السبت ١١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢١
بقلم علي بدوان

فلسطين والزيتون والبيارات

اشتهرت فلسطين قبل النكبة بعددٍ من الزراعات، الشجرية وثمرها، وزراعة الحبوب والخضروات، التي كانت تكفي فلسطين، ويتم ارسال جزءٍ منها الى البلدان العربية، وخاصة الى الجزء الثاني من البلاد، ونقصد هنا مختلف مناطق سوريا الطبيعية.

تركّزت في فلسطين زراعة الخضروات والحبوب، مع وجود أشجار الزيتون وبيارات الحمضيات، واشجار اليتون المعمّرة، في مناطق مختلفة، وعلى رأسها: سهل مرج ابن عامر وقرى الجليل (خاصة قرى الناصرة وعكا) وحيفا، وقرى طولكرم وجنين (شمال الضفة الغربية ووسطها) وعلى طول امتداد الساحل من (رأس الناقورة) حتى (رفح) مروراً بمدن القطاع (اسدود + المجدل + عسقلان + الجورة ..الخ)، إضافة للزراعة في سهل الحولة وطبرية، حيث يرتفع منسوب المياه الهاطلة كل عام ... الخ.

وكانت المنتوجات الزراعية في تلك المناطق، تكفي وبزيادة كبيرة عن حاجة المواطنين، فيجري ارسالها لسوريا، والأردن، ولبنان وحتى التصدير الخارجي. الى البلدان الواقعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط. ولو كانت ظروف وآليات التخزين الحديثة متوفرّة لكانت الأمور أزخم بكثير.

كما انتشرت بيارات الحمضيات، فكانت فلسطين من الدول الرائدة في زراعة الحمضيات ضمن البيارات على الساحل وقراه. ففلسطين البلد العربي الأكثر انتاجاً، بل، وكانت البلد (أو الإقليم) الوحيد في بلاد الشام بإنتاج الحمضيات، قبل أن تسود عملية انتشار زراعتها في سوريا الحالية ولبنان.

فالإنتاج كان هائلاً قياساً لعدد السكان، وكانت فلسطين تعمل على تصدير الفائض الى الدول الأوربية، بنحو يقترب من ثلاثة ملايين صندوق حمضيات سنوياً (نعم ثلاثة ملايين صندوق يجري تصديرها سنوياً منذ العشرينيات للقرن الماضي وصولاً للنكبة)، وذلك وفق المعطيات المحفوظة حتى الآن في اكثر، في وثائق سلطات الإنتداب ومراكز البحث كمؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت وغيرها.

أما الزيتون، ففلسطين أم الزيتون، وام الأشجار المعمّرة (الرومانية)، ولانبالغ القول بأن عمر بعضها تجاوز المائتي عام. ويعتبر زيت الزيتون الفلسطيني من أجود الأنواع في العالم.

ولاننسى هنا، أشجار البوط، والسنديان، والخروب، والدلب ....الخ. حكايات فلسطين، والزراعة، واشجار الزيتون سمعناها، وحفظناها، من جيل النكبة الأول (جيل القنباز والعقال)، الجيل الذي خرج مهجّراً من فلسطين بفعل عملية قسرية عنوانها : (الترانسفير العرقي الصهيوني وباسناد سلطات الإنتداب)، تاركاً وراءه الدور والمنازل، وأشجار الزيتون والدلب والبلوط والسنديان والخروب، والأراضي الزراعية والحواكير .... وبيارات البرتقال. والعهد والوعد الفلسطيني بين عينيه، وعيون أجياله اللاحقه بالعودة ارض الوطن التاريخي.

(ملاحظة 1: كانت عصابات الهاجاناه تقتل كل مواطن يحاول العودة، واستطاع العدد القليل من المواطنين من العودة بطريقة ما).

(ملاحظة 2: ذات معنى وردت على اكثر من لسان من جيل النكبة الأول في مخيم اليرموك) : عندما خرج من خلال موجات اللجوء القسري جزء كبير من مواطني قرى الجليل، كان يمشي خلفهم بعض "الكلاب" التي كانت تحرس الموشي في تلك القرى، لكنها حاولت العودة، بعد أيام باتجاه تلك القرى في الجليل، فتم قتلها برصاص عصابات الهاجاناه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى