الأحد ٤ أيار (مايو) ٢٠٠٣
امرأتان شاعرة وناقدة تناقشان كتاب أحمد الشهاوي:

الوصايا في عشق النساء!

بصدور كتابه "الوصايا في عشق النساء" يكون الشاعر أحمد الشهاوي قد كرس اسمه عاشقاً مكرساً للشعر.. وشاعراً مكرساً للعشق! وكتابه الشعري الأول الذي صدر في عام 1988 كان بيانه الأول في هذا المضمار وحمل عنوان "ركعتان للعشق"، وفي عام 1992 صدر كتابه الثالث بعنوان "كتاب العشق" وجاء كتابه الشعري الخامس في عام 1996 بعنوان "أحوال العاشق". . والسابع بعنوان "قل هي" 2000. وهذا الكتاب الجديد "الوصايا في عشق النساء" 2003 هو – كما يرى النقاد – بمثابة التكريس الذي يضع الشاعر المصري المولود في عام 1960 على قائمة برزت فيها أسماء كبيرة في رحلة العشق التي سار على دروبها قبله، الحلاج . . وابن عربي . . وابن الفارض . . والتوحيدي والسهروردي ورابعة العدوية . . وابن حزم وجبران خليل جبران وغيرهم.

و"الوصايا في عشق النساء" إحياء لنوع أدبي عربي عريق ومهجور هو "الوصايا".. وأدب الوصايا وفن كتابة الوصايا. . والشكل الفني اللغوي الصوفي الشهواني . . الروحاني يعود الى ساحة الأدب العربي في مطلع القرن الواحد والعشرين بعد غياب طويل . . على يد شاعر شاب (43 عاماً)..

وهنا قراءة للوصايا قامت بها شاعرة متمردة وناقدة مجددة.

تفنن تراوده النساء!

 كيف تستقبل الأنثى المثقفة . . "الوصايا في عشق النساء"؟!

تقول الشاعرة والناقدة الإماراتية ظبية خميس رئيسة الإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية: في العشق تفنن تراوده النساء. . وفي دهاليزه ذلك التفنن ما تسعى المرأة غالباً الى إخفائه عن عين الرجل. عدم البوح به واعتباره سر الأسرار، السهل الممتنع.

أحمد الشهاوي في كتابه "الوصايا في عشق النساء" يخون بعض تلك الأسرار إذ يتقمص دور المرأة المحنكة التي تخلص في تقديم تجربتها للفتاة العاشقة ملقنة إياها محاورة الماء للنار. هو أيضاً يذكرنا في نصوصه هذه بوصايا العرب القديمة في ميراث الحكمة، والنصح، وخطاب الأم والأب للأبناء والبنات عند الزواج والارتباط.

وإذا كان عالم الأنثى عالماً غامضاً لمعظم المبدعين، فإن تجارب قليلة من الشعر العربي الحديث كتجربة الشاعر الراحل نزار قباني تعتبر بصمة في هذا المجال، سواء في إدراكه الخاص لعالم الأنوثة، أو في تقمصه أحياناً لنزواتها. . تمردها، وانكساراتها، وفي كتاب "الوصايا" مقاربة لمحاولات نزار، غير أنها محاولة مختلفة إذ أن أحمد الشهاوي يكاد يخرج من جلد التقمص الى التلبس بالأنوثة. تلك أنثاه الخاصة في رجولته. ربما الأنثى التي كان يحلم بها. . ربما كما أراد للماء أن يلامس ناره.

والشهاوي يلعب دور الشفيع بين العاشق والمعشوق مستنداً الى سماحة الهوى والعشق في الميراث الديني الإسلامي وفي ما وصف ابن حزم في "طوق الحمامة" درجات وأحوال العشق والحب، فإن الشهاوي لا يود الوصف بقدر ما يود أن يكون جزءاً لا يتجزأ من روح وجسد العشق نفسه.

 وتروي الشاعرة المتمردة:

عندما قرأت مخطوطة الكتاب للمرة الأولى كنت في حالة عشق. فتشت بين سطور أحمد عن ذاتي. اليوم وأنا أعيد قراءته. . أقرأه بعين الأديبة لا العاشقة فهل يختلف شعوري وتلقيي للعمل بهذه العين الأخرى؟ فندخل الى دهاليز الوصايا . . وستكون إجابتي في ختام هذه القراءة.

في البداية يحرض الشهاوي لا على المحبة، بل على العشق، يحرض على بوح الذات للذات، وعلى الكتمان. وعلى الانتحار عشقاً. ذلك الانتحار الذي يعتبره نوعاً من الشهادة . . والوصول الى الحبيب تواصل لا بد من التفنن في التعبير عنه "فلسانك جوهر وجوهرة" وهو وصول يتطابق مع تواصل الصوفي مع الإلهي. العشق لدى أحمد هو التزام وديمومة وصبر على كل ما يطرأ، ذلك أن ساكن القلب لا يبتعد مهما نأى، ما دام حضوره صاخباً في القلب.

"لا حياة لامرأة إلا بالعشق"، ولو صحّت رؤية أحمد فأية امرأة تلك التي يخاطبها في لحظتنا العصرية التي رجحت كفة العملي والمنطقي على كفة الشعوري والعاطفي. . وغيرت في أنماط النساء ونظرة الأنثى لذاتها.

المرأة اليوم التي تكاد أن تنسى أنها امرأة في ظل تغيير نمط العلاقة بين المرأة والرجل، وفي ظل شروط بقاء صارت تخاصم محاورة الذات وترجح العدائية على التوازن بالتحديد كشرط من شروط التحرر من إرث العلاقة المستلبة بين المرأة والرجل، وخصوصاً المرأة الشرقية التي ما زالت تعاني من ذلك.

يهيئ أحمد المرأة كي تكون أرضاً خصبة للعاشق . . بلا أسوار ولا أسيجة . . تهب نفسها بشرط وحيد هو شرط العشق. يطلب منها إلغاء العقل والمنطق، يطلب منها أن لا يكون لهما من بوصلة في الحياة غيره.

"كوني نفسك لا تقلدي، تجردي من شواغلك، إخلي الدنيا عنك، واذهبي معه عادية إلا منه". في هذا التحريض الجميل. . ألا يدرك أحمد أنه يخون وصاياه . . وأن المرأة العاشقة بركان متحرك. . بركان قد يحرق حتى المعشوق، فماذا لو أفلت هذا البركان من يد أحمد . . ماذا لو تحرك ضمن بوصلتها الخاصة وليس مطاردة لظلال ذلك المعشوق؟!

كل هذا التحريض يليه شرط شرقي أصيل "لا تمنحي سلالك في دفقة"! فكيف يكون ذلك يا أحمد؟ كيف تلغي شرط العقلانية . . ثم تحجم ذلك بالشرط الذي تدركه معظم الشرقيات شرط الالتزام بقواعد اللعبة وخصوصاً في المنح والحجب؟!

وتنتهي مراجعة "ظبية خميس" الى: أن وصايا أحمد الشهاوي للنساء العاشقات هي وصايا رجل يحلم بعاشقة من هذا النوع. ولك هذه الحساسية الروحية التي يطالبها بها هي حساسية يبحث عنها الرجل في حالة العشق، في أنثاه الخالدة. لا أنكر كامرأة أن الكثير من الاحساس والرهافة التي تحدث بها أحمد هي حال العاشقة في كل الأحوال. . لكنها حال طبيعية وليست حال دربه. ولعل هذه الجوانب التي يحض عليها هي أكثر الجوانب تعذيباً للروح العاشقة.

يبقى القول أن كتاب الوصايا للشاعر أحمد الشهاوي عمل جميل في حساسيته وغرقه الشعري والشاعري في أطروحة العاشق، وإن كان أحمد قد أدرك ما يريده للنساء، وبعض ما تريده النساء، فإنه لم يدرك بعد عوالم سوف تبقى غامضة عليه وعلى أي شاعر آخر، في أعماق الأنوثة وخصوصاً عندما يكون جموح نار مشاعرها هو الذي يقودها . . وهذا أتون لن تعرفه سوى النساء. . العاشقات.

الحب عند جبران

الناقدة الدكتورة شيرين أبو النجا بدأت حديثها بكلمات من شعر جبران خليل جبران:

الحب لا يعطي إلا نفسه، ولا يأخذ إلا من نفسه.
والحب لا يملك . . ولا يطيق أن يكون مملوكاً.
وحسب الحب أنه حب.

ومن وصايا جبران خليل جبران في كتابه "النبي" واصلت:

 إذا أحب أحدكم فلا يقولن "أن الله في قلبي".
 وليقل بالأحرى "إنني في قلب الله".
 ولا يخطرن لكم ببال أن في مستطاعم توجيه الحب، بل إن الحب إذا وجدكم مستحقين هو الذي يوجهكم.

ليس للحب من رغبة إلا أن يتمم نفسه .

وفي كتاب "الوصايا في عشق النساء" يكمل أحمد الشهاوي وصايا جبران، بل إنه يفصل ويشرح ليكتمل النقص الكامن في الإنسان الذي يحجب عنه الذات الربانية اللامحدودة الكاملة .

فالألم هو دائماً الحنين الى الذات وهو تعطش الإنسان للعودة الى وجوده الذي انفصل عنه ، ويكون الاتحاد به أقصى ما يتمناه .

والذات الأنثوية في وصايا العشق هي النور الذي يقبض على نفس العاشق، ليرى ما خلف الحجب وليتوحد مع ذاته الجوانية ويعلو "روحا وجسداً".

والعشق في الوصايا مبني على مفهوم الحب الذي غايته الوصول الى رضا المحبوب، فإذا انكشفت الحجب تحققت الرؤى وهي "كشفك لي الحجب حتى أراكا" كما قال الحلاج. .

والوصايا تؤكد أن "لا قرب ولا معرفة دون عشق"، فالعشق لدى الشهاوي، هو الوجه الآخر للمعرفة والإدراك، معرفة انفتاح الأنا على المعنى الباطني للوجود كله.

كيف يصل العاشق الى هذه المعرفة ؟ تسأل د. شيرين أبو النجا. . وتجيب:
باتباع الوصايا.
وكيف يصل الى جوهر الوصايا ؟؟
إنها بنية الكتاب نفسه هي التي تحدد وسائل إدراك المعرفة ، كما يقدم العاشق لنفسه يقدم الشاعر لوصاياه ويسلك كل الطرق المشروعة، فيبدأ بقصيدة مهداة الى أمه مؤكداً لها:

"أنت كتابي الأقدم
سفري في الأمثال
سفري على الريح
وفي اللغة الأم
أنت الأم"

بهذا يرتكن الشاعر الى حائط أمان متمثل في رمز الأم بكل دلالاته. واللغة العربية بكل الثراء الذي يفيض منها الذي يفيض منها، وهو حائط أمان ظاهري، فكما كان المتصوفة يعمدون الى الغموض في اللغة هربا من بطش السلطة، يعمد الشهاوي الى الاحتماء برمزين لا خلاف عليهما: الأم واللغة .

وكما أنه لا نهاية في العشق، فإنه لا نهاية للبنية ولا بداية أيضاً. اللهم إلا تلك المقدمة الكاشفة والملغزة في الوقت نفسه. . البنية في الوصايا كما ترى الناقدة د. أبو النجا ليست خطية بل هي بنية دائرية مماثلة لبنية الوجود .

والمركز لدى الشهاوي هو الذات الانثوية التي تتجلى للعاشق في الأسماء والصور حتى يتحد بها ويحدث الحلول . فالذات الأنثوية هنا هي اليقين والحقيقة. فالعاشق "عنده الخبر اليقين والحقيقة الكاملة" ولذلك فإنه "قائد قافلتك نحو ليل الوحي".

العشق إذن هو خلاص الروح والعشق الشهاوي لا بداية له ولا نهاية، وهو عشق متأجج دائماً كالنار مضيئاً كالنور.

أحمد الاسكندراني
عن المشاهد السياسي


مشاركة منتدى

  • المرأة التي تحدث عنها الشهاوي داخل كل منا نحن النساء فهي الطاقة التي منها تورث الأرض ، مجرد الاحساس بالوصايا يجعلني اسمو بنفسي حتى أرتقي لمفهوم العشق الحقيقي ، الحب لفة ليس لها أبجدية هي أحساس ينطلق نحو الرغبة والدافع في الحياة ،امرأة عادية انا لست كاتبة او ناقده فقط امرأة وجدت نفسها في الوصايا فكانت منها ولها ، ومن يريد ان يجادل فيها ليمر على جنسي ونوعي الذي وجد منذ الخليقة ، مع الخيبة التي تتعريني حين أجد النساء يبحثن عن مكان لهن خارج النفس حتى أصبحن شيء ناقص بعُد....
    ران سابا
    عمان - الأردن -

  • تنبه يا أخي أن عقيدة الحلول والإتحاد عقيدة فاسدة يتزعم القول بها مبتدعة مثل الحلاج
    وابن عربي واقرأ أي كتاب في نقد عقيدة الحلول والإتحاد وستعلم صدق قولي
    وستعلم أني لا أريد لك إلا الجنة

    • النساء ليست بحاجة لوصايا في العشق ... العشق هو بمثابة الشخصية للإنسان ...دعوا الناس تعشق كما تعشق ... مسكين اللي يعبر عن رأيو في الزمن دا...}

    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      انا اعتقد بان العشق النسمة الخفيفة التي تتسلل للقلب وتسكن فيه من كلا الطرفين لانه لا يصير من طرف واحد لان المدخلات والمخرجات تكون عديمة الفائد وكما في الرواية عن الامام على عليه السلام انه قال الارواح جند مجندة ما اتلف منها اتلف وما اختلف اختلف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى