الأحد ١٨ أيار (مايو) ٢٠٠٨
بقلم رابعة حمو

الله الله يا زمن

رحلوا وما قالـوا
شيئا عن الـعودة
ذبلوا وما مالـوا
عن جمرة الـوردة!
عادوا وما عـادوا
لبداية الرحلـة
والعمـر أولاد
هربوا من القبلـة
لا، ليس لي منفـى
لأقول: لي وطـن
الله، الله... يا زمـن..!

(محمود درويش)

تحتفل الأمم بانتصاراتها... وتقيم المهرجانات في مناسباتها الجليلة... ولا زال الشعب الفلسطيني للآن يحتفل بنكبته سيئة السمعة والصيت عاماً تلو العام، حاملاً مفتاح بيته وأحلامه بالعودة بعد أن اجتث عن أرض آبائه وأجداده، تاركاً ورائه حلم العودة حارساً لروحه، وحمل جرحه النازف في صدره وغادر مكرهاً على أمل العودة بعد أسبوع كما قيل له، واحتضن أبناءه الذين ولدوا في المنافي دون أن يلمسوا تراب الوطن، أو يشتموا عبقه المجبول برائحة الليمون والبرتقال والزيتون، فتبعثر نصفه في أرجاء المعمورة، وتجذر نصفه الأخر بثرى الأرض، وتمترس فيها وظل شامخاً كالنخيل والزيتون رغم كل محاولات الاقتلاع وظل يردد مع شاعره الجليلي توفيق زياد "هنـا علـى صدوركم باقـون كالجـدار".

وحافظ على هويته وغرس في أبنائه حب فلسطين، فانتقلت راية الوطن من الكبير الذي أراد له الأعداء أن يموت وتموت معه ذكريات الوطن إلى الصغير الذي أرادوا له أن ينسى، وبقيت فلسطين حية في قلب أبنائها رغم كل المعاناة والألم والمجازر والمؤامرات، وأثبت للقاصي والداني انه لا ولن يرضى وطناً سواها، ومازال هذا الشعب يخط صفحات التضحية في سفر اللجوء والتشريد الذي لم يُكتب فصله الأخير بعد، بل تستمرالسيرة والمسيرة... مسيرة التشريد واللجوء، وسيرة الصمود والبقاء على العهد، تنتقل من قرى النقب إلى أعلى الجليل الشامخ... من مخيمات الشتات في المنافي لتصل إلى كل أرجاء المعمورة.

وهاهم أبناء فلسطين يفتحون أكياس الذاكرة على مصراعيها في ذكرى النكبة، ويتمترسون بذكريات الوطن، يحلمون بالعودة... كعودة الطير المهاجر إلى وطنه... وقد طالعنا الاسبوع الماضي مؤتمراً بعنوان: ستون عامًا... وللعودة أقرب" نظمه فلسطينيو أوروبا بمناسبة يوم النكبة المشؤوم الذكر، نقلوا به شوق الشتات وأقسموا على الوفاء للوطن والوفاء لحق العودة، هتافات تداخلت بها أصوات الشتات مع أصوات أهلنا المتجذرين في الوطن، فالتحم الشعب الفلسطيني بكل أطيافه، وطالعنا فيه حال أهلنا بالداخل الفلسطيني واستمعنا الى كلمة عميدهم الشيخ رائد صلاح الذي قال:

"يا أهلنا، جئناكم ننقل إليكم تحية حب وشوق، من كل ذرة تراب، ولتعلموا أنّ كلّ ذرة تراب تقول لكم: لا تتأخروا عني، لا تتركوني وحيدة، أنا في انتظاركم، في فجر قريب، يا أهلنا، جئناكم لننقل إليكم نداء أرضنا المباركة، التي تقول لكم: أنا على العهد معكم، فهل أنتم على العهد معي، أنا في شوق لعودتكم، فهل أنتم في شوق لرؤيتي.

كلمات تدمي القلب أطلقها حارس الأقصى رائد صلاح من حنجرتنه التي لم تعرف أوتارها سوى كلمة الحق، ولم تعرف اهتزازاتها سوى حروف فلسطين وجمل النداء للدفاع عن المسجد الاقصى، (الشيخ رائد صلاح الدين)، هذا هو اللقب الذي نحب أن نسميه به وهو الأسم الذي يليق بحارس الأقصى الذي فرحتنا بمشاركته في مؤتمر فلسطيني أوروبا للتأكيد على العهد، والتأكيد على أن عوادي الزمن لم تغيرالشعب الفلسطيني وأنه لم يستطع أن يحب وطنا سوى معشوقته، نادى الشيخ... احنا بنستناكم أمام الآلاف الذين احتشدوا في كوبنهاجن، وأمام الملاين الذين شاهدوه عبر شاشة الجزيرة التي نقلت هذا المؤتمر مشكورة... فرد الجميع لبيك يا فلسطين... لبيك يا اقصى... اننا عائدون... وإننا قادمون... وإننا لمنتصرون... العهد هو العهد... والوعد هو الوعد، سلوانا بشارة رسوله الأكرم في الحديث الشريف:

"لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟

قال في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس. (صدق الرسول الكريم).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى