السبت ١٨ حزيران (يونيو) ٢٠٢٢
بقلم فتحي العابد

بيع الجمل ياعلي

قرأت بالأمس خبرا مفاده أن مصر العربية ستتكفل بإيصال وبيع غاز الكيان الصهيوني إلى الإتحاد الأوروبي في حين يشهد البحرالأبيض المتوسط احتلالا إسرائيليا للمياه البحرية داخل الحدود اللبنانية، فخطرت ببالي أغنية سميرة توفيق (بيع الجمل يا علي..)، وللذين لا يعرفون سميرة توفيق فقد كانت تتفتل لها شوارب وتتباطح لسماعها رجال، وعلى أرض الواقع لو كانت سميرة توفيق تؤشر بيدها فسيخرج لها بدل (علي) (عليوات..(ولستُ هنا للحديث عن سميرة بل للحديث عن علي الذي طلبت منه سميرة أن يبيع (الجمل) كي يدفع مهرها، بل في آخر الأغنية طلبت منه أن يبع كل (الجمال) وليس جملا واحدا..

بعد مايزيد عن 35 سنة من تلك الأغنية، اقتنعت أن أول من جاء بفكرة البيع بالأبيض والأسود في الوطن العربي هي "سميرة توفيق" عندما غنّت :(بيع الجمل يا علي.. واشترِ إلي مهرٍالغالي..)، وتعتبر أول عملية بيع حدثت في تاريخ الوطن العربي..

سميرة توفيق في الأغنية طالبت علي أن (يبيع) الجمل الذي هو مصدر دخله ووسيلة تنقلّه الوحيدة، ليشتري لها "مَهْرٍ" بحجة أن (كرمها لوّح واستوى، والعنب طاب وحِلي) كما تقول في الشطر الثاني من الأغنية.. وهذه واحدة من أخطر وسائل الترغيب للبيع الذي اتبعتها سميرة توفيق واتبعها فيما بعد كل "بيوعة" الوطن العربي.. وهي استراتيجية (إغراء ما بعد البيع..) المهبول (علي) ومأكثرمهابيلنا بمجرّد سماعه لهذه الكلمات "طار مخه" وقرر أن يبيع الجمل بما حمل فورا، ليلحق بالكرم الذي لوّح واستوى، لكن سميرة توفيق لم تفِ بوعدها ولم تكتفِ بهذا القدر من البيع، فطالبته بالشطر الثالث من الأغنية: (بيع النعجة والحمل أنا ما عندي أمل.. إلاّ حبك يا علي). وبقي دارسوا الغناء مصدقين لما تقول ويرددون وراءها بدون تفكير: بيع.. بيع.. بيع.. بيع.. ولك بيع.. بيع الجمل يا علي.. أخيرا استجاب علي وباع الجمل، وباع النعجة والحمل، ولم ينل حبّة واحدة من ذلك الكرم.
هذا المعتوه الذي يحكم في أرض الكنانة استجاب لسميرة توفيق وباع سرواله وقميصه، بل باع الشعب وما طوى والأرض وماحوت لمحبوبته إسرائيل، ولم يظفر منها بشيء.

لبنان استجابت لشروط صندوق النهب الدولي والبنوك المتوحشة وباعت كل شيء داخل لبنان، بل وحتى ماتملكه خارج ترابها، ووصل عجزها إلى نسبة 7.6 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي بإجراءات مجحفة وظالمة بحق الفقراء وأصحاب الدخل المحدود بزيادة الضريبة على الدخل، من 7 بالمئة حتى 10 بالمئة، وفرض ضريبة على البضائع المستوردة بنسبة 2 بالمئة، وتجميد التوظيف العمومي، ورفع سن التقاعد بالقطاع العام، وفرض ضريبة على لوحات ترخيص سيارات الأجرة، وعلى لوحات الترخيص المكونة من ثلاثة أو أربعة أرقام، وزيادة رسوم تصاريح العمل، والتأشيرات وغيرها..

وذاك باع القطاع الصناعي الحكومي في سورية، بعدما "انتهج جدلية الخاسر والمخسر".

وهكذا فعل بنا علي من أجل سميرة.. بل تلقى خازوق لا يزال يعاني منه وسنعاني منه حتى يأتي الله بجيل ليس جيلنا..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى