الأربعاء ٢٨ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
من ذكريات محمود البدوي
بقلم محمود البدوي

بريق القاهرة يجذب القصاصين

وجذب بريق القاهرة أمين غراب أولا ثم عبد المعطى المسيرى .. ثانيا .. وكان الجذب فى قوة المغناطيس وشده .. ولم تستطع نصيحة من صديق مخلص ، أو كلمة تخرج من فم عاقل أن تمنع ذلك .. وقد أفاد واستفاد غراب من هذا الانتقال ..

ولكن عبد المعطى خسر خسارة كبيرة .. خسارة مادية ومعنوية .. فقد كانت قهوة المسيرى منتدى أدبيا عامرا .. وحافلا على الدوام بالأدباء من القاهرة والإسكندرية ودمنهور ..

وكان عبد المعطى قطب الدائرة والخلية منتجة ونشطة، وتظهر آثارها .. فى كتاب يطبع فى دمنهور أو الإسكندرية لقربها من دمنهور ..

كان المجتمع الأدبى منتجا ومفيدا .. ولم تكن اجتماعات القهوة تنتهى إلى مناقشات بيزنطية تذهب مع الريح ..
كما أن عبد المعطى كان يستفيد ماديا من القهوة أضعاف أضعاف استفادته من وجوده فى القاهرة ..

ولكن الرياح تجرى بما لاتشتهى السفن ..

انتقل أمين غراب إلى القاهرة واشتغل فى وزارة المواصلات .. وأخذ ينشر قصصـه فى المجلات .. ويتصل بالسينمائيين لتتحول قصصه إلى أفلام ..وساعده اشتغاله فى دمنهور بالتمثيل على هذا الاتصال .. كما ساعدته لياقته وكياسته على الاستمرار فيه حتى آخر مرحلة من حياته .. فبعد موته عرض له فيلم جديد لم يعرض فى حياته ..

***

وتأسس نادى القصة .. كما صدر الكتاب الذهبى .. وكان أمين غراب عضوا فى نادى القصة، ورئيسه طه حسين .. فعرفه غراب وأصبح قريبا منه ، وشديد الاتصال به، والاعجاب بأسلوبه .. إلى حد تقليده .. فى التكرار وكثرة المترادفات ..

وكان مقر " نادى القصة " فى ذلك الوقت فى ميدان التحرير وسكرتيره هو يوسف السباعى .. ولم يكن قد استعان بأحد على عمل السكرتارية ..

وكان أعضاء النادى الكبار فى السن يحضرون الاجتماعات دائما ، ولا يتخلف منهم إلا القليل ..

كان اسـتاذنا توفيـق الحكيم يحضر بعصاه وغطاء رأسه .. وعلى وجهه الصمت والتـأمل .. كما كان يحضر فريد أبو حديد .. ويحيى حقى .. واحسان عبد القدوس صاحب فكرة النادى ، وهو الذى عندما راودته الفكرة عرضها على يوسف السباعى فنفذها هذا سريعا بطريقته التى لا يشوبهـا التردد .. فقد كان احسان صديقه الأوحد .. وأحبهم إليه ، وأكثرهم قربا منه .. والفكرة جميلة وعملية ..

أجزل الله المثوبة لصاحب الفضل فيها .. وظل النادى من وقتها .. مصباحا للقصاصين الشبان ومنارة .. وكما قلت وأعيد القول بأن مسابقاته السنوية المشجعة تجرى فى جو من العدالة المطلقة وبعيدا عن كل الأهواء ، مما لايحدث مثله فى أى مكان آخر فى مصر ..

وظل النادى طوال هذه السنين محتفظا بمكانته كمركز نشاط أدبى له آثاره .. فبعد يوسف السباعى .. جاء ثروت أباظه .. بنشاطه وحيويته ومركزه الأدبى .. ثم محمود يوسف .. بحماسه .. وابتكاراته وخبراته الطويلة ..

وكان يتردد على " النادى " الكثير من الأدباء البارزين .. وذات ليلة دخل من الباب الدكتور عبد الحميد يونس ومعه صديقه ومرافقه محمد حموده .. وكان الدكتور عبد الحميد قد أسند إليه الإشراف على صفحة الأدب فى جريدة الجمهورية .. ورأى أن يتوج هذه الصفحة بنشر قصة قصيرة فيها ، وأدرك بحاسته السادسة أن أحسن مكان يلتقى
فيه بالقصاصين هو ناديهم .. وعرض الفكرة فى إيجاز وطلب من الموجودين جميعا قصصا .. وقدمت له فى اللقاء الثانى قصة باسم " لجنة الشباك " وأنا لا أتصور أنها ستنشر ، لأنها تحمل سخرية مرة قاسية بهذه اللجان التى تشكلها أجهزة الدولة وتشل كل مشروعاتها النافعة بل تقتلها إلى الأبد .. والضحية من هذه اللجان دائما الشعب المسكين ..

ولما كانت الثورة فى ذلك الوقت قد بدأت حياتها باللجان على نطاق واسع ، وأراد رئيس التحرير أن يبعدها عن هذا العصر ، لهذا أضـاف فى أول القصة كلمات " حدث من سنين بعيدة " ونشرت القصة ..

كما نشر الدكتور عبد الحميد يونس قصصا كثيرة فى هذه الصفحة الأدبية .. لعبد الحليم عبد الله .. والسحـار .. وسـعد حامد .. وسعد مكاوى .. وأمين غراب .. وغيرهم ..

وكانت الجمهورية فى ذلك الوقت فى قمة ازدهارها .. ويشرف عليـها وعلى دار التحرير جميعها .. بما تخرج من صحف ومجلات .. أديب من رجال الثورة .. يشرف عليها أديب كانت تنتظره البلاد وتعرف أنه سيأتى .. لأنهـا أول من سمعت صوته بالصدق ولا يمكن أن يخدعها .. يشرف عليها من غسل لمصر عارها .. بعد ذلك بسنين .. ورد إليها كرامتها كدولة ذات حضــارة ومجـد .. وأنقذهـا من هوان الهزيمة ، وانكسار النفس الموءودة .. التى خربها القهر والذل والخوف .. وأصبحت عددا ولا عدد .. وماتت فى النفوس كل صفات المروءة والفضل والشجاعة ، التى تدعو إلى اغاثة الملهوف ، وعون الجار ، والأخذ بيد المريض المسكين .. وتسلطت الأنانية والجشع والحقد بكل صورها البشعة .. إلى أن جاءها هذا الرجل الصادق الذى سمعت صوته لأول مرة .. فرد لهذه النفس الموءودة روحها ..

كانت جريدة الجمهورية فى ذلك الوقت ، يشرف عليها الرئيس أنور السـادات ، بطل الحرب وأول من انتصر على إسرائيل فى كل حروبها مع مصر .. وأول من دعا للسلام وهو منتصر ..

وكانت له وهو فى الجريدة لمسـات انسانية تنبىء عن دخيلة نفسه الصافية .. وتواضعه .. فهو الذى يبدأ بتحية كتابها فى الأعياد .. يرسل إليهم بطاقات الدعوة فى كل عيد ..

وكنت أراه فى طرقات جريدة الجمهورية يحيى الجميع فى تواضع جم وعلى وجهه الابتسامة التى أراها على وجهه الآن .. وجه انسان مبتسم يملك الارادة والعزم .. وبهذه الابتسامة انتصر لأنها تحمل القلب العامر بالأيمان .. فالله لايخذل المؤمن أبدا ..

مشاعر وقلب أديب ملهم .. خاض كل المعارك مع خصومه ، وهو يحمل قلب انسان .. وانسان كبير .. يحب شعبه ، ويسعى لخيره واستعادة مجده .. وبهذا القلب الانسانى انتصر وسيظل منتصرا ..

حملت معى إلى نادى القصة ذات مساء مجموعة قصص صدرت لى حديثا " حدث ذات ليلة " وكان فى النـادى .. طه حسين .. وتوفيق الحكيم .. ويوسف السباعى .. والسحار .. وغراب .. فأهديت نسخة إلى طه حسين ومثلها إلى توفيق الحكيم .. وتركت الثلاث نسخ الباقية على مكتب يوسف السباعى ..

وفى الأسبوع التالى .. جاء الدكتور طه إلى النادى وسلمت عليه مع المسلمين ، وبعد أن استراح قليلا أخذ يتحدث عن قصص المجموعة .. ويلخص كل قصة فى ايجاز فيه كل اللمحات الإنسانية .. مع التركيز على لب القصة ومحورها .. وقد شكرته فى خجل شديد .. وأنا مذهول من هذه الذاكرة الفذة .. فقد كان يسرد وقائع نسيتها وأنا كاتبها ..

ولما صدرت لى مجموعة " العربة الأخيرة " رأى غراب أن أهديها للدكتور أيضا .. فأهديتها له .. وحمل إلىَّ أمين فى نفس الأسبوع كتاب " الفتنة الكبرى " للدكتور ردًا على هديتى ..

وتحدث الدكتور طه بعد ذلك بسنوات فى الإذاعة عن بعض الأدباء وكتاب القصة الجدد ولم أسمعه .. وحدثنى من سمعه أنه عندما أراد أن يذكر اسمى .. كان قد نسيه .. فقال محمود ال .. ال .. ال .. البدوى ونطق البدوى بعد ثوان من التوقف ..

وكان لقائى الأول مع طه حسين فى النادى كما أسلفت ، واللقاء الأخير فى بيته عندما مرض ، ورأى المرحوم يوسف السباعى أن يجتمع مجلس إدارة النادى فى بيت الدكتور بالهرم ، وكان ذلك فى آخر أيامه رحمه الله ..

ولكن غراب كان وثيق الصلة بطه حسين .. ويتردد عليه بصفة مستمرة ومنتظمة .. وكان يحبه كثيرا .. وعرف من كثرة تردده على منزل طه ، ابراهيم الابيارى .. واستفاد غراب من الابيارى استفادة كبيرة دلته على الكثير من الكتب التى تنفعه .. وأحيانا كان الابيارى يحملها له بنفسه ..

وكان المجلس الأعلى للفنون والآداب قد أنشىء فانتقل إليه غراب كوظف .. وأصبح له نشاط وعمل يتصل بالأدب وفنونه ..

ويوسف السباعى .. كان السكرتير العام للمجلس .. فازدادت صلة غراب به .. حتى أصبح من أصدقائه المقربين ..

وكان غراب قد انتقل إلى القاهرة بأسرته .. وأصبح يتحرك بسيارة يمتلكها .. وله تطلعات مادية كبيرة .. فاستغرق فى الأفلام .. التى تدر له الأيراد ، لأن الكتب لا تنفع .. ولا تغنى من جوع .. كما أن المرتب فى المجلس قليل .. وأخذ يسعى إلى تحسينه .. وكان يساعده على ذلك كلما سنحت الفرص صديق له .. فى ديوان الموظفين .. وكان هذا يعد المذكرة بكل الأسانيد القانونية ويضعها جاهزة أمام يوسف السباعى .. فيرقيه وهكذا إلى أن ارتفع راتبه .. وساوى الكبار من الموظفين ..

وكلما مرت الأيام ازداد صلة بيوسف السباعى وقربا .. حتى أمسى من أعز أصدقائه .. وسافر غراب إلى بلد عربى ، كعضو من أدباء مصر فى أحد المؤتمرات الأدبية التى انعقدت هناك ، وعرف بعض العرب وأصبح من أصدقائهم .. وكان دائب السهر معهم فى القاهرة .. إلى الشهور الأخيرة من حياته ..

وكان فى هذه الشهور يذبل ويذوى ، وعلامات الموت بارزة على صدغيه ..

***

وجذب بريق القاهرة المسيرى .. وكانت قد سمعت بعصاميته وموهبته سيدة جليلة ترعى الأدب .. فاستقدمته .. واشتغل فى مجلة نسائية وأدبية كانت تصدرها على نفقتها .. وسر عبد المعطى من النقلة وغمره فرح باهر .. كالفرح الذى يغمر الريفى وهو ينزل فى محطة القاهرة لأول مرة .. ويرى الأنوار والأضواء والجمال فى كل مكان ..

وعلم به طه حسين .. فأعجب بعصاميته كذلك ، وقدم له كتابا .. وكان عبد المعطى يفخر بهذا التقديم ..

وقد التقيت به فى ذلك الوقت .. وكان الفرح يغمر كيانه كله ، والأحلام الذهبية تسيطر على تفكيره .. وترسم له خطوط المستقبل المشرق ..

ولكن حدث ما جعله يترك القاهرة ، فى مدة اغتراب لا تزيد على سنة .. وعاد عبد المعطى آسفا إلى دمنهور .. وإلى القهوة .. ولكن تطلعاته إلى أنوار القاهرة لم تنقطع ..

وكما توظف غراب فى المجلس الأعلى للفنون والآداب من غير شهادات .. لماذا لايتوظف هو ..؟

وهكذا جاء عبد المعطى إلى المجلس وتوظف .. براتب قليل .. وهو يتطلع إلى ما هو أحسن .. ومثله غراب .. وجاء بأسرته فى الوقت الذى ارتفع فيه مستوى المعيشة .. وأحس بالضيق المادى .. وكان يكتب فى الصحف ، ولكن أجرها يطير فى الهواء ، ولا يحس بأثره فى بيته .. فأخذ يطلب من يوسف السباعى الزيادة فى المرتب كما زاد أمين غراب ..

ولكن يوسف لا يجد المبررات التى تساعده على ذلك .. وغراب ضم له مدة خدمته فى بلدية دمنهور مع مدة خدمتـه فى وزارة المواصلات .. وعبد المعطى .. ليست له مدة خدمة فى أية جهة حكومية قبل المجلس .. فكيف يزاد ..

رفع يوسف السباعى راتب عبد المعطى إلى الحد الذى يستطيعه .. أو الذى يريده .. ولكن عبد المعطى لم يرض بذلك .. ووقعت الوقيعة بين عبد المعطى ، ويوسف السباعى وزادها أخوان السوء سوءا على سوئها ..

ولم يكن عبد المعطى فى لياقة غراب .. فيطوى الأمر فى جوانحه إلى أن يجد الفرصة لبلوغ غرضه ، بل كان يصرخ ويتذمر لكل من قابله .. ويقول اشمعنا غراب عمل له .. وعمل له .. وأنا لا .. اشمعنا ..

وكلما قابلت عبد المعطى فى جمعية الأدباء اشتكى لى .. وكنت أهدىء من ثورته وسخطه ما استطعت ، وأحـاول أن أجعله يملك أعصابه .. ولما كنت نادر الاتصال بيوسف السباعى .. فقد رأيت أن أكلم عبد الرحمن الشرقاوى ليعرض شكوى عبد المعطى على يوسف .. بكل تفاصيلها الدقيقة وبكل ظروفه المعيشية القاسية .. فهو لا يستطيع الرجوع إلى القهوة .. بعد هذا الانقطاع الطويل .. كما أنه لا يستطيع العيش فى القاهرة كموظف بهذا المرتب ..

ولكن كل هذا لم يجد ..

ولقى الفنان الأصيل ، والأديب الملهم عبد المعطى ربه .. وما أحسبه إلا كان متألما منا جميعا ..

وعبد المعطى يملك الأسلوب والموهبة ، كأديب وكاتب قصة ، ظهر فى جيل متفتح للكتابة بنشاط غريب .. وكان العصر كله عصر أدب خالص يتغلغل فى النفوس ويملك الأفئدة .. ويسيطر على المشاعر ..

ففى هذا العصر الذهبى للأدب كان من المحامين ، والقضاة والأطباء والموظفين ، من يملك ناصية البلاغة فى خطبه ومذكراته ومقالاته ، وكانوا يضمنون كتـاباتهم وكلامهم الآيات القرآنية وخطب بلغاء العرب .. كسحبان .. والحجاج .. وزيادة ..

ومنهم من كان يعرف من كتب التراث ما لا يعرفه الدارسون لها الآن ، والمتخصصون فى هذا الباب ..

وفى هذا العصر الأدبى المشرق الزاهر .. الذى يفخر ويتيه بالأفذاذ من الكتاب والشعراء المصريين عاش عبد المعطى وكتب ..

كتب لولده :

" ولدى ..
ما من مرة قبلتنى إلا وأحسسنا معا بأننا قد عشنا كل ما فى وسع الإنسان أن يعيش وظفرنا بكل ما فى الوجود من نعيم ، وقبلة منك تجعلنى استقبل الحياة بعزم جبار ، وتهون علىَّ أثقالها وأعباءها .. وتنسينى تجهمها وهمومها .. وتصعد بى إلى دنيا غير دنيا الناس ، آنس إلى صفوها وألتذ بنعيمها ، حتى إذا عدت إلى دنياهم كنت أحسنهم راحة واستجماما وصفاء .. أتذكر أنك أشرت مرة إلى صورة قائد عظيم وتمتمت بما يفهم منه أنك تحب أن تكون مثله ..؟ بكيت يا ولدى لأنى أعرف أن فقرى يحول بينى وبين ما تريد .. ويقعد بى عن انشائك كما أحب وكما ينبغى أن ينشأ الأولاد فى هذا العصر .. بكيت لأن أولاد الفقراء لم يتهيأ لهم طريق العلم كما هو الحال فى الأمم الناهضة ..

نعم اننى فقير ولكننى كنت سعيدا بفقرى أحوله إلى غنى وسعادة ، كنت إذا تنبهت عينى لمشهد من مشاهد الدنيا ، تيقظ قلبى فاسغنى وأغنـاها ..كنت أمشى فى المروج فأشهد الطبيعة الباسمة ، والقمر الزاهى ، والبحر الضاحك ، فأضحك من تهافت الإنسان على الصغائر ، وأحمد الله الذى سوى بين الناس فى المسائل الكبرى فجعلها اشتراكية فى الماء والهواء والطبيعة ..

لى فيك أمل قوى جبار حينما تنشأ وتبلغ قدرك .. لأنك ابن رجل فقير بنفسه ولا يجد حرجا من القول بأنه استطاع الكثير رغم ما صادفه من عثرات ..

استطاع أن يظفر بعطف زعيمة النهضة النسائية " هدى شعراوى " وزعماء الأدب طه حسين وأحمد أمين وتيمور والرافعى وتقدير المستشرق العظيم " كراتشفوفسكى " واستطاع أن يملأ الصحف بكتابته ويشغلها بالحديث عنه ..

واستطاع أن يخرج للآن كتابين فى الأدب والاجتماع ومازال يرجو ويعمل لاصدار عشرين ..

واستطاع أبعد من ذلك .. استطاع أن يوفق بين مهنته وعمله فى القهوة وبين الأدب ، فوزع أعصابه توزيعا منتظما ليس فى طوق كل إنسان .. فهو عدة رجال فى رجل ان استقام هذا التعبير ..؟

عاش أبوك فى جحيم الحياة لاعلى هامشها ، فأنتج للوطن أولادا وللفن ألوانا .. ووفق لذلك وفى عنقـه أسرة كثيرة المطالب ، كبيرة العدد ، ورغم أنه لم يذهب إلى المدرسة ولم يجلس إلى أستاذ ، وكان فى بيئة تيسر للمرء اقتحام الرذيلة والجرى وراء الملذات .. ولكن من ذلك لم يلهه عن المساهمة فى الأدب والتأثير فيه ..

كان يحاسب نفسه كل يوم عما أضافه لعقله من التعليم والتثقيف .. كما يحاسب رواد القهوة على ثمن المشروبات .. "
صـ22 من كتاب الظامئون طبعة سبتمبر سنة 1936 وفى هذا الكتاب نشر قصة " بيت الحظ " وهى من أجمل قصصه ..

وكتب طه حسين فى جريدة الوادى يرد على عبد المعطى :
" وأشهد أنى قرأته مرتين ، ووجدت فى قراءته مرتين ، لذة قوية ومتاعا خصبا ، وأحسست اعجابا عظيما بهذا الرجل الذى استطاع أن يثقف نفسه .." ..
وقد جعل عبد المعطى هذه الكلمة .. على غلاف كتابه " فى القهوة والأدب " الذى صدر سنة 1938

نشرت الذكريات فى مجلة الثقافة ـ السنة السابعة ـ العدد 76 ـ يناير 1980 وفى كتاب " ذكريات مطوية لمحمود البدوى من اعداد وتقديم على عبد اللطيف وليلى محمود البدوى " مكتبة مصر ط 2006


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى