الثلاثاء ٢٤ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

الأنثى!!

الأنثى ومنذ أقدم العصور- كما تقول إحدى النظريات المسيحية الأولى الأساسية في شأن المرأة، كما جاءت في كتاب "الحجاب" لأبي الأعلى المودودي-: (.. أنها ينبوع المعاصي وأصل السيئة والفجور، وهي للرجل باب من أبواب جهنم، من حيث هي مصدر تحريكه وحمله على الآثام، ومنها انبجست عيون المصائب الإنسانية جمعاء، فبحسبها ندامةً وخجلاً أنها امرأة، وينبغي أن تستحي من حسنها وجمالها، لأنه سلاح إبليس الذي لا يوازيه سلاح من أسلحته المتنوعة، وعليها أن تُكفِّر ولا تنقطع عن أداء الكفارة أبداً، لأنها هي التي قد أتت بما أتت به من الرزء والشقاء للأرض وأهلها، ودونك أيها الرجل ما قاله أحد أقطاب المسيحية الأولى وأحد أئمتها يدعى ترتوليان (Tertullion) مبيناً نظرية المسيحية في المرأة: (إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، وإنها دافعة بالمرء إلى الشجرة الممنوعة، ناقضة لقانون الله، ومشوِّهة لصورة الله- أي الرجل -) ..

وكذلك يقول كرائي سوستام (Chry Sostem) الذي يُعد من كبار أولياء الديانة المسيحية في شأن المرأة: (هي شرٌ لا بد منه، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها، وخطرٌ على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ورزء مطليٌ ممـوَّه) ..

ويقول المستشار أحمد خيرت(1) : ( في كثير من الشرائع والنظم الاجتماعية والعقائد السابقة للإسلام كان ينظر للمرأة على أنها من طبيعة إنسانية وضيعة إذا قيست بطبيعة الرجل، وكانت المرأة لا تعدو أن تكون في حياتها مخلوقاً تابعاً للرجل، ليس له في نفسه قيمة، ولكن قيمته جاءت من أن الرجل يريده انتفاعاً ومتاعاً، ولذلك لم يكن للمرأة في العصور القديمة كيان، إذ كانت مهدرة الحقوق عند كثير من شعوب العالم المتحضر قبل الإسلام، وبخاصة عند الهنود واليونان والرومان..

فكانت شرائع الهند القديمة تعد المرأة من فصيلة الإماء أو الصبيان

وكان قدماء اليونان يحرمون على المرأة حق التصرف والاختيار، فكانت في بيتها رهن إرادة الرجل، وفي منزل زوجها طوع أمره، وكانت عندما يموت زوجها تفرض عليها وصاية شقيق الزوج أو غيره من أقاربه، ولم يعترفوا للمرأة بأي حق حتى حق الميراث0 كما كانت أرقى القوانين لا تتيح فرصة الثقافة والتعليم أمام النساء، وكانت فلسفة أرسطو تشير إلى أن الطبيعة لم تزود النساء بأي استعداد عقلي، ولذلك يجب ان تقتصر على شئون المنزل والحضانة الأمية0

وكان الرومان يجعلون للرجل سلطاناً مطلقاً على امرأته، كما جرد القانون الروماني المرأة من معظم حقوقها المدنية، وأعطى الرجل السيطرة الكاملة عليها حتى حق الحياة والموت، وحق إخراجها من الأسرة وبيعها بيع الرقيق، بل لقد عدّها مجمع من مجامع روما مخلوقاً لا نفس له، وزعم أنه لا حق لها في الحياة الآخرة، أي أنها لا تبعث كما يبعث الناس، وإنما تنتهي حياتها بالموت0

وقد حرمت الشريعة اليهودية المرأة من معظم حقوقها المدنية، وجعلتها تحت ولاية أبيها وأهلها قبل زواجها، وتحت ولاية زوجها بعد زواجها، وتنزلها في كلتا الحالتين منزلة تقرب من منزلة الرقيق، بل إنها تبيح للوالد أن يبيع ابنته مع الرقيق لقاء ثمن يفرِّج به كربته0

وأوصت الديانة المسيحية صراحة بأن الرجل رأس المرأة0

ويحدثنا التاريخ أن المرأة كانت تلاقي من العنت وألوان الشقاء– حتى في المجتمعات المتمدينة والبلاد المتحضرة – ما لا يلاقي الرجل بعضه، فكانت تحرمها من التصرف في أموالها بأي لون من ألوان التصرف إلا بإذن زوجها، وما زالت بقايا هذه الحكم راسبة في أعماق بعض الشعوب إلى يومنا هذا، وما زال من شعوب أوروبا من يحرم على المرأة أن تتصرف في مالها إلا بموافقة زوجها!! ..) ..

مرأة في التاريخ الشرقي الحديث وجاء في كتاب: "عمل المرأة في الميزان" للدكتور محمد علي البار(1) ما يلي: (.. خرجت المرأة بالفعل سافرة متبرجة في كثير من البلاد العربية والإسلامية إبتداءً بتركيا حيث قام أتاتورك وهو من يهود الدونمة بسالونيك بالقضاء على ما تبقى من الخلافة العثمانية ثم أكمل ذلك بالقضاء على كل مظاهر الإسلام حتى أيا صوفيا المسجد الشهير حوّله إلى متحف.. ولا تزال تركيا العلمانية تفرض قوانينها الكافرة على الشعب التركي المسـلم وتفرض عليه السـفور والتبرج عنوة.. وقد نشرت المجلات مؤخراً صوراً لاحتفالات تركيا بذكرى أتاتورك.. فنشرت صوراً لفتيات المدارس الصغيرات وهن يجبن المدن وإحداهن مسلسلة بالقيد والحديد وعليها الحجاب ثم يتقدم أحد الفتيان فينزع عنها حجابها ويفك عنها أسرها ويصفق الجميع0

وانتشرت الموجة من تركيا إلى مصر حيث قامت الأميرة نازلي صديقة اللورد كرومر حاكم مصر حينئذ بالدعوة إلى السفور.. وكان من المترددين على صالونها الفخم قاسم أمين فدفعته إلى أن يكتب كتابه الداعي فيه إلى نبذ الحجاب وإلى خروج المرأة.. وأقام الاستعمار البريطاني وأذنابه ضجة كبرى لهذا الكتاب وحاولوا استغلاله أبشع استغلال وروجوا له أعظم ترويج حتى أدرك قاسم أمين نفسه خطورة ما دعا إليه فحاول جاهداً أن يوقف هذا التيار فلم يفلـح لأن الاستعمار وتلاميذه وأجهزة اعلامه تجاهلت كل ما قاله قاسم أمين عندمـا ندم على دعوته المزعومة إلى تحرير المرأة.. وقد قال قاسم أمين قبل وفاته بعام ونصف ما نشرته مجلة "الاعتصام" عدد رمضان 1399 أغسطس 1979م ما يلي:- (لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلى إقتفاء أثر الترك بل الإفرنج في تحرير نسائهم وغاليت في هذا المعنى حتى دعوتهم إلى تمزيق ذلك الحجاب.. وإلى اشتراك النساء في كل أعمالهم وموائدهم وولائمهم.. ولكني أدركت الآن خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس.. فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احترام الناس لهن.. وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات فرأيت من فساد أخلاق الرجال بكل أسف ما حمدت الله على أن خذّل من دعوتي واستنفر الناس إلى معارضتي) ..

وقال زعيم مصر محمد فريد وجدي:- (إن دعوة قاسم أمين قد أحدثت تدهوراً سريعاً في الآداب العامة وأحدثت انتشاراً مفزعاً لمبدأ العزوبة، وأصبحت ساحات المحاكم غاصة بقضايا هتك الأعراض، وهروب الشابات من دور أهلهن) – مجلة "الاعتصام" عدد رمضان 1399 أغسطس 1979م - ..

الجدير بالذكر أن زوجة قاسم أمين لم تترك نقابها ولم تتنازل عن حجابها، بل كتبت تعارض دعوة زوجها وخطورتها!!

هذا وقد أقام الاستعمار البريطاني في مصر داعيات لتحرر المرأة كما يزعمن وأولهن وأشهرهن هدى شعراوي.. التي تُسمَّى باسمها الشوارع والميادين في مصر ووالدها محمد سلطان كان أحد الذين خانوا الثورة العربية وتحولوا إلى صف الإنجليز0

وكان من نتيجة هذه الدعوات أن خرجت المرأة في مصر ثم تبعتها بعد ذلك كثير من الدول العربية.. وهاهي الدعوة تنتشر لتصل إلى الجزيرة العربية ذاتها.. واختلط الرجال بالنساء في المدارس والجامعات، ولم يبق مكان لم تختلط فيه النساء بالرجال، وكان من نتيجة ذلك ما قالته الدكتورة بنت الشاطيء [مجلة "الاعتصام" عدد رمضان 1399، أغسطس 1379م] : (إن المرأة دفعت ضريبة فادحة ثمناً للتطور.. ويكفي أن أشير في إيجاز إلى الخطأ الأكبر الذي شوَّه نهضتنا.. وأعني به انحراف المرأة الجديدة عن طريقها الطبيعي وترفعها عن التفرغ لما نسميه: خدمة البيوت وتربية الأولاد.. ونحن نرى البيوت أصبحت مقفرة منهن.. أما الأبناء فتُرِِكوا للخدم.. وقد نشأ هذا الانحراف الضال نتيجة لخطأ كبير في فهم روح النهضة.. وبلغ من سوء ما وصلت إليه أن نادت مناديات بحذف نون النسوة (وتاء التأنيث في اللغة) كأنما الأنوثة نقص ومذلة وعار، وأُهدِر الاعتراف بالأمومة كعمل من الأعمال الأصيلة لنا حتى سمعنا من يسأل: كيف تعيش أمة برئة معطلة.. يقصد بالرئة المعطلة هؤلاء الباقيات في بيوتهن يرعين الأولاد.. وزعموا أن المرأة تستطيع أن تجمع بين عملها في البيت ووظيفتها في الخارج) ..

تعليق بقلم عائشة التركي:

بدأ كاتب المقال مقاله بحشد شواهد من حضارات مختلفة و مقالات لمشاهيرتعبّر عن "حقيقة" أن المرأة مصدر الآثام والذنوب وهي سبب انغماس الرجل في الرذائل .وما يثير الانتباه أن صاحب المقال يؤمن إيمانا لا يخامره شك في أن هؤلاء المستشهد بأقوالهم قد أصابوا عين الحقيقة وكأن كلامهم من باب التنزيل ولو نظرنا مليا في ما قيل لوجدناه من توافه الآراء التي لا تستند إلى منطق ولا إلى عقل .وإلا كيف للرجل الذي صوره صاحب المقال على أنه الأذكى والأقوى أن يكون فريسة سهلة "تجرّه" الأنثى إلى الموبقات وهو فاغر فاه لا حول له ولا قوة، ألا تكون وقتها هي الأجدر بالتفوق.

وعلى صاحب المقال أن يكتب شيئا منطقيا مفيدا وأن لا يطرح مواضيع عفا عليها الزمن ولم تعد من أولويات النظر في مجتمعاتنا .

وألفت نظر صاحب المقال إلى أنه لطرح موضوع ما عليه أن ينوّع مصادره ومراجعه وأن لا يهمل أهمها .وأهمها في مقال الحال هو القرآن الكريم وهو الحمّال لموقف الاسلام من المرأة هذا الموقف الذي كانت فيه المرأة مكلّفة ومحاسبة شأنها شأن الرجل .
أما مسألة عمل المرأة و"اهمالها لأبنائها" فهذا أمر على صاحب المقال- ليكون موضوعيا -أن يقدّم إحصاءات جادة تثبت وجاهته صحته ...

وفي ختام تعليقي أرجو أن لا تقرأ السيدة والدة كاتب المقال رأيه فيها حتى لا تشعر بإهانته لها ك "أنثى"، لأن الأنثى يا صاحب المقال هي الأم ."وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى