الجمعة ٤ آب (أغسطس) ٢٠٠٦
بقلم حسين أبو سعود

كركوك والمطر وسنوات القفر

حزينا أقف على أعتاب السفر، هذه حقائبي جهزتها للرحيل ، لم جئت الان ؟ أين كنت عندما كنت مركوما في الزوايا تفضحني المرايا ، وترهبني العناكب العمياء ، وكانت أسراب البعوض تطلى ألوان الأحلام باللون الأسود ، وكان الليل يخيفني والشيخوخة تتوعدني ، أين كنت عندما كانت الكآبة تلاحقني في الأرصفة الجرداء؟

كنت أريد ان أتلمس جدران وطني المغتصب ، أبحث عن حضن امرأة ، لقد تكدس الغبار على الماضي ،الأحزان تقاسمتني والالوان غادرتني ، أخاف من خيل العسس ان تتبعني .

وطني لن يرجع ، ولن تعود الطيور الى ضفاف نهر الخاصة ، لن تزهر الحقول ثانية ، ساغني من هنا لبيتنا القديم ، لطفلي الصغير ،للنار التي في داخلي ، لقد كان عندي وطن وكانت لي حبيبة ، في يوم من الايام .

يا أيتها الغيوم الى أين السفر ؟

والى أين يسير بك هذا القمر؟

مالك لا تراوديني بجسدك الهلامي؟

أين وقع اقدامك ؟

أين الأثر؟

فهذه المدينة الصفراء عطشى

تحمل الحزن بين عينيها

مثل صبية غجرية

لم لا تهطلين عليها رعدا وبرقا ومطر؟

رحل أبناؤها مع الراحلين

انهم يتسكعون الان احتجاجا

في المقاهي المسكونة بالدهشة

والشبق والرعشة

حيث الصوت والضوء والمداخن

وتدافع البشر

اهطلي في المدينة المسورة بالأسى

والحشرجات

هناك مرابع الشعراء

واشجار الصفصاف

هناك الجوع والجفاف

ارحلي ايتها الأشواق

نحو العراق

نحو الاحزان الملتصقة بجدران كركوك

يا مدينتي العطشى

لو فاتتك الغيوم تصبري

تحملي

فالماء لا ياتي من السماء فقط

وقد تتفجر الارض يوما بالينابيع

ويصيبك منها بلل

لا تبحثي عن عذر للسقوط

ظلي شامخة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى