفون. لذا فإن الطالب الجامعي إذا درس باللغة العربية، ستكون العلوم قد انتهت عنده، بسبب تدني مستوى العلم العربي، وهذا جعل من اللغة العربية لغة ثانوية.

دور الطلاب المستقبلي:

عندما سئل الطلاب عن ماهية الدور الذي يمكن أن يقوموا به لخدمة اللغة العربية وتطويرها من حيث الأبحاث وتأليف الكتب وترجمتها ووضع المصطلحات، أشاروا إلى انه ليس باليد حيلة، وماذا يستطيع فرد واحد أن يفعل. وذكروا أن الوضع الحالي في الدول العربية غير مهيأ للتأليف والترجمة. ولا يوجد تشجيع للمؤلفين والباحثين والمترجمين، ولا يوجد إمكانيات مادية للبحث والتأليف والترجمة. ويعتقد الطلاب بعدم وجود جهات رسمية عربية حكومية تشجع التأليف والترجمة باللغة العربية. وذكروا أن أوروبا وأمريكا لديها مجال لتطوير العلوم وإجراء الأبحاث العلمية، ولكن الدول العربية ليس لديها مراكز للبحث والتطوير. ويحتاج تطوير اللغة العربية إلى قرار سياسي على مستوى الحكومات العربية، وليس إلى جهود أفراد.

مناقشة النتائج

يتضح من استجابات الطلاب التي تم استعراضها أعلاه حرص شبابنا الشديد على تعلم اللغة الإنجليزية وتعليمها لأبنائهم، ونظرة الإجلال والانبهار باللغة الإنجليزية والنظرة الدونية للغة العربية والشعور نحوها بالعجز والحيلة، والفجوة العميقة بين اللغتين العربية والإنجليزية من حيث المصطلحات والأبحاث والمصادر وقواعد المعلومات والقواميس، وطرق تدريس اللغة العربية في المدارس، والأسباب التربوية والعلمية والتكنولوجية والمهنية والاجتماعية والسياسية التي أدت إلى تفوق اللغة الإنجليزية على اللغة العربية. ونخشى أن يأتي يوم تصبح فيه اللغة العربية غريبة على أبنائها، ويأتي يوم يطالب فيه أبناء العربية بإلغاء التدريس باللغة العربية، والخطر الذي تواجهه اللغة العربية منغزو اللغة الإنجليزية وتغلغلها في جميع مناحي الحياة، ونواحي القصور في الاهتمام باللغة العربية في السياسة اللغوية للدول العربية، والقصور في التخطيط اللغوي والتعريب والتأليف ومجالات العمل، والأفكار الخاطئة لدى الشباب عن طرق تعلم اللغة العربية والإنجليزية في الصغر والكبر، والمفاهيم الخاطئة لديهم عن اللغة التي يدرس بها الطب والتخصصات العلمية الأخرى في دول العالم الأخرى وعن لغة الأبحاث.

بمقارنة نسبة الطلاب الذين يرون عدم صلاحية اللغة العربية لتدريس الطب والهندسة والصيدلة والحاسب في الجامعة في هذه الدراسة بنسبهم في الدراسات السابقة، نجد أنها أعلى في الدراسة الحالية ذلك لأن آخر مجموعة من الدراسات أجريت قبل أكثر من خمس سنوات. ولقد طرأ الكثير من التغيرات التكنولوجية واتسع انتشار القنوات الفضائية والانترنت في السنوات الخمس الماضية. مما جعل الطلاب في هذه الدراسة أكثر إدراكا لتفوق اللغة الإنجليزية على اللغة العربية. كما أن استخدام الأسئلة المفتوحة في هذه الدراسة ترك للطلاب حرية التعبير عن آرائهم دون التأثير على استجاباتهم من قريب أو بعيد. ودون أن يدركوا الهدف الرئيس للدراسة

رأي الطلاب في نقص الأبحاث والمراجع:

بالنسبة لنقص المراجع العربية في التخصصات العلمية كالطب والصيدلة والحاسب وغيرها وكثرتها في اللغة الإنجليزية فهي حقيقة ملموسة. ويؤيد رأي الطلاب ما ورد في تقرير التنمية في العالم العربي لعام 2002م من أن مجموع الكتب التي ترجمت في العالم العربي في جميع التخصصات هو 330 كتابا. وهذا العدد يعادل خمس ما تترجمه اليونان من الكتب وهي دولة لا يتجاوز عدد سكانها العشرة ملايين نسمة، ويعادل عشر ما ترجمته تركيا وما يعادل 1/50 مما ترجمته اليابان، ولا يساوي نصف ما ترجمته دولة صغيرة مثل بلجيكا. بل إن دولا صغيرة تفتقر إلى الإرث الحضاري في العالم واقل سكانا وأكثر ضعفا من الدول العربية تفوق ترجمتها بكثير ما تترجمه الدول العربية مجتمعة ومثال ذلك فيتنام. ويؤد ذلك نتائج دراسة أجرتها الناصر (1994م) حول حركة الترجمة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة بين 1351-1412هـ . حيث توصلت الباحثة إلى أن حركة الترجمة في المملكة لم تنل ما تستحقه من عناية من لدن المؤسسات العلمية والثقافية السعودية الحكومية والأهلية. وأكدت أن الإنتاج الفكري المترجم في المملكة يعد ضئيلا جدا إذا ما قورن بمتطلبات التنمية وخططها، والبحث العلمي ومتطلباته، والحاجة إلى تنشيط الثقافة المحلية وتلبية الحاجات الثقافية للفئات العمرية المختلفة من الأفراد. وكشفت الدراسة عن أن ما تم ترجمته خلال فترة امتدت 62 عاما لم يتجاوز 502 من الكتب فقط تركزت موضوعاتها في العلوم الاجتماعية، والتي جاءت على حساب موضوعات أخرى مهمة كالعلوم التطبيقية والعلوم البحتة والآداب والمعارف العامة واللغات والديانات والتاريح والجغرافيا والتراجم وعلم النفس والفلسفة والفنون وغيرها، مما أدى إلى اختلال في التوازن الموضوعي الذي تتطلبه حركة التنمية عامة، والتنمية العلمية والتقنية في المملكة خاصة. وبينت الدراسة ضعف الاتجاه نحو ترجمة الكتب العلمية والتقنية إلى اللغة العربية في مقابل الإنتاج العالمي في هذه الموضوعات، وأن ما تم ترجمته من هذه الموضوعات ينصب في مجمله على العموميات دون الخوض في مجال التخصص الموضوعي. إضافة إلى ما تقدم، فقد بلغ مجموع الكتب المترجمة التي صدرت عن مركز الترجمة بجامعة الملك سعود منذ إنشائه حتى الآن هو 148 كتابا بمعدل 13 كتابا في السنة موزعة على النحو التالي: 6 كتب في طب الأسنان، 19 كتابا في الزراعة، 30 كتابا في العلوم، 8 كتب في العمارة والتخطيط، 13 كتابا في الهندسة، 15 كتابا في الطب، 11 كتابا في الأدب، 11 كتابا في التربية، 8 كتب في الاقتصاد والإدارة، 7 كتب في اللغات والترجمة، 9 في الطب البيطري، 11 في العلوم الإدارية. حيث ذكر العاملون في مركز الترجمة أن الكتاب المترجم يحتاج إلى 3 سنوات حتى يظهر إلى حيز الوجود بين ترجمة وتحكيم وطباعة. وأن مركز الترجمة بالجامعة كان يطبع من كل كتاب مترجم في السابق 2000 نسخة، أما الآن فيطبع 1000 نسخة فقط. وتتولى المكتبة المركزية عملية البيع والإهداء، وأن الكتب المترجمة تباع فقط في مركز بيع الكتب داخل الجامعة ولا تسوق خارجها.

وذكرت دراسة استراتيجية أعدها المجلس التنسيقي الفدرالي للعلوم والهندسة والتكنولوجيا Report of the Federal Coordinating Committee on Science, Engineering and Technology Policy أن 50% من الكتابات العلمية والتكنولوجية تنشر باللغة الإنجليزية في حين تغطي اللغة العربية حيزا ضئيلا من الـ 50% المتبقية. هذا يعني أن الإنسان العربي الذي لا يجيد اللغة الإنجليزية سيحرم من أكثر من نصف المراجع في مجالات العلوم والتكنولوجيا. إضافة إلى أن العرب الذين لا يعرفون اللغة الإنجليزية سيحرمون من المشاركة في مشاريع البحوث الدولية.

بالنسبة لماذا ذكره الطلاب عن عدم دعم الحكومات العربية للبحث العلمي، فتجدر الإشارة إلى أن موازنات البحث العلمي في العالم العربي لا تتجاوز 02% من الدخل القومي مقابل 22% في اليابان أي أكثر بـ110 أضعاف. أما عدد الباحثيين العرب فلا يتجاوز ألفاً من أصل 282 مليون نسمة يقطنون الوطن العربي. وينفق المواطن العربي نحو ثلاثة دولارات فقط على البحث العلمي، مقابل 409 دولارات في ألمانيا، و601 دولار في اليابان، و681 دولار في أمريكا (شبكة النبأ المعلوماتية).

تقصير أنظمة التعليم العربية والمناهج الدراسية:

يؤيد وجهة نظر الطلاب ما نشهده في الواقع وما أفادت به عينة الآباء والأمهات الذين ذكروا أن المدرسة الدولية تعلم الأطفال التفكير وتركز على الفهم وتشجيع البحث والإطلاع واستخدام التكنولوجيا في التدريس واستخراج الموضوعات من الانترنت. أما المدارس العربية فتركز على الحفظ والتلقين. إضافة إلى تفوق المناهج الدراسية الإنجليزية في المدارس الدولية من حيث حداثة المادة العلمية وعمقها وطرق عرضها وطرق إخراج الكتب وجاذبيته وطرق التدريس المتبعة في المدارس، وكفاءة المدرسين، على الرغم من أن الكثير منهم عرب، ولكنهم أكثر كفاءة من مدرسي المدارس العربية، لأنهم يتلقون تدريبا على التدريس، ويعطون اختبارات تقيس المهارات والكفايات التدريسية.

عقدة النقص والشعور بالدونية:

يعتقد الطلاب أن اللغة الإنجليزية أهم وأسهل، وأنها مفيدة أكثر من اللغة العربية، وأن المستقبل للغة الإنجليزية، وأن دراسة المصطلحات باللغة العربية صعبة، لان العلوم في الأصل أجنبية، وعندما تصبح هذه العلوم من فعلنا ندرسها باللغة العربية. الأجانب هم الذين عملوا على انتشار اللغة الإنجليزية، ونحن ساعدنا على ذلك بتعلمنا إياها. إن استخدام المصطلحات العربية وشيوعها يحتاج إلى تعود ليس أكثر. فمثلا عندما ظهرت كلمات مثل "هاتف وحاسوب وحاسب وحواسيب وحاوية ومطويات" لم يستسغها الناس، والآن ومع كثرة تداولها، أصبحت مألوفة. وما أن يظهر أحد المصطلحات باللغة العربية مثل "رتل عسكري، مجوقلة، محور الشر، خارطة الطريق، التوحد، غسيل الأموال، وتعويم الجنيه، والعولمة" في إحدى القنوات الفضائية، حتى تتناقله وتتداوله بقية الفضائيات ويصبح شائعا خلال أيام.

ويظهر من الدراسة جهل الشباب بمكانة اللغة العربية بين اللغات وأثرها في اللغات الأخرى. إذ لا يوجد لغة في العالم إلا وبها كلمات من اللغة العربية. ففي اللغة الأسبانية نحو خمسة آلاف كلمة من اللغة العربية، وفي اللغة الإنجليزية نحو ثلاثة آلاف كلمة أصلها عربي، وأكثر من 25% من الكلمات في اللغتين الماليزية والاندونيسية من اللغة العربية. وفي اللغات التركية والفارسية والأوردية والهندية حتى اللغة الأوكرانية كلمات من اللغة العربية (عدا الكلمات الإسلامية). وفي اللغة العربية ظواهر لغوية لا توجد في أي من لغات العالم. وإذا كان هناك قصور في مواكبة اللغة العربية للتطورات التكنولوجية والعلمية فليس سببه قصور في بنية اللغة العربية، بل تقاعس أبنائها والدول العربية في خدمة وتطوير اللغة العربية.

أفكار خاطئة لدى الشباب عن متى وكيف يكتسب الأطفالاللغة الأم واللغة الأجنبية:

اللغة هي وعاء الثقافة. وعندما يتعلم الطفل لغة ما، فإنه يتعلم لغة وثقافة معا، ويتعلم مفاهيم وطريقة تفكير وقدرة على التعبير، خاصة وأن اللغة العربية المحكية تختلف عن اللغة المكتوبة. وإذا تعلم الطفل جميع الدروس باللغة الإنجليزية، ستصبح اللغة الإنجليزية هي لغة الاستخدام اليومي، وهي لغة الثقافة، وسيكون أكثر انتماء واعتزازا وتبجيلا للغة الإنجليزية من اللغة العربية. وإذا لم يتعلم الطفل اللغة العربية منذ الصغر، لن يكون قادرا حتى على استخدامها في قراءة القرآن الكريم. فقد أفادت عينة الآباء والأمهات ممن وضعوا أبناءهم في المدرسة الدولية منذ الصغر أن لغة الأبناء الإنجليزية أقوى من اللغة العربية، وأن أبناءهم يجدون صعوبة في قراءة اللغة العربية وفي الإملاء العربي، وأن قراءة الأبناء الخارجية تكون باللغة الإنجليزية وليس باللغة العربية. وبعض الأبناء يتحدث اللغة العربية في المنزل، وبعضهم يخلط اللغتين، وبعضهم يتحدث اللغة الإنجليزية ولا يستطيع نطق الكلمات العربية. ونظرا لانشغال الكثير من الآباء والأمهات، فان الواقع المشاهد يشير إلى أن الآباء لا يقومون بتعليم الأبناء اللغة العربية في المنزل، وحتى لو أرادوا ذلك، نجد أن الأطفال يتهربون من تعلم اللغة العربية لشعورهم أنها عبء عليهم، ولسهولة اللغة الإنجليزية كونها اللغة التي يتداولونها ويتعلمون بها ويستخدمونها في المدرسة. وبعض الأطفال الذين يدرسون باللغة الإنجليزية يميلون إلى استخدامها في التحدث إلى الأهل في المنزل. فهم يستمعون إلى ما يقوله الأب والأم باللغة العربية ولكنهم يجيبون ويتحاورون معهم باللغة الإنجليزية، وبعض الآباء يتحدثون مع أبنائهم باللغة الإنجليزية. وحتى يشعر الطفل بالانتماء للوطن وللأمة العربية وللغة العربية، ينبغي أن يتعلم الطلاب جميع الدروس باللغة العربية مهما كانت المبررات. أما اللغة الإنجليزية وغيرها فيمكن أن يتعلمها المرء حتى في سن الستين. وكثير من الطلاب الذين درسوا في تركيا وألمانيا وايطاليا استطاعوا أن يدرسوا الطب والهندسة بعد دراسة دورة مكثفة في تلك اللغات مدتها لا تزيد على ستة أشهر.

أفكار خاطئة لدى الشباب عن تعليم الطب في جامعات العالم:
يعتقد الطلاب أن جامعات العالم تدرس الطب باللغة الإنجليزية. وهذا يخالف الواقع. فالغالبة العظمى من الدول غير الناطقة باللغة الإنجليزية تدرس جميع العلوم في الجامعة باللغة القومية باستثناء الدول العربية. هذا لا يعني أنها لا تدرس لغات أخرى إلى جانب اللغة القومية، ولكن اللغة القومية هي لغة التدريس بالجامعة. ففي أرمينيا وهي دولة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 3 ملايين نسمة، لغة التدريس في الجامعة هي اللغة الأرمينية حتى في كليات الطب والهندسة، وكذلك الحال في اليونان وعدد سكانها عشرة ملايين، وفي كوريا الجنوبية وعدد سكانها أربعين مليونا، وفي أوكرانيا وعدد سكانها خمسين مليونا، وفي اليابان وعدد سكانها نحو 126 مليونا، والصين وتركيا وألمانيا واندونيسيا وغيرها من دول العالم المتقدم وغير المتقدم.

أفكار خاطئة لدى الشباب عن نسبة المصطلحات في الكتب الطبية والهندسية والعلمية:
يعتقد الطلاب أن ما يعيق استخدام اللغة العربية لغة للعلوم والتكنولوجيا هو نقص المصطلحات باللغة العربية.والواقع أن الطلاب يحيطون قضية المصطلحات بهالة أكير من اللازم، لأن نسبة المصطلحات في النصوص العلمية ضئيلة. فقد بينت دراسة (السباعي، 1995) أن نسبة المصطلحات الطبية في المراجع الإنجليزية لا تتجاوز 3.3% من مجموع الكلمات الواردة في كل مرجع، في حين أن 96.7% من الكلمات عبارة عن مفردات من الكلام العادي غير المتخصص. والواقع أن العائق ليس صك المصطلحات بقدر ما هو ترجمة الكتب والأبحاث. إذ يوجد قواميس إنجليزي عربي في كثير من التخصصات ولكن أغلبها ألف في الستينات والسبعينات والثمانينات ووقفت عند ذلك الحد. أي أننا لا نستمر في تطوير القواميس العربية الإنجليزية المتخصصة ونضيف إليها كل ما يستجد من مصطلحات. ذلك أن القائمين على القواميس هم أفراد وليس مؤسسات ومجموعات من المتخصصين تقتسم عبء العمل. ومن ناحية أخرى، يحتوي البنك الآلي السعودي للمصطلحات (باسم) التابع لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية على نحو 400.000 ألف سجل مصطلحي في كافة المجالات العلمية. كما وضعت المجامع العلمية المختلفة مصطلحات كثيرة ولكن المشكلة تكمن في أن هذه الجهود مبعثرة، ولم يسمع بها ولا يعلم بوجودها الكثير من المتخصصين، وحتى إذا سمعوا بها وأرادوا أن يستخدموها لا توضع تحت تصرفهم.

أفكار خاطئة لدى الشباب عن طرق التعريب واستحالة عملية التعريب:

يعتقد الطلاب أن الطريقة المتبعة في ترجمة المصطلحات إلى اللغة العربية هي النقل الصوتي. والواقع أن هناك طرق للتعريب وتوليد الكلمات الجديدة باللغة العربية منها الاشتقاق (وموازينه كثرة جدا) والنحت والتوليد وإضفاء معان جديدة على كلمات وفيما يلي بعض الأمثلة:

النحت: كهرومغناطيسي، قبتاريخي بيحلوي جوقلة الهندرة (الهندسة الإدارية).
الاشتقاق العكسي: تهميش تعتيم تكشيف تدويل تأصيل عولمة عوربة بسْتَن شجّر عَلْمَن سَوّق بوّب فهْرَس قنّن برْمَج مَذْهَب سعْوَد مصّر عرّب.
التوسع في الاشتقاقات: حاسب حاسوب حواسيب حاسبات حسابات محاسب محاسبة محاسبي محاسبية.
إضفاء معان جديدة على المفردات العادية: تيار سياسي، جناح سياسي، يسار.
إحياء المفردات القديمة: رتل عسكري.
الشرح: إعادة انتشار القوات، التحول الديموقراطي، بطاقة الصرف الالكتروني.
الاستعارة من اللغات الأخرى: إلكترون أنسولين.
الاستعارة مع التعريب الصوتي: برلمان بركان ورشة عمل.
الاستعارة مع التعريب الجزئي: حديديك كبريتيك حرفيم قهوين استراتيجية لوجستية سيكولوجية.
الاشتقاق من الكلمات المستعارة: سرْمَن نقْحَر قسطر بستر ملين بَيْطَر كرْبَن تلْفَن أيّن دقْرَط سفْلَت هدْرَج قسْطَر بسْتَر مغْنَط تلفز مَيْكَن مَلْيَن أمْرَك فرنس ألْمَن ليزر
الأسماء المنسوبة: توعوي سلطوي طائفيّ عرفيّ إرهابي تلقائي عشوائي همجي عدواني إنتاجي منهجي اتحادي تكاملي تكافلي مفرداتي معلوماتي شبابي برامجي طلابي تعاهدي تضامني تكاملي منظماتي أممي عقائدي تتابعي شبابي علماني.
المصدر الصناعي: تعددية طائفية علمانية خصوصية إنتاجية عقلية واقعية استعمارية اتحادية اندفاعية ديموقراطية انتهازية أولوية تبعية عنجهية تلقائية عدوانية إرهابية محاسبية صلاحية قابلية مفرداتية معلوماتية شبابية منظماتية أممية عقائدية.
المصدر: عولمة عوربة.
اسم الفاعل: ناقلة جنود، حاملة طائرات.
اسم المفعول: مدروس مسموع مقروء مكتوب مفهوم مرهون.
اسم المرة: صدمة ضربة شحنة دورة جولة ثورة كدمة.
اسم الهيئة: قِتْلة جِلسة ميتة.
اسم المكان والزمان: منتدى ملتقى مؤسسة مصلحة وكالة جمعية رابطة.
اسم المهنة: نقابة صرافة عمارة ملاحة صناعة رقابة.
فعالة: برادة حثالة قصاصة.
أسماء الآلة (مفعال مفعلة مفعل فعّالة فاعلة مفعال فاعول): قاذفة حافلة مدمرة.
أسماء الأمراض (فعال): عصاب ذهان احتقان اختلال احمرار انسداد اعتلال اعوجاج.
فعّال: فنان، عداء جراح طيار قناص.
اسم التصغير (فُعيْل ، فعيّل): كتيّب كُهَيْرب نجيم بطين شعيرات حويصلات.
جمع المؤنث السالم: فطريات إنسانيات لسانيات رياضيات روحانيات.
فعل: كسّر، مزّق، قطّع فرّق جمّع شتّت ضعّف حمّل كذّب جيّش خيّم صعّد صوّب وجّه.
فاعَل: قاتل حارب هاجم صارع كاتَب شارك قاوم.
أَفْعَل: أقدم أدبر أقبل.
تَفَعَّلَ: تَفَرّق تقَطَّع تَعَظَّم تتبع تعرف تبنى تفوق تحقق تبين.
تفاعل: تطاير تجاهل تفاعل تدارك تحامل تداعى تماسك تطاير.
انفعل: انشقّ انكسر انكشف انقلب انقطع انطفأ انطلق انخفض.
افْتَعَلَ:افترق اكتسب التمس اعترض اشتعل.
افْعَلّ: احتل، ازرق.
استَفْعَل: استولى، استشرف، استغل.
فعلل: زلزل جلجل ثرثر جرجر سلسل غلغل دمدم ململ لعلع لف لفلف كف كفكف.
أما استحالة عملية التعريب، فهي مغالطة. إذا أخذنا في الاعتبار أن دولا صغيرة مثل أرمينيا عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة (عدد سكان مدينة الرياض)، ودولة مثل اليونان عدد سكانها عشرة ملايين نسمة (اقل من عدد سكان مدينة القاهرة، ونصف عدد سكان المملكة) قادرة على مواكبة التطورات العلمية وتأليف الكتب وترجمة المراجع العلمية إلى لغاتها القومية، فما الذي يمنع الدول العربية وعدد سكانها مجتمعة يفوق عدد سكان الولايات المتحدة أن تبدأ في عملية التعريب. وتجدر الإشارة إلى أنه في بداية القرن العشرين، قام كمال أتاتورك بتغيير الحروف التي تكتب بها اللغة التركية من العربية إلى اللاتينية. ومع هذا القرار بدأت عملية التأليف باستخدام الأبجدية الجديدة من الصفر. وها هي تركيا الآن تدرس الطب والعلوم والتكنولوجيا باللغة التركية.

وكما سبق القول، هناك جهود فردية متفرقة ينقصها التوحيد والمتابعة والعمل الدؤوب. ومع التقدم التكنولوجي وانتشار استخدام شبكة الانترنت، بدأت تظهر بعض الجهود الجماعية التي تسعى إلى إنعاش حركة الترجمة في العالم العربي مثل: المنظمة العربية للترجمة في بيروت، شبكة تعريب العلوم (أحسن)، المنظمة الدولية للمترجمين العرب (WATA).

التوصيات

اللغة العربية هي لغتنا القومية ورمز هوية الأمة العربية. ولمواجهة تيار العولمة اللغوية الذي يتمثل في هيمنة اللغة الإنجليزية على جميع اللغات والمجالات، وانحسار اللغة العربية أمامها، بسبب الواقع الجديد (العولمة الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والثقافية والسياسية ومحاولات التجانس والتقريب بين الثقافات المختلفة) توصي الدراسة ما يلي:

إعادة النظر في سياستنا اللغوية ويشمل ذلك وضع استراتيجيات وخطط لتطوير اللغة العربية، وتنمية اعتزاز طلابنا في جميع المراحل بلغتهم العربية، لغتهم القومية، وتعريفهم بمكانة اللغة العربية بين لغات العالم، وتطوير مقررات اللغة العربية خاصة قواعد اللغة العربية، وتزويد الطلاب بالمهارات اللغوية اللازمة لتنمية قدرتهم على التعريب والترجمة والتأليف وتطوير اللغة العربية، وضرورة أن يشعر كل طالب وأستاذ ومتخصص مسئول وغير مسئول أن التعريب وتطوير اللغة العربية مسؤوليته (مسئولية قومية).
إعادة النظر في سياستنا التربوية بحيث يكون للمؤسسات التربوية والجامعات دور في رفع شأن اللغة العربية. مناهجنا قديمة غير متطورة، وطرق تدريسنا متخلفة. لذا توصي الدراسة بتدريس متطلب في التعريب لجميع طلاب الجامعات في جميع التخصصات، وضرورة حفظ الطلاب المصطلحات باللغة العربية في المقررات التي تدرس باللغة الإنجليزية. فعلى الرغم من أن الكثير من البوادئ واللواحق والجذور باللغة الإنجليزية يونانية الأصل، إلا أن سياسة الجامعات في اليونان تقتضي أن يدرس الطلاب الطب والهندسة باللغة اليونانية ويحفظون المصطلحات باللغة الإنجليزية أو الألمانية أو الفرنسية. وعلينا تغيير سياسة الدراسات العليا في جامعاتنا بحيث يسمح للطلاب بكتابة الرسائل باللغة العربية إذا رغبوا في ذلك.
إنعاش حركة الترجمة والتعريب والتأليف وهذا يقتضي ما يلي:
إنشاء مراكز قومية للترجمة في جميع الدول العربية وربط هذه المراكز ببعضها البعض على شبكة الانترنت. وتعريف الطلاب والأساتذة ببنوك المصطلحات العربية مثل "باسم" BASM ووضعها تحت تصرفهم. والإضافة إليها باستمرار واستخدامها في التأليف باللغة العربية. وعلى الرغم من وجود الكثير من القواميس المتخصصة في جميع المجالات، إلا أن معظمها ألف في الستينات أو السبعينات أو الثمانينات ولم تصدر منه إلا طبعة واحدة، لا يضاف إليها باستمرار. لذا ينبغي أن يكون تأليف القواميس جماعيا تضطلع به منظمة أو دور نشر متخصصة. وحيث إننا في عصر المعلوماتية، من الضروري وضع هذه القواميس على الانترنت.
إنشاء قواعد معلومات متخصصة موحدة للأبحاث العربية على غرار قاعدة معلوماتERIC, MEDLINE.
إيصال شبكات قواعد المعلومات في الجامعات ومراكز الأبحاث العربية ببعضها البعض، أي عمل شبكة للمكتبات التي تحتوي على قواعد معلومات وذلك بإنشاء مركز موحد (شبكة موحدة) لقواعد المعلومات تخدم جميع الباحثين في المملكة والدول العربية كافة، أينما كانوا مثل Ohiolink التي تقدم خدمات لـ35 مكتبة في ولاية أوهايو. حيث تقوم تلك الجامعات بتزويد الباحثين بالوثائق والمشاركة في المصادر وتطوير ما لديها وتسهيل الاتصال.
لتحفيز أعضاء هيئة التدريس بالجامعات على الترجمة والتأليف باللغة العربية وتعريب المصطلحات، ولتشجيع طلاب الدراسات العليا على كتابة رسائلهم باللغة العربية ومساهمتهم في تعريب المصطلحات، من الضروري أن نجعل ذلك من متطلبات الترقية ومن متطلبات الحصول على درجة الماجستير والدكتوراه، مع تذييل رسائل الماجستير والكتب المترجمة والمؤلفة بقائمة بالمصطلحات الإنجليزية ومقابلاتها العربية.

إنشاء مواقع للمترجمين والكتب المترجمة والقواميس العربية المتخصصة ومؤتمرات التعريب على الانترنت.
الاستفادة من تجارب الدول الأخرى مثل اليابان وكوريا والصبن وروسيا واليونان في الترجمة ونقل العلوم.

4. دور وسائل الإعلام المرئية والمقروءة:

تفعيل دور وسائل الأعلام في توعية أفراد المجتمع (الأسرة والطلاب) فيما يتعلق بالتعريب والترجمة. فبدلا من أن يكون اهتمام قنواتنا الفضائية منصبا على الترويج للفن والفنانين والمسابقات والأفلام والشعر والأدب والمهرجانات والأمسيات الشعرية، وإنفاق الملايين على المسابقات والبرامج التي تتهافت عليها الجماهير العربية مثل برنامج superstar. أو برنامج "من سيربح المليون" ، ما المانع أن يكون هناك برامج توعوية عن اللغة العربية وتطويرها والترجمة والتعريب يخصص لها جزء من تبرعات الشركات الراعية، ويدعمها الأثرياء العرب كما يدعمون الفن والفنانين.

تخصيص مجلات للترجمة والتعريب تكون في متناول الشباب والمثقفين وقيام الأثرياء العرب بدعم الترجمة والتعريب.
استخدام اللغة العربية الفصحى في جميع البرامج التلفزيونية في جميع القنوات العربية ومنع استخدام الازدواجية اللغوية المتمثلة في المزج بين الكلمات العربية والإنجليزية في التلفاز.

5.دور الحكومات العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم:

من الضروري أن تصدر الحكومات العربية قرارات سياسية تلزم الشركات والمستشفيات بضرورة استخدام اللغة العربية في المراسلات وكتابة التقارير. ومن الضروري أن تصدر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم قرارا يقتضي بالمحافظة على اللغة العربية من خطر غزو اللغة الإنجليزية، مثلما تحافظ دول العالم الأخرى كاندونيسيا وماليزيا وفرنسا وروسيا واليابان على لغاتها القومية. فعلى سبيل المثال، تعقد ماليزيا واندونيسيا مؤتمرا سنويا يهدف إلى تطوير اللغة المالاوية (اللغة الماليزية والاندونيسية لغة واحدة). وعندما استقلت تيمور الشرقية، أول ما فكرت به هو أن تضع لها سياسة لغوية تحيي بها لغتها القومية وتطورها وتستخدمها في التعليم، على الرغم من قلة الناطقين بها. ولحماية اللغة الفرنسية من تسرب الكلمات اللغة الإنجليزية إليها، وضعت الأكاديمية الفرنسية (تشبه مجامع اللغة العربية) قانونا يعتبر استخدام أية كلمة إنجليزية لها ما يقابلها من اللغة الفرنسية مخالفة قانونية (حتى ولو كان استخدام الكلمة الإنجليزية أكثر شيوعا من الكلمة الفرنسية). لذا على الدول العربية أن تحذو حذو دول العالم الأخرى في المحافظة على اللغة العربية. ومن الضروري أن تدعم الدول العربية تعليم اللغة العربية لأبنائها ولغير الناطقين بها كما تفعل أمريكا وبريطانيا في دعمها لتعليم وتعلم اللغة الإنجليزية في جميع دول العالم عن طريق سفاراتها والمجلس الثقافي البريطاني ومنح فولبرايت وتوزيع المجلات وإهداء الكتب، والدعوة إلى الندوات والمؤتمرات، وإقامة فروع لجمعيات تعليم اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها مثل TESOL. فمثلا يفرض على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كتابة أسماء الشوارع واللوحات الإرشادية في الدول غير الناطقة باللغة الإنجليزية مثل اليونان باللغة الإنجليزية إلى جانب اللغة اليونانية، وقيام المسئولين في السفارات الأمريكية بزيارة لوزارات التربية والتعليم في الدول العربية وغيرها لتشجيع ودعم تعليم اللغة الإنجليزية للطلاب في المدارس، وإنشاء فروع لمنظمات تعليم اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها في الدول العربية مثل TESOL Arabia , TESOL Egypt , ويعقدون مؤتمرات سنوية يتهافت العرب على حضورها والمشاركة فيها، ويسافرون خصيصا من أجلها، في حين لا يتجاوز عدد الحاصرين للمؤتمرات والندوات التي تعقد محليا أصابع اليد. أي أن أمريكا وبريطانيا تدعمان تعليم اللغة الإنجليزية واستخدامها في جميع دول العالم، ولكن الدول العربية لا تدعم تعليم اللغة العربية حتى لأبنائها. وعلينا أن ننتبه إلى السياسات الخفية لبعض المنظمات مثل منظمة TESOL Arabia والتي تسعى إلى جعل اللغة الإنجليزية لغة للتعليم medium of instruction في مدارسنا وجامعاتنا.

الخاتمة

نظرا للتغيرات والتطورات السياسة والاقتصادية والتكنولوجية التي طرأت في العالم في السنوات القليلة الماضية، ازداد تغلغل اللغة الإنجليزية وتراجع اللغة العربية في جميع المجالات، وأصبح عدد الآباء العرب الذين يرغبون في تعليم أبنائهم في مدارس دولية تعلمهم اللغة الإنجليزية منذ نعومة أظفارهم يزداد يوما بعد يوم. وفي الوقت الذي تزداد فيه الكتب والمراجع والأبحاث الصادرة باللغة الإنجليزية، يتناقص عدد الكتب والمؤلفات والأبحاث المكتوبة باللغة العربية، ويلقى ما يوجد منها -على قلته - كسادا، ويعاني من عدم إقبال الجمهور على قراءته. وعلى الرغم من انعقاد العديد من المؤتمرات حول التعريب ولغة التعليم الجامعي، ووجود الكثير من الدراسات العربية التي حاولت التعرف على آراء الأساتذة والطلاب في استخدام اللغتين العربية والإنجليزية في التعليم، ومزايا استخدام كل منهما في التعليم الجامعي، والعوائق التي تحول دون التعريب، وعلى الرغم من أن تلك المؤتمرات والندوات والأبحاث قد وضعت الكثير من التوصيات التي بقيت حبرا على ورق، إلا أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من ضغوط سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية تتعرض لها دولنا العربية من بينها العولمة اللغوية والثقافية، ومحاول زعزعة هويتنا اللغوية والذي يتمثل في زيادة التركيز على تعليم اللغة الإنجليزية، والتخلي التدريجي عن تعليم اللغة العربية بزيادة الساعات المخصصة لتعليم اللغة الإنجليزية، أو البدء في تعليم اللغة الإنجليزية في صفوف المرحلة الابتدائية الدنيا، وتقليل ساعات تدريس اللغة العربية في الجامعة وغير ذلك، حاولت هذه الدراسة التعرف على توجهات الشباب - عدة المستقبل وعتاده - وآرائهم نحو استخدام اللغة العربية في التعليم الجامعي، وأسباب تأييدهم لاستخدام اللغة الإنجليزية في التعليم الجامعي والتي تعكس إما قصورا ملموسا، في ارض الواقع، أو بعض الأفكار الخاطئة لديهم، تستوجب الإصلاح والاهتمام من مؤسساتنا التربوية والقائمين عليها.

المراجع العربية

أبو حلو، يعقوب ولطفية، لطفي (1984). تقييم المرحلة الأولى في تعريب التعليم الجامعي التي تتبناها مجمع اللغة العربية الأردني. المجلة العربية للعلوم الإنسانية. ع14، ص 90.

أبو عرفة، عدنان والتهامي، عمر وحسين، الأمين (1998م). جهود التعريب والترجمة: التقويم والتنظيم. سجل وقائع ندوة تعميم التعريب وتطوير الترجمة في المملكة العربية السعودية. الرياض: جامعة الملك سعود.

إدارة تطوير المناهج (1998). تقرير إدارة تطوير المناهج حول نتائج استبانات تقييم المناهج من وجهة نظر المسئولين في قطاعات العمل أعضاء هيئة التدريس بالكليات التقنية، الطلاب الخريجين. الرياض.

الجار الله، حمد والأنصاري، لبنى (1998). آراء طلاب الطب ومواقفهم من تعليم الطب باللغة العربية. سجل وقائع ندوة تعميم التعريب وتطوير الترجمة في المملكة العربية السعودية. الرياض: جامعة الملك سعود.ص 437- 453.

الحاج عيس، مصباح والمطوع، نجاة (1988). التعريب ومشكلة استخدام اللغة الإنجليزية كوسيلة اتصال تعليمية في كلية العلوم بجامعة الكويت. م4، ع15، ص ص 47-94.

الناصر، نورة صالح (1994). ترجمة الكتب إلى اللغة العربية في المملكة العربية السعودية- دراسة ببليومترية. رسالة ماجستير. الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

السباعي، زهير أحمد (1995). تجربتي في تعليم الطب باللغة العربية. الدمام: نادي المنطقة الشرقية الأدبي.

السحيمي، سليمان والبار، عدنان أحمد (1992م). موقف طلاب الطب من تعريب التعليم الطبي. رسالة الخليج العربي. ع 42، ص 41-65.

شبكة النبأ للمعلوماتية www.annabaa.org (الخميس 2/10/2003م).

المهندس، أحمد عبد القادر وبكري، سعد عي الحاج (1998). الترجمة في جامعة الملك سعود. سجل وقائع ندوة تعميم
التعريب وتطوير الترجمة في المملكة العربية السعودية.

الرياض: جامعة الملك سعود.

المهيدب، عبد الله (1998). واقع تعريب التعليم الهندسي في المملكة العربية السعودية. سجل وقائع ندوة تعميم

التعريب وتطوير الترجمة في المملكة العربية السعودية. الرياض: جامعة الملك سعود. ص 517-536.

References

Crystal, David (2003). English as a Global Language (2nd Edition). Cambridge University Press.

Report of the Federal Coordinating Committee on Science, Engineering and Technology Policy (1993). Washington D.C. January.


مشاركة منتدى

  • مقال جيد شكرا للاخت ريما على هذا الجهد

  • تعتير هذه الدراسة من الدراسات الجيدة والتي تحكي لنا الواقع الذي فعلا نحن نعايشه ونشارك في أحداثه.

  • بدايةً أتقدم بجزيل الشكر وعظيم التقدير للباحثة لتناولها هذا البحث القيم ووقوفها على مشكلة من أخطر المشاكل التي تواجه أمتنا العربية وهي الابتعاد عن اللغة العربية في مناهجنا ونهجنا.
    تصفحته في عجالة لكن سأرجع له لاحقاً لأمعن النظر فيه بغية الاتستزادة والاستفادة. وارجو من الباحثة العزيزة أن تتناول في بحوثها المستقبلية أهمية اللغة في تكوين الأمم، وهنا أتذكر مثلاً المانيا أو فرنسا أو .. هل تركت لغتها؟. ألمانيا شرطها الأساسي في القبول بجامعتاتها هو تعلم اللغة الألمانية.
    لا أريد أن أطيل أكثر فجيل اليوم ينطبق عليهم مثل " مغنية الحي لا تطرب" ولا بد من اتخاذ قرار حكومي على مستوى عال من المسؤولية لتبني أهمية اللغة العربية في مناهجنا التربوية والتعليمية التعلمية.

  • السلام عليكم وحمة الله وباركاته
    الشكر كل الشكر على هذا المقال الذى افادنى شخصيا وكثيرا جدا
    وبمناسبة فأنا طالب دراسات عاليا وموضوع رسالتى له علاقة بتعريب العلوم فإن كان بالامكان موافاتى بأى جديد فى هذا المجال
    وشكرا على كل ماتقدمونه لصالح العلم ولصالح اللغة العربية
    وهذا هو عنوانى على الانترنت
    algudaire@yahoo.com

  • اللغة العربية اصبحت في نظر غيرها لغة متخلفة والمشكل ليس فيها بل في الشعوب العربية وطغيان العولمة طبعا وكذا تخلف الدول العربية وهو اكبر عامل .في كل الاصعدة لهذا تجد الانجليزية والفرنسية والالمانية والايطالية وغيرها متفوقة لانها بكل بساطة دول متقدمة .واللغة العربية تتبع اهلها .لكن رغم ذلك نلاحظ انا عدد الناطقين بها اي العربية عددع كبير الدول العربية مجتمعة وكذا الاسلامية لكن فقط هو التحفيز لدفع الناس لتعلمها وكذا كل اصول اللغات الاخرى منها وانا على استعداد لتدريسها لغير الناطقين بها في الدول الاوروبية وغيرها حيث اني متمكن من تدريسها بقواعدها السليمة وهذا الاسم عبد الكريم بهاز
    رقم هاتف خاص 002130774129800
    البريد الالكتروني abdelkrimmetlili@gmail.com

  • كيف نتعلم اللغة العربية واللغة الإنجليزية؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى