الجمعة ٢٢ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
مؤسسة نجلاء مُحْرم الثقافية تحتفل بتوزيع
بقلم إبراهيم سعد الدين

جوائز الدورة السّابعة لمسابقة القصّة القصيرة

مساء يوم الأربعاء الموافق 20 فبراير/شباط 2008 وفي احتفاليّةٍ ثقافية حاشدة ضَمّتْ عدداً كبيراً من رموز الأدب والفكر والإعلام في مصر، قامت الأديبة الروائية نجلاء محمود مُحْرم بتوزيع جوائز المسابقة السَّنويّة للقصة القصيرة في دورتها السَّابعة على الفائزين.

استضافت مكتبة القاهرة الكبرى ـ كعادتها ـ هذه الاحتفالية التي افتتحها وقام بالتقديم لها الأديب أحمد سامي خاطر، وبدأت بكلمة موجزة من الأستاذ محمد حمدي مدير المكتبة حَيْثُ أثْنَى على هذه المبادرة الثقافيّة وأثرها العميق في تشجيع الإبداع الأدبي ورعاية المواهب الشَّابَّة. ثمّ بدأ أعضاء لجنة التحكيم في المسابقة بالحديث عن انطباعاتهم حول الأعمال القصصية المشاركة هذا العام. وقد استهلّ الحديث الأستاذ محفوظ عبد الرحمن (عضو لجنة التحكيم) الذي عَبَّر عن تقديره العالي لهذا التقليد السَّنوي وحرصه على المشاركة به إيماناً منه بالدور المُهِمّ الذي تنهض به هذه المبادرة الثقافية في رعاية المواهب الأدبية وصَقْل ملكاتها والارتقاء بإبداعاتها، وهو الدَّور الذي يفتقده المجتمع، فالمواهب الأدبية موجودة لكنها تظهر كطفراتٍ سُرعان ما تتوارى في غيابِ الرعاية والتشجيع والتقدير المادّي والأدبي الذي يُحَفِّز ملكات الخلق والإبداعْ. ثُمَّ عَبَّرَ عن دهشته لرقيّ مستوى الأعمال القصصية المُشاركة وأصالة مُبْدِعيها. وأضَافَ قَوْله إنه من المُلاَحظاتِ الجَديرة بالتَّسْجيل أنَّ موضوع الموت يَكَادُ يكونُ هو السِّمة الغَالبة على هذه الأعمالْ رَغْمَ أنَّ معظم المُشاركين في المسابقة من الشَّبابْ. وهذه ظاهرة تحتاجُ إلى تَفسيرٍ وتحليلٍ عِلْميٍّ ليسَ لدى الأدباء والنُّقَّاد فَحَسْب، بَلْ أيضاً عند عُلماءِ النَّفْس والاجتماعِ لدراسة مُعْطَيات الواقع التي أفرزت هذه الظاهرة.

من اليمين د.محمد عبد المطلب، أ. محفوظ عبد الرحمن، د. أسامة موسى (أعضاء لجنة التحكيم)، الأديبة نجلاء مُحْرِم

وتَحَدَّثَ الأديب والناقد الكبير د. محمد عبد المُطَّلب (عضو لجنة التحكيم) مؤيِّداً وِجْهَة النَّظر التي أبداها الأستاذ محفوظ عبد الرحمن وأضافَ إلى ذلكَ قَوْله إنَّ الحَنينَ إلى الماضي يكادُ يكونُ ـ أيْضاً ـ سمةً من سِماتِ الأعمال القَصصية المُشاركة وهو مُؤشِّرٌ واضحٍ على رَفْضِ الواقع المُعَاش دونَ تَطَلُّعٍ إلى المُسْتَقْبل. وأثْنى على البناء الصِّياغي واللُّغوي لهذه الأعمال التي طابَ له ـ حَسَبَ قَوْله ـ أن يًَقرأها أكثر من مَرَّة ليسَ بهدفِ التقييمِ والتحكيم فقط، وإنَّما ـ أيضاً ـ إعجاباً بما تنطوي عليه من فَنٍّ رفيع المُستوى. وأشار ـ في كلمته ـ إلى أنَّ مثل هذه النصوص لا يَصْلُح ـ في تناولها ـ مداخل النقد التقليدية والمَقولات المَدرَسِيَّة وإنَّما تحتاجُ رؤيةً مُتَجَدِّدةً وأكثر تجاوباً مع نبضها من قبل النُّقَّاد، فطبيعة العمل الفَنِّيِّ هي التي تَفْرضُ المناهجَ والمَداخِلَ النَّقْدِيّة المُلائمة لها.

واخْتَتَم د. أسامة موسى (عضو لجنة التحكيم) كلمات أعضاء لجنة التحكيم بتقديم الشُّكر للمؤسَّسَة الرَّاعية لهذه المُسابقة وأشادَ بدورها في إثراء الحياة الثقافية وإفساح المجال أمامَ المواهب الأصيلة لتؤكّد حضورها الفاعلْ في ميدانِ الأدب لتجديد دماء الثقافة العربية. وأبْدى تقديره أيضاً لمستوى الأعمال المُشاركة، وقالَ إنَّ غلبة هاجس الموت والارتداد إلى الماضي على موضوعات هذه القصص إنَّما هو تجسيدٌ لحالة الإحباط والتقوقع على الذَّات وإفرازٌ طبيعيٌّ لمُعطيات الواقع الحضاري والثقافي الذي يَغلبُ عليه التشَتُّت واليأس.

وأعقب ذلك كلمة للفائزين ألقاها الفائز الأول بالجائزة الشاعر والقاصّ إبراهيم سَليم (مصر) الذي أكَّدَ على الدَّور الرَّائد والجَهد المُخلص للمؤسَّسة الرَّاعية لهذه المسابقة والذي أكسبها مصداقيةً في الأوساط الأدبية تمثَّلت في اتساع نطاق المُشاركة بالمسابقة عاماً بعد عامْ.
وفي تعقيبه على ملاحظات لجنة التحكيم قال إنَّه يرى أنَّ كثافة حضور هاجس المَوْت والحنين للماضي لَيْسَ ظاهرةً سَلبيَّة بلْ هو دليلٌ على ثَراءِ الموهبة ومؤشِّرٌ للصِدْقِ الفَنَِيِّ لأنه انعكاسٌ للواقع وإحساسٌ بوطْأتِه.

وتَحَدَّثَ أيضاً عن الفائزين الكاتب والقَاصّ ماجد الخواجة من (الأردن) الفائز بشهادة تقديرية فأثنى على أمانة ونزاهة هذه الفعالية الثقافية وثَمَّن دور مصر في إثراء حركة الإبداع والتجديد في الثقافة العربية على مَرِّ العصور.

وفي كَلمتها الموجزة تحدَّثت الأديبة والرُّوائية نجلاء مُحْرم التي تحمل الجائزة اسمها باعتبارها المؤسّسة والرَّاعية لها منذ نشأتها ـ فوَجَّهَتْ شُكرها العميق لجميع الحاضرين وخَصَّت بالشُّكر الأديب والقاص الكبير يوسف الشاروني الذي يُوَاظبُ على حضور هذه الاحتفالية كُلَّ عام، وقد أكَّدَ حرصه على التواجد هذا العام أيضاً رغم أن الحفْلَ تَزَامنَ مع حفل توزيع جوائز مُلتقى الرواية العربية.

وأشارتْ الأديبة نجلاء مُحْرم ـ في كلمتها ـ إلى الطَّفرة النَّوعِيَّة التي حَقَّقتْها المُسابقة هذا العام بتَحَوِّلها من مُبادرةٍ فَرْديَّة إلى كيانٍ مؤسَّسي من خلال مؤسَّسة نجلاء مُحْرم الثقافية والتي افْتُتِحَت يوم 30 أكتوبر/تشرين أوَّل 2007 كمؤسسة ثقافية تطوّعيّة لا تهدفُ إلى الربح وإنما تسعى إلى دعْم الإبداع والنشر وتحقيق التواصل بين المبدعين والنقاد والإعلاميين والأكاديميين، وتنظيم الندوات وحلقات المناقشة بالشكل الذي يُعَرِّفُ بكلّ عملٍ إبداعيٍّ جادّ ويضعه على خارطة الحياة الثقافية. وقد تأسَّسَ مركز نهر النيل للنشر والتوزيع ليكون رافداً من روافد هذه المؤسسة، واستهلَّ المركز نشاطه الآن بإصدار عَددٍ من الأعمال الأدبية الجديدة.

وقالتْ إنها حَرِصَتْ على أن يكون مَقَرُّ هذه المؤسسة خارج القاهرة ـ التي تسْتأثرُ بالقِسْط الأعظم من النشاط الثقافي في مصر ـ وذلك من أجل دَعْم وتنشيط الحياة الثقافية في بقية مُحافظات وأقاليم مصر المُهَمَّشة ثقافيّاً. لذا فإنها تَسعى إلى إنشاءِ فروعٍ جديدة للمؤسسة في مختلف المحافظات.
وتَحَدَّثت عن المسابقة في دورتها السابعة فقالت إنها تَميَّزت ـ هذا العام ـ باتساع نطاق المشاركة إذ بلغ عدد الأعمال المُقَدَّمة 498 عَملاً قَصَصِيّاً تَمَّ فرزها على ثلاث مراحل متتالية بحيث وصَلَ عدد القصص المعروضة على لجنة التحكيم النهائية 24 قصة قامت اللجنة بتصنيفها واختيار القصص الفائزة من بينها ومُنِحَتْ بقية القصص المُتَمَيِّزة شهاداتُ تقدير مع نشرها في كتاب (الفائزون) الذي يصدرُ سَنويّاً على هامش المُسابقة. غير أنَّ الظاهرة اللاَّفتة للنظر هذا العام هي كثافة الحضور العربي في هذه المسابقة إذ بلغ عدد القصص المُشاركة من الأقطار العربية نحو 100 قصة، بينما كانت نسبة القصص الخاصة بالمبدعين العرب أكثر من 60% من عدد القصص المُتَمَيِّزة التي تمَّ عرضها على لجنة التحكيم النهائية. ممّا يُؤكِّدُ أنَّ هذه المسابقة قد تجاوزت حدود مصر وأصبحتْ مبادرةً ثقافية عَربيّة.

وفي ختام الحَفْل قامت لجنة التحكيم والأديبة نجلاء مُحْرم بتوزيع الجوائز على الفائزين في المسابقة، وكانت على النحو التالي:

 الجائزة الأولى وقَدرها 2000 جنيه مصري للقاصّ إبراهيم سليم (مصر) عن قصته: الشيطان يُؤدِّي رَقْصَةً فاشِلة قبل أن يَتَبَدَّدْ.
 الجائزة الثانية وقَدرها 1500 جنيه مصري للقاص عبد السَّلام الخَرَّاز (المَغْرب) عن قصته: الأبْيَضْ.
 الجائزة الثالثة وقَدرها 1000 جنيه مصري للقاصّ علي محمود غَدير (العِراق) عن قصته: لا تَنْقُر الزِّرّ.
 جائزة التَّمَيُّز الخَاصَّة وقَدرها 800 جنيه مصري للقاص أحمد يوسف عِقيلة (ليبيا) عن قصته: الفَخّ.

كما مُنحتْ الأعمال المُتَميزة شهادات تقديرْ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى