الاثنين ٣٠ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم حسين أبو سعود

قرصان ماليزيا

كلمة القراصنة وهي جمع قرصان تبعث بالخوف والذعر في النفوس، لان قراصنة البحر يقابلهم على الارض قطاع الطرق، وان عملية القرصنة تحتاج الى جرأة وخبرة وقوة وضمير ميت،ولكننا منذ الصغر احببنا القراصنة الذين كنا نراهم في الافلام فقط، لشبابهم الغض وحماسهم المتقد وما يصاحب عملياتهم من مناظر طبيعية خلابة ورحابة الجو وصفاء البحر فضلا عن الممثلات الحسناوات، حيث كنا ننبهر بجمال البطلة وبتقاسيم جسدها الممشوق ونحن في مجتمع يسيطر عليه الكبت الجنسي بشكل فظيع مما ادى الى تعطيل الكثير من المواهب وامات فينا روح الابتكار والابداع.

انا لا اتذكر بالضبط قصة فيلم قرصان ماليزيا، لمرور وقت طويل على مشاهدتي له، الا اني اتذكر ماليزيا جيدا لاني زرتها ذات مرة وقضيت سبعة ايام رائعة في ربوعها، حيث وجدت الشعب الماليزي في قمة اللطافة والظرافة وحسن الضيافة، وهو يتكون من ثلاث قوميات رئيسية هي المالي والصينيين والهنود، تربطهم علاقة جميلة من الود والتفاهم والاخاء، ولعل اجمل ما في المجتمع الماليزي هو الامان، وعدم الخوف من الامن والمخابرات، حيث وقفنا مع عشرات السياح من مختلف الجنسيات امام القصر الملكي نحمل كاميراتنا ونلتقط الصور كيفما نشاء دون خوف او ترقب في زمن حرمنا فيه من الوقوف امام القصر الجمهوري، ومجرد المرور بالسيارة من امام القصور الرئاسية كانت كارثة، فان اسرعنا ورطنا وان ابطأنا شكوا في امرنا كما حدث مع احد الاخوة العرب الذي زار العراق في السبعينات، فاقسم واغلظ في القسم ان لايزور العراق ثانية ما دام فيه رمق، ولعله قد غير رايه الان بعد ان تغيرت الاوضاع كلية في العراق وصار الامن والامان في متناول الجميع وفي كل الاوقات.

ان اقتسام السلطة وهو من اصعب المعضلات في العالم يجري في ماليزيا باسلوب سلس مرن راق حيث يتناوب زعماء الولايات ا لتي تتكون منها الاتحاد الماليزي اعتلاء العرش لفترة معقولة على عكس العراق الذي شهد امرا لاسابقة له وهو اعتلاء سدة الرئاسة لمدة شهر واحد لكل عضو في مجلس الحكم، والجدير بالذكر باننا شاهدنا في احد ايام اقامتنا في ماليزيا حركة غير عادية بين الناس وكان البشر (بكسر الباء) يعلو وجوههم، فسالنا ان كان للقوم عيد لا نعرفه؟ فقيل لنا بان هذا اليوم سيشهد انتاج اول سيارة صنع محلي 100% وقد قرر الشعب باكمله اهداء السيارة الاولى لجلالة الملك تقديرا واحتراما وعرفانا بالجميل، ولعل اجمل ذكرى احمله عن تلك الديار هي قول موظف الجوازات عند المغادرة وهو يبتسم: هل اعجبتكم بلادنا؟ قلنا نعم: قال اذن كرروا الزيارة او كما نقول بالعراقي الفصيح (اذا طاب الكم عاودونا) على عكس بعض او كل الدول العربية التي تتعمد تعيين ثلة من الغلاظ الشداد المزعجين المخيفين في المطار ليكونوا اول واخر من يلتقي به السائح عند الوصول والمغادرة مهمتهم اعطاء الانطباع الاول والاخير عن البلد الى الوافدين.

فلم قرصان ماليزيا، له اثر لاينسى في النفس حاله حال الافلام الرائعة في الزمن الرائع مثل هرقل وابو جاسملر وماشيستي وطرزان، و هذا الفلم جعلنا نحب دولة ماليزيا قبل ان نراها ولم نكن نعلم بانها دولة تسير نحو التكامل بخطى واثقة في الوقت الذي نسير فيه من انقلاب الى انقلاب حتى افضينا الى الاحتلال الكامل، وصرنا نقتل بعضنا البعض على الهوية، حتى يئسنا من احتمال عودة بغداد مرة اخرى عاصمة للثقافة والادب والعلم والفلسفة والحب.

وبقي ان اقول بان الشعب الماليزي مضياف ومحب للحياة الا ان عيبهم الوحيد هو ان عيونهم صغيرة ولا ادري كيف اقتحموا عالم الالكترونيات الذي يتطلب عيون كبيرة مفتحة، والظريف انهم يعيروننا بكبر عيوننا لانها لا ترى درب المستقبل بالرغم من اتساع الحدقات وجمال الاحورار فيها، ولانها خلقت للقتل باعتراف الشاعر العربي الذي قال:

ان العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى