السبت ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

الأسئلة الحائرة

ما نحن؟!.. من نكون؟!.. ومن أين؟!.. وإلى أين؟!..

كيف؟!.. ولماذا؟!.. ومتى؟!..

حينما تمر بخاطر الإنسان منا مثل هذه الاستفهامات العميقة أفلا يأخذه عقله تلقائياً إلى محاولات نبش تلك "البدايات" الأولى لهذا التكوين الكوني الفريد، بدءاً من أسها، أي (خلق الإنسان) ، وأن هذا هو السبيل الوحيد لإيجاد الإجابات الذاتية لمثل هذا النوع من الأسئلة الغامضة المحيرة!! استرشاداً بقول الخالق الحكيم:- (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْق..َ) ؟؟؟!!!

إذ لا بد من أن هذا الخلق قد بدأ من نقطة ما؟! كما الدائرة ..

ولكي نرى- أيضاً – ما الذي يتناسب من هذه المتحصلات مع إيقاع تفاوت تأملاتنا الوجدانية بهذا الخصوص، والتي من المفترض أن تقود هذا المستفهم إلى هذه الوجهة المبنية على أساس النظر في كنه خصائص الموجودات بأسرها، مستفيداً في ذات الوقت من نقاط ظواهر علوم الآخرين المحسوسة، جاعلاً منها مرتقىً إلى تلك الإجابات الغائبة، ثم عائداً بها إلى فواغر خلايا القلوب الجائعة العطشى التائهة في فجاج هذه الأرض!! فلا مفر- في حقهم - من هذا التحديق المستمر في ما وراء السطور والألفاظ، طالما أن في صميم الأفئدة ما يفيد بأن "الحركة" أيضاً توجد في هذا الحرف!!

يقول– سبحانه وتعالى -:-

( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ30 ) "الأنبياء" ..

هذا هو الحرف الداعي إلى إدراك ما لا يرى، عبر هذا المرئي، عن طريق هذه العلوم المتعددة المتعلقة بمعرفة كيف بدأ هذا الخلق؟! من أي نقطة بدأت هذه الدائرة!!؟؟ أياً كانت مجالات هذه العلوم ومصادرها، إذ لتحقيق مثل هذا "البحث" الإنساني الشامل لا بد من تحصيل أكبر قدرٍ من هذه العلوم التجريبية، نفياً لهذا التناقض القائم بينها- إن وجد - ووضع حدٍ لهذه المعارك التنافسية، حتى تتضح صورة "العلم" الواحد الجامع لها، والتي هي من محيطه كالقطرة في محيط!! فروح التوحيد تسري حقاً في كل شيء!! 00

والبحث في اللغة – كما يقول الأستاذ/ أحمد بدر في كتابه " أصول المنهج العلمي ومناهجه " الكويت – وكالة المطبوعات 1986 ص/20 .:-

(هو النظر في ثنايا الشيء بقصد العثورعلى منشود، وهو- مصطلحاً – وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل مشكلة تؤرق الباحث وذلك عن طريق التقصي الشامل والدقيق بجمع الشواهد والأدلة التي يمكن التحقق منها والتي تتصل بهذه المشكلة المحدودة. فالبحث وسيلة للاستعلام والاستقصاء المنظم الدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة تؤدي إلى تطوير أو تصحيح أو تحقيق المعلومات الموجودة أصلاً على أن يتبع في الفحص والاستعلام خطوات المنهج العلمي واختيار المنهج والأدوات اللازمة لجمع البيانات وتصنيفها وتحليلها والخروج بنتائج يمكن عرضها وتعميمها) ..

وفي هذا الصدد يقول د0عبدالرحمن العاقب:- (..بأن العلم التجريبي ما زال يلهث لاكتشاف ما كشفته الروحانية منذ عصور، لأنه يعتمد على متغيرات محدودة، بينما الروحانية علم يعتمد على متغيرات كثيرة لم يعرف العالم كنهها بعد، بل إنما تتكشف على مدى العصـور، مثل اكتشاف الذرة، والفضاء وغيره، فعلى إنسان هذا العصرأن يستفيد من إيمانه الروحي، لأنه عامـل تقدم لا عامل تأخر.. ألم يكتشف المجهر مغزى قوله- تعالى -: (.. وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) ؟! ألم تكتشف صواريخ الفضاء ومركباته مغزى قوله- تعالى - : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ..) ؟! ألم تبرهن "الطاقة الحيوية" الأثر العلمي للتقوى ومغزى قوله- تعالى -: (.. وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ؟!

إن العلم الحديث والعلم التجريبي يقود أهله رغم أنفهم، ورغم إنكارهم إلى أن يتبين لهم الحق، وهنا (يتجلى) مغزى قوله - تعالى - (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء..)
لهذا رأينا وسنظل نرى، وقلنا وسنظل نقول، ومع الأستاذ سليم الجابي في كتابه: (النظرية القرآنية حول خلق العالم- وبتصرف - نقول: (أن الخالق– سبحانه وتعالى - قد راعى دور طفولة هذا العقل فخاطبه برمز وإيجاز، ومن المعلوم أن هذا العقل بحاجة إلى أن يتزود بشتى المعلومات المطلوبة حتى يتسنى له إصدار أحكام سديدة، وما كان لهذه المعلومات أن تتوفر في ذلك الزمن البعيد حين نزول القرآن، فخلق الكون عُرِفَتْ بعض المعلومات عنه بعد مُضِّي أربعة عشر قرناً، وكذلك تطوره، ولعل هذا هو السبب في أن قاريء القرآن الأول لم يتبين مثل هذه الحقائق، لأن آيات القرآن التي وردت بشأن الخلق قد أوحت له بداهةً أن هذا الكون قد خُلِقَ دفعةً واحدة، إلا أن المتدبر اليوم لهذه الآيات والممعن للنظر في ما وراء ألفاظها وصياغة أسلوبها، وما انطوى تحتها من أسرار، يأخذ ذهنه بالاتجاه نحو الاعتقاد الجازم بأن هذا الكون قد خُلِقَ عن طريق تطور طويل، وأن هذه الأرض التي نحيا عليها- بعد أن ثبت أنها كتلة منفصلة عن الشمس - قد ظلت دهوراً طوال، موغلة في التطاول، على حالٍ لا يمكن أن تعضـد أثراً للحياة، ولعل القدماء قد تمسكوا بالصيغة التي تقول: (.. كُنْ فَيَكُونُ) "يس/82" .. مبدأً لاعتقادهم السالف، بل الأدهى أن نجد اليوم من يتمسك بها!!) ..

في حين أن الرؤية الوجدانية لهذه الصيغة أي (.. كن فيكون) – كما يقول أستاذنا "كعورة" - تقول: بأن "الفاء" في "فيكون" إنما جاءت للاستئناف، والفعل المضارع (يكون) جاء تنبيهاً إلى أن أفعال التكوين والخلق لا تتوالى إلا وفقاً لقانون النشوء والارتقاء، ما دامت هذه الأفعال، وبألفاظ أخرى، فلا شيء يتم خلقه دفعة واحدة، بل كل ما في هذا الكون إنما يخضع تكوينه إلى قانون لا يحيد عنه بتاتاً، هو قانون النشوء والتطور والنماء، وهذا ما دلَّ عليه فعل: ".. فيكون"، أي فيتكون عن طريق هذا القانون ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى