الاثنين ٤ تموز (يوليو) ٢٠٢٢
بقلم رندة زريق صباغ

عيلبون تكرّم معلميها المتقاعدين والمتوفّين..

قم للمعلّم وفِّهِ التّبجيلا

قام المجلس المحلي عيلبون بتنظيم حفل تكريم لكل معلّمي القرية منذ العودة من التهجير حتى اليوم، شمل هذا التكريم الكريم كل المعلّمين المتقاعدين والمتوفين من أبناء القرية بغض النظر عن البلدات التي عملوا بها، كما شمل كل الأساتذة من خارج القرية الذين عملوا في مدارس عيلبون الابتدائية، الاعدادية والثانوية.
حضر الحفل جمهور غفير من ذوي المكرمين خاصة وأبناء عيلبون والبلدات المجاورة عامة.

كانت احتفالية جميلة ولفتة مهمة من قبل مجلس محلي عيلبون تكريم أكثر من 150 معلماً متقاعداً ، شمل هذا العدد أيضاً المعلمين المتوفين واستلام أحد الأبناء شهادة تكريم والده المتوفي .

رئيس المجلس المحلي السيد سمير سويد كان أول المتحدثين وقد أشاد بدور معلمي القرية في تنشئة أجيال من المتعلمين والمثقفين الناجحين والمميزين كما تحدث عن مشاريع المجلس لبناء مدرسة ابتدائية جديدة.

شارك في التكريم وتقديم الشهادات الى جانب رئيس المجلس الحالي كل من رؤساء المجالس السابقين يوسف سرور، د.حنا سويد و السيد جريس مطر. التفافة هامة تتميز بها عيلبون المحبّة، وقوفهم جميعاً في صف واحد إنما يدل على الرقي الأخلاقي والوعي الاجتماعي، عيلبون للجميع نبنيها معاً بعيداً عن أجواء الانتخابات وتوتراتها.

كلمة المتقاعدين قدّمها الأستاذ نبيه نخلة الذي دعا الجميع لزيارة النادي والتعرف على نشاطاته. في حين أثنى المطران بطرس المعلم على هذه الخطوة واللفتة المباركة، كما رحب الأستاذ سمير سويد مدير المدرسة الابتدائية بالحضور المتوافد على ساحة مدرسته للمشاركة بهذا الاحتفاء الذي يقام لأول مرة .كما استذكر الأستاذ شفيق جهشان محادثات بعض الآباء قديماً التي تدل على احترامهم للمعلم وتسليمه زمام أمور أولادهم بثقة ومحبّة.

تم خلال الأمسية عرض فيلم من اعداد واخراج الشاب عيسى زهير حايك مدير صفحة فيس بوك (عيلبون عبر التاريخ) والذي استعرض من خلاله التعليم في عيلبون تأسيسه وتاريخه.

لا بد من شكر مركّز نادي الشباب في المجلس المحلي شادي سويد الذي لم يألُ جهداً خلال الأشهر الماضية لانجاح هذا الحفل واشراك الشباب المتطوعين في التحضيرات. كما ساهم طلاب معهد الصافي بادارة المايسترو هاني سويد بالمرافقة الموسيقية خلال الامسية.

وبدوره الإذاعي باسل نديم زريق تألّق في عرافة الأمسية على أحسن وجه. المعلمة دوريس جروس سرور تولّت فقرة تكريم المعلمين من خلال ذكر الأسماء أثناء تقديم رؤساء المجلس شهادات التكريم للمعلمين أو لذوي المتوفين منهم. قام السيد ميشيل أنطون معلم بتصوير وتوثيق الأمسية.

الغائب الحاضر

كان اسم والدي فضل نعيم زريق من بين أسماء المعلمين المتقاعدين الذين غادروا الحياة لتبقى أسماؤهم تنير المكان والزمان من خلال الإرث الأخلاقي وتربية الأجيال على مدى عقود رغم الجهد والتعب، رغم معاناة قسوة التهجير والعودة، رغم البدء من تحت الصفر لإعادة إعمار الإنسان والبنيان.

كان الفضل متواجداً في هذه الأمسية، فهو الغائب جسداً الحاضر روحاً دائماً وأبداً، تطيّبُ ذكراه الأمكنةَ التي تشتاقه كما نشتاقه نحن بالضبط. كان هنا بلوز عينيه الأخضر، ببسمته الساحرة وطلّته البهيّة، تواجد بنبض سراجه العظيم الذي ورث عنه طيب العناية بالغوالي، وشغف الثقافة العامة والتاريخية السياسية خاصة، سراج آخر العنقود الذي استلم شهادة تكريم والدنا المرحوم من يد د. حنا سويد. بان الفضل حاضراً بين كلمات عريف الحفل باسل ابن أخيه الذي ورث منه وعنه حب اللغة العربية واتقانها كما ورث عنه الخطابة السليمة. كان الفضل حاضراً بهواء عيلبون وسمائها التي عشق حتى المنتهى لدرجة منعته من السفر والمبيت خارج ترابها.

ثانوية عيلبون الأولى في المنطقة

عُرفت عيلبون واشتهرت في المنطقة من خلال (كلية الجليل المسيحية) التي تم افتتاحها 1966 على يد جمعية مسيحية أمريكية تبرعت بكل ما يلزم لشراء الأرض، بناء المدرسة وتجهيزها اضافة للمصاريف الأخرى. استقبلت الثانوية طلاباً من كافة قرى المنطقة، المغار، دير خنا، عرابة، كفر كنا، المشهد، سخنين، البعينة نجيدات والناصرة. كما تعلّم فيها عدد من طلاب بدو قرى النقب المتفوقين الذين وصلوها نسبة لاسمها المعروف ومستوى تعليمها العالي.

في السنة الأولى كان عدد الطلاب خمسين طالباً موزعين على صفي التاسع والعاشر، وقد سدّت المدرسة فراغاً كبيراً في عيلبون والمنطقة، كان كل معلميها من خريجي المعاهد العليا والجامعات في البلاد ومعظمهم في البدايات من خارج القرية جاءوا اليها بمعظمهم من الناصرة.

الأستاذ بشارة بشارات كان مدير المدرسة الأول الذي سعى جاهداً لتطويرها ورفع مستواها التعليمي حتى حصلت (على سبيل المثال- عام 1991 على أعلى نسبة نجاح في امتحانات البجروت في البلاد.
أذكر من طاقمها الأول أيضاً الأساتذة:-

نواف عواد- جبران كسابري- يوسف خوري- منير خوري- موسى هواري- شفيق جهشان- سامي غريب- نبيل طنوس،سامي خوري- نائل، فريد.وسكرتير المدرسة الأستاذ جوني جهشان
طبعاً انضم لطاقمها فيما بعد عدد من الأساتذة المميزين خريجي الجامعات ومعظمهم من أبناء القرية: غسان يوسف، سمير سويد، جريس زريق، عصام زريق، سهير زبنة، هاشم حايك،جريس خوري وعزمي سرور الذي أصبح مديرها بعد خروج الأيتاذ بسارة للتقاعد 2004. رغم افتتاح ثانويات في القرى المجاورة بعد سنوات، بقيت كلية الجليل المسيحية في عيلبون محافظة على مستواها العلمي العالي ولا زال الطلاب المتفوقون من شتى القرى يتعلمون فيها. كان لهذه المدرسة الدور الأساس في زيادة عدد الفتيات اللواتي أكملن تعليمهن الثانوي والجامعي من صبايا عيلبون والمنطقة.

أول مدرسة ابتدائية في عيلبون

تم افتتاحها عام 1899 على يد الألمان الكاثوليك ومرسليهم في دير الطابغة بجهد قدس الأب حنا معلم الذي سعى جاهداً ولم يرضخ للرفض، ففتحت خمس مدارس ابتدائية في نفس الوقت: عيلبون، المغار، دير حنا، عرابة وسخنين. وقد دفعت مصاريف المدرسة ورواتب المعلمين من أموال المتبرعين الألمان.
لم بتجاوز عدد سكان عيلبون حينها 150 وبالتالي كان العدد 24 تلميذاً تعلموا في غرفة من بنايات الكنيسة الكاثوليكية، اشترى الأهالي الحصر من أموالهم ليجلس التلاميذ والمعلم أثناء الدرس حيث لم تتوفر آنذاك الطاولات والكراسي ولا حتى الأقلام والدفاتر أو الألواح والطباشير، كذاك لم تكن هناك كتب أو مناهج تعليمية واضحة.

شحادة سليمان الخوري من عيلبون كان أول معلم في هذه المدرسة لمدة تسع سنوات، استلم بعده الأستاذ ضرغام الخوري من شفاعمرو لمدة عامين ثم عيّن كاهناً في قرية سيرين عام 1911, جاء بعده الأستاذ سليم الخوري توما من سخنين ثم فارس عازر من صفد ليعود المعلم شحادة من جديد. ثم مرقس المعلم وبعده أخوه الأب حبيب حنا المعلم الذي كان من طلاب الجيل الأول اضافة الى جريس سليمان زريق(مختار عيلبون لاحقاّ)، رشيد سرور، عازر يًسف وغيرهم.

أما قبل ذلك فقد اقتصر التعليم على تجمع الفتيان أمام المعلم/ الأب في غرفة الكنيسة يقرأ لهم ويحفظون مبادىء القراءة من ثلاثة كتب: المزامير، الأكطويخوس وبعض الرسائل المطبوعة في مطبعة الشوير في لبنان حيث افتقرت فلسطين للمطابع تماماً.

1905 افتتح الرهبان الألمان مدرسة للفتيات في عيلبون وأرسلوا معلمة من طبريا لتعليم البنات هي حلوة شحادة حيث قدم لها الوقف بيتا تسكن فيه به غرفة للتدريس . وأصبحت إدارة مدرسة الفتيان لحساب الأبرشية الكاثوليكية والمطران حجار الذي عيّن أسقفاً على منطقة عكا 1901 وافتتح مدارساً في كافة بلدات شمالي فلسطين التي عاش فيها المسيحيون الكاثوليك، أطلق عليها اسم
المدارس الأسقفية. ينهي التلميذ مرحلة هامة من تعليمه بعد حفظ المزامير، ولهذه المناسبة يتم توزيع الملبس على الأولاد والمعلم وأحياناً على الجيران.

يذكر أن الفقر وقلة المعرفة سيطرت على الناس فلم يدركوا أهمية العلم والتعليم، فكثيراً ما كان التلاميذ بتعطلون بهدف المساعدة في قطف الزيتون، الحصاد، تربية المواشي وغيرها من الأمور التي حالت دون نجاح الكثيرين في الامتحانات. هذا ما جعل ادارة المدرسة الحكومية التي افتتحت 1943 تعطل بالكامل في هذه المواسم مقابل اقتطاع الأيام من عطلة عيد الميلاد في الشتاء والعطلة الصيفية.
كان اليوم المدرسي يبدأ مع ارتفاع الشمس حيث لا توجد ساعات لتحديد الوقت، يعود التلاميذ لبيوتهم في فرصة الغذاء ظهراً قم يعودون للمدرسة حتى العصر.

انتشر العقاب البدني في تلك الفترة وهو عبارة عن قضبان الرمان للضرب، كما عُرِفت الفَلَقة حينها والتي تستعمل في حالات العقاب الشديد جداً. كما انتشر أيضاً أسلوب وقوف التلميذ على رجل واحدة ووجهه نحو الحائط.

طالما ذكر أبي اهتمام والده المرحوم الشهيد نعيم زريق بالعلم والتعليم كما سعى لجمع التبرعات لبناء مدرسة في عيلبون وقد سافر خصيصاً يرافقه أبو جورج خليل ليطلب الدعم من أقاربنا في قرية عبلين الذين مدوا يد العون بسخاء لشراء الحديد لبناء المدرسة الذي تم بسواعد أهل القرية من الشباب والصبايا ومنهم بهية وصبحية خليل.

بعد الانفصال (التفاصيل في مقالة قادمة) فتحت طائفة الروم الأرثوذكس مدرسة للفتيان خاصة بهم علُم فيها جابر الخوري من الناصرة لبضع سنوات حتى بدأ جدي نعيم (أبو الياس) بتعليم التلاميذ فيها، في حين بقيت الفتيات في المدرسة الأسقفية التي توالت على التعليم فيها: حلوة شحادة، متيل متري من طبريا، ماري خشيبون من كفر كنا، فرحة الخوري من البعنة، ولا ننسى المعلمة جوهرة التي علمت بالفترة السابقة.
أقفلت المدارس الأسقفية بعد نشوب العالمية الأولى لانقطاع سبل ارسال المعونات من ألمانيا، فكلِّف المعلم مرقس معلم من دير حنا أن يعلم أيضا تلاميذ عيلبون لقاء أجر زهيد.

بعد انتهاء الحرب عاد المطران حجار وكثّف اهتمامه لاعادة فتح المدارس الأسقفية وعين حبيب خوري خنا معلم معلماً في مدرسة عيلبون للبنين في حبن بقيت مدرسة الفتيات مغلقة حتى1925 لتضم لمدارس الحجار.

ازداد وعي الأهالي لضرورة التعليم فزاد عدد التلاميذ وبات من الضروري تعيين معلم ثان، عام 1935 تم تعيين المعلم جبر سرور الذي غادر البلاد بعد فترة قصيرة للتعليم في شرقي الأردن ليستلم التعليم عنه ابن عمه نمر ابراهيم سرور.

مدرسة ذكور عيلبون الحكومية

تم افتتاحها 1943 على يد الانتداب البريطاني ليتم قفل مدرسة الأبرشية للبنين في حين بقيت مدرسة البنات.

مدير المدرسه هو أديب مسعود خوري من ترشيحا الذي قسم التلاميذ لثلاثة صفوف يتعلمون بالتناوب في نفس الغرفة، 1945 بنى الأهالي غرفتين بسواعدهم وأموالهم وأصلحت المدرسة حتى الصف الرابع.
بجانب المدير أديب تم تعيين الأستاذ تركي سليم من كفر كنا وجبرا جبرا من معليا، ويذكر أن أدوات ومواد التدريس تواجدت بوفرة في هذه الفترة مما سهل الأمر على المعلمين

في كل عام تمت زيادة صف جديد ليفتتح الصف السابع 1947,أدار المدرسة الأستاذ حبيب نحاس في الفصلين الأول والثاني ليتطوع حبيب زريق(أبو زياد) بادارة المدرسة في الفصل الثالث بعد عودته لعيلبون من قرية البصّة التي كان معلماً فيها، كما عاد المدير نحاس الى ترشيحا والمعلمون عزات داوود من عبلين وفرحان عرطول من المغار الى قراهم بسبب اشتداد خطر المعارك بين البهود والعرب وبات الخطر يهدد العائلات.
أغلقت المدارس عام النكبة وتهجر سكان عيلبون الى لبنان ليعودوا 1949 فيعاودوا بناء كل شيء من الصفر، تم افتتاح المدرسة وعين الأستاذ يوسف الحسيني مدبراً لها وبقيت حتى الصف اليابع لتتحول الى مدرسة مختلطة للبنين والبنات، عيّن مديرا لها بعذ ذلك الأستاذ رشاد خوري جرايسي من كفر كنا/ الناصرة (والد المهندس رامز جرايسي) والمعلم شفيق خورية من شفاعمرو وفرحان عرطول من المغار. مع ازدياد عدد الطلاب ازداد عدد المعلمين بطبيعة الحال: رشيد زينة وشوقي حبيب من عبلين، حبيب عيسى من الناصرة، المعلمة روز منصور من الناصرة، وقد انتقلت معلمة البنات بديعة سارجي الى المدرسة الحكومية المختلطة بعد اغلاق المدرسة الأسقفية.

استلم الأستاذ رشيد أيوب الزينة ادارة المدرسة 1951 بعد انتقال المدير رشاد الى مدرسة يافة الناصرة.

تجدر الاشارة الى أن قرار الحكومة بالتعليم المختلط أثار حفيظة الكثير من المسنين والأهالي وكهنة عيلبون، لكن ذلك لم بمنع البعض من ارسال بناته لطلب العلم ومنهم: فايزة عيسى بلان، عليا فريد زريق، ايفون صليبا سرور، فايقة سعيد زينة، وردة عيسى سمعان وملكة جريس عيلبوني.

المدير مهنا مبدا

تم تعيين الأستاذ مهنا مبدا (أبو هاني) من مواليد قرية اقرث المهجرة مديراً للمدرسة في كانون ثاني 1952 وقد استأجر وعائلته بيتاً في عيلبون، تكوّن طاقم المدرسة من:

بديعة سارجي، عبلة جرايسي، ندى أبو خضرة، سليم حماتي من الناصرة والأستاذ سليم سلامة من طرعان.
حتى ذلك العام كانت المدرسة للصف السابع بعدها ينتقل المعنيون الى الناصرة للصف الثامن وانهاء المرحلة الابتدائية، وهو أمر لم يتمكن منه سوى ميسوري الحال وكل من يعطي تعليم أولاده الأولوية في الحياة.
تم افتتاح الصف الثامن في السنة الدراسية 1952/1953 لتحظى عيلبون بمدرسة ابتدائية كاملة من صف البستان حتى الثامن مما سهل كثيراً على التلاميذ والأهالي وزادت الرغبة في التعليم ليرتفع عدد الطلاب وليلتحق بركب معلمي المدرسة الأستاذ لطيف سلامة من طرعان.

ملاحظة:- كل ما كتبته أعلاه من ضمن مذكرات وذكريات أبي فضل نعيم زريق التي دونتها في ذاكرتي ومذكرتي،وهي ليست بحثاً ميدانياً.. لذا عذراً إن وردت بعض الأخطاء أو الهفوات، كما أرحب بكل الملاحظات والاضافات.

عن المدرسة الاعدادية في عيلبون والتي أفتتحت 1970 أتطرق في مادتي القادمة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى