الثلاثاء ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥
قصتان
بقلم مها أبو النجا

الفتنة وجفول

الفـتـنـة

يقتاتها الوهج الزاحف إلى حدودها المتداعية، ويُلقيها أضحية في عُزلتها الطويلة، والنقص المغروس في خارطتها الوعرة... تسمرت عيناها على سحر حركاتهم الراقصة، وطافتا بحسد على تفاصيلهم المتناسقة، وخطواتهم المدروسة بدقة وافتنان، لهيب الشاشة الفاتنة يسري في جسدها... يُغرقها الوهن في سيل الأُمنيات ويجرف بقاياها إلى الشتات تحاول محاولات يائسة للتشدق بهم بدأ صوتها الرخيم المتبقي لها من الركام المنثور عل عتبتها بترديد كلمات لأُغنية مهزوزة، تنشلها للحظة من ركودها الخامل وتدفع الثقل المكدس عليها في كل الاتجاهات لمجاراة الفاتنات.. جفلت لمزيج التناقض بين عناد جسدها وطراوة أحاسيسها، تهيم في لجاج أفكارها وتسقط في قاعها المظلم، وشمعتها المحتضرة تذوي...وتذوي دون أن يسعفها أحدهم بلهاث أنفاسه.

أمضت ردحاً رهينة للانتظار اليائس.. مقبورة تحت أكوام التراب الجاف على أمل أن تجرب ما يتجاوز ساحتها الخارجية، وتسبر أغوار كمنها.. لكنه يخبو.. ويخبو مع اجترار المسافات البعيدة.

فجأة تيقظ الشعور النائم ونفث حممه المحرقة على تضاريسها المنحدرة من جلمود صخر، وثبت وثبة الغريم في ساحة حرب خاسرة توزع غنائمها على القتلى الملتصقين بجثثهم الساكنة...فلا أحد يعيرها التفاتاً، أو صفيراً يغري حاسة السمع لديها ويمحو غيرة عينيها المصوبتين على بطاقة منمقة بخطوط ذهبية اتكأت على خلفية مبهمة...لا تستشف لها لوناً من درجاته المشرئبة حول فروع الدانتيل المطرزة ببراعة، حنقت من الساعات الفانية، والأيدي المحنكة لإنجاز أمتار مشغولة بحبات هائلة من(الخرز والكريستال) وكلمات كثيرة لا جدوى من تنقيحها، والتلاعب بمعناها لإثارة حفيظة الأُخريات الغارقات في خطاها.. تأملتها واليباب يلتهم ساحتها المنتظرة... كلمات تتمايل على نغمات الدفوف وأغان مبهجة تزف أختها الصغرى... تقطر ولهاً من انحناءاتها المغرية، وغروراً من نصيبها الوافر من الجمال والإعجاب... مزقتها بعصبية والغضب يموج داخلها برغبة حاقدة بعقر سحر ليلتها.. تسترق السمع للأقدام المتسلقة إلى أعلى... تطأ فجاج الجسد تتلهف للإحساس المخدر في أطرافها... تحييه بفتيل فتنة الارتواء والغوص في عمق لم تخبر كنهه إلا مع فصول روايات محجوزة خرجت من إطارها وغذتها مخيلتها الخصبة، وأفلام وثائقية انحرفت عن لغتها وتسربت في باطنها سريان الدم في أوردتها النابضة... الأقدام تدنو.. وتدنو تتلهف للقادم وتحبس أنفاسها المضطربة من جمر ما يعتريها، تغفل عنها وتطرق باب الغرفة المجاورة لها، تستكين وتخمد النيران المتأججة، وتعتاد يومياً على الإنصات للخطوات المتناسية لها، المفتونة بمباهج الأخرى، التفتت إلى الغلالة الشفافة المعلقة خلف الباب، لم تتجرأ على ارتدائها رأت جسدها فيه، وتخيلته ينساب على الأخرى مداعباً لسهولها ومرتفعاتها.. أيقنت أن النتيجة مخيبة لآمالها حشرته في جوف الدولاب على الأقل ستكدر غبطة ليلتها الأولى.. شعرت بلسعات دش باردة توقظها من غيبوبتها، تلهت بترديد أغنية قديمة تندب حظها العاثر ظنت أنها فرت من ذاكرتها، وعادت للحياة من حنجرتها الطروبة وشفتيها النحيفتين.. امتازت عنها بنغمة صوت لا تحسب ميزة لصالحها راقبتها من طرف خفي والتصقت أذناها بالجدار العازل بينهما حاولت جزافاً أن تصنع الثقب الصغير خلف لوحة (الفتنة) كما شاهدته مراراً في أفلامها.. كانت العملية أسهل وأكثر إبهاراً لعواطفها.. تحسست ملامح وجهها الطويل تسمع كلمة (دميمة) من كل الأفواه تطرق رأسها بمطارق من حديد، ترمقها بتقزز وكلماتها الساخرة تنفذ من الجمود.

  أتظنين أن عمليات التجميل تجدي نفعاً في تقويم المتداعي، فلا فائدة من حكمة في مجتمع أعمى ؟ !
حدقت في صورتها الملتصقة على مرآتها رأت فمها المكتنز يقذف الحقيقة اللاذعة.
ـ مسكينة.. قبيحة.. أشفق عليك من تماديك.. اخمدي أمانيك.
التصقت على الجدار كذبابة تلعق مخلفات السكر الشائبة وتحتاج إلى (مضربة ) تعيدها إلى وعيها.

* * *

خلف الحاجز تقبع (جميلة ) محصورة بقطع ضيقة تكشف خفايا رشيقة منقوشة ببراعة أبدعت (الحنانة ) إبراز مباهجها، تطفو على سطحها منعطفات الإغواء لا تبددها لحظات حنقها لفقدانها للغلالة الحمراء التي اختارتها لليلتها المرتقبة.. زمت شفتيها اشمئزازاً من المجاورة لها وتفوهت بنبرة عالية لتسمع من خلف الجدران.

ـ كيف للضدين أن يجتمعا في مكان واحد؟!

وقفت قدام بابها لتباغتها وتسترد ما سلب منها غفلة.. تصلبت يداها.. لا تملك القوة على إزالة الحاجز بينهما ولا تشتهي النظر إليها خاصة قبل مغادرتها الوشيكة.. تراجعت فلن تعكر صفو فرحتها بقميص نوم بإمكانها ابتياعه بيسر ولا يكابدها معاناة المثول أمامها، ضحكت بشماتة وصرخت برعونة.
ـ لوكي فتات أوهامك وتقيأي جدباً لا يرتع منه أحد.

* * *

تقطع المسافة الضيقة بمشية ترتفع وتنخفض وأجزاؤها الممتلئة تهتز مجلجلة ساكني باطن الأرض، فما زالت شفتاها تلتويان نفوراً منها.. تنوح بهستيريا تصعد أمها إليها بذعر تمسد جبينها المحترق وتلطم بخفة على صدرها وتولول.

ـ يا ويلي.. أقسم أن البنت (ممسوسة) أعوذ با لله.

تقودها بإصرار إلى شيخ يغطي جسدها برداء أسود ثقيل يزيدها حرارة.. وصوت عذب يتلو كلمات عظيمة في أذنيها.. تعود هادئة.. ثم يتبدد السكون عند غلق الباب عليها وأحياناً تحيد عن طريقها وتنصت إلى طلاسم غريبة وتحشر قصاصات ورقية تحت وسادتها وأسفل خطواتها.

* * *

مضت الأيام ثقيلة مؤصدة بأغلال...رحلت الجميلة (بطنة ورنة) أرقصت بنات الحي على (وحدة ونص) حاولت أن تتحرر من صورتها لكن قسماتها محفورة على مرآتها، ورائحة عطرها وبخورها تلاحق أنفها.. جفت الطريق من خطوات تسقي مسامها برشفات تضميها أكثر.. غامرت بإعادة رواياتها وأفلامها المكدسة أسفل سريرها باحت لجدرانها بأنها لن تكون نسخة مكررة لفتاة (النشوة) وتصنع(فزاعة) تبثها أسرارها، ولن تلبس (منيكان) ثوب رجل يشاركها خصوصياتها، وستغض النظر عن همسات خفية بين أخيها والخادمة، ومع تلاطم مشاعرها نسجت عقليتها المتأهبة للانقضاض فكرة جريئة نفشتها غير مرة لتحلل آخر عقدة فيها وقبل أن تغفو بادرت بخطتها مستعينة بمخزونها ونعومة صوتها، رفعت سماعة الهاتف وطلبت رقماً لم يكن مقذوفاً عليها تمتهن الميوعة وتعيد نفس الجمل المثيرة.. تجاوب بصيغ مختلفة تحمل في طياتها القبول.

ـ هل تتشوق لرؤيتي ؟
ـ نعم، أتلهف لملاقاتك.
ـ لنتفق على موعد.

ترفع بصرها إلى لوحة (الفتنة) تبتسم لها وتومئ برأسها موافقة.

وتصر على لقاء تخترق فيه الشمس كبد السماء، وتختلق مواصفات جسدية منافية للواقع وإشارات مخالفة للمتفق عليه تستعد للحظة المنتظرة بعينين متلهفتين للتشفي.. تحكم العباءة الموشاة بخطوط حمراء عليها لتدفن نتوءاتها البارزة، وتراقب الفريسة عن كثب يقلب قامته الفارعة في كل الطرق والسراديب بحثاً عن الوجد والرمض يبتلع حلقه والقيظ يذيبه في كأس اللهفة.. ويفوره بسعير الخديعة يمسح حبيبات الغليان بأنامل هائجة يمر بمحاذاتها ولا يلمح نظرة الانتصار في عينيها.. تعود منتشية فرحاً تتمايل بمرونة لم تعهدها.

فجأة تصلبت قدماها نظرت إليها بوجل مازالت فتنتها ماكثة لا تبرح البرواز، هددتها برعونة
ـ سأبتر أجزاءك وأصنع منك صورة للتشوه.

نامت وأطياف الفتنة تلاحق نشوتها ولسانها يردد بلا وعي : سأقضي عليك.. سأقضي عليك.

تفيق بعينين قاسيتين تغزوهما أفكار (جهنمية) تجلس أمام الجهاز الأصم وتخاطبه بندم
ـ كيف نسيت وجودك ومهمتك ؟ !

سينفذ ما ترغب دون تقريع لنزواتها.. نزعت صورتها وأدخلتها في أحشائه عرتها من ممتلكاتها وعممتها لتطحنها الأفواه الجائعة.. تعبث بمواقعه وتصل إليه عبر طلبات الزواج تطوف عيناها حول الكلمات وتحفظها عن ظهر قلب (مهذب.. يرغب في التعرف على نصفه الآخر، يقدر الأنثى فكراً لتنير له حياته.. ولا تعنيه مواصفات الفتنة.. ) هتفت بحبور لجدرانها :نفيتها من حدودي لن تلازمني كطيفي بعد الآن.

* * *

ومع اتصالاتهما تتذوق طعم الأمل وتتوه في عالم الوله غافية عن غلطتها.. مسحورة بتصريحاته المؤكدة
ـ كلما كان الجسد أقل تناسقاً كان أكثر قدرة على العطاء.

تجيبه بتشكك : لكن القليل لا يكون نداً للكثير.
ـ نحن، نستطيع أن نكثر القليل ونثريه بإرادتنا.

غفلت عن الضمير (نحن) وهامت في بحر لجي لا قرار له طفت على سطحه رغبة تملكتها.. استبدلت أفلامها بمتابعة برامج تغيير تفاصيلها : لمَ لا تقدم على تحقيق حلمها سيطمع فيها أكثر ؟

كتمت تصميمها عنه وانشغلت برغبة تحولها الداخلي والخارجي.. وإكمال الإجراءات اللازمة لرحلتها القادمة متجاهلة (جميلة) بين جموح عواطفها.

* * *

تسربت الفاتنة من ثقب جدارها.. مثلت أمامها بمفاتنها الذاوية لعق الأسى نضارتها وكدمات سوداء وزرقاء تلطخ جسد الفتنة تحيلها إلى بضاعة مستهلكة في سوق البالة ليرمقها الآخرون باحتقار قبل أن يحيدوا عنها ساخطين من رائحتها النتنة.. قسماتها المتغيرة تنطق بما اشتهته طويلاً وقفت قبالتها بانكسار

ـ حرام عليك انتقامك أبشع من جسدك.

تحاشتها.. فلياليها ناعمة لا تريد تعكير ملمسها فالفيض أغدق عليها عذوبة ثملة أسكرتها لواعج الهوى.. حان موعد النهل من شغف العيون هفت للقائه بعلاماتها الواضحة واختارت زُلفاً من الوقت ؛لتراه بين لحظات تزاوج الليل بالنهار عشقها الجنوني أعماها عن التنقيب في خباياه.. دلف نحوها بخطوات زاحفة من وزن تعدى المألوف ملامحه تاهت في عتمة وجهه وأخاديد محفورة بمعاول أرذل السنين.. سقطت جمل الهيام في قاع سحيق ولا أمل من طوق نجاة أُبيد بالوهم.. برر خيبتها بصوت خدعها بنفس لعبتها.

ـ حاولت إخبارك.. لكنك لم تنصتي إلا لحديث قلبك.
ـ أنت مجرد زيف نسجته بيديّ.

عادت أدراجها تجر أذيال الخيبة والصدمة.. تهادى إلى مسامعها جلبة ناقمة في الغرفة المجاورة، احتضنت الغلالة الشفافة مصممة على إ تمام ما طفقت به مسحاً لتضاريس نبذتها.. رفعت رأسها أبصرت لوحة (الفتنة)في مكانها بملامح متغيرة.

جُـــــــــــفُــــــــول

وجمت من صمته الحانق، استقبلته بمخاوفها المسترسلة بوجل على كتفيها، وقدمت بقاياها قرباناً لجفوله، مسحت دموعها بتلابيب ثوبها.
وسقطت بين يديه:

تراجع عن قرارك، لا أقوى على الاستمرار دونك.
أصعب ما في قراري عدم التراجع، ستعتادين على رحيلي، سأعود عندما أحتضن العالم بين يدي.

أجهشت بشهقات تصعد وتهبط داخلها.

حمل حقيبته، ارتجفت أصابعها وتهاوى فنجان القهوة المرة على صدرها.

انقبض صدره.

حاول أن يقبض على بصيص الأمل بين فجواته، لكنه ينزلق منه كزخات هراء مهربة إلى لياليه المظلمة.

جازف بإقصاء وسواس الليل عن عالمه التحتي، وامتصاص الضوء المتسرب من الفتحات العلوية.. تخيل نفسه كقطعة جبن مخرمة بثقوب عديدة تسيل لها لعاب فئران مترو الأنفاق في بلد الحكايات والقتل والحب الملتهب.

صراعه مع الغربة لا ينتهي.

وعودته إلى الوطن وإليها شبه مستحيلة، فلسفته العقيمة رقعها بخرق بالية.. اهترأت وأعلنت إفلاس لسانه من تردادها (الفقر في الوطن غربة، والمال في الغربة وطن)
استنشقت أنفاسه المتغيرة هواء غربياً بنكهات لاسعة تحت السطح، وضاع في متاهات الدياميس المحفورة في بطن الأرض، أصبح يناجي مصاصي الدماء وينافسهم في شقوقهم ودهاليزهم فلم تعد حكراً عليهم، الحشرات تخرج من جسده تنخر تجاويف الأرض فينهمر الطين على رأسه ويدفنه بلا رحمة.. يحفر ويحفر ويسقط في بئر سحيقة، التف حوله أطفال من الغجر يتصيدون الفريسة وينخزونه بأصابعهم المدربة يخرج لهم جيوب بنطاله الفارغة ينفضون عنه وكلمات الشتم والسب تلعق أجسادهم الشرهة.

بؤرة البؤس يا معروف.

الجوع أزحمه في طوابير المتسكعين والتصق (با لكلوشار) ((الكلوشار: (s.d.f) الضائعين دون سكن ثابت)).

بعد خلافه مع رئيسه وطرده على أرض الغربة.. صوتها المشروخ يئن في أذنيه.

_عد.. عد لا تحجم عن الرجوع.

لن يعود.. يجر أذيال الخيبة، ويجني الشماتة والتهكم.. موته ألف مرة في النفق أهون عليه من نظراتها المدينة، فمه المكلوم يتعزى بمتاهات حزينة بلا لحن :حب، فانفصال، فيأس فضياع، فعنف يا باريس يا بلد الصعاليك.

لا يذكر كم سنة عدت على ضياعه في العالم الخفي، أسقط من حسابه كل الأوهام منذ ولوجه في سم الضياع.

نبذ النهار بكل شظاياه ووجهه المكشوف، واعتاد الرائحة النتنة وشربها حتى الثمالة.
وصوت يلتهمه ويخاطبه بلغة الخفافيش.

أنت.. يا من أسكنك أخضع للمحتوم.. فالتحول يأكل وجهك القديم، وأنا أمنحك قناعاً مألوفاً.

يركض كالمجنون والصعلوك ملتصق بجسده، وصوته الآخر يصده بقوة.

قف.. مم تهرب من ماضيك أم من حاضرك؟ أنا أتلبسك ولن أفارقك يوماً.

تعالت زفراته، ويداه تلطم وجهه لطمات قاسية لتوقظه من غفوته.

اُتركني.. لم أحبك يوماً.. كرهتك في كل لحظة رأيتك فيها.
وثب أمامه، وسد طريقه.

أنت كاذب.. عشقتني بجنون، وغذيتني لأطفو على جسدك.

نزع ملابسه عن جذعه، وأخرج سكيناً من جيبه ليجرف الجسد الطفيلي، والأوساخ السميكة المتراكمة، وهو يصفر ويدندن ويؤدي حركات بهلوانية على خشبة مسرح قاسية، والركاب يتفرجون ويضحكون على جنونه، ألكم الصوت هذيانه:

توقف يا معروف لن تصبح يوماً ممثلاً مشهوراً.. أنت لست إلا كومبارس خلف الستار.

لم يصغ له، انحنى لجمهوره والتصفيق يملأ أذنيه، وبدأ مشهده الساخر المتكرر:

(سيداتي.. سادتي، المعذرة لإزعاجكم، وسرقة لحظاتكم الغالية، ما أبيعه يستحق العناء أعلن لكم عن أغلفة جديدة لأجسادكم، وقطع خردة لمفاصلكم المهترئة، من يحتاجني يمكنه أن يجدني على الخط رقم 8، أما أيام الآحاد فأنا في خدمتكم على الخط المؤدي إلى(دزني لاند) لأنه يمر قرب مقابر عديدة، لنضع الورود على القبور ونحصل على مطالبنا)

غطته القهقهة والأقدام العابرة على جسده، رمقه الآخر بسخط، وقطع استرساله :
لم يقتنعوا بتمثيليتك المفتعلة وبهرائك.. الجمهور يطلب حججاً وأدلة ليصدقوك، فأنت بنظرهم صعلوك فقد عقله.

برهاني جسدك القابع فوقي، لن أقول لهم عن حقيقتي بعد الآن.. سيرونك يوماً وسيعرفون إني على صواب.
اصمت وتغاضى عنهم كما تغاضوا عنك.. فأدوارهم قادمة إليهم.

لا بد من الهرب، والصعود إلى فوق والبحث عن نهار بديل لينشل منه نقطة ضوء تنعشه ببعض أنفاس من الحرية.

همس الصعلوك في جسده.
لن تهرب مني.

***

تذكر دموعها، وهمساتها، عاد إليها بشكل آخر، ألقت أشواقها بين ذراعيه، واستقبلته بفرح تلاشى مع لمساته المتحولة...نظرت إلى مخلفات حقيبته، وأجزاء مبعثرة لجسد غريب عنها اختنقت بعبراتها، بينما العالم الليلي يتخبط في عتمته وكأنها أيقنت أنه مسافر بلا عودة.


مشاركة منتدى

  • نصوصك القصصية عامرة بالشعر. أمرٌ مفهوم عندما يأتي الإبداع من امرأة. أنا ضد التمييز بين الإبداع بصيغة المؤنث والإبداع بصيغة المذكر؛ ولكن للمرأة لمستُها الرقيقة. ومع ذلك أستسمحك بنصيحة: حاولي الإقلال من الشعر في مجال "السرد"! وإلا "أبدعي في الشعر!" أنا متأكد من أنّك قاصّة وشاعرة. وشكرا لك على إمتاعنا.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى