الأربعاء ١٧ حزيران (يونيو) ٢٠١٥
بقلم زهرا داود نجاد, فرهاد ديو سالار

التحول الدیني وحالة الشعر في العصر المملوکي

یتمیز هذا العصر بضراوة الصراع الترکي - الفارسي وطوله وکثرة وقانعه وکوارثه، وبالتهاب النزاع المذهبي، فالفاطمیّیون والإسماعیلیون تعصبوا للمذهب الشیعي وتعصبوا للسنة وجعل کل منهما من المذهب واجهة وذریعة سیاسیة دینیة والقحط والجوع والوباء وویلات الحرب وسیل البدع والطرق الصوفیة علی توسیع خارطة البؤس والتأخر والتمزق الدیني والإجتماعي. وقد اقترن التدهور والضعف باستمرار الغزو اللغوي الترکي الذي بدأ منذ العصر المغولي حتی أن الموجة الترکیة نجحت في وقت مبکر في تخریج أجیال من الشعراء وأدباء والمؤلفین وهنا یحسن أن نتذکر فنؤکد أن الحیاة الأدبیة وقد تأثرت تأثراً عمیقاً بالحروب والنکبات الکبری التي تتابعت منذ سقوط بغداد ومن مشاهیر شعراء العصر.
«إن الدولة الفاطمیة لم تکن دولة موحدة، فقد تفرعّت فروعاً، ثمّ انشقّ منها المذهب الدُرزی (مذهب التوحید) والمذهب النُصیریُّ العلوی (مذهب التألیه) ومذهب الحشاشین (مذهب العنف للوصول إلی السیادة الدینیة بالاغتیال السیاسی). وفی القرآن الخامس الهجری کانت قوةُ الفاطمیین في ذروتهما، فقد خطب لهم بالموصل والکوفة. ففي سنة (402 هـ) إجتمع في بغداد نفر من علماء السنة کأبی حامد الإسفراینی و نفر أکثرُ من علماء الشیعة منهم الشریف الرضی واخوه الشریف المرتضی وابوعبداللّه بن نعمان فقیه الشیعة وکتبوا محضراً یتضمّن القدحُ في نسب العلویین (الفاطمیین) خلفاء مصرَ». [ابن الأثیر، عز الدین، الکامل في التاریخ، ج9، ص236 .]

«من أهم الحکام للدولة الفاطمیین في مصر الحاکم بأمرِاللّه (411هـ)، کان مفکراً کبیراً فأراد أن یحعل الدولة الفاطمیةَ فاطمیة صحیحة ولکن لم یکن قادراً، وبعد الحاکم بأمراللّه الفاطمي جاء إبنه ابوالحسن علیُّ الظاهر لإعزاز دین اللّه فافترقت الدوعوة الفاطمیة فرْقتینِ هما:
 فُرْقةُ الإسماعیلیة وفرقة الموحدّین.
وفي الوقت نَبعت من المذهب الفاطمي فرقة ثالثة هی الفرقة النُصیریة، وقد کان إنتشارها في الشام أیضاً، وکانت شدیدة العداوة المذهب الموحدین.

وکان للمذهب الفاطمي آثاره علی الحیاة العامة وعقائد النّاس وعاداتهم، فقد بالغوا في تقدیس آل البیت ومزاراتهم، ونقل الأفضل بن بدر الجمالی رأس الحسین - علی حد قولهم - من عسقلان إلی القاهرة ودفنت هناک بالمشهد الحسیني إلی الآن، وأذنوا للناس بالزیارة والتبرک به وصارت عادة لدی المصریین حتی الآن». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص 36.]

«علی أن المذهب الإسماعیلی الفاطمي لم یکن السائد وحده في کل أنحاء الدولة الفاطمیة، بل لم یکن له الغلبة التامة علی أهل مصر، فقد ظلت المذاهب الأربعة علی حالها من عقائد النّاس یعملون بها في مصر وفي إفریقیا والشام والحجاز، وإن غلب التشیع في بعض الحاء صعید مصر والیمن». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص 36.]
«وقد ضعف المذهب الفاطمي نفسه شیئاً فشیئاً في ظل الحکم الفاطمي فلم یکن في آخر دولتهم علی قوته في بدایة الدولة. وکانت هناک أسباب کثیرة أدت إلی هذا الضعف. منها ما لاقته الدعوة الفاطمیة من مقاومة عنیدة من أهل السنة بتأیید من العباسیین في بغداد، وتألب الخارجین ممن عارضوا المذهب ودعوا إلی مذهب أهل السنة أمثال أبی رکوة في المغرب، وإرتداد المعز بن بادیس وأهل دولته عن المذهب الفاطمي في إفریقیا، وعودتهم إلی أهل السنة، وإنقسام الفاطمیین الإسماعیلیة علی أنفسهم بعد تعیین المستعلی بن المستنصر دون أخیه نزار إلی فرقتین متعارضتین». [ابن الأثیر، عز الدین، الکامل في التاریخ، ج9، ص236 .]

«أدّی هذا کله إلی ضعف المذهب في مصر وما یلیها وتحول بعض الوزراء عن الشیعة الفاطمیة إلی الإمامیة.
و یبدو أن هذا الإضطراب الدیني بین مذاهب المسلمین، وظهور بعض صور التحرر والضعف في العقیدة أدی إلی تجاوزات کثیرة في أمور الشرع وحدود الدّین». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص37.]

«کان موقف الفاطمیین من أهل الذمة والکتابیین من یهود و نصاری عامة موقفاً متسامحاً ولعل ذلک لأسباب عقدیة، وإداریة، فأمّا الأسباب العقدیة، فإن الإسماعیلیة لم یتشدّدوا في موافقهم من الأدیان الأخری تشدد أهل الشنة والحنابلة خاصة. وأمّا الأسباب الإداریة فهو الیهود والنصاری عرفوا بمهارتهم في الإدارة وشئون المال، ولذلک إعتمد علیهم کثیر من الولاة والخلفاء حتی من غیر الفاطمیین. وکان الأقباط مصر درابة تامة بشئون مصر الإداریة، لذلک کانت الدواوین لا تخلو منهم، وإعتمد علیهم ولاة المسلمین منذ الفتح، فلما جاء الفاطمییون زادوا من إعتمادهم علی الأقباط ، والنصاری عامة وإتخذوا منهم زوجات، کما إتخذوا وزراء وکتاباً، وخلصاء لهم، بعضهم عدل عن دینه وأسلم، وبعض بقی علی عقیدته.
ثمّ عادت الدعوة الفاطمیة إلی القوة فاستطاع القائمون بها أن یحملوا خطیبَ جامع المنصور في بغداد علی أن یخطب (451هـ) للمستنصر العلويّ (الفاطميّ)». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص37.] «وإستطاع الفاطمیون أن یجعلوا الخطبة في مکة، ولکنّ الخطبة في مکة عادت إلی العباسیین سنة (468 هـ)». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص38.] «ومع نشوب الحروب الصلیبیة إتضخت مخططات الباطنیة في مُمالثة الصلیبین وعداءِ الإسلام وإغتیال رجال العلم والسیاسة من المسلمین، فأدرک العباسیون أنّ أمرَ هؤلاء الباطنیة لایصلح بالدعوة الصالحة فأخذوا بقتالهم وقتلهم». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص38.] «ولکن کانوا أتباع المذاهب السنیة أیضاً کانوا في نزاعٍ شدید في الشوارع. وإشتهر في هذا الدور من الأُسُرِ الحاکمة بنو عمادٍ في طرابلس الشام- وکانوا شیعة – حکموا طوال النصف الثاني من القرن الخامس الهجری. وإمتدَّ حکمُ بنی عمار علی جانب کبیر من الساحل الشام وأقاموا للأمّارة أبَّهَةً وشجّعوا العلم والأدب. وإنّهم قاتلوا الإفرَنجَ (الصلیبیّین) قتالاً شدیداً صادقاً وإنتصروا علیهم کثیراً». [ابن الأثیر، عز الدین، الکامل في التاریخ، ج 10، ص 344.]

«ولم یکن سقوط بغداد کارثة سیاسیة وإقتصادیة فحسب ولکن کان کارثة ثقافیة وحضاریة، فقد کانت بغداد مدینة المدن فهي مرکز للعلوم والآداب والفنون، وکانت محلاً لتربیة بالعلم والعلماء والأدباء والفلاسفة والشّعراء، فجاء المغول وقتلوا کل شیء العلماء والعلم والشّعراء والشّعر، وفر من العلماء والشّعراء من نجا منهم إلی الشام ومصر، وأخرق المغول المکتبات التي کانت ملیئة بالإنتاج العلمي للعرب والمسلمین منذ قرون مضت، وخرّبت المدارس والمعاهد، وقضي علی الآثار الإسلامیة». [عبد المعطي، فؤاد، الشرق الإسلامي في عهد الإیلخانیین، أسرة هولاکوخان، ص281.]
«وکان المسیحیون أکثر النّاس في العالم إبتهاجاً بهذا النصر، ورحبوا بهولاکو وزوجته (ظقزخان) والّتي کانت قد إعتنقت المسیحیة علی المذهب النّسطوري». [رنسیمان، إستیون، تاریخ الحروب الصلیبیة، ج3، ص522.]

«کان ظقز وأمرأؤه قد إستقر رأیهم علی الرفض والمقاومة، فبدأ یعدّ العدة للمواجهة مبتدئاً بالجبهة الدّاخلیة وتعبئة الرأي العام، إستعداداً لخوض المعرکة، فدعا النّاس للخروج للجهاد، ثمّ بدأ في حشد الجیوش، وجمع الأموال اللازمة للإنفاق علیها بفرض ضرائب جدیدة ومختلفة علی سکان مصر وکانت ضرائب مختلفةومتعددة، ذکرها إبن إیاس في بدائع الزهور ولکن هذه الضرائب وجدت معارضة من رجال الدّین والقضاء، فقد إشترطوا علیه أولاً إستعمال ما عنده وعند حریمه من الحلی، بالإضافة إلی ما عند الأمراء، ضربها نقداً، وتوزیعها علی أفراد الجیش، فإن لم تکفّ جاز له أن یفرّض ضرائب جدیدة علی الرّعیة وأن یقترض من أموال التّجار، لیستعین بها علی قتال العدو. وکذلک کانت المذاهب الدّینیة کثیرة متبانیة، وکان الشیعة عنصراً بارزاً جداً في الحیاة الإجتماعیة، من أجل التشجیع الّذي کان الشیعة قد لقّوه منذ وصل البویهیّون إلی الحکم ثمّ منذ قامت الدولة الفاطمیة في مصر. وعظم العداء بین أتباع المذاهب الشّیعیة المتطرفة کالفاطمیین والإسماعیلیة والحشاشین، وبین أتباع المذاهب السنیّة. فلمّا جاءت الحملاتُ الصلیبیة علی الشام إنحاز أصحاب المذاهب الشیعیة المتطرفة إلی الإفرنج الصلبیین بعاطفهم وبسلاحهم». [ابن تغري بردي، یوسف،النجوم الزاهرة في ملوک مصر والقاهرة، ص 73.]
«وهذا العداء لم یکن فقط بین الشیعة وبین السنّة، بل کان في أحیانٍ معدودةٍ بین أهل السنّة أنفسهم بعامل الضعف البشری. فإذا کان الحشاشون من الإسماعیلیة قد حاولوا إغتیال صلاح الدین، وإذا کان شاور وزیرُ العاضد الفاطميّ في مصر قد مالأ الصلیبیّین علی إحتلال القاهرة طلباً لمساعدتهم علی بسط النفوذ الفاطميّ في الشام، فإن أهل دمشق قد فأوضوا بعض ملوک الإفرنج الصلیبیّین لمحاربة نور الدین. علی أن مثل هذه الوقائعِ الکثیرة المؤلمة بابٌ من أبواب التاریخ». [ابن تغري بردي، یوسف،النجوم الزاهرة في ملوک مصر والقاهرة، ص 73.]

«فی العصر الممالیک فقد عادت کفة العربية إلی الرجحان واستعادت نفوذها الأدبی والعلمي وبخاصة في الموصل حتی غلبت علی ثقافة العهد فکانت لغة التألیف في شهتی والمعارف، إضافة إلی کونها لغة الشعر والأدب.
و یوجد في خزائن الکتب الموقوفة والخاصة في مدینة الموصل عدد ضخم من المؤلفات الأدبیة والعلمیة والدواوین، کتبت أو نظمت بلغة عربية جیدة)». [الزیدي، مفید، العصر العثماني، ص368.]

وقد إستمر هذا الإزدهار في عهد الممالیک وأسسهم في إیقاظ الروح القومیة والآمال العربية، وهکذا تتلاحظ أن عصر الممالیک کان غنیاً بشعرائه وکتابه بالقیاس العصور المتأخرة السابقة، وإنّ أحواله الثقافیة أکثر سعة.
«حدث في هذا العصر عدد من البدع منها زیادة الصلاة والتسلیم علی النبيّ  بعد الأذان، فإنّ الأذان الشرعيّ المــــرويّ عن رسول اللّه ینتهي بقول المـــؤذّن: (...اللّه أکبر لا إله إلّا اللّه). وإنتشرت کذلک الأخبار الواردة في الإسرائیلیّات وکثر الفساد في حلقات الصوفیة وإحتفالاتهم».[الزیدي، مفید، العصر العثماني، ص368.]

«ووقع النزاع بین أتباع المذاهب الإسلامیة بین الحنابلة والأشعریة (الشافعیّة خاصّةً) ممّا کان مألوفا منذ قرون. وکذلک کثرت مکائد الإسماعیلیة وکلامهم في المــغیّبات بما لا یجوز (إذ لا یعلَمُ الغیبَ إلّا اللّهُ). وفي مطلع القرن العاشر أیضاً إنتشر المذهب الشیعي (الإمامي) في فارس علی ید إسماعیل الصفويّ شاه إیران (807 – 930 ه)». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص 883.]

«وتعرّض الإسلام السنّي خاصّة لهجمات کثیرة في أیام الممالیک البرجیّة في کلّ مکان: إنّ أوروبّة التي لاقتْ في الأندلس هزیمةً منکرةً علی ید یوسف بن تاشفین في معْرکة الزلّاقة (479ه=1086م) نقلت نشاطها العسکریّ، بعد عشر سنوات فقط، إلی المــشرق وأثارت الحروب الصلیبیّة مائتي عامٍ کاملةً من سنة 491 إلی سنة للهجرة (1098-1291م) ثمّ إستطاع الممالیک البحریة أن یطهّروا المشرق کلّه من الجیوش الصلیبیة. هؤلاء الإفرنج الصلیبیّیون عادوا وشیکاً إلی تأکید للإسلام بطریقةٍ سلمیة». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص 883.]

«وفي 730ه (1329م) – منذ أیام الممالیک البحریة وبعد الإنتهاء الحروب الصلیبیّة بثمانیة وثلاثین عاماً – بدأتْ حربٌ صلیبیّةٌ علی الإمارات الإسلامیة في شرقيّ إفریقیة عامّةً وفي الحَبَشة خاصّة. ففي سَنَةِ 805ه (1402م) إستشهد سعد الدین ابو البرکات محمّد بن أحمد ملک الحبشة، وکان في حیاته کثیر الجهاد للدفاع عن ملکه ، وکان شجاعاً وقائداً بارعاً. فلــمــــّا ماتَ جمع الحطّي صاحب الحبشة جمعاً عظیما وجهّز علیه أمیراً بقال له بارواً. فالتقی الجَمَعان فاستشهد من المسلمین جمع کثیر منهم أربعمائة شیخ من الصلحاء... وإستحَرّ القتل في المسلمین حتّی هلک أکثرهم. وإنهزم من بقي. لجأ سعد الدین إلی جزیرة زَیْلَعَ في وسط أبحر فحصروه فیها إلی أن وصلوا إلیه... فطعنوا فمات...وإستولی الکفّار علی بلاد المسلمین وخربوا المساجد وبنَوْا بدلها الکنائس وأسروا وسبوا ونهبوا». [الحنبلي، عبد الحی بن أحمدابن عماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج7، ص48- 47]

«کثرت کتب الثقافة والعلم في هذا العصر، فمن المؤلّفین المـُـوسعیّین الذين وضعوا کتباً مبسوطةً مفصّلةً کبیرة الحجم الفیروزآبادي ت (817ه) صاحب (القاموس المحیط) وغیره ثمّ القلقشنديّ ت (821ه) صاحب (صبح الأعشی في صناعة الإنشا) ثمّ إبن حجر العسقلانيّ ت (852ه) صاحب (الإصابة في تمییز الصحابة) (تراجم صحابة رسول اللّه) و (الدرر الکامنة في أعیان المـــائة الثامنة) (في التراجم العامّة) ثمّ المــقریزيّ ت (845ه) صاحب (المواعظ والإعتبار بذکر الخطط والآثار) . ثمّ هنالک عبد الرحمن السیوطيّ ت (911ه) الذي تملأ أسماء مؤلّفاته بضع صفحات ملزوزة في عددٍ کبیرِ من الفنون الإنسانیة خاصّة». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص 885.]

«أصبح الزهد لدی بعض أصحابه مذهباً أدبیاً أخلاقیاً معا، کما کان عند أبي العتاهیة في المشرق، ظلت الأندلس في عصر قرطبة أمویة الهوی سنیة المذهب في الجملة، حتی إذا کان عصر الطوائف «وکما تقول الدکتور إحسان عباس: "ظلت الأندلس في عصر قرطبة أمویة الهوی سنیة المذهب في الجملة، حتی إذا کان عصر الطوائف ومن بعدهم من المرابطین لم یکن للتشیّع مجال سیاسي اللهم إلّا في دولة بني حمود أصحاب قرطبة ومالقة والجزیرة الخضراء"». [إحسان، عباس، تاریخ الأدب الأندلسي، ص167.] وإن بني حمود ینسبون إلی النبي ، ولم یکن لهم مذهب کامل؛ وکان کل مایظهر لهم من أثر في الشعر الأندلسي أن مدحهم بعض الشعراء کإبن درّاج وإبن شهید بإنتسابهم إلي الرسول.
«منذ ظهور الإسلام وبعثة النبي ، تمسکون الکثیر من الشعراء بالزهد في الدنیا وبشخص النبي  فیمدحونه ویذکرون سیرته منذ الولادة والبعثة والهجرة وغزواته ومعجزاته وصحابته والشوق إلي تلک الأیام والأماکن المقدّسة، وشرف القرآن العظیم». [فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربی، ج3، ص 886.]

«وتطور هذا الأسلوب وإزدهر عبر العصور وبخاصة بعد إحتلال بغداد من قبل هلاکو، وتوالي الویلات والمحن، عند ما أحسن المسلمون بالخطر والضعف تجاه العدو الغازی فظهرت القصائد الکثیرة في مدح النبي  وإنتشر المدیح النبوي علی نطاق واسع، وکان أفضل الشعراء لهذه الفترة هو محمّد بن سعید البوصیري (695ه) الذي برز بقصائده المشهورة في المدیح النبوي کالبردة والهمزیة ومثلا یمتاز شعر البوصیري بالرصانة والجزالة وحسن إستعمال البدیع في المدائح النبویة. وممّا شاع في هذا العهد المدائح النبویة، فنظم البوصیري بردته الشهیرة.
یعد صفي الدین الحلّي بحق في طلیعة شعراء هذا العصر أغرم بالبدیع فکان اوّل من نظم القصائد التي تجمع أنواعه وتعرف بالبدیعیات». [الفاخوری، حنا، تاریخ الادب العربي، ص 866.]

وشاع في کتابات العصر أضفاء ألقاب دینیة علی الخلفاء، ففضلاً عن تلقیبه بأمیرالمؤمنین؛ فقد کان یتبع إسمه بقولهم-  - کما یفعل بعد أسماء الأنبیاء، لأنّ الأئمة عندهم من سلالة النبوة، فلهم مالهم من التقدیس!

والمصری أدیّن بطبعه، عرف الدین وسری في عروقه منذ آلاف السنین وکانت أرضه مصر مهداً لعدد من الأنبیاء، ومسرحاً لکثیر من الرسالات السماویة منذ إبراهیم  وقبله من أنبیاء ولم تدتنا أخبارهم تفصیلاً ولکن جاء مصر من الرسل الکبار یوسف وموسی وعیسی کما زارها عدد من الأنبیاء کیعقوب و هارون .
«ولم یخل التطبیق المصري للإسلام، أو الإسلام في صورة السلوکیة في حیاة المصریّین قد شابته بعض شوائب من حضارة مصر القدیمة کتقدیس الأولیاء وزیارة في قبورهم، وتقدیم النذور والذبائح لهم. وتکاد لاتخلو قریة مصریة القدیمة، کالإعتقاد بإجتماع الأولیاء في أماکن متعددة کإجتماع الأرباب یصرفون أحوال الدنیا، ویکتبون مقادیر النّاس ومصائرهم». [إحسان، عباس، تاریخ الأدب الأندلسي، ص167.]

لقد إحتفظت کل قریة من قری مصر بمسجد وکنیسة إذا کان بها أقباط مسیحیون وربّما کان هناک أکثر من مسجد وکنیسة. کما کثرت علی جانبی الوادي البرابي والبیع والأدیرة التي کان یسکنها رهبان المسیحیین وقسّیسیهم، ویؤمها المسلمون والمسیحیون جمعیاً في أعیاد النصاری التي کان کثیر منها أعیاداً مصریة أو قومیة قدیمة کعبد النیروز أو النوروز وغیره.
وکان لمدن مصر سماتها الخاصة التي بین سمات المدن الإسلامیة مع ملامح مصریة ممیزة لها.
وحرص الفاطمیّون علی نشر مذهبهم الدیني فور دخولهم إلی مصر، وإن کان قد سبقهم من الدعاة، من مهّدوا لهم، فاتبع دعوتهم بعض المصریّین إلّا أن عامتهم کانوا حریصین علی مذهب أهل السنة مع محبتهم لآل البیت.یقول المقریزی: «ولمـّا جوهر الصلی القائد بعسکر المعز الدین اللّه إلی مصر وبنی القاهرة أظهر مذهب الشیعة، وأذّن في جمیع المساجد الجامعة وغیرها (حیّ علی خیرالعمل)، وأعلن بتفضیل علي بن أبی طالب علی غیره، وجهر بالصلاة علیه، وعلی الحسن والحسین وفاطمة الزهراء رضوان اللّه علیهم». [المقریزي، أحمد بن علی، السلوک لمعرفة الدول الملوک، ج1، ص502]

فهرس المراجع و المصادر

ابن الأثیر، عز الدین، الکامل في التاریخ، ج9، دار صار، بیروت، 2004م .
ابن تغري بردي، یوسف،النجوم الزاهرة في ملوک مصر، ط1،مکتبة مجلس، القاهرة، 1992م.
إحسان، عباس، تاریخ الأدب الأندلسي، عصر سیادة قرطبة، دار الثقافة، لبنان، 1962م .
الحنبلي، عبد الحی بن أحمد ابن عماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ط1، دار ابن کثیر، بیروت، 1986م.
رنسیمان، إستیون، تاریخ الحروب الصلیبیة، دار الثقافة، بیروت، 1365 ش.
الزیدي، مفید، العصر العثماني، دار أسامة للنشر والتوزیع، ط1، 2003 م .
عبد المعطي، فؤاد، الشرق الإسلامي في عهد الإیلخانیین، أسرة هولاکوخان، مرکز الوثاق والدراسات الإنسانیة، الکویت، 1987م.
الفاخوري، حناّ، الموجز في الأدب العربي وتاریخه، الأدب في الأندلس والمغرب أدب الإنحطاط، دار الجیل، بیروت، 1411ه.
فروخ، عمر، تاریخ الادب العربي، بیروت، دار العلم للملایین، الطبعة الاولی 1979م.
المقریزي، أحمد بن علی، السلوک لمعرفة الدول الملوک ،دار الکتب والوثائق القومیة.

جامعة آزاد الإسلامیة في کرج، کرج ، إیران

Islamic Azad University Karaj Branch,Karaj,Iran.

عنوان الدقال: التحول الدیني وحالة الشعر في العصر الدملوکي

Title: Evolution of religious poetry in mamluk era.

الأستاذ الدشرف: الدکتور فرىاد دیوسالار بجامعة آزاد الإسلامیة في کرج.
divsalarf @yahoo.coml
الطالبة: زىرا داود لصاد خریجة في مرحلة ماجستیر بجامعة آزاد الإسلامیة في کرج، کرج ، إیران.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

استراحة الديوان
الأعلى