السبت ٢٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢١
بقلم مريم علي جبة

الفنان أسامة الروماني في حوار مع ديوان العرب

ولد في دمشق في الثالث من شهر تموز من عام 1942. بدأ حياته الفنية في الستينات من القرن العشرين، حيث كانت البدايات في المسرح، ثم اتجه للعمل في التلفزيون، سافر إلى الكويت،وشارك في إنتاج المسلسل الشهير "افتح يا سمسم" و "سلامتك"، الفنان والمنتج السوري أسامة الروماني، كان بضيافة "ديوان العرب" وكان هذا الحوار:

شاركت في العديد من الأعمال الدرامية والمسرحية، ولكن الدور الأشهر لك كان شخصية "أبو أحمد" في المسرحية الشهيرة "عربة"؟ برأيك لماذا ؟

لا شك بأن الفنانين الذين ذاعت شهرتهم، كان ذلك نتيجة تراكمات كثيرة، ونتيجة خبرة وجهد ومحاولة للوصول إلى الأفضل، وبالتالي يصل الفنان إلى نقطة يلمع فيها من خلال دور أو شخصية يكون لها تأثير على الجمهور، وأعطيكِ مثال: عادل إمام اشتُهِر من خلال مسرحية "مدرسة المشاغبين، وسمير غانم من خلال مسرحية المتزوجون" .. إلخ

وهناك نقطة لا بد من الإشارة لها في هذا الخصوص وهي أننا كنا نقدم مسرحيات، وكان الجمهور يفاجئنا بمشهد ما أو بشخصية ما تعجبهم جدا ويصفقون لها، في الوقت الذي نكون نحن فيه لم ننتبه لهذا المشهد أو إلى تلك الشخصية أو يمكن أن يكون لهما كل هذا التأثير على الجمهور وتحقيق النجاح.

وبالنسبة لشخصية "أبو أحمد" في مسرحية "غربة"، يمكنني القول أن الناس تحب البساطة التي تشبهها، و"أبو أحمد" فيه شيء من كل واحد من الجمهور، فيه النسونجي، والانتهازي، .. إلخ. ولا شك أنه كان هناك جهد على الدور لتخرج الشخصية للجمهور بهذا الشكل.

برأيك ما سبب نجاح مسرحيات مثل : غربة، وضيغة تشرين، وغيرها وبقائها في الأذهان حتى اللحظة رغم مرور عقود على عرضها؟

هنا لا بد من أتحدث عن الشراكة الناجحة، والتي تخلق أعمالاً خالدة من دون أدنى شك.. محمد الماغوط، ودريد لحام، كانت شراكتهم في قمة تألقها ونجاحها، فالكاتب الراحل الماغوط كان يمتلك "فكر" والفنان القدير دريد لحام كان ضليعاً وذكياً، حيث كان يعرف كيف يفرش لأفكار الماغوط، وعندما انفصلوا فيما بعد سجل للاثنين بعضاً من فشل.

وأريد أن أذكر مثالاً وهو أن الكاتب المسرحي المبدع سعد الله ونوس قدم مسرحية "رأس المملوك جابر" كتابة وإخراجاً، وكم كان ونوس مخلصاً لنصه، ولكن هذه المسرحية لم تقدم سوى عرض واحد لأنها فشلت كعرض .. فالراحل ونوس هو كاتب مبدع ولكنه لا يمتلك ملكة الإخراج أو الأدوات التي يمكن أن تجعل مسرحيته ناجحة على الخشبة. وفيما بعد اشتغل بعض الزملاء على مسرحية "رأس المملوك جابر" تحت إشراف مخرج غير ونوس ونجحت لأن كان ينقصها رؤية المخرج.

وبالعودة للصديق والفنان القدير دريد لحام، وبعد انفصاله عن الماغوط، قدم أعمالاً أعتبرها جيدة، وقد سمعت الكثير ممن انتقدوه حين قدم شخصية "أبو الهنا" على سبيل المثال..وأنا أعتبر هذا العمل من أجمل الأعمال لأنه كُتِبَ بشكل صح، وشخصية أبو الهنا تصوّر دريد لحام لأول مرة مهزوم في عمل من أعماله وأنا هنا أتحدث عن الهزيمة في شخصية أبوالهنا التي كانت شخصية ذليلة، ولكني أعتقد أن الناس أحبت العمل، وإذا تذكرنا شخصية "غوار" رغم المقالب التي كان يعملها "غوار" ضد "حسني البورظان" ، إلا أن هذه الشخصية أحبها الجمهور جداً، لأن غوار كا ن ذلك الشخص المُكافح.. كما أنني أحببت لحام في مسلسل "سنعود بعد قليل" كان دوره في هذا العمل مختلف وجميل . ولا شك أن القدير لحام لا يريد أن يتوقف، والفنان بشكل عام صعب عليه أن يتوقف عن تقديم أعمال، فقد يخطئ ولكنه يرفض أن يتوقف.

العاشق الذي قمت بتجسيد دوره في مسرحية "ضيعة تشرين .. ماذا تحدثنا عنه؟

عندما نتحدث عن "ضيعة تشرين" لا بد من أن نتحدث عن الرمز الوطني لهذه المسرحية، ولكل مشهد وحوار وشخصية فيها .. فالعاشق في ضيعة تشرين لم يكن صاحب قرار، فالمختار وكل من حوله هم أصحاب القرار، لذلك كان هذا العاشق عاجزا، ولكنه على الرغم من ذلك لم يخطئ، حاول أن يهرب إلى الرمز، مثال: كنا أنا والراحلة ملك سكر التي كانت تلعب دور حبيبتي نهرب إلى القمر، فالقمر هو الذي يضيء.

لنبقى في المسرح .. كيف كانت البدايات ، وأي الأدوار الأقرب إليك؟

أنا بدأت العمل في المسرح في ستينيات القرن الماضي، وأذكر أننا كنا عندما نجضّر لمسرحية كنا نمولها من جيوبنا نحن جميع الممثلين والكاتب والمخرج أيضاً، وقدمنا الكثير من المسرحيات، وبقينا نقدم مسرح حتى عام 1974. وبعد ذلك بدأ العمل المسرحي يخف، حيث كان التلفزيون بدأ ينشط فاتجهنا للعمل في التلفزيون وقدمنا أعمال بالأبيض والأسود.

ولن أتحدث عن الدور الأقرب إلى نفسي، بقدر ما أريد التحدث عن دور كنت سألعبه في مسرحية ل فواز الساجر، وهو شخصية "حنظلة" .. ولكن حال السفر خارج سورية دون ذلك، فلقد سافرت إلى الكويت للعمل في الإنتاج، ومكثت نحو أربعين عاماً، وأريد أن أنوّه هنا، أنه خلال تواجدي في الكويت كان الصديق والفنان القدير دريد لحام يرسل لي نصوص مسرحيات ويطلب مني اختيار الدور الذي أرغب في تأديته، ولكن البعد كان يحول دون ذلك، فالمسرح يتطلب تواجد وحضور دائم.

بالحديث عن الدراما التلفزيونية، أديتَ الكثير من الأدوار في عدد من الأعمال مثل: زقاق المايلة، وهو قديم وبالأبيض والأسود، وبصمات على جدار الزمن ، وسلسلة حلقات " ما بين الحقيقة والخيال" .. إضافة إلى تجسيدك لدور مهم في مسلسل "حمام القيشاني" وهو شخصية "أديب الشيشكلي" .. تحدثنا عن هذا الدور وعن رأيك في الأعمال التي تحكي سيرة ذاتية لشخصية فنية أو تاريخية؟

في الحقيقة أن أي كاتب لنص يحكي سيرة ذاتية لشخصية ما لا بد أن يكون أميناً في البحث عن هذه الشخصية أو تلك، وشخصية "الشيشكلي" كان الكاتب " دياب عيد" قد بذل جهداً واضحاً في الكتابة عنه وعن العمل ككل، والنقطة المهمة التي لا بد من ذكرها هي أن كل شخصية سواء كانت تاريخية أو فنية أو غير ذلك على الممثل أن يقدمها كما كانت، وكما كانت تراه هي كشخصية في مرحلة من مراحل حياتها وعصرها.

ما هي الشخصية التي تحب أن تؤديها تجسيداً لسيرة ذاتية؟

أحب الدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" .. هذا الرجل العلماني، المنفتح، الذي سبق زمانه، "الشهبندر" كان يتطلع لتأسيس دولة من خلال نسيج مجتمع وليس من خلال شعارات، هناك رغبة ملحة في تجسيد دور هذا الإنسان لو عرضت عليي لا شك أنني سأقبل دون أي تفكير.

برأيك هل استطاعت الدراما السورية أن تصور للأزمة التي مرت بها سورية خلال عشر سنوات؟

بصراحة، كانت الأعمال ما بين المتوسط والرديء، أما الأعمال الجيدة فكانت قليلة جداً، وأؤكد على أن الدراما السورية كانت ولا تزال تعاني من أزمة "نص".. والكتابة إذا لم تكن على مستوى ثقافة الجمهور فإنها ستفشل من دون أدنى شك. ودرامانا ستبقى بأزمة وثمة هبوط بياتي فيما يخص ذلك.

بعد غياب أكثر من أربعين عاماً عن دمشق، عدتَ في الوقت الذي يغادرها سكانها، ماذا تقول في ذلك؟
تقاعدت من عملي، وقررت العودة إلى سورية، إلى بلدي، وكان بإمكاني البقاء في الكويت، أو ربما كان بإمكاني السفر لأي دولة أوروبية أو غير ذلك، ولكني لم أتعرض لفكرة الخيار، بل بمجرد ما تقاعدت لملمت نفسي وحوائجي وعدت إلى الشام.

هل هناك أعمال قادمة لك؟

لو عُرض عليّ سأقرأ، وإذا تناسب الدور معاييري فلا شك سأوافق وأعود إلى الدراما، والعام الفائت عرض عليّ ثلاثة أعمال، أحد هذه الأعمال لم يوافق ظروفي، والاثنين الآخرين، لم يوافقوا معاييري.

أريد أن أختم معكم بالحديث عن الفنان المبدع الراحل هاني الروماني، هل من فكرة لديكم أو سمعتم أنه ربما يكون هناك عمل يحكي السيرة الذاتية له؟

لا فكرة فيما يخص ذلك ، ولكن أودّ القول أن هاني الروماني، كان حظه قليل، لم يُكرَّم في سورية، كان اسمه يُستَبعَد دائما من التكريمات .. الله يرحمه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى