الخميس ٤ آب (أغسطس) ٢٠٢٢

المرأة في تفكير خليل المطران

عبد المتين

احتل موضوع المرأة حيزا كبيرا في فكر الأمم القديم والحديث، ولا غرابة في ذلك، فالمرأة هي الدعامة الثانية التي عليها حياة البشر، ويبدو أنها تعرضت للاضطهاد منذ فجر التاريخ، ولم يعترف لها بكثير من حقوقها على الرغم من الدور الكبير الذي تقوم به زوجة وأمّاً، ومن مشاركتها الرجل متاعبه داخل البيت وخارجه، كما أن العرب في جاهليتهم كانوا من أكثر الأمم إجحافا بحقوق المرأة، لأن الأمر عندهم لم يقف عند مجرد ظلمها وسلبها حقوقها، بل تجاوز إلى حرمانها من حقها في الحياة نفسها، وانتشر كره العرب لبناتهم حتي اشتهروا به، وعبروا عنه في أشعارهم فوئدت طفلة، وتركت زوجة إذا أنجبت بنتا، فحقوقها هضمت حتي جاء الإسلام وأعز مكانتها، ولكن بعض الأقوام بقوا على تعنتهم.

وقف الكثير من الأدباء والشعراء لنصرة المرأة فكتبت المقالات وقرضت المقاطع والمطولات للدفاع عنها ولنصرتها، أما خليل مطران فقد وقف بحزم وقوة لنصرة المرأة فدعا إلى تعليمها نزولها سوق العمل وإعطائها حق اختيار الزوج وعدم إلزامها بالحجاب والسفور، بل إنه كان ينادي بالحرية التامة للمرأة بالخروج والتزين والسفور، خاصة أن مذهبه الديني لم يتشدد في هذه الأمور، فنجده جالس الحبيبة والأدبيات والأميرات والكثير من النساء المتحجبات والسافرات، ودعا إلى إعادة النظر في حقوقها والدفاع عن قضاياها علّها تخرج من قيود التخلف والجهل. وقرض أجمل القصائد ودافع عن حقوقها ودعا إلى تحررها والخروج بها من براثن الجهل والتخلف التي تعيش فيه بل إنه دعا إلى تعليمها وعملها واختيار الزوج المناسب ورعايتها من الفساد الذي كثر في المجتمع العربي، ولذلك أول ما يطالعكم في شعر المرأة لدى مطران هو وجدانه ذلك الوجدان الذي الذي يغمره جو من اللطف والحنان للمرأة، ويناسب انسياب الماء الصافي في مجرى الهدوء والتوازن، بعيدا عن كل نفاق ونشوز، ها هو قلب مطران الذي لا يعرف الغش ينتصر لجميع نساء زمانه، فيشيد بالمرأة القوية وينتصر للضعيفة. فقد عصر الألم نفس الشاعر خليل مطران وكانت أسبابه شتى فمن ظلم وطغيان يضيقان الخناق على أحرار بلاده إلى الابتعاد عن الأهل والوطن إلى العيش في بيئة لا تفهم تحرره ولا تكاد تفهم شعره، إلى خسارات دسمية نالت ماله وأحباءه، وأصدقاءه، فأدرك الشاعر أنه لا سبيل للخلاص من هذه الأمور إلا بوجود جيل واع مدركيأتي من رحم امرأة متعلمة ليحرر هذه الأمة ويرفع الظلم عنها، فذلك حث في كثير من قصائده على ضرورة تعليم المرأة، فقد كان إعجابه بالمرأة المتحررة، المتعلمة، يدفعه إلى قول الطوال من القصائد فخرا وثناء، وهو يقول:

إذا الأم أخطأها خطها
من العلم والأدب العاصم
غدا نسلها مربحا للعدى
وخسرا على الوطن الغارم

عبد المتين

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى