الثلاثاء ٢٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٠
بقلم جميلة شحادة

ترثي مربي صفها في المرحلة الابتدائية

بحضور كل من: رئيس القائمة المشتركة، عضو الكنيست السيد أيمن عودة، ورئيس لجنة المتابعة السيد محمد بركة، وعضو الكنيست يوسف جبارين وغيرهم من أعضاء كنيست ورجال دين وتربية ومجتمع، وأيضا بوجود أسرة المربي الراحل خليل عليمي؛ وقفت الكاتبة، جميلة شحادة، ترثي مربي صفها في المرحلة الابتدائية ومدير مدرستها وزميلها فيما بعد. حيث اعتبرت كلمتها، كلمة رثاء ووفاء لأستاذها الراحل وهذا نصها:

كم نشعرُ بالحزنِ، وفداحةِ الخسارةِ والفجيعة، برحيلِكَ أستاذيَ الراحل، بل أستاذنا جميعا، المربي الفاضل، خليل سعيد عليمي. اختنقتِ الدموعُ، ونحن نودعُك، نودعُ مربيا من ذاك الزمنِ الجميلِ، من جيلِ المربين والأساتذةِ الأفاضل، المؤمنين بالرسالةِ التربويةِ العظيمة. لقد فارقتنا، بعد مسيرةِ عطاءٍ عريضة، ومشوارِ حياةٍ في السلكِ التعليمي والعملِ التربوي والاجتماعي، تاركاً ميراثاً من القيم والمُثل النبيلة، وسيرةً عطرة، وذكرى طيبة، وعبقَ أريجِ ياسمينٍ في كل مكانٍ تواجدتَ فيه.

أيها الراحل المُبجَّل، وأستاذَنا الفاضل، يَعز علينا فراقُك، وكيف لا؟ ونحن في وقتٍ نحتاج فيه الى امثالكَ من الرجال الأوفياء الصادقين.

لحسنِ حظي، انني كنتُ واحدةً من تلميذاتكَ، وزميلاتِك فيما بعد، عندما أشغلتَ وظيفةَ المدرس والمدير في مدرسة "القشلة أ", وكنتُ أيضا مشاركةً معك، في الكثير من النشاطاتِ الاجتماعيةِ والأطرِ اللامنهجيةِ التي خدمتْ يلدَنا، الناصرة، وأهلَها الطيبين. أنا اليومَ أعترفُ بأنك كنتَ قدوة لي، وبالطبع للكثيرين غيري. لقد قضيتَ أكثرَ من ثلاثةِ عقود في سلك التربية والتعليم، وعندما أخترتَ الخروجَ للتقاعد المبكر، بكيناكَ بحرقة مثلما نبكيكَ اليوم، إذ عرفناك أيها الراحل الباقي، معلماً ومديرا متمكنا، متسامحاً، قنوعاً، متواضعا، وملتزماً بإنسانيتك. نعم إنسانيتك، هذه الصفة التي يحاولُ الفردُ منا اليوم الغوصَ كثيرا في أعماق نفوسِ الآخرين ليستشفَّ بعضا منها، بينما كانت جليةٌ لديكَ وضوحَ الشمس في نهارٍ مشرق. لقد احترمتَ الجميع، الطالب، المعلم، والأهل، فبادلوك هذا الاحترام بالمحبة والتقدير. لقد اعتبرك أبناء حي كاملٍ، هو حي الصفافرة، ابنا وأخا وأبا لهم، فأحبوك واحترموك ووثقوا بكَ، وبرحيلكَ، شعر الكثيرون منهم باليتم، وأجزم في ذلك. وكيف لا أجزم وامرأة قد تجاوزت السبعين من العمرِ علَّمتَ لها اولادَها تقول لأحدهم يوم رحليك: خذوني لأودعَ أستاذَكم الطيب.

استاذيَّ الراحل الباقي، أقول لكَ اليوم بأنَكَ كنتَ نموذجاً ومثلاً يحتذى به في البساطة والذوق واحترام الآخر والمختلف، لقد نظرتَ كل الوقت، الى الإنسان فينا ولم تُعرْ يوما انتباها أو اهتماما، لديننا أو مذهبنا أو انتمائنا السياسي، وما أحوجَنا في هذه الأيام للكثيرين من أمثالك. لقد عرفنا سموَ أخلاقك وطهارةَ نفسكَ ونقاءَ قلبك، ولمسنا حبَكَ للحياة ولأسرتكَ الكريمة، فلم تترفع أبدا، كونك مديرا للمدرسة، من أن تشاركَنا في بعض شؤونك العائلية، وكم قدَّرنا فيكَ، نحن زميلاتُك، هذه المحبة الصادقة، وهذا الوفاء لأفراد أسرتكَ.

أستاذيَّ الراحل الباقي، أبا السعيد، لقد غيبَك الموتُ عنَّا جسداً، لكنَّ ذكراك ستبقى في وجداننا ما بقينا على قيد هذه الحياة، فنم قريرَ العين لأنكَ خالدٌ فيما عملتَ وقدمتَ، وفي مَن خلّفتَ مِن خلفٍ صالح لخير سلف.

رحمك الله أستاذيَ الفاضل، رحمة واسعة وألهم زوجتك وبناتك وابنكَ وأخوتك وجميع أفراد العائلة، الصبر والسلوان. وهنا، أستذكر هذين البيتين من الشعر قالهما شاعرُ النيلِ حافظ ابراهيم في رثاءِ صديقِه أمير الشعراء احمد شوقي:

خلَّفتَ في الدنيا بياناً خالداً
وتركتَ أجيالاً من الأبناء
وغداً سيذكرك الزمانُ لم يزلْ
للدهر إنصافٌ وحسنُ جزاء
تلميذتك وزميلتك: جميلة شحادة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى