الثلاثاء ٢٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢١
بقلم محمد زكريا توفيق

كل ما تريد معرفته عن القمر

ليس في هذا الكون شيء يمكنه أن يسير بأسرع من سرعة الضوء. ومن يقول لك غير ذلك يكذب عليك. لو أطلقنا شعاع ليزر (الليزر هو شعاع رفيع مضغوط له طاقة عالية)، من الأرض. هذا الشعاع يصل القمر في زمن قدره واحد ونصف ثانية.

سرعة المركبات التي ترسل لاستكشاف الفضاء، تعتبر أشياء تحبوا بالمقارنة بسرعة الضوء، التي تبلغ 300 ألف كيلومتر في الثانية. الضوء يستطيع أن يدور حول الكرة الأرضية سبع مرات في الثانية الواحدة. ضوء الشمس يصلنا في زمن قدره 8.3 دقيقة (500 ثانية)، وأقرب نجم لنا (ألفا سنتوري)، يصل ضياؤه إلينا في زمن قدره 4.3 سنة.

مجرة المرأة المسلسلة (اندروميدا)، يصل ضوؤها إلينا في زمن قدره 2.3 مليون سنة. مجموعة مجرات قنطورس (سنتورس)، يصل ضوؤها إلينا في زمن قدره 200 مليون سنة. وهناك مجرات أبعد، يصل ضوؤها بعد رحلة قدرها 300 مليون سنة.

هناك مجرات يصلنا ضوؤها إلينا بعد أن قطع نحو 13 مليار سنة في الطريق، وباعتبار أن عمر الكون 13.7 مليار سنة ضوئية، فنحن نشاهد تلك المجرات على حالها بعد 700 مليون سنة من الانفجار العظيم.

نعود بعد هذه الرحلة الرهيبة إلى أقرب الأجرام إلينا، القمر. القمر يعرف في اللغات السامية القديمة ومنها العربية ب "سنين". ومنها جاء اسم شبه جزيرة سيناء وجبل صنين في لبنان. اسمه في اللغة الإنجليزية (Moon). وهو يأتي من كلمة (Moneth) الأنجلو سكسونية. اسمه عند الرومان (Luna)، وعند الإغريق (Selene). يوم الإثنين في اللغة الإنجليزية (Monday) هو يوم القمر، وفي اللغة الفرنسية أيضا (Lundi). كلمات اللغة الإنجليزية التي تعنى القياس، مثل (Meter) و(Menstrial) و(Measure)، تأتى جذورها من كلمة القمر بالإنجليزية (Moon).

الجرم الذي يدور حول الشمس أو أي نجم آخر هو كوكب. والجرم الذي يدور حول الأرض أو أي كوكب آخر هو قمر. لذلك تسمى الأقمار الصناعية أقمارا، لأنها تدور حول الأرض. النجوم ما هي إلا شموس أخرى بعيدة جدا عنا. لذلك نراها صغيرة. ضوؤها خافت بسبب بعد المسافة لا أكثر ولا أقل.

القمر هو ثاني الأجرام التي نشاهدها في السماء بعد الشمس، وأكثرها إضاءة أثناء الليل. يدور القمر دورة كاملة حول الأرض في 28 يوم. أثناء هذه المدة، تكون الأرض قد تحركت من مكانها إلى الأمام. ولكي يظهر القمر في نفس المكان في سمائنا، يلزمه 29.5 يوم، هي الشهر القمري، لا 28 يوم.

من المعلوم أن القمر غير مضيء بذاته. فهو يرى ليلا بفضل ما يعكسه من ضوء الشمس. عندما يقع القمر بين الأرض والشمس، لا نتمكن من مشاهدته. وعندما ينتقل في مداره، يتغير شكله لأن الشمس تنير المزيد من سطحه تدريجيا حتى يصبح بدرا. ثم يأخذ بالتناقص حتى يختفي ثانية. تسمى هذه الأشكال المختلفة: الهلال والبدر وخلافه، أوجه القمر. تتكرر أوجه القمر كل شهر.

عندما يكون القمر بدرا، أي كامل الاستدارة، يكون في الجهة المقابلة للشمس. أي تكون الأرض بين الشمس والقمر. وبذلك يشرق البدر عندما تغرب الشمس. ويغرب عندما تشرق في اليوم التالي. في هذا اليوم، لا ينقطع الضياء عن الكرة الأرضية لمدة 24 ساعة. وكان قدماء المصريين يأخذون مثل هذا اليوم، في الاعتدال الربيعي، عيدا للربيع. ثم يستمر القمر في شروقه متأخرا 50 دقيقة كل يوم عن اليوم السابق.

منازل القمر هي مجموعة النجوم التي يمر بها القمر في دورة له كاملة حول الأرض في 28 يوماً. ويرجع القمر عند تمام هذه الدورة إلى النجم نفسه الذي اتخذه أصلاً لحركته. عدد منازل القمر 28 منزلاً ينزل القمر كل ليلة بمنزل منها من أول ليلة يهل فيها إلى أن يكمل 28 ليلة. وهي:

1-الشرطين، 2-البطين، 3-الثريا، 4-الدبران، 5-الهقعة، 6-الهنعة، 7-الذراع، 8-النثرة، 9-الطرف، 10-الجبهة، 11-الزبرة، 12-الصرفة، 13-العواء، 14-السماك، 15-الغفر، 16-الزبانا، 17-الإكليل، 18-القلب، 19-الشولة، 20-النعايم، 21-البلدة، 22-سعد الذابح، 23-سعد بلع، 24-سعد السعود، 25-سعد الأخبية، 26-المقدم، 27-المؤخر، 28-الرشا.

حركة القمر معقدة جدا. لأن الشمس وباقي الكواكب والأرض يجذبه بدرجات متفاوتة. القمر يدور حول محوره في نفس الزمن الذي يستغرقه للدوران حول الأرض. وهذا يعنى أن وجها واحدا من القمر (تقريبا 59% من سطحه)، هو الذي يواجه الأرض طول الوقت. والوجه الآخر يحتجب عنا دائما.

يحدث للقمر خسوف كلى عندما تكون الشمس والأرض والقمر على خط مستقيم، وتتوسط الأرض بين القمر والشمس. في هذه الحالة، تحجب الأرض أشعة الشمس عن كل القمر. الخسوف لا يحدث للقمر إلا وهو بدر. في بداية الخسوف، يميل لون القمر إلى الحمرة. بسبب الأشعة الحمراء أعلى الغلاف الجوي.

ينير القمر ليالينا الظلماء بنوره الفضي. فمن أين يأتي اللون الفضي هذا إذا كانت أشعة الشمس ذهبية وسطح القمر مكون من تراب وصخور قاتمة. سطح القمر يعكس فقط 7% من أشعة الشمس الساقطة عليه. وهو يشبه في ذلك شوارع الأسفلت في مدننا. لكن بسبب وجود تراب القمر الذي يغطى مساحة كبيرة من السطح، وبسبب انكسارات الضوء وانعكاساته بينها، يبدو لنا القمر في حلته الفضية البهيجة هذه.

القمر لا يظهر فقط أثناء الليل كما يعتقد معظم الناس. فهو أيضا لا يحب الظلام، ويظهر نصف الوقت أثناء النهار. لكن لا يلاحظ وجوده الكثيرون منا.

أول ظهور القمر وقت الغروب، يطل علينا كابتسامة. وابن المعتز يصفه: "انظر إليه كزورق من فضة - قد أثقلته حمولة من عنبر". وابن الرومي في شعره الرائع، يشّبه رقاق الخبز في استدارته بوجه القمر البدر:
"إن أنس لا أنس خبازا مررت به – يدحو الرقاق كلمح العين بالبصر"
"ما بين رؤيتها في كفه كرة – وبين رؤيتها قوراء كالقمر"
"إلا بمقدار ما تنداح دائرة – في لجة الماء يلقى فيه بالحجر".

البدر في الأفق يبعد عنا مسافة 240 ألف ميل. وعندما نقارن حجمه وهو في الأفق بحجم الأشجار والمساكن البعيدة التي تبعد عنا عشرة أميال فقط، نراه ضعف أو ثلاثة أضعاف حجمه وهو يتوسط كبد السماء. السبب هو خداع بصري لا غير. عقولنا تقارن حجم البدر بحجم الأشجار في الأفق وتقول لنا أنه لابد أن يكون القمر كبير جدا. لكنه عندما يتوسط السماء، لا نجد بجواره شيئا يخدعنا ويجعلنا نراه على غير حجمه الطبيعي.

الأحجار الكريمة المرتبطة بالقمر مثل اللؤلؤ والكوارتز والأوبال وحجر القمر، لا يوجد أي منها على سطح القمر. السبب هو عدم وجود الماء. ولا نقطة ماء واحدة توجد على سطح القمر. الأحجار الكريمة تحتاج إلى وجود الماء في مراحل تكوينها. لهذا السبب لا توجد معادن كثيرة ومركباتها على سطح القمر. فقط ما يقرب من 100 معدن وسبيكة، بينما مركبات المعادن توجد بالآلاف على سطح الأرض.

لكن من أين أتى القمر؟ يقول العلماء أنه بعد تكوين المجموعة الشمسية منذ 4.5 بليون سنة، كان هناك كوكب آخر غير الأرض يدور حول الشمس. لسبب ما اقترب هذا الكوكب من الأرض وحدث تصادم مروع.

الأرض والكوكب كانا في بداية تكوينهما. لذلك كانا في حالة السيولة والحالة الغازية. نتيجة للتصادم، اندمج الكوكب مع الأرض وتناثرت أشلاء كبيرة منهما في الفضاء. بسبب الجاذبية والسرعة التي تناثرت بها هذه الأشلاء، إلتحمت الأشلاء وكونت القمر الذي نعرفه، لكي يدور حول الأرض بتكوينها الجديد. هذا حدث منذ 4.4 بليون سنة مضت. وربما تسألنى هنا عن عمر الكون. عمر الكون حسب آخر تقدير هو 13.7 بليون سنة.

القمر يقوم بجذب مياه المحيطات والبحار الموجودة على سطح الأرض مرتين في اليوم. وكأنه يشعر بالغيرة لعدم وجود مياه على سطحه. ترتفع المياه عندما يجذبها القمر، ويجذبها مرة أخرى عندما يبتعد القمر ويذهب إلى الجانب المقابل من الأرض، فلا تجد المياه قوة جذب كافية من الأرض، لكي يبقى سطح الماء في مستواه العادي، فترتفع مبتعدة عن سطح الأرض. ارتفاع الماء وانحساره يسمى بالمد والجذر.

الشمس أيضا لها تأثير على المد والجذر. ولكن هذا التأثير يكون غالبا ضعيفا بسبب بعد الشمس عن الأرض. لكن عندما تصطف الشمس والأرض والقمر في خط مستقيم، وهذا يحدث في بداية الشهر القمري وعندما يكون القمر بدرا. في هذه الحالة يكون المد أعلى ما يمكن.

عندما يكون القمر بدرا ليضيء بنوره ظلمة السماء، تنبح الكلاب، وتعوى الثعالب والذئاب. وكما تخبرنا الأساطير، يتحول بعض الناس إلى ذئاب، ويستيقظ مصاصي الدماء "الفامبير". تكثر الجرائم ويزداد عدد المواليد وتنتاب موجات من الجنون كثير من المرضى بالأمراض العصبية. من هنا جاءت كلمة (lunatic)، وتعني المعتوه.

لأن معظم جسم الإنسان مكون من سوائل، فالقمر له تأثير على جسم الإنسان أيضا، وخصوصا النساء. فالدورة الشهرية عند المرأة كل 28 يوم، تتفق مع الزمن اللازم لدوران القمر حول الأرض. بسبب تأثير القمر، قد يتهيج دم الإنسان وتتغير نفسيته. وقد لوحظ في هذه الفترة أن الناس في الغرب يكثر وجودها في البارات، وتزداد تصرفاتهم الغريبة ويصبحون متقلبي المزاج.

كما أن القمر يجذب مياه المحيطات أثناء المد والجذر، فإن الأرض أيضا تجذب القمر بكتلتها الكبيرة. هذا الجذب المتبادل بين القمر والأرض، يبطئ سرعة القمر حول الأرض بمعد 10 ميل في الساعة. هذا يعنى أن القمر في المستقبل البعيد، سوف يثبت في مكانه ويصبح مثل الأقمار الصناعية التي تستخدم في بث البرامج للقنوات الفضائية، فهي أيضا ثابتة في مكانها.

هذا يعنى أن نصف سكان الكرة الأرضية سوف ترى القمر في مكانه بصفة دائمة. أما النصف الآخر، فعلى سكان نصف الكرة الأرضية السفر إلى النصف الآخر لمشاهدة القمر في هذه الحالة.

وجدت عظمة متحجرة لطائر النسر عمرها 13 ألف سنة. عليها علامات، في عددها وترتيبها، تمثل أوجه القمر. ربما تكون مجرد نقوش زينة. لكن علماء الحفريات يواصلون العثور على أحجار وحفريات عليها نقوش وعلامات تشبه أوجه القمر في مناطق مختلفة من أفريقيا وأوروبا.

وجدت حفرية من العظام عمرها 30 ألف سنة تقريبا. كان عليها علامات تمثل أوجه القمر لفترة تمتد إلى عامين ونصف. ووجد أيضا تمثال عمره 27 ألف سنة يمثل أمنا الأرض، تحمل في يدها قرن حيوان منقوش عليه 13 علامة. الرقم 13 ليس غريبا علينا إذا علمنا أن السنة قد يظهر بها 12 بدر أو 13 بدر، حسب بداية حساب الأيام.

القمر كان يستخدم لقياس الزمن بالنسبة للإنسان القديم. الشهر القمري مقداره 29.5 يوما بالتقريب. السنة القمرية المكونة من 12 شهر قمري هي مجرد تقريب للسنة الشمسية. ويرجع الفضل للإنسان القديم في اكتشاف السنة كمقياس للزمن.

كل الحضارات القديمة تقريبا، عبدت القمر. المصريون القدماء كان لهم إله القمر "خنسو". السومريون كان لديهم "نانا". والرومان واليونانيون كان لديهم "هيكات" وهي إلهة القمر في المحاق، وأرتميس أو ديانا إلهة القمر الساطع، وسيلين أو لونا إلهة القمر وهو بدر. أما هبل، فهو إله القمر في مكة قبل الإسلام.

القمر في الأساطير القديمة كان يسبب الجنون لمن ينام في ضوئه. بيتهوفن له سوناتا رقم 12 بعنوان ضوء القمر. والموسيقار دبوسي أيضا، له عمل موسيقي باسم ضوء القمر (Clair de Lune)، شكسبير قام بتشبيه هلال القمر بالقوس الفضي. ورائعة أم كلثوم، هلت ليالي القمر. فيروز المعجزة، هي أجمل من غنت للقمر:

يا حلو يا قمر، يا قمر أنا وياك، يا قمر على دارتنا، طلع القمر، نحن والقمر جيران، من روابينا القمر، لا تتعب على أخرني القمر، كان ياما كان ليل وقمر عشقان، حبيبي بدو القمر، بلغه يا قمر، القمر بيضوي على الناس، على بالى يا قمر، قمرة يا قمرة، قمر السهرات.

مع ظهور البدر، كانت تبدأ الأعياد بالرقص والغناء وإقامة الصلوات. الإسكيمو كانوا يحتفلون بظهور البدر بأكل السمك وإطفاء المصابيح وتبادل الزوجات. ونحن المسلمون نحتفل برؤية هلال رمضان وبداية شهر الصيام.

السنة القمرية، كما ظهرت في شعر هيسيود الشاعر اليوناني، 800 سنة قبل الميلاد، كانت 354 يوما. وكانت كذلك عند السومريين والصينين والهنود الحمر.

الاعتماد على السنة القمرية يسبب مشاكل كبيرة. لأن السنة القمرية تنقص 11 يوما عن السنة الشمسية. بعد عدة سنوات قمرية، تصبح شهور السنة غير مطابقة لفصول السنة الطبيعية. بمعنى أن شهر رمضان مثلا، يأتي في الصيف، وبعد عدة سنوات، نجده يأتي في الشتاء.

هذا لا يشكل أي مشكلة بالنسبة للعبادات، مثل الصوم والحج. لكن بالنسبة لمواسم الزراعة والحصاد والتجارة، تصبح السنة القمرية غير مناسبة بالمرة.

البابليون، رغم تقدمهم الكبير في العلوم والفلك، ظلوا أسرى السنة القمرية. في عام 432 قبل الميلاد، توصل العلماء البابليون إلى نظام قد يصلح الخلل في السنة القمرية. وهو: لمدة سبع سنوات، تكون السنة 13 شهر قمري. يتبعها 12 سنة، كل منها 12 شهر قمري. وهي دورة تتكرر كل 19 سنة. هذا يجعل السنة القمرية تتطابق مع السنة الشمسية مع فروق عدة ساعات فقط. لكن هذا النظام لم يحظ بالقبول. بسبب صعوبة متابعته لمدة طويلة بالنسبة للناس.

الإغريق حاولوا حل المشكلة أيضا بإضافة 90 يوم كل ثمان سنوات كتعويض عن نقص السنة القمرية عن السنة الشمسية. لكن هذه الإضافة لم تستمر بصفة منتظمة، ويبدو أن الناس كانت تنسى تعديل التقويم القمري في حينه. أما التقويم العبري، فكان يضيف شهر كل ثلاثة شهور. والصينيون كانوا يضيفون 7 شهور كل 19 سنة.

السومريون كانوا يستخدمون النظام الستيني في حساباتهم، مثل استخدامنا الآن للنظام العشرى. لقد نقلنا عنهم هذا النظام في قياس الزمن. فمثلا الساعة 60 دقيقة، والدقيقة 60 ثانية. وأيضا الدرجة، في قياس الزوايا، 60 دقيقة، والدقيقة 60 ثانية. ولا نزال تستخدم في قياس خطوط الطول والعرض النظام الستينى. في لغتنا الدارجه نقول: "راح في ستين داهية". لماذا 60 بالذات، مع أن 100 أو 1000 أكبر في العدد؟ لأن وقع 60 داهية أكبر وأعظم على السمع. كل هذا قد أتانا من الحضارة العظيمة للسومريين.

قام السمريون بحساب السنة 360 يوم، مضاعفات ال 60، والشهر 30 يوم، نصف ال 60. هذه السنة لا تزال غير مطابقة للسنة الشمسية. لا أحد يعرف السبب في اتخاذ السومريين للنظام الستينى. ربما لسهولة القسمة والتعامل مع الكسور، أو لصلتها بالفلك.

ثم قام البابليون باقتباس النظام الستينى من السومريين، وتحويره وتقسيم اليوم إلى 24 ساعة. تقسيم اليوم إلى 24 ساعة، له علاقة بدائرة البروج التي تمر بها الشمس وباقي الكواكب، والتي يبلغ عدد أبراجها 12 برجا.

المصريون القدماء هم أول من صحح الخطأ في حساب السنة. فعلوا ذلك عن طريق حساب السنة 12 شهرا، والشهر 30 يوما. ثم أضافوا خمسة أيام في نهاية السنة هي الأيام النسي. بذلك تصبح السنة عندهم 365 يوم وليست 354 يوما كما في التقويم القمري.

الشهور هي: توت، بابة، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى. وهي أسماء آلهة مصرية قديمة. أما الأيام الخمسة النسي، فهي أيام الآلهة: أوزوريس، إيزيس، حورس (العم)، نفتيس، ست.

في بداية الزمن، وقعت الإلهة نوت إلهة السماء وزوجة الإله رع في حب إله الأرض جب. الخيانة الزوجية كانت بين الآلهة أيضا. عندما اكتشف الإله رع أن زوجته نوت حامل من الإله جب، صب رع لعناته على زوجته ومنعها من الوضع في أي يوم من أيام السنة، المكونة من 360 يوم. الإله توت، إله الحكمة والذي يحمل اسمه أول الشهور المصرية، كان هو الآخر في حالة حب مع الإلهة نوت. يبدو أن نوت كانت ماشيه على كيفها حبتين.

عندما طلبت نوت من الإله توت إخراجها من هذه الورطة، كان عليه أن يخلق زمن جديد خارج السنة، يمكن لنوت الوضع فيه. كيف يخلق توت الزمن الجديد؟ ذهب إلى إلهة القمر ولاعبها وقامر معها على ضياء القمر. كسب توت بذكائه من إلهة القمر جزء من سبعين جزء من ضياء القمر في سنة كاملة. أي في 348 يوما. باقي أيام السنة لا يظهر فيها القمر، وبالتالي ليس لها ضياء يمكن الاقتباس منه.

بذلك تمكن توت من خلق 5 أيام خارج نطاق الزمن، حتى تتمكن حبيبته نوت من الوضع فيها. وضعت نوت في اليوم الأول أوزوريس، وفي اليوم الثاني إيزيس، واليوم الثالث حورس (العم)، ونفتيس في اليوم الرابع، وفي اليوم الخامس ست. وبذلك أصبحت السنة في التقويم المصري القديم 365 يوما.

السنة في التقويم المصري القديم قريبة جدا من السنة الشمسية التي نستخدمها الآن. بعد ذلك، عندما رصد علماء مصر القديمة النجوم ولاحظوا أن نجم الشعرى اليمانية (Sirius)، يشرق مع شروق الشمس في بداية فيضان النيل. تنبهوا إلى أن السنة تحتاج إلى ربع يوم إضافي حتى تستقيم مع بداية الفيضان. بذلك يكون المصريون قد سبقوا يوليوس قيصر بألفي سنة في استخدام السنة الشمسية 365.25 يوم.

ظل التقويم المصرى مستخدما حتى سنة 30 قبل الميلاد، عندما غزا الرومان مصر أيام كليوباترا، وفرضوا التقويم الروماني المقتبس من المصريين على كل أرجاء الإمبراطورية الرومانية، وبذلك، أصبح أول شهر توت بداية السنة في التقويم المصرى القديم (القبطي)، يوافق يوم 29 أغسطس من كل عام.

ملحوظة:

كتابي الجديد بعنوان "قصص ثقافية لأفلام وروايات لها معنى"، يمكن تنزليه بالمجان من هذا الموقع:

https://archive.org/details/20211226_20211226_1531/page/258/mode/2up

باقي كتبي ال 14، يمكن تنزيلها بالمجان من هذا الموقع:

https://archive.org/details/@


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى