الجمعة ٢٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم
في شارع الرشيد
ذات مساءٍ مُوحشٍ مُعفَّرٍ بليدْوجدتُ نفسي هائماً في خطويَ الوَئيدمُهلهلاً ومُنهكاًأجرجرُ الخُطىعلى رصيف شارع الرشيدأنكرني الجدارُ والغبارْوزحمةُ النهارْوهذه الوجوهُ قد أزرى بها اصفرارأغذُّ سيري نحو ساحة " الميدان:ْلمطعم" التآخي"و" فندق العاصمة الكبيرْ"وجدتني أطيرتحملني سحابة على جناحها الوثيرتأخذني في رحلةٍ بعيدة المسيرموغلةٍ في غيهبِ الزمان والمكانْلخطوتي الأولى على الطريقْلليلتي الأولى بلا رفيقيا طولها! وقد تلتها ألف ألف ليلةٍبتّ على قارعة الطريقيا بؤس ما رأيت من مهانةٍ وعارْ!كان الرشيد صورةً مثقوبةً على الجدارتكورت قميئةً في جانب الإطاروباض فوق أنفه صرصارولم يعد كأمسه يسخرُ من شوارد السحابْفأرضه يبابرأيتهُ يمعنُ في الذهول والغيابوظللته هالةٌ من اكتئابوحام حول أنفه وفمه ذبابكان الجدار بائساًيريد أن ينقضَّ في رائعة النهارْلكنها الأقدارتشدّهُ، تتركه معلقاًمنتظرًا موعده في لحظة انهيارْيا هولَ ما تسقطت أذناي من أخبارْ!عن اليباسِ والمواتِ وانحباسة الأمطاروكيف شدّ رحله، وذاب من نحوله التيّارفأقلعت عن شدوها الأطياروأسفرت عن قعرهاوفغرت أفواهها " الأهوار"وحام في أرجائها بَواروصمت البرديُّ عن هسهسةٍ كأنها حِوارولفه اصفراروأطبقت شفاهها " عشتار"وغشيتها رعدةٌ وهدّها دُوارسمعتُ صوتاً هاتفاً كأنه الصدىيخبرُ عن صديقيَّ الذي مضىمُنتضياً أحلامهُمسابقاً أيامهُيغذ خطوه ليعبر المدىفي وضَح النهار كيف غاله الردىو كيف ضاع عمره سدىأمسِ لقيت أمهُ في شارع " الكفاحْ"مطفأة العينين، فرّ من طريقها الصباحرأيتها ملهوفةً تلهجُ بالأمانيوهمسها جراحْحسيرةَ كسيرةً، قامت بباب سيديمولاي " عبد القادر الجيلاني"تمسحت بالباب والأعتابْولثمت من شوقها وحرقها الترابْوانهمرت دموعها كأنها ميزابتستلُ من جذورها بقية الأهدابيا قسوة الحياةِإذ تمعنُ في النفور والجموح والعذابوإذ تعضّ أسدَها الكلابوتوصد الأبوابوكل برقٍ خُلّبٍوكل عذبٍ مُرتجى ليس سوى سراب