الاثنين ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠٢٣
بقلم فادي علي البتيري

كلنا نحب

قصة للأطفال

مرت الأيام وبدأت تمارا تكبر تلك الفتاة الطيبة صاحبة الشعر الأسود والبشرة السمراء والعيون الخضراء والابتسامة الجميلة. كبرت وبدأت تلاحظ اختلافها عن اختها في البيت وأنها لا تشبهها ولا تشبه أمها وكلما كانت أمها تمشط لها شعرها أمام المرآة قبل الذهاب إلى المدرسة كانت تمارا على وشك أن تسأل أمها عن سبب ذلك الاختلاف، وكانت الأم تحس بذلك، ولكنها تشعر بالحيرة في الطريقة التي ستخبر تمارا بأنهم هم اسرتها الحاضنة وليست أمها الحقيقية فتمارا بالنسبة لها أبنة ولا تريد أن تُحزنَ قلبها.

في ذلك اليوم وفي المدرسة كانت تمارا تشعر بالحيرة وبدأ الحزن يتسلل إلى قلبها الصغير والأسئلة تتزايد خصوصا مع سماعها لأكثر من زميلة لها ولأختها في المدرسة يتحدثن عن اختلافها عن اختها.

انتهى اليوم الدراسي، وخرجت تمارا مع اختها سارة إلى الساحة تنتظر موعد عودتها في باص المدرسة إلى بيتها، فتفاجأت بأن أمها تنتظرها في الساحة، فركضت هي وأختها فرحتين بهذه المفاجأة، وسألت تمارا فرحة: هل ستوصلينا أنت اليوم إلى البيت؟ ردت عليها الأم مبتسمة: لا بل سنذهب معاً إلى الحديقة التي تحبينها هناك شيء أريد أن أخبرك اياه؟

تركت الأم تمارا تلعب مع أختها سارة حتى تعبتا، ومن ثم جلست الأم على العشب الأخضر وأجلست تمارا على قدمها وقالت لها: أنظري يا تمارا للشمس في السماء لو وقف كل الأطفال الموجودون في الحديقة تحتها هل تعطي دفئاً لأحدهم أكثر من الآخر، وهل تهتم للون أحدهم أو طوله أو من أي بلد هو أم تعطيهم كلهم نفس الدفء؟ أجابت تمارا على الفور: ستعطي الجميع نفس الدفء.

ابتسمت الأم وقالت لها اذهبي إلى تلك الوردة الحمراء واشتمي رائحتها وتعالي، فذهبت تمارا واشتمت الوردة، وعندما عادت سألتها أمها كيف كانت رائحتها؟ اجابت تمارا دون تردد: جميلة جدا، فسألتها أمها لو ذهبت أنا أو أختك سارة وشمّت رائحتها هل ستغير الوردة رائحتها؟ ضحكت تمارا وقالت: بالتأكيد لا.

وقفت الأم ومشت خطوتين وابتعدت قليلا عن تمارا، ونظرت إلى عيني تمارا وقالت: وأنت يا تمارا ابنتي وحبك في داخلي كحب اختك سارة، ولا تهتمي لما يقوله الورق وما يقوله الناس وما تقوله العيون. انا لا أستطيع إلا أن أحبك كأم مهما كان لونك ومهما كان شكلك، فالشمس بدفئها والقمر بنوره والورد بعطره، هي عطايا لا تفرق بيننا، وكذلك هو الحب الصادق يا تمارا لا يفرق، فالحب يخرج من الروح ويصل الروح، وأنتِ يا تمارا حتى لو عرفت انني لست أمك ونحن أسرة حاضنة لك لكنك جزءٌ من الأسرة، هل سيتغير حبك لنا؟

حزنت تماراً قليلا فالخبر ليس سهلاً عليها، ولكنها نظرت نحو اختها سارة فرأتها تفتح لها ذراعيها، فقالت تمارا لنفسها: إنها اختي التي ألعب معها وأشاركها في كل شيء في حياتي، فأنا أحبها حب الأخت لأختها ولن يتغير شيءٌ ابداً، فركضت إليها واحتضنتها وهما تبكيان. ولكن هذه الدموع هي الدموع التي ستسقي شجرة المحبة في قلبيهما لتصبح أكبر وأكثر قوةً، ثم التفتت إلى أمها فوجدتها تنظر إليها خائفة على قلبها من الحزن، ولكن تمارا في تلك اللحظة ابتسمت في وجه أمها وقالت لها: أنتِ لن تكوني إلا أمي فأنت كالشمس دفء محبتك لي لن يتغير، وارتمت في حضن أمها ولحقتها سارة إلى حضن أمها وانتهى ذلك اليوم الصعب على الأم وعلى تمارا بشكل جميل، فقد كبر الحب في قلوبهن، ولم تعد تمارا بعد ذلك اليوم تهتم بشكلها أو أختلافها، فقد اصبحت تعلم بأن الشبه هو شبه المشاعر وشبه المحبة وليس شبه الشكل.

= انتهت =

قصة للأطفال

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى